جاسم محمد:
مازالت الاسئلة تطرح ودون إجابة، حول اسباب سكوت دول اوروبا وامريكا على تجاوزات أردوغان للقوانين الدولية، وسياساته التي باتت داعمة الى الجماعات المتطرفة والفوضى في منطقة الشرق الاوسط وكذلك ضد أوروبا ؟
هل الموضوع يتعلق، بقدرة وامكانيات أردوغان السياسية والعسكرية، ام الموضوع يتعلق في توافقات حول ملفات عديدة، تنعكس نتائجها على أمن ومصالح أوروبا ومصالح الولايات المتحدة ؟
الخطر يبقى كامنا دوليا، عندما تلوح دول بعينها مثل تركيا، بتهديد الأمن الأقليمي والدولي، وهذا مايفعله أردوغان، والذي لم يعد ملتزما باي اتفاقات او قوانين دولية، بل تجاوز حتى حدود اللياقة في تصريحاته. مؤتمر برلين حول ليبيا
فلم يتردد أردوغان بالتلويح بتهديد امن اوروبا وارسال مقاتلين الى ليبيا يوم 23 يناير الجاري 2020، خلال زيارة المستشارة الالمانية الى تركيا، ماعدا ذلك، الزيارة بحد ذاتها، تعتبر دعما الى اردوغان ومهادنته. يذكر أن تركيا فاقمت أيضا الأزمة الليبية وأثارت غضبا إقليميا ودوليا بسبب اتفاقية وقعها أردوغان مع السراج لتقاسم الحدود البحرية في خطوة نددت بها ورفضتها دول المنطقة باعتبار أنها لا تحترم قانون البحار في المتوسط.
تلويح أردوغان بنشر الفوضى في حوض البحر الابيض المتوسط
لوّح أردوغان، ، بما وصفه بحالة من الفوضى ستؤثر على حوض البحر الأبيض المتوسط بأكمله، في حال لم يتم تحقيق التهدئة في ليبيا. وأضاف أردوغات في تصريحات على هامش لقائه في أسطنبول المستشارة الألمانية ميركل ، أن تركيا ستواصل دعمها لحكومة السراج. ويجري أردوغان مباحثات مع ميركل تركز على مستقبل اتفاق الهجرة بين تركيا والاتحاد الاوروبي.
كشف تحقيق أجرته وكالة رويترز يوم 27 يناير الجاري 2020 أن الهجمات الإلكترونية الواسعة النطاق التي تستهدف الحكومات وغيرها من المنظمات في أوروبا والشرق الأوسط هي من أعمال قراصنة يعملون لصالح الحكومة التركية ومن بين الضحايا خدمات البريد الإلكتروني للحكومة القبرصية واليونانية.
منذ اعوام واليونان توجه الاتهامات الى تركيا بتقويض الأمن في شرق البحر المتوسط بالتنقيب عن النفط والغاز قبالة قبرص، في بعض من أقوى التعليقات بشأن القضية من جانب حكومة أثينا المنتخبة حديثا. واكتشفت قبرص الغاز الطبيعي في مناطق قبالة سواحلها الجنوبية، لكن أنقرة تتحدى محاولات للقيام بمزيد من التنقيب زاعمة أن جزءا من المياه المحيطة بالجزيرة يتبع تركيا.
خريطة التنظيمات المتطرفة في ليبيا
كشفت قناة سكاي نييوز عربية هذا اليوم، 30 يناير 2020، بانه كان هناك انزال جنود اتراك داخل ليبيا بواسطة بارجتين في ميناء طرابلس ليتجاوز عدد مرتزقة اردوغان اكثر من 3000 شخص.
وهذا مايتعارض بشكل فاضح مع مخرجات مؤتمر برلين حول ليبيا، المنعقد في 19 يناير الجاري 2020 ، ويبدو ان اردوغان استغل مدة الهدنة داخل ليبيا، من اجل تصدير مقاتلين مرتزقة من سوريا، الى ليبيا، ماعدا ذلك التقارير كشفت عن وجود شحنات وذخيرة تركية تم شحنها جوا الى ليبيا، وهذا مايطرح سؤال حول مدى فاعلية آلية مراقبة وتنفيذ مخرجات برلين، التي يمكن وصفها، بأنها “ولدت ميتة”. والاكثر من ذلك، وافق البرلمان التركي على طلب أردوغان إرسالها قوات إلى ليبيا دعما لحكومة الوفاق والميليشيات التي تقاتل إلى جانبها بعد أن طلب السراج ذلك رسميا من أنقرة خوفا من خسارة وشيكة لنفوذه في طرابلس.
الانتقادات من داخل أوروبا مازالت تتصاعد حول تجاوزات أردوغان ضد أوروبا وخاصة المانيا، بتهديده بتصدير موجات المهاجرين غير الشرعيين، والمقاتلين من التنظيمات المتطرفة الى اوروبا ومنطقة الشرق الاوسط والان مايحصل مع ليبيا.
ردود فعل اوروبية خجولة
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون هاجم يوم 29 يناير الجاري 2020 نظيره التركي رجب طيب أردوغان لـ”عدم احترام كلامه” المتعلق بإنهاء التدخل في الأزمة الليبية ولاسيما عدم إرسال سفن تركية تقل مرتزقة للقتال إلى جانب ميليشيات حكومة الوفاق التي تسيطر على العاصمة طرابلس.
وفي ضوء هذه التطورات، قدّمت بريطانيا إلى مجلس الأمن الدولي مسودّة قرار يدعو إلى رفض التدخّل الخارجي في ليبيا ووقف دائم لإطلاق النار كما نص على ذلك اجتماع مؤتمر برلين، في وقت تسعى فيه الجزائر والإمارات إلى تفعيل دول جوار ليبيا أكثر في الصراع لتطويق التحركات التركية التي ما انفكت تؤججه.
النتائج
ـ إن عدم إلتزام تركيا بمخرجات مؤتمر برلين قوض تشكيل لجنة عسكرية من طرفي الصراع تمّ الاتفاق عليها في مؤتمر برلين.
ماذا يمكن ان تفعل دول اوروبا، ضد انتهاكات أردوغان للقوانين الدولية والأوروبية ؟
ـ اصبحت العقوبات الاوروبية، المحتملة ضد تجاوزات أردوغان، نمطية وتقليدية، تتحدد بفرض عقوبات اقتصادية محدودة، وتجميد مناقشة طلب تركيا بالترشيح الى عضوية الاتحاد الاوروبية، وتاجيل طلب تركيا، باعفاء مواطنيها من تأشيرة دول الاتحاد، الى جانب تجمبد تصدير صادرات الاسلحة الى تركيا، مؤقتا. “العقوبات” هذه جميعها، تعتبر غير فاعلة ومحدودة جدا، امام انتهاك واضح من قبل أردوغان الى القوانين الدولية والاتفاقيات وحتى الى نصوص ومواثيق مجلس الامن .
ـ إن الولايات المتحدة، هي الاخرى لديها توافقات واتفاقيات وتبادل ملفات مع اردوغان، وهذا ماكشفته، اجتياح تركيا الى شمال شرق سوريا، “عمليات نبع السلام” خلال شهر اكتوبر من العام الماضي 2019، بعد الانسحاب الامريكي.
ـ يبدو ان الرئيس اردوغان قد نجح بالفعل في تهديداته الى اوروبا، في ملفات عديدة : الهجرة والمقاتلين الاجانب، والان في الهجمات الاليكترونية وتصدير المقاتلين الى ليبيا، التي لها انعكاسات مباشرة على امن اوروبا ودول منطقة الشرق الاوسط.
ـ مايقوم به اردوغان الان في ليبيا، هي “نقطة إرتكاز” لمرحلة جديدة تهدد امن الشرق الاوسط واوروبا معا، باستخدام ورقة التنظيمات المتطرفة والتلويح بها من اجل فرض سياساته في المنطقة التي تهدف الى اخضاع اوروبا وامريكا الى سياسات امر الواقع في شرق سوريا وفي مناطق اخرى.
ـ إن منطقة الشرق الاوسط ودول اوروبا ممكن ان تشهد تصاعدا في الهجمات الاليكترونية، من قبل قراصنة اتراك، بالتوازي مع تعزيزات اردوغان الى وجود قواته والتنظيمات المتطرفة في ليبيا، هي الاخرى سوف تشهد تصاعدا، بإعتبارها تمثل إستراتيجية ثابته الى أردوغان ورهانه على إستخدام التنظيمات المتطرفة والارهاب ورقة ضغط يلوح فيها ضد الامن الاقليمي والدولي.
ماينبغي العمل عليه الان هو تفعيل مخرجات مؤتمر برلين لدى مجلس الامن، رغم الشكوك في امكانيات وقدرة مجلس الامن في تنفيذ آلية المراقبة الى قوانينها وصكوكها ذات الصلة بمحاربة التطرف والارهاب، الى جانب تعزيز دول اوروبا موقفها في مواجهة سياسات أردوغان.
رابط مختصر …https://www.europarabct.com/?p=57457
المركز الأوروبي