زنادقة الأدب والفكر – قراءة في تاريخ الزندقة قديماً وحديثاً - مقالات
أحدث المقالات

زنادقة الأدب والفكر – قراءة في تاريخ الزندقة قديماً وحديثاً

زنادقة الأدب والفكر – قراءة في تاريخ الزندقة قديماً وحديثاً

د. هاني السباعي:

 

مدير مركز المقريزي للدراسات التاريخية بلندن.
 

تقدمة:

لغتنا الجميلة وأثرها في حماية العقيدة.. تحت ظل هذه العبارة كنت أتحاور مع أخ مكرم عن تلك العروس التي هجرها خطابها رغم حسنها وجلالها، وحلاوة منطقها، وعذوبة حديثها، وفصاحة لسانها، رغم أنها سليلة الحسب والنسب، كريمة القبيلة والعشيرة.. رغم كل هذا البيان لذات السحر الحلال.. هجرها خطابها!!

وبينما كنا نهيم بتلك العروس، ونتجاذب أطراف الحديث، ونتناسل الأفكار عن عروسنا المصون، تلك التي صانت حمى العقيدة عبر العصور، وتصدت لهجمات الزنادقة والملحدين، فكم من قلم جبار كسرته، وكم من لسان حاد أخرصته، وكم.. وكم!!

وفي فوران الشجون ذكرني صديقي أن عروسنا المصون منذ بضع سنين قد فقدت عاشقاً لطالما تغنى بها ونذر حياته للذب عن حسنها وكريم معدنها.. فقدت العروس عالم اللغة والبيان الدكتور مصطفى هدارة.. ذلك العالم الناقد البصير الذي صان عرض اللغة العربية وتصدى لأقلام الزنادقة والملاحدة وأهل الانحراف.. رحل عن عالمنا في صمت ولم يعلم بوفاته إلا قلة من غرباء هذا الزمان!! مر عامان على ذكراه ورحل عن دنيانا بعدما أثرى المكتبة العربية والإسلامية بكتاباته وأبحاثه ومقالاته.. رحل صاحب (اتجاهات الشعر العربي في القرن الثاني الهجري).. فاسترجعت وصديقي رغم أننا لم نستفق بعد حسرتنا لفراق فارس البيان وشيخ العربية في هذا العصر علامة الأدب الشيخ محمود شاكر.. ومرت الذكرى.. والعروس تبكي فوارسها.. هكذا رحل فارسان من فوارس اللغة والبيان.. ومنذ شهرين .. تحديداً في 15 شوال 1423هـ رحل عالم دمشق المحقق اللغوي الفقيه الشافعي الشيخ العلامة عبد الغني علي الدقر مؤس جمعية الغراء بسوريا وصاحب عدة كتب في اللغة والنحو والفقه منها معجم القواعد العربية في النحو وتحقيق وترتيب شرح شذور الذهب وله مختصر تفسير الخازن ومؤلفات أخرى ـ رحمه الله ـ وقد رحل ولم تهتم بموته وسائل الإعلام.. فإنا لله وإنا إليه راجعون.. فالمحن تترى وتتكاثر؛ محنة ودعت وأخرى أغارت!! فمن للزنادقة.. وفوارس البيان قد غابوا؟!!

ورغم سريان سموم الزندقة في حياتنا الإعلامية فلن يضر جسد لغتنا العربية المحفوظة بحفظ الله لها تلكم السموم.. ورغم غياب الفوارس الذين كانوا يذبون عن لغتنا العربيةإلا أن رحم الأمة ولود والحمد لله.

فضل علماء اللغة في كشف زيغ الزنادقة:

وقد يعجب القارئ لحديثنا عن فضل علماء اللغة في حماية العقيدة!! وقد يسأل سائل: وأين موقع علماء الأصول والحديث والفقه في حماية العقيدة؟!! نحن لا ننكر فضل هؤلاء جميعاً في حماية العقيدة الإسلامية. فكل هؤلاء يقفون في جبهة الإسلام العريضة التي تسع الجميع.. فالإمام أحمد بن حنبل المتوفى 241هـ  له كتاب ماتع في الرد على الزنادقة وخاصة في مجال الشبهات التي كانوا يثيرونها حول تعارض آي القرآن.. والكتاب مطبوع بالعنوان التالي: (الرد على الزنادقة والجهمية) المطبعة السلفية بالقاهرة محقق في جزء واحد.. لكن السبق لأهل اللغة في كشف الشعوبية والزندقة أمر لا ينكره علماء الأصول والحديث والفقه.. فرواد اللغة الأوائل لهم الفضل في كشف لحن القول ودحض شبه المبطلين.. لم لا؟!! مع التنبيه أن علماء اللغة والأدب قديماً كانوا أهل حديث وفقه وتاريخ لكن شهرتهم جاءت من خلال تخصصهم في كتب الأدب واللغة.. وقد حمل لواء هذه المعركة إمامان من أئمة اللغة والبيان.. أما الأول: الجاحظ المعتزلي (ت 255هـ).  وأما الثاني: هو خطيب أهل السنة ابن قتيبة (276هـ)..

أولاً: الجاحظ المعتزلي (ت255هـ ):

هو أبوعثمان عمرو بن بحر ولد في البصرة وقضى فيها أكثر عمره ولكنه في 204هـ رحل إلى بغداد ثم علا نجمه لما اتصل بوزير الخليفة المعتصم محمد بن عبد الملك الزيات فأصبح من الموسرين وذاع صيته في العالم الإسلامي .. ومن أشهر كتبه: نظم القرآن ،البيان والتبيين، والحيوان، وفضيلة المعتزلة، والرد على اليهود، الرد على النصارى، البخلاء، كتاب اللصوص وغيرها ذلك من كتب ورسائل.. ثم رجع إلى البصرة وهناك أصيب بشلل في جسده ومات في المحرم سنة 255هـ وعمره نحو ست وتسعين سنة.

وقد: “تصدى الجاحظ وابن قتيبة لهذه النزعة الآثمة وردّا عليها رداً عنيفاً، أما الجاحظ فعقد في كتابه البيان والتبيين” باباً طويلاً سماه “كتاب العصا” صوّر فيه طعن الشعوبية على العرب في خطاباتهم، إذ كانوا يشيرون فيها بالعصي والمخاصر، كما كانوا يتكئون على القسي، مما يصرف في رأي الشعوبيين الخاطر ويشغل الذهن أثناء الخطابة.. وزعموا أن الفرس أخطب من العرب .. وكل ذلك نازعهم الجاحظ في عنف شديد، ولكي يبلغ كل ما كان يريد إفحامهم ومقاومتهم جعل كتابه (البيان والتبيين) رداً مفحماً عليهم، إذ خصصه لعرض الثقافة العربية الخالصة في صورها المختلفة من الخطابة والشعر والأمثال، كي يروا رؤية العين ما في هذه الثقافة من قيم بلاغية وجمالية، فينتهوا عن مزاعمهم ويثوبوا إلى رشدهم[1]

ثانياً: ابن قتيبة السني (ت 276هـ)

هو أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة، ولد بالكوفة سنة 213هـ ونشأ في بغداد وكان عالماً بالفقه والتفسير والحديث واللغة والنحو والأدب والتاريخ؛ ومن شيوخه اسحاق بن راهوية وأبو حاتم السجستاني وغيرهما. وقد تولى القضاء في مدينة دينور لذلك سمي بالدينوري.. وقد كان خطيب أهل السنة شديداً على المعتزلة وهاجم النظام والعلاف واتهم الجاحظ بأنه يؤللف الكتب للتسلية وليس لرفع شأن الدين، وله كتب عديدة منها: عيون الأخبار، وأدب الكاتب، وكتاب مشكل القرآن، تأويل مختلف الحديث، كتاب المعارف، والشعر والشعراء وغيرها.. وكانت وفاته في بغداد في أول رجب سنة 276هـ.

وقد ألف ابن قتيبة في الرد على الشعوبيين مبحثاً سماه “كتاب العرب أو الرد على الشعوبية” وهو في مطالعه يذكر أن من أشد الشعوبيين عداوة للعرب قوماً من كتاب الدواوين امتعضوا لآداب أقوامهم.. ويقول إنهم كانوا يُزرون  على الحكم والأمثال العربية بما يروون عن الفرس واليونان من آداب وعلوم. ولم يكتف بعنفه عليهم في هذا المبحث الطريف، فقد عنف بهم في مقدمة كتابه (أدب الكاتب) مصوراً قصورهم عن النهوض بوظيفتهم الأدبية في الدواوين لنقد ثقافتهم العربية. وقد حاول محاولة طريفة في كتابه “عيون الأخيار”  أن يجمع بين تلك الثقافة والثقافات الأجنبية ليبين أنها كلها ضرورية ولا تعارض بينها بوجه من الوجوه مما قضى على الشعوبية قضاءً مبرماً[2]

أقول: هكذا فطن أهل اللغة لخطورة  دعوى  الشعوبية التي كانت تحتقر العرب وتفضل الفرس وتمجد لغتها على لغة العرب ولم تقتصر هذه الشعوبية على الفرس فقط بل امتدت إلى سائر الأمم التي أذعنت للعرب كالزنج، والزط من أهل السند، وكالنبط والقبط والبربر وغيرهم.

معنى ذلك أن النتيجة المنطقية لهذه الدعوى الشعوبية هو احتقارهم لنبي العرب صلى الله عليه وسلم الذي أنزل الله عليه قرآناً عربياً.. ومن ثم كانت الشعوبية الوجه الآخر للزندقة فهما بحق وجهان لعملة واحدة..

ومن منطلق هذه التقدمة سأقصر حديثي حول النقاط التالية:

أولاً: معنى الزندقة لغة.

ثانياً: متى وكيف ظهرت الزندقة في التاريخ الإسلامي.

ثالثا: الزنادقة الأوائل. مع مختارات من كتاباتهم وأشعارهم.

رابعاً: الزنادقة الجدد مع مختارات من كتاباتهم .

خامساً: صفوة القول.

أولاً: معنى الزندقة لغة:

اختلف الباحثون في أصل هذه الكلمة زندقة” لكن أقرب الأقوال إلى هذه الكلمة: “فارسي معرب عن زنديك فإنّ الكلمة كانت تطلق بمعناها الأصلي على المؤمن المخلص من أتباع ماني. ولما كان الزادشتية يعدون المانوية ملحدين خارجين على الزرادشتية، فقد أطلقت عندهم على كل ملحد لا يؤمن بالدين الحق. وفي ذلك يقول “براون” شارحاً له ومدللاً عليه: “كلمة زنديق صفة فارسية معناها متتبع الزند أي الشروح القديمة للأفستا وهو كتاب زرادشت المفضل له على النص المقدس. وقد سمي المانوية زنادقة لميلهم إلى تأويل الكتب المقدسة للديانات الأخرى وشرحها حسب آرائهم وأهوائهم[3]

أقول: والذي يرجح أن أصلها فارسي معرب ما جاء في لسان العربي لابن منظور: الزِّنْدِيقُ القائل ببقاء الدهر , فارسي معرب, وهو بالفارسية : زَنْدِ كِرَايْ , يقول بدوام بقاء الدهر. والزَّنْدَقةُ الضِّيقُ , وقيل : الزِّنْدِيقُ منه لأنه ضيّق على نفسه. التهذيب : الزِّنْدِيقُ معروف, و زَنْدَقَتُه أنه لا يؤمن بالآخرة ووَحْدانيّة الخالق . وقال أحمد بن يحيى : ليس زِنْدِيق ولا فَرْزِين من كلام العرب , ثم قال; ولكن البَياذِقةُ هم الرّجّالة , قال : وليس في كلام العرب زِنْدِيق , وإنما تقول العرب رجل زَنْدَق و زَنْدَقِيّ إذا كان شديد البخل, فإذا أرادت العرب معنى ما تقوله العامة قالوا : مُلْحِد ودَهْرِيّ , فإذا أرادوا معنى السِّنِّ قالوا : دُهْرِيّ , قال : وقال سيبويه الهاء في زَنادِقة وفَرازِنة عوض من الياء في زِنْدِيق وفَرْزِين , وأصله الزَّنادِيق الجوهري : الزِّنْدِيقُ من الثَّنَوِيَّة وهو معرب , والجمع الزَّنادِقة وقد تَزَنْدَقَ والاسم الزَّنْدَقة[4] وفي مختار الصحاح: “الزنديق م الثنوية وهو فارسي معرب وجمعه زنادقة وقد تزندق والاسم الزندقة.”[5]

وجاء أيضاً في محيط المحيط: ” زندق – تزندق الرجل صار زنديقًا أو تخلق بأخلاق الزّنديق. وقولهم من تمنطق تزندق أي من تعلَّم علم المنطق تهوَّر في الزّندقة لأنهُ يتورَّط في الأقيسة والنتائج بما يُفسد العقائِد الدينيَّة التي مدارها على التسليم .. رجلٌ زَنْدَقٌ وزَنْدَقيٌّ أي شديد البخل
الزَّّندقة الاسم تزندق. يقال عندهُ زندقٌة .. الزُّّنْدُوق لغةٌ في الصندوق
الزِّّنْدِيق من الثنويَّة أو القائل بالنور والظلمة أو من لا يؤمن بالآخرة وبالربوبيَّة أو من يُبطِن الكفر ويُظهِر الإيمان. ومنهُ قول الشاعر:

بغـداد دارٌ لأهل المال طيّبةٌ ** وللمفاليس دار الضنك والضيقِ
ظللتُ حيران أمشي في أزِقَّتها ** كأنني مُصحفٌ في بيت زنديقِ

معرَّب زَن دِين أي دِين المرأة ج زناديق زنادِقة. والتاءُ عوض الياء المحذوفة. والزّنادقة في بعض ترجمات العهد الجديد هي تحريف الصدوقيّين نسبةً إلى صدوق الذي أنكر الروح والبعث وغير ذلك. والزّنديق عند العامَّة من لا يراعي حرمةً ولا يحفظ مودَةً[6]

وقد ورد هذا المعنى في قاموس لاروس”: “الزندقة: ابطان الكفر وإظهار الإيمان: مذهب القائلين بدوام الدهر من أصحاب زرادشت[7]

أقول: لكن هذا المعنى تطور ولم يقتصر على أصحاب ماني لذلك يرى بعض المؤرخين أن للزندقة عدة معان تختلف باختلاف العصور.. “فقد كان العرب يطلقون لفظ (زنديق) على من ينفي وجود الله سبحانه، أو يقول إن له شريكاً. وقيل: إن الزنديق مَنْ يبطن الكفر ويظهر الإيمان.. وكان لفظ زنديق يطلق أول الأمر على كل من يتأثر بالفرس في عادتهم ويسرف في العبث والمجون، ثم صار يطلق بعد ذلك على كل من يتخذ عقائد المانوية شعاراً له، ويتمسك بعقيدة الثنوية، وعبادة إلهين اثنين، واتباع تعاليم ماني. ثم توسعوا في العصر العباسي في إطلاق لفظ الزندقة، فأصبح يطلق على من ينكر الألوهية، أو يتظاهر بالظرف[8]

ويرى د.عبد الرحمن بدوي أن: “زنديق” لفظ غامض مشترك قد أطلق على معان عدة، مختلفة فيما بينها على الرغم مما قد يجمع بينها من تشابه، فكان يطلق على من يؤمن بالمانوية ويثبت أصلين أزليين للعالم: هما النور والظلمة. ثم اتسع المعنى من بعد اتساعاً كبيراً حتى أطلق على من يكون مذهبه مخالفاً لمذهب أهل السنة أو حتى من كان يحيا حياة المجون من الشعراء والكتاب ومن إليهم[9]

الزندقة إذن: “حركة دينية سياسية، ابتغى أصحابها بعث الديانات الثنوية الفارسية، وكان أكثرهم يعتنقون المانوية خاصة، وكان أهل الإباحة منهم يتأثرون المزكية أيضاً. وقد دبروا لطمس العقيدة الإسلامية، ونسف ُمثل الأمة العربية، ليقوضوا الدولة الإسلامية، ويعيدوا الدولة الفارسية الثنوية، وكان الزنادقة مخادعين أذكياء، ودُهاة خبثاء، فتستروا بالإسلام، وأسروا الكفر، إخفاء لعقائدهم، وتغطية لأهدافهم، وتيسيراً لعملهم، وكان رؤساؤهم وأتباعهم من الموالي الفرس، وكان شعراؤهم أهم من جد منهم في إحياء تراثهم الديني ونشره، وأكبر من لجّ منهم في تخريب الإسلام وتهديمه وأشهر من نشط منهم في تشويه الخلق العربي وتحطيمه. واشتط في ذلك منهم الشعراء الموالي الكوفيين أكثر من البصريين، لأن الكوفة سبقت البصرة في الزندقة، وفاقتها في الإباحة. وكان مطيع بن إياس وحماد عجرد .. أخطر الزنادقة من أهل الكوفة، وكان بشار بن برد، وصالح بن عبد القدوس أخطر الزنادقة الموالي من أهل البصرة. وكان بجانبهم مجانّ وفسقة وعصاة من الشعراء من أهل الكوفة مثل أبي دلامة وعلي بن الخليل، ووالبة بن الحباب، ومن أهل البصرة سلم الخاسر وأبان بن عبد الحميد، وأبي نواس .. وقد اتهموا جميعاً بالزندقة الدينية[10]

التعريف المختار لمعنى كلمة الزندقة:

بعد هذا العرض السابق لتطور معنى الزندقة نرى أن كلمة زنديق تعني من أبطن الكفر وأظهر الإسلام سواء أكان هذا الكفر المانوية أو الفرعونية أو الفينيقية أو البربرية أو النوبية أو العلمانية وغيرها من المذاهب أو النعرات أو القوميات المناهضة والمناقضة للإسلام. فالجامع لهؤلاء هو إبطانهم واخلاصهم له..  ورغم ذلك فإنهم يتمسكون بكلمة الإسلام إما خشية انتقام الأمة منهم وإما خبثاً ليروجوا مذاهبهم وعقائدهم الباطلة تحت عباءة الإسلام.. وعلى أية حال فالزندقة الحديثة أشد خطراً على الإسلام وتعاليمه من الزندقة القديمة إذ كان للمسلمين دولة وخليفة وقضاة يحمون بيضة الإسلام ويخشى سطوتهم الزنادقة قديماً.. أما اليوم فلا يوجد للمسلمين دولة تذود عن عقيدتهم.. ووسائل الإعلام المسعورة تتسابق على نهش الإسلام ونشر غثاء الزنادقة الجدد.

ثانياً: متى وكيف ظهرت الزندقة:

ذكر بعض المؤرخين والباحثين أن تاريخ محاكمة الزنادقة وتتبعهم منذ عهد الخلفاء العباسيين الأول؛ المهدي والهادي والرشيد وسار على نفس الدرب المأمون والمعتصم. وقد حدد المستشرقفيدابداية محاكمة الزنادقة من سنة 163هـ إلى سنة 170هـ أي في السنوات الأخيرة من خلافة المهدي وإبان خلافة الهادي. “ففي سنة 163هـ بدأت حملة المهدي العنيفة على الزنادقة بأن أمر عبد الجبار المحتسب، والذي يلقبه صاحب الأغاني بلقب (صاحب الزنادقة) بالقبض على الزنادقة الموجودين داخل البلاد. فقبض على من استطاع القبض عليه وأتوا به إلى الخليفة الذي كان حينئذ في دابق، وأمر بقتل بعضهم وتمزيق كتبه. واستمر الخليفة في هذا الاضطهاد في السنوات التالية حتى بلغ الاضطهاد غايته في الفترة ما بين 166هـ وسنة 170هـ وكان يقوم على أمر هذا الاضطهاد قضاة مخصوصون، أشهرهم عبد الجبار الذي ذكرناه آنفاً، وعمر الكلوزي الذي عُين في سنة 167هـ، ثم محمد بن عيسى حمدويه الذي خلف عمر[11] هكذا حدد المستشرق “فيْدا” بداية ظهور الزندقة إلى العلن وذلك بإعلان الخليفة المهدي الجهاد على هؤلاء الزنادقة وكان الإعلان الرسمي للدولة في سنة 163هـ.

أقول: لكن لنا تحفظات على ما ورد من استخدام بعض الألفاظ في عبارة المستشرق فيدا: مثل قوله (بدأت حملة المهدي العنيفة).. وكذا تكرار كلمة (اضطهاد) التي توحي بمعاناة الزنادقة وكأنهم تعرضوا لحملة جور وظلم من قبل دولة الخلافة!! وفيها أيضاً إيحاء بالعطف على هؤلاء الزنادقة.. وكنا نود أن يعترض الدكتور عبد الرحمن بدوي على هذه الألفاظ وخاصة أنه ترجم هذا المقال الذي كتبه فيدا إلى العربية.. فاضطهاد المهدي للزنادقة هو جهاد شرعي، وعنف المهدي مع الزنادقة من باب قوله تعالى (وليجدوا فيكم غلظة)..

ويرى بعض المؤرخين أن ظهور الزندقة كان قبل الخليفة المهدي أي في أواخر الخلافة الأموية.. فابن النديم المتوفى 380هـ ذكر أسماء رؤساء المانوية قبل الخلافة العباسية: “كان الجعد بن درهم الذي ينسب إليه مروان بن محمد، فيقال مروان الجعدي، كان مؤدباً له ولولده، فأدخله في الزندقة، وقتل الجعدَ هشامُ بن عبد الملك في خلافته، بعد أن طال حبسه في يد خالد بن عبدالله القسري، فيقال إن آل الجعد، رفعوا قصة إلى هشام يشكون ضعفهم، وطول حبس الجعد، فقال هشام: أهو حي؟ وكتب إلى خالد في قتله، فقتله يوم أضحى وجعله بدلاً من الأضحية بعد أن قال ذلك على المنبر بأمر هشام[12]

الشاهد من قول ابن النديم أن الزندقة كانت أيام الأمويين أيضاً وإن كنا لا نتفق معه في رميه الخليفة الأموي مروان بن محمد بالزندقة لعدم وجود وثائق تاريخية تشير إلى زندقة هذا الخليفة.. ومثل هذه التهم يجب الحذر منها لأنها تهم يشنها الخصوم للتشنيع بالآخرين بغية بناء حواجز نفسية لدى الغير بمجرد سماع مثل هذه التهم!!

السبب في عدم ظهور الزندقة إلى العلن في عهد الأمويين:

لم تظهر الزندقة في المجتمع الإسلامي في القرن الأول الهجري، لأن الخلافة الأموية كانت في أوج عزتها وعنفوان قوتها، وكانت واقفة بالمرصاد لكل أصحاب الملل المناقضة للروح الإسلامية، لذلك فإن نشأة الزنادقة كانت في القرن الثاني الهجري، وكان عددهم محدوداً ونشاطهم في غاية السرية.

بالإضافة إلى أن قيام الدولة العباسية كان بسواعد الموالي الفرس الذين قاتلوا مع العباسيين ضد الأمويين وكانوا سبب في القضاء على الدولة الأموية.. ومن ثم اعتمد عليهم الخلفاء العباسيون ووثقوا بهم وكافأوهم واستوزروهم واتخذوا منهم بطانة وقادة لجيوش المسلمين.. إلا أن فئة من مفكريهم لم يلامس الإسلام شغاف قلوبهم وكانوا يحنقون على المسلمين بسبب ضياع ملك الأكاسرة على أيدي المسلمين  فأسلموا ظاهراً وأبطنوا الكفر بغية تدمير دولة الخلافة من خلال نشر تعاليم ديانة الفرس القديمة مع نشرالشبهات حول القرآن وفضل العرب ونشرالفساد والعبث والمجون وإشاعة الإنحلال في المجتمع الإسلامي المتماسك بالعقيدة الإسلامية..

هكذا كان الزنادقة في كمون أيام الأمويين ثم ظهروا إلى العلن أيام العباسيين واشتد أوار الزندقة في القرن الثالث الهجري وظهر في منتصف هذا القرن ابن الريوندي وأبو عيسى الوراق والرازي وغيرهم!! وكان صعود نجمهم في القرن الرابع الهجري لذلك لا عجب أن يؤلف المستشرق (آدم متز) كتابه الشهير (الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجري) وهو كتاب ترجمه للعربية الدكتور محمد عبد الهادي أبو ريده وطبعه دار الكتاب العربي ببيروت والكتاب مطبوع في مجلدين.. ولعلنا نتساءل: لماذا اختار آدم متز القرن الرابع الهجري ليكون هو عصر النهضة في الإسلام؟! السبب أن الدولة الإسلامية كانت في هذا القرن والذي قبله  قد دب فيها الضعف والتشرذم وظهور دويلات مستقلة وانتشار المذاهب الهدامة كالقرامطة الذين نشر الذعر والقتل في العالم الإسلامي واستباحوا قوافل الحجاج واقتلعوا الحجر الأسود من الكعبة المشرفة الذي ردوه سنة 339هـ .. هل هذه قمة  الحضارة الإسلامية التي يقصدها آدم متز؟! وفي هذا القرن ظهرت أفكار الإلحاد على نطاق واسع وظهر الزنادقة الكبار كالحلاج ت 309هـ، والشلمغاني المعروف بابن أبي العزاقر ت 322هـ الذي كان يقول إن الله يحل في كل شئ.. وأن اللاهوتية اجتمعت في علي رضي الله عنه!! وقد كان الشلمغاني وعصابته الحلولية: “يغتفرون ترك الصلاة والصيام والإغتسال؛ وكانوا لا يتناكحون على السنة، بل يبيحون الفروج، ولا ينكرون أن يطلب أحدهم من صاحبه حرمته، وكانوا يرون أنه لا بد للفاضل منهم أن ينكح المفضول ليولج النور فيه[13] وإلى غير ذلك من لواط كما يفعل عبدة الشيطان في زماننا وكما يقول زنادقة الأدب من كفريات في عصرنا الحالي!! وإذا كان القرن الرابع الهجري حسب مقياس متز هو قمة الحضارة الإسلامية فماذا عسانا أن نسمي القرن الثاني الهجري وهو عصر المهدي والرشيد والمأمون والمعتصم ويتنهي بالمتوكل!! إذن هذه تقاسيم تاريخية جائرة وغير موضوعية بل نشتم من تقويم هذه الحقب رائحة الخبث والتشويه!! وعلى أية حال فرغم تتبع الخلفاء العباسيين للزنادقة ومحاكمتهم بموجب الشرع ومناظرتهم أمام كبار العلماء والقضاة حتى لا تكون لهم حجة. رغم كل ذلك استمر الزنادقة جيلاً تلو جيل يعيشون في ظلام التاريخ، ويشتد عودهم كلما ضعفت دولة الإسلام!

وأود أن أنبه على قضية هامة ألا وهي قد يظن ظان أن ظهورالزندقة والشعوبية في القرن الثاني الهجري وتتبع الخلفاء العباسيين لهم ومحاكمتهم معنى ذلك أن المجمتمع الإسلامي كان يغلبه الزندقة والشعوبية وأنه كان مجتمعاً ملحداً منحرفاً يغلب عليه العبث والمجون والإنحلال الإخلاقي.. بالطبع هذا تصور بعيد عن الواقع والحقائق التاريخية، فالمجتمع الإسلامي في القرن الثاني الهجري كان قريب من زمن بعثة النبي صلى الله عليه وسلم ولم تزل روح الإسلامي هي المرفرفة في سمائه وقد كان هناك الفقهاء وأهل الحديث والزهاد والعباد والجيوش المرابطة والجيوس التي تخرج إلى الغزو في رحلتي الشتاء والصيف، وكانت هناك الفتوحات ودخول الناس في دين الله أفواجاً.. لذلك من الخطأ أن يتبادر إلى الذهن أن المجتمع الإسلامي في القرن الثاني الهجري كانت تشيع فيه روح الفساد والإنحراف .. فالزندقة والشعوبية كانت في فئة خاصة من أبناء العجم الذين كانوا في تآمر دائم على دول الإسلام.. وأما الإنحراف والمجون فقد كان مقصوراً على طبقة مترفة، وكانت هذه الطبقة منبوذة لدى عامة الناس

ثالثا: الزنادقة الأوائل مع مختارات من كتاباتهم وأشعارهم:

ذكر ابن النديم أسماء رؤساء الزنادقة:

ومن رؤسائهم المتكلمين الذين يظهرون الإسلام ويبطنون الزندقة: ابن طالوت، أبو شاكر، ابن أخي أبي شاكر، ابن الأعدى الحريزي، ونعمان بن أبي العوجاء، صالح بن عبد القدوس، ولهؤلاء كتب مصنفة في نصرة الاثنين (النور والظلمة) ومن مذاهب أهلها وقد نقضوا كتباً كثيرة صنفها المتكلمون في ذلك. ومن الشعراء: بشار بن يرد، إسحاق بن خلف، ابن نباتة، سلم الخاسر، على بن الخليل، على بن ثابت، ومن تشهر أخيراً أبو عيسى الوراق، وأبو الناشي، والجبهان بن محمد بن أحمد[14]

وذكر ابن النديم أيضاً من كان يُرمى بالزندقة من الملوك والرؤساء: “قيل إن البرامكة بأسرها، إلا محمد بن خالد بن برمك، كانت زنادقة، وقيل في الفضل وأخيه الحسن مثل ذلك، وكان محمد بن عبيد الله كاتب المهدي زنديقاً واعترف بذلك فقتله الخليفة المهدي[15]

أقول: هكذا استبان لنا خطر الزندقة لدرجة أنهم تغلغلوا في جهاز دولة الخلافة وصارت لهم مناصب كبيرة من رؤساء وشعراء!! ومن ثم لا عجب أن يوصي الخليفة العباسي المهدي (ت169هـ) ولده موسى الهادي (ت170هـ) بتتبع الزنادقة وجهادهم وكشفهم والفتك بهم.. حيث يقول الخليفة المهدي في وصيته:

وصية الخليفة المهدي:

يا بني إذا صار الأمر إليك فتجرد لهذه العصابة، يعني أصحاب ماني، فإنها تدعوا الناس إلى ظاهر حسن كاجتناب الفواحش، والزهد في الدنيا، والعمل للآخرة، ثم تخرجها من هذا إلى تحريم اللحوم، ومسّ الماء الطهور، وترك قتل الهوام تحرجاً، ثم تخرجها إلى عبادة: اثنين أحدهما النور والآخر الظلمة، ثم تبيح بعد هذا نكاح الأخوات والبنات، والاغتسال بالبول، وسرقة الأطفال من الطرق، لتنقذهم من ضلال الظلمة إلى هداية النور، فارفع فيها الخشب، وجرّد السيف فيها، وتقرّب بأمرها إلى الله. فإني رأيت جدي العباس رضي الله عنه في المنام قد قلدني سيفين لقتل أصحاب الاثنين[16]

بعد هذا التطواف نتكلم عن أهم رموز الزنادقة قديماً نختار منهم: صالح بن عبد القدوس/ وبشار بن برد أما ابن الريوندي  فيحتاج إلى بحث خاص.

أولاً صالح بن عبد القدوس:

هو صالح بن عبد القدوس بن عبد الله بن عبد القدوس من أهل البصرة، كان يجلس للوعظ ويقص الأخبار. غير أنه كان يزين الثنوية (دين الفرس القديم)، فلما اشتهر أمره استقدمه الخليفة المهدي، لكنه هرب إلى دمشق واستخفى بها زمناً فلما عرف المهدي مكانه، وجه إليه قريشاً الحنظلي فقبض عليه وجاء له إلى بغداد. فحاكمه المهدي ثم قتله سنة 167هـ.

ويجمع الإخباريون أن صالح بن عبد القدوس كان من كبار الزنادقة وأنه كان من الثنوية من أتباع ماني.. وقد ذكره ابن النديم في معرض ذكره عن كبار الزنادقة:

ومن رؤسائهم المتكلمين الذين يظهرون الإسلام ويبطنون الزندقة: ابن طالوت (..) وصالح بن عبد القدوس[17]

وذكره الخطيب في تاريخه:

صالح بن عبد القدوس أبو الفضل البصري مولى لاسد أحد الشعراء اتهمه المهدى أمير المؤمنين بالزندقة فأمر بحمله اليه واحضره بين يديه فلما خاطبه اعجب بغزارة ادبه وعلمه وبراعته وحسن بيانه وكثرة حكمته فأمر بتخلية سبيله فلما ولى رده وقال له ألست القائل

والشيخ لا يترك أخلاقه *** حتى يوارى في ثرى رمسه

إذا ارعوى عاد الى جهله *** كذى الضنى عاد الى نكثه

قال: بلى يا أمير المؤمنين.  قال:  فأنت لا تترك أخلاقك ونحن نحكم فيك بحكمك في نفسك ثم أمر به فقتل وصلب على الجسر.. ويقال إن المهدى أبلغ عنه أبيات يعرض فيها بالنبي صلى الله عليه وسلم فاحضره المهدى وقال له أنت القائل هذه الأبيات قال لا والله يا أمير المؤمنين والله ما أشركت بالله طرفة عين فاتق الله ولا تسفك دمى على الشبهة وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ادرءوا الحدود بالشبهات وجعل يتلو عليه القرآن حتى رق له وأمر بتخليته فلما ولى قال أنشدنى قصيدتك السينية فأنشده حتى بلغ البيت أوله والشيخ لا يترك أخلاقه فأمر به حينئذ فقتل ويقال إنه كان مشهورا بالزندقة وله مع أبي الهذيل العلاف مناظرات[18]

قال عنه الذهبي في ميزان الإعتدال: (صاحب الفلسفة والزندقة).. وذكر ابن المعتز سبباً لا عتقاله وهو أنه طعن على الرسول صلى الله عليه وسلم ورجح أن الخليفة هارون الرشيد هو الذي قبض عليه وتولى محاكمته، وأمر بقتله، وإن كان معظم المؤرخين يرون أن المهدي هو الذي قتله .. وعلى أية حال هم متفقون جميعاً على زندقة صالح بن عبد القدوس وأنه ألف كتباً في نصرة المانوية وتصدى للمتكلمين الذين كانوا يدافعون عن الإسلام.. المهم أن ابن المعتز تفرد بهذه الرواية التي تثبت زندقة ابن عبد القدوس حيث يقول: “حدثت من غير هذا الوجه بما هو عندي أثبت من الأول، وذلك ما رويناه أنه أنهي إلى الرشيد عنه هذه الأبيات، يعرض فيها بالنبي صلى الله عليه وسلم:

غصب المسكينَ زوجتَهُ *** فجرتْ عيناهُ من دُرَرهْ

ما قضى المسكينُ من وطرِ *** لا ولا المعشارَ من وطرهْ

عذتُ بالله اللطيف بنا *** أن يكونَ الجوْرُ من قَدَره[19]

خلاصة القول في صالح بن عبد القدوس:

أنه كان زنديقاً زندقة دينية لا زندقة اجتماعية.. فلم تكن زندقته على سبيل اللهو والعبث والمجون، بل كان يعتقد تعاليم ماني الفارسية القديمة اعتقاداً صادقاً، وكان يومن بالإثنية والإمتزاج بين إله النور وإله الظلمة، وكان يتمسك بنحلته وبمعتقده تمسكاً قوياً، ويدافع عنه دفاعاً مستميتاً.

ثانياً: بشار بن برد (ت167هـ):

أصل بشار بن برد من طخارستان في أقصى خراسان وقع جده يرجوخ في سبي المهلب بن أبي صفرة حينما كان والياً على خراسان (78 إلى 82هـ) فأهداه إلى امرأته خيرة بنت ضمرة القشيرية، وكانت تقيم بضيعة لها بالبصرة. ولما وصل يرجوخ إلى البصرة كان معه طفل صغير اسمه بُرد. ولما بلغ برد مبلغ الرجال زوجته مولاته خيرة فتاة من بني عقيل، فولد له بشار سنة 91هـ في الأغلب. ولد بشار أكمه (لا يبصر) ونشأ على الفقر وكان شريراً. ثم بدأ قول الشعر وهو لا يزال حدثاً وأخذ يهجو الناس. ويتم بشارٌ عن أبيه وهو بعد صغير. ثم قضى بشار معظم حياته في البصرة وتلقى فيها ضروباً من العلم تسرب إليه معها كثير من الزندقة .. فاتهم بالزندقة وبأن غزله فاحش يدعو إلى الفسق ثم قتل في البصرة نحو 167هـ. كان بشار شعوبياً زنديقاً[20]

أقول: هذا هو بشار بن برد القائل:

إبليسُ أفضلُ من أبيكم آدم *** فتبينوا يا معشر الفجار

النارُ عنصره وآدم طينة *** والطين لا يسمو سمو النارِ

الأرضُ مظلمةٌ والنارُ مشرقةٌ *** والنارُ معبودةٌ مذ كانت النار

بكل تبجح يقدم بشار إبليس على آدم عليه السلام لأن إبليس مخلوق من نار، ويرجح رأي إبليس في امتناعه من السجود لآدم عليه السلام!! لذلك لما سمع واصل بن عطاء المعتزلي شعر بشار السابق قال: “أما لهذا الملحد الأعمى المشنف المتكنى بأبي معاذ مَنْ يقتله؟ أما والله لولا أن الغيلة سجية من سجايا الغالية (أي المانوية) لبعثت إليه مَنْ يبعج بطنه على مضجعه، ويقتله في جوف منزله[21]

يقول عنه عبد القاهر البغدادي: “وحكى أصحاب المقالات عن بشار أنه ضمّ إلى ضلالته في تكفير الصحابة وتكفير عليّ معهم ضلالتين أخريين إحداهما قوله برجعة الأموات إلى الدنيا قبل يوم القيامة كما ذهب إليه أصحاب الرجعة من الرافضة. والثانية قوله بتصويب إبليس في تفضيل النار على الأرض[22]

قال عنه الذهبي: “اتهم بالزندقة فضربه المهدي سبعين سوطاً ليقر فمات منها وقيل كان يفضل النار وينتصر لإبليس.. هلك سنة سبع وستين (ومائة) وبلغ التسعين[23]

أقول: هذا هو بشار بن برد الذي يهيم به العلمانيون!! لقد كان بشار بن برد مستخفاً بالدين مضيعاً للفروض، إذ كان يدعي الخروج إلى الحج، لينفي تهمة الزندقة عن نفسه، ثم يعود على الحانات، فيقضي وقت الحج بين القيان والخمر، حتى إذا قربت عودة الحجيج حلق رأسه واندس بين القافلين المارين به، لكي لا يشك الناس في أمره. كما كان يبيح لنفسه ترك الصلاة مع الجماعة، مدعياً أنه لا يبصر ولا يتقن أداءها، إذ يقول:

وإنني في الصلاة أحضرها *** ضحكة أهل الصلاة إن شهدوا

أقعدُ في الصلاة إذا ركعوا *** وارفع الرأس إن هم سجدوا

ولستُ أدري إذا إمامهم   ***  سلم كم كان ذلك العددُ

ويبدو أنه لك يكن صادقاً في دفاعه عن نفسه واقناعه للناس بعدم التعرض له لتخلفه عن صلاة الجماعة، فإنه كان لا يصلى في بيته، إذ يقول بعض أصحابه: (كنا نكون عنده، فإذا حضرت الصلاة قمنا إليها، وجعلنا على ثيابه تراباً حتى ننظر هل يقوم يصلي، فكنا نعود والتراب بحاله وما صلى[24]

هذا هو بشار بن برد الذي يسبح بشعره العلمانيون وأهل الحداثة!! لذلك لا غرو أن يدافع عنه الزنادقة الجدد كأدونيس في كتابه الثابت والمتحول.. لا غرو أن يدافع عنه بشار وحماد عجرد وأبي نواس وغيرهم من أهل الزندقة والمجون والخلاعة. لا غرو أن تحصل جيهان صفوت زوجة الرئيس الهالك أنور السادات على درجة العالمية من جامعة القاهرة بتقدير امتياز في رسالتها عن بشار بن برد شيخ الحداثة، ذلك المعذب صاحب الفكر المستنير ضد السلطة الرجعية!!

لاغرو أن يتغنى الزنادقة الجدد بشعر شيخ الحداثة والخلاعة بشار بن برد الذي وضع اللبنات الأولى للزندقة وتسهيلها لدى عوام الناس عن طريق عذوبة شعره وتفننه في توليد المعاني.

بشار بن برد شاعر الخلاعة والتحريض على الفسوق هو القائل:

قد لا مني في خليلتي عُمَرُ  ***  واللومُ في غير كنهه ضجرُ

قال أفق قلتُ: لا. قال: بلى  ***  قد شاع في الناس منكما الخبرُ

ثم يتمادى في وصفه للقبلة واللمسة ودغدغة المشاعر:

حسبي وحسبُ الذي كلفتُ به  ***  مني ومنه الحديث والنظرُ

أو قبلة في خلال ذاك وما   ***  بأسٌ إذا لم تُحَلََّ لي الأزرُ

أو عضةٌ في ذراعها ولها  ***  فوق ذراعي من عضّها أثرُ

أو لمسةٌ دون مرطها بيدي  ***  والبابُ قد حال دونه السترُ

والساقُ براقةٌ مخلخلها  ***  أو مصُّ ريقٍ وقد علا البَهرُ

واسترخت الكفُّ للعراكِ وقا  ***  لت إيه عني والدمعُ منحدرُ

انهضْ فما أنت كالذي زعموا  ***  أنت وربي مغازلٌ أشرُ

يا ربّ خذ لي فقد ترى ضرعي  ***  من فاسق ما به سَكرُ

فعلى هذا المنوال نسج بشار قصائده التي تحض على الفحش والرذيلة ورغم تلونه وتفلته كثيراً من عقوبة الزندقة إلا أنه شهد عليه شهود عدول أمام قضاة يحكمون بما أنزل الله وفي حضور خليفة المسلمين المهدي فأمر بضربه سبعين سوطاً حتى هلك..  ولكن بقي شعره المفعم بالزندقة يتوارثه خفافيش الزندقة بغية تحقيق مآربهم الخبيثة..

أقول: أود أن أشير إلى أن هناك أديباً وناقداً كبيراً قد حلل شعر بشار بن برد بطريقة علمية رائعة ألا وهو الدكتور نجيب محمد البهبيتي أستاذ الأدب العربي بالقاهرة في كتابه الماتع (تاريخ الشعر العربي حتى أواخر القرن الثالث الهجري) وهو كتاب عظيم الفائدة طبعته مكتبة الخانجي بالقاهرة ودار الكتاب العربي بلبنان.. ويعتبر الدكتور البهبيتي من أفضل من سبر غور الشعر العربي القديم وخاصة شعر بشار بن برد بل إنه غاص في تحليل الصورة الشعرية لدى بشار وتحليل أوصافه وتراكيب أبياته وقارنها بصور شعراء سابقين بل إنه حطم أسطورة بشار بن برد الشعرية بالدليل.. تلكم الصورة التي يتغنى بها الحدثيون ومن على شاكلتهم، أتمنى أن ينشر هذا الكتاب على نطاق واسع لكي تعم الفائدة ويميز القراء الخبيث من الطيب..

صفوة القول في بشار بن برد:

شاعر شعوبي حاقد كاره للعرب كرهاً شديداً، يفتخر بالفرس وبحضارتهم ويعتد بهم اعتداداً شديداً.. كان يقدس النار.. هو من كبار الزنادقة كانت زندقته دينية وإن جمع في نفس الوقت زندقة اجتماعية كما في هو ثابت في شعره من فسقه وفجوره، وإلحاده وكفره .. كان مستخفاً بالدين مضيعاً للفروض.. وقد كان بصيراً بالديانة الفارسية القديمة لدرجة أن صديقه في المجون حماد عجرد قال عنه: (إنه أعلم بالزندقة من ماني) .. وقد زجره الخليفة المهدي عدة مرات لما بلغه عنه من شعر ماجن وما نسب إليه من زندقة..  ولكنه كان ينفي حتى شهد رجال عدول أمام الخليفة أنه زنديق فأمر بمحاكمته ومن ثم أمر بضربه سبعين سوطاً حتى مات ورغم كل هذه الحقائق لم يزل الزناقدة الجدد يسبحون بشعره.. ولله في خلقه شؤون!!

رابعاً: الزنادقة الجدد مع مختارات من كتاباتهم:

لقد ابتلي هذا العصر بوجود مجموعة من الزنادقة الذين خرجوا من رحم المنظومات المعادية للإسلام وللأسف الشديد فإنهم منتشرون في كثير من المناحي الحياتية ولهم صوت مسموع في وسائل الإعلام والأخطر من ذلك كله أنهم يعملون في مجال تشكيل العقول وغسيل أمخاخ أجيال كاملة من المسلمين عبر مناصبهم في مجال التربية والتعليم على كافة مستوياته.. من أمثال طه حسين الملقب بعميد الأدب العربي ظلماً وزوراً.. ونجيب محفوظ صاحب رواية أولاد حارتنا التي نال بسبب جائزة نوبل المشبوهة!! ومحمد أركون المولود عام 1928 في منطقة القبائل بالجزائر.. وعزيز العظمة وهو سوري لا يؤمن بأي دين.. ومحمد بنيس من مدينة فاس ولد عام 1948.. وبلند الحيدري ولد في بغداد عام 1926م وهو ملحد زنديق.. أدونيس: واسمه الحقيقي على أحمد سعيد أسبر ولد بقرية قصابين بسوريا عام 1930م. اختار لنفسه اسم أدونيس وهي رمز لإله الخصب عند اليونان قديماً .. ومعتقده القديم مذهب النصيرية ثم صار شيوعياً ثم تأمرك وصار لا دينيا ومن كبار الزنادقة.. أسس مجلة مواقف عام 1968م .. ونختار ثلاثة من الزنادقة الجدد لنسلط الضوء على ما تفوح به أقلامهم من زندقة:

(1) حسن حنفي:

بطاقة تعريف: ولد حسن حنفي في القاهرة عام 1935م حصل على ليسانس الفلسفة عام 1956 ثم شق تعليمه الجامعي إلى أن حصل على درجة الدكتوراه من جامعة السوربون عام 1966.. عين أستاذاً لتدريس الفلسفة في جامعة القاهرة.. شغل منصب السكرتير العام للجمعية الفلسفية المصرية.. يقدم نفسه على أنه صاحب مشروع اليسار الإسلامي.. يؤمن بدبن إسلامي على الطريقة الماركسية يتلاعب بالألفاظ .. وخلاصة أفكار اليسار الإسلامي:

فخلاصة فكر هذه المدرسة (اليسار الإسلامي). أنها امتداد للفكر الإعتزالي ومايسمى بالمدرسة الإصلاحية بزعامة الأفغاني ومحمد عبده ومن رجال هذا التيار اليسار الإسلامي فتحي عثمان ومحمد عابد الجابري وغيرهم ويركز هذا التيار على الثورة وابني الإشتراكية والعدل الإجتماعي وتجديد التراث وغير ذلك.

ويعتبر حسن حنفي أن اليسار الإسلامي هو النقد الذاتي للحركة الإسلامية وهو التيار المعارض والمصحح داخل هذه الحركة الإسلامية، كما أنه يجب إخياء الجوانب الثورية في الدين وتأويل كل حدث على أنه ثورة.

هذه خلاصة أفكار اليسار الإسلامي تلك المدرسة التي يريد أن يفرضها علينا حسن حنفي ومن على شاكلته للأخذ بأيدي المسلمين للفوز بالسعادة الماركسية الحمراء وللمزيد من الإيضاح سنلقي الضوء بعون الله تعالى على أهم ركائز فكر حسن حنفي التدميري وذلك من خلال قراءة في كتابه (التراث والتجديد).. وقد اخترت هذا الكتاب بصفة خاصة عن سائر كتبه لأنه أوضح عبارة وأخطر طرحاً في إفصاحه المباشر عن اطروحته اليسارية ولا تحتاج عباراته إلى تأويل  أو غموض قد يحتاج إلى تفسير جلي.. ولكي لا يتهمنا أحد بالتحامل على الدكتور حسن حنفي بزعم أننا نفسر أقواله بما لا تحتمل.. لذلك رشحت هذا الكتاب الذي لم يتب مؤلفه حسن حنفي ولم يعلن ذلك على الملأ بل إنه يعتز به وينادي بكل مافيه.. هذا الكتاب يحتوي على أبرز القضايا التي يدعو لها الدكتور حسن حنفي ويدندن حولها في كتبه ومقالاته وخاصة مؤلفه الضخم: (من العقيدة إلى الثورة محاولة لإعادة أصول الدين).. وكتابه: (الدين والثورة في مصر).. وكتابه: (مقدمة في علم الإستغراب).. وللكاتب مقالات أخرى في فلسفة اليسار الإسلامي غالبها يدور حول نفس الأفكار التي سنطرحها من خلال كتابه التراث والتجديد في هذه المقالة وأهم هذه الأفكار الهدامة هي:

أولاًالعلمانية أساس الوحي:

وحول هذا العنوان يتساءل حسن حنفي ويفتري على الله الكذب ويقول: “فإن قيل إن التراث والتجديد سيؤدي حتماً إلى حركة علمانية وفي العلمانية قضاء على تراثنا القديم وموروثاتنا الروحية وآثارنا الدينية، قيل قد قد نشأت العلمانية في الغرب إستجابة لدعوة طبيعية تقوم على أساس رفض الصور الخارجية وقسمة الحياة إلى قسمين واستغلال المؤسسات الدينية للجماهير وتوطينها مع السلطة وحفاظها على الأنظمة القائمة نشأت العلمانية استرداداً للإنسان لحريته في السلوك والتعبير وحريته في الفهم والإدراك ورفضه لكل أشكال الوصاية عليه ولأي سلطة فوقه إلا من سلطة العقل والضمير، العلمانية إذن رجوع إلى المضمون دون الشكل وإلى الجوهر دون العرض، وإلى الصدق دون النفاق، وإلى وحدة الإنسان دون ازدواجيته وإلى الإنسان دون غيره العلمانية إذن هي أساس الوحي، فالوحي علماني في جوهره والدونية طارئة عليه من صنع التاريخ، تظهر في لحظات تخلف المجتمعات وتوقفها عن التطور، وما شأننا بالكهنوت والعلمانية ماهي إلا رفض له؟ العلمانية في تراثنا وواقعنا هي الأساس واتهامها باللادونية تبعية لفكر غريب وتراث مغاير وحضارة أخرى[25]

ونلاحظ في الفقرة السابقة بياناً صريحاً لدعوة حسن حنفي الإلحادية.. فالصور الخارجية المرفوضة هي: علم الغيب/الجنة/النار/الملائكة.. فالوحي أي القرآن أو الدين بصفة عامة اغتصب حق الإنسان في السلوك والحرية حسب زعم حسن حنفي وأن العلمانية استردت هذا الحق المغصوب وأعادته للإنسان!! فالعلمانية تؤدي إلى الصدق!! أما الدين والوحي والقرآن فيؤدي كل منهما إلى النفاق والكذب!! العلمانية ترفض أي أشكال الوصاية على الإنسان والوصاية المقصودة هنا هي نصوص القرآن والدين بصفة عامة فالقرآن يضيق على تعبير وحرية الإنسان كما أن هذه العلمانية ترفض أي سلطة- أي النص القرآني- أما العقل فهو وحده رب العلمانية وإلاهها.. ويخلص حنفي إلى أن العلمانية جوهر والدونية طارئة عليه فالدين من صنع التاريخ!! بمعنى أوضح فالقرآن والدين الإسلامي  نتاج بشري من صنع التاريخ ووليد ظروف اجتماعية متخلفة لأن الدين لايظهر إلا في مجتمعات متخلفة توقفت عن التطور والعلمانية ترفض هذا الكهنوت – أي الدين- ثم بعد ذلك يقرر هذه الحتمية التاريخية التي لايعرفها إلا حسن حنفي ومن على شاكلته: (العلمانية في تراثنا وواقعنا هي الأساس واتهامها باللادونية تبعية لفكر غريب وتراث مغاير وحضارة أخرى)!! فأي دونية يقصد حسن حنفي؟!! أعتقد أنه يقصد أن العلمانية هي الدين لأنها أساس الوحي حسب زعمه!!

ثانياً: لفظ الجلالة (الله) وألفاظ (الرسول.. الدين الجنة.. النار..إلخ) لم تعد عند حسن حنفي قادرة على التعبير عن مضامينها:

لم تسلم شعائر الدين الإسلامي من طعنه، ولم يسلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا حتى ذات الله واسمه الأعظم من افتراءات أستاذ الفلسفة حيث يقول: “إن العلوم الأساسية في تراثنا القديم مازالت تعبر عن نفسها بالألفاظ والمصطلحات التقليدية التي نشأت بها هذه العلوم والتي تقضي في الوقت نفسه على مضمونها ودلالتها والتي تمنع أيضاً إعادة فهمها وتطويرها، يسيطر على هذه اللغة القديمة الألفاظ والمصطلحات الدينية مثل: الله، الرسول، الدين، الجنة، النار، الثواب، العقاب(..) هذه اللغة لم تعد قادرة على التعبير عن مضامينها المتجددة طبقاً لمتطلبات العصر نظراً لطول مصاحبتها للمعاني التقليدية الشائعة التي تريد التخلص منها، ومهما أعطيناها معاني جديدة فإنها لن تؤدي غرضها لسيادة المعنى العرفي الشائع على المعنى الإصطلاحي الجديد، ومن ثم أصبحت لغة عاجزة عن الأداء بمهمتها في التعبير والإيصال[26]

أقول: انظر إلى هذا الإفتراء وإلى هذه الجرأة الوقحة مع رب العزة سبحانه وتعالى، فلفظ الجلالة ما هو إلا لفظ قاصر ليس له واقع ولا يعبر عن شئ والرسول والجنة والنار ماهي إلا ألفاظ جوفاء قاصرة لا تعبر عن واقع ولا عن شئ بل يدعو حسن حنفي إلى التخلص منها أي رفض الدين جملة وتفصيلاً!! فالأمر إذن دعوة للإلحاد بالمعنى الفصيحح.

ثالثاً: لفظ الجلالة (الله) يحتوي على تناقض حسب افتراءات حسن حنفي:

فحاشا لله أن يحتوي اسمه الأعظم على تناقض.. يشرح حنفي أسباب قصور اللغة القديمة _أي النص القرآني_ فيقول: “إنها لغة إلهية تدور الألفاظ فيها حول “الله” ولو أنه يأخذ دلالات متعددة حسب كل علم، فهو الشارع” في علم أصول الفقه.. وهو “الحكيم” في علم أصول الدين، وهو “الواحد” في التصوف، لفظ “الله” يستعمله الجميع دون تحديد سابق لمعنى اللفظ إن كان له معنى مستقل أو لما يقصده المتكلم من استعماله، بل إن لفظ “الله” يحتوي على تناقض داخلي في استعماله باعتباره مادة لغوية لتحديد المعاني أو التصورات، مطلقاً يراد التعبير عنه بلفظ محدود[27] ويزيد حسن حنفي شرحه للفظ الجلالة: “يعبر عن اقتضاء أو مطلب، ولا يعبر عن معين أي أنه صرخة وجودية، أكثر منه معنى يمكن التعبير عنه بلفظ من اللغة أو بصور في العقل، وهو رد فعل على حالة نفسية أو عن إحساس أكثر منه تعبيراً عن قصد أو إيصال لمعنى معين، فكل ما نعتقده ثم نعظمه تعويضاً عن فقد، يكون في الحس الشعبي هو الله، وكل ما نصبو إليه ولا نستطيع تحقيقه فهو أيضاً في الشعور الجماهيري هو الله، وكلما حصلنا على تجربة جمالية قلنا: الله! الله! وكلما حفت بنا المصائب دعونا الله، وحلفنا له أيضاً بالله[28]

وماذا بعد كل هذه الإفتراءات حول لفظ الجلالة؟! يخلص حنفي إلى الآتي: “فالله لفظ نعبر به عن صرخات الألم وصيحات الفرح أي أنه تعبير أدبي أكثر منه وصفاً لواقع، وتعبير إنشائي أكثر منه وصفاً خيرياً، وما زالت الإنسانية كلها تحاول البحث عن معنى للفظ الله[29]

انظر إلى قوله (فما زالت الإنسانية كلها).. فلماذا كلها وليس بعضها؟! فهل هذا خطاب علمي موضوعي لرجل يزعم أنه أفنى عمره في البحث والتنقيب، فكأنه يخوفنا بتعميماته – الإنسانية كلها- لكن المسلمين وحتى أصحاب الديانات الأخرى ضد هذه الأطروحة الإلحادية.. أليس المسلمون وأصحاب الديانات الأخرى من الإنسانية؟!.. بالطبع هذا هراء علمي! وهذه طريقة الخطاب الماركسي في التعتيم والحتمية لإرهاب القارئ بأن ما يكتب مسلمة تاريخية!!

وفي تطاوله المستمر على لفظ الجلالة يقول حنفي: (فالله عند الجائع هو الرغيف، وعند المستعبد هو الحرية، وهند المظلوم هو العدل، وعند المحروم عاطفياً هو الحب، وعند المكبوت هو الإشباع، أي أنه في معظم الحالات صرخة المضطهدين، والله في مجتمع يخرج من الخرافة هو العلم، وفي مجتمع آخر هو التقدم، فإذا كان الله هو أعز مالينا فهو الأرض، والتحرر، والتنمية، والعدل، وإذا كان الله هو ما يقيم أودنا وأساس وجودنا ويحفظنا فهو الخبز، والرزق، والقوت، والإدارة، والحرية، وإذا كان الله ما نلجأ إليه حين الضرر، وما نستعيذ به من الشرر فهو القوة والعتاد، والإستعداد، كل إنسان وكل جماعة تسقط من احتياجاتها علي، ويمكن التعرف على تاريخ احتياجات البشر بتتبع معاني لفظ “الله” على مختلف العصور (..) ومن ثم فتوحيدنا هو لاهوت الأرض، ولا هوت الثورة، ولا هوت التنمية، ولا هوت النظام، ولا هوت التقدم، كما هو الحال في العديد من الثقافات المعاصرة في البلاد النامية التي نحن جزء منها[30]

أقول: هكذا يفتري هذا الرجل على الله تخرصاً (ومن أظلم ممن افترى على الله كذباً).. يفتري على اسم الله الأعظم.. تعالى الله عما يقول حنفي علواً كبيراً.. أهذا ما يريد اليسار الإسلامي لديننا!! أهكذا يكتب رجل عن رب العزة سبحانه وتعالى.. بكل هذه الوقاحة!! خبرونا إن لم يكن ما كتبه حسن حنفي في الفقرة السابقة إلحاداً وإنكاراً لوجود الله؟!! فماذا يكون إذن؟!! أهكذا يصل الخطاب تحت مظلة البحث العلمي بحق الله تعالى! في منتهى السخف والإستهزاء بجناب رب العزة.. فضلاً عن الإستهزاء بعقيدة أهل التوحيد.. (سبحانك هذا بهتان عظيم).. لو طلب من حسن حنفي أن يكتب بحثاً أو مقالة في فرعون من الفراعين ما اجترأ أن يتحدث بهذه الطريقة الإلحادية التي تدل على زندقة سافرة.. (الله هو الرغيف!! والحب والتنمية والأرض والحرية و الرزق والقوت!!).. والله لقد قال هذا الزنديق الذي يصر على أنه مسلم قولاً (تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا).. ورغم هذا الكفر البواح يتبجح حسن حنفي عبر وسائل الإعلام مدعياً أنه مسلم يقدم مشروعاً حضارياً لينقذ به أمة الإسلام!!

رابعاً: لا تقديس للقرآن والسنة:

قد تناول حنفي في طعنه أعظم ما تعتز به هذه الأمة من شعائر دينها والعاصم لها من الضلال بعد الهدى ومصدر شريعتها إذ يقول: “نشأ التراث من مركز واحد وهو القرآن والسنة ولا يعني هذان المصدران أي تقديس لهما بل هو مجرد وصف لواقع[31]

خامساً: الحجاب كبت جنسي:

لم يترك حسن حنفي أي شعيرة أو فضيلة في الإسلام إلا نقضها وطعن فيها وتطاول وافترى على المشرع الحكيم الذي فرض الحجاب وأمر به!! فيقول حنفي: “سيادة التصور الجنسي للعالم، البداية بالحجاب وعدم الإختلاط، والأمر بغض البصر، وخفض الصوت، وكلما ازداد الحجاب ازدادت الرغبة في معرفة المستور، والدعوة السياسية الإجتماعية أرحب وأوسع عن هذا التصور الجنسي للعلاقات الإجتماعية، ولماذا يصنف المواطن إلى رجل وامرأة؟ ولماذا ينظر إلى الإنسان باعتباره ذكراً أم أنثى؟ إن تأكيد النظرة الإنسانية أو الإعلان عن الثورة السياسية من شأنه إحداث ثورة في السلوك الفردي دون ماحاجة إلى التصنيف الجنسي للمواطنين، خاصة وإن كان لا يدل على فضيلة بل يدل على رغبة جنسية مكبوتة أو حرمان جنسي في حالة من التسامي والإعلاء[32]

انظر إلى هذا الميزان المقلوب الذي يزن به حسن حنفي أسباب فشل تغيير الواقع بالقديم أي عن طريق القرآن!! فهناك تناسب طردي بين الحجاب والرذيلة!! فكلما ازداد الحجاب زادت الرذيلة!! فالحجاب في نظره رغبة جنسية مكبوتة!! والحجاب سبب تفشي الرذيلة والفوضى الجنسية في العالم!! ويتطاول حسن حنفي على النص القرآني (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين).. ويتساءل حنفي لماذا ينظر إلى الإنسان باعتباره ذكراً أم أنثى؟!! ولماذا يصنف المواطنون إلى رجل وامرأة؟!!

صفوة القول في الدكتور حسن حنفي: رغم تمسحه بالإسلام ورغم مقالاته المتعددة في العديد من المجلات والدوريات التي تصدر على مستوى العالم الإسلامي وخاصة مقالاته الدورية في جريدة الزمان اللندنية التي يبطنها بالدفاع عن الإسلام في مواجهة الغرب إلا أن كل ذلك لا يؤثر في أنه زنديق من كبار الزنادقة الجدد في العصر الحديث وصاحب مشروع تخريبي لهوية الإمة الإسلامية..

(2): مالك شبل:

علماني جزائري من مواليد مدينة سكيدا عام 1953م حاصل ثلاث شهادات دكتوراه من جامعات باريس وهي: دكتوراه في علم النفس العيادي والتحليل النفسي عام 1980 ودكتوراه في علم الأنثربولوجيا عام 1982 ثم دكتوراه في العلوم السياسية عام 1984.. له عدة مؤلفات باللغة الفرنسية.. شارك في ندو مجلة مواقف عن الإسلام والحداثة في مدينة لندن عام 1989.. وها نحن أولاء نقدم أنموذجاً من زندقته:

يقول في بحث قدمه عن الذكورة والأنوثة: “ولنأخذ بعض الأمثلة النابعة من الحياة الجنسية: (الحجاب مثلاً): استعمل الحجاب قديماً في مصر إبان عهد المماليك، حيث كان ارتداؤه يشكل دلالة اجتماعية ورمزاً للمكانة العالية التي تحتلها المرأة المحجبة في المجتمع آنذاك. وبعد ذلك العهد استعمل الحجاب لأغراض مختلفة تماماً، لعل أهمها هو حجب المرأة عن عيون الرجال الآخرين، خصوصاً أولئك الذين يحملون في نفوسهم أغراضاً جنسية. لكن الثابت أن الحجاب لا يجهض الرغبة الجنسية لدى الرجل، بل على العكس من ذلك قد يزيدها. وقد تكون رغبة الرجل في المرأة المحجبة أكثر من رغبته في السافرة[33]

أقول: قارن بين كلام هذا الشبل وبين كلام حسن حنفي السابق (الحجاب كبت جنسي)!! تشابهت أقلامهم! (قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر..)

ويقول مالك شبل في ندوة مواقف أيضاً:

المثل الثاني الذي أضربه لكم من الحياة الجنسية هو الختان:

في رأيي أن أي حذف من جسد المرأة أو الرجل يعني أن الطبيعة قد فشلت أمام الثقافة السائدة. وهو أمر يوحي بأن هناك صراعاً قائماً حسب المفهوم الأنثربولوجي الحديث  بين الطبيعة والثقافة. وقد شرحت في كتابي الأخير لماذا كنت ضد ختان الذكور، خصوصاً أن عملية الختان عند العرب تتم في معظم الأحيان والطفل في حدود السنة الخامسة من عمره. وهذا العمل يشكل خطأ كبيراً في مفهوم علم النفس، لأن الطفل في هذه المرحلة من العمر يعاني من عقدة (الصراع مع الأب) (عقدة أوديب).. الحال عند اليهود أرحم بعض الشئ حيث يتم ختان الأطفال في اليوم السابع بعد الولادة[34]

أقول: واضح أن هذا الزنديق يستشهد بنظريات عفا عليها الزمان ونسفها علماء النفس أنفسهم وقضوا عليها قضاء مبرماً!! واضح أن مالك شبل مغرم بفرويد ومؤمن بنظرياته الفاشلة التي دحضها علماء الغرب قديماً وحديثاً ناهيك عن علماء الإسلام.. لكن الغريب أن هذا الزنديق لم يكلف نفسه لقراءة كتاب واحد عن أحكام المولود في الإسلام.. الذي يبين أن الأمة كانت ولا تزال تختن أولادها وخاصة الذكور في اليوم السابع لأنه لا توجد مدة محدد على سبيل الوجوب فقد يتم الختان في اليوم السابع وقد يكون بعد شهر أو سنة أو حتى بعد سنين كما ورد في اختتان نبي الله إبراهيم عليه السلام وقد ناهز الثمانين.. طبعاً لن أرد على كل مفردات الكفر والزندقة التي وردت في كلام هذا الشبل!! ولكن خلاصة القول فيه أنه زنديق محترق، ينطلق من مبدأ خالف تعرف!

(3): عادل ضاهر:

كاتب علماني ولد في النبطية بجنوب لبنان عام 1939م. أكمل تعليمه في الجامعة الأمريكية ببيروت ثم ثم في جامعتي فرانكفورت ونيويورك. حاز على شهادة الدكتوراه في الفلسفة من جامعة نيويورك عام 1967. شارك في تأسيس مجلة مواقف عام 1968م. عمل أستاذاً في الجامعة الأردنية ويرأس تحرير المجلة الفلسطينية العربية الصادرة عن الجمعية الفلسفية. أهم مؤلفاته: (الأخلاق والعقل) .. و(الإنسان والمجتمع) .. (الأسس الفلسفية للعلمانية) .. (أولية العقل ـ نقد أطروحات الإسلام السياسي(.

وقد ساء عادل ضاهر بعض العلمانيين العرب الذين لا يأخذون العلمانية بالمعنى الغربي ويسيرون على منهج التوفيق والتلفيق فنقدهم قائلاً: “والأخطر من هذا تدليلاً على تراجع الفكر العلماني عندنا ما نشهده من محاولات حثيثة من قبل المفكرين العلمانيين لدعم موقفهم عن طريق اللجوء إلى الإسلام نفسه- القرآن والسنة- غير مدركين أنهم إنما يقدمون بهذا أكبر التنازلات للحركة المناوئة للعلمانية وأنهم وهذا هو الخطر- يناقضون أنفسهم أيما تناقض إذا يجعلون النص الديني مرجعهم الأخير في مجال دفاعهم عن علمانيتهم، بينما العلمانية تقوم في المقام الأول على مبدأ أسبقية العقل على النص[35]

أقول: عادل ضاهر زنديق من أم رأسه إلى أخمص قدميه، وحقيقة دعواه معاداة الإسلام، ولقد ركز عادل ضاهر في معظم كتاباته على الهجوم على (النص) أي القرآن الكريم بزعم أن النص؛ القطعي الثبوت، القطعي الدلالة يجب اعادة فهمه فهماً جديداً مخالفاً لكك الأفهام السابقة بما فيها فهم الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة ومن باب أولى فهم علماء المسلمين على مدار ألف وأربعمائة عام، بل إنه ينادى وأصحاب هذه المدرسة مثل محمد شحرور، وحسين أحمد أمين، ونصر حامد أبو زيد، ومحمد سعيد العشماوي وغيرهم ينادي هؤلاء جميعاً بوجوب فهم القرآن الكريم على ضوء معطيات العصر الثقافية والإجتماعية والسياسية والإقتصادية.. كما نلاحظ أن المجال الخصب لدراسة هؤلاء الزنادقة الجدد هو القرآن الكريم بصفة خاصة.. فمثلاً نصر حامد أبو زيد تناول آيات صفات الله تعالى ليبث سمومه وشبهاته، ومحمد سعيد العشماوي ركز على آيات الحجاب والمرأة، وأحمد أمين ركز على آيات الحدود، بالإضافة إلى تناولهم بالتشكيك والتجريح مجال السيرة النبوية والتاريخ الإسلامي طولاً وعرضاً.. وخلاصة اعتقاد هؤلاء العلمانين اختراع دين جديد، عبارة عن نسخة لدين مزيف، لا علاقة له بدين الإسلام الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من رب العالمين..

صفوة القول

لقد خرجت الزندقة الجديدة من رحم الزندقة القديمة، فنفس الأهداف والمنطلقات التي انطلق منها الزنادقة الأوائل كابن عبد القدوس وبشار بن برد وابن الريوندي وعيسى الوراق والشمغاني والحلاج والسهروردي.. كذلك سار على نفس الدرب الزنادقة الجدد من طه حسين وحسن حنفي ومحمد أركون وجابر عصفور وشحرو وعادل ضاهر ومالك شبل وغيرهم من زنادقة العصر الحديث.. وإن كان الزنادقة الأوائل كانوا ينشرون كلامهم وأشعارهم بطرق خفية ويحتاج السلطان إلى إعمال أدلة ثبوت جريمة الزندقة كالإقرار من المنسوب إليه الشعر أو الكتاب أو شهادة الشهود وغير ذلك من أدلة وقرائن ولذلك كانوا يفلتون كثيراً نظراً لدقة أدلة الثبوت ضد هؤلاء الزنادقة قديماً.. لكن الآن حدث ولا حرج فالزنادقة يرتعون في أرض المسلمين وينتهكون عرض الإسلام ولا رقيب عليهم لأنهم بكل بساطة هو الحاكمون المتفذون! وهم علية القوم! وسدنة الدساتير والقوانين التي تحمي مصالحهم وأفكارهم الهدامة!! ولا أكون مبالغاً إن قلت: هذا عصرهم الذهبي.. لم لا وشريعة الإسلام قد غابت عن الحكم منذ أكثر من قرنين تقريباً.. خلاصة القول في الزنادقة الأوئل وزنادقة العصرالحديث.. أنهم تواصوا جميعاً على هدم الإسلام وتدمير معتقدات المسلمين والطعن في كل ماهو معلوم من الدين بالضرورة.. لم يتركوا صغيرة ولا كبيرة في عقيدة الإسلام إلا اتخذوها غرضاً للطعن وإثارة الشبهات.. تارة من طرف خفي وتارة كفاحاً.. حرب ضروس على الإسلام وأهله من قبل ثلة من العلمانيين اللادينيين المتآمرين الذين انسلخوا عن دينهم وعن هوية أمتهم ورغم ذلك وبكل تبجح يزعم هؤلاء الزنادقة أنهم مسلمون ويفهمون الإسلام أكثر من الصحابة الكرام بل ومن رسول الإسلام ذاته.. تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.

مركز المقريزي للدراسات التاريخية بلندن

1420هـ الموافق 1999

*****

التعريف بالمؤلف

*الدكتور هاني السباعي مصري مقيم منذ سنوات بلندن.

* حاصل على درجة دكتوراة في إثبات جريمة القتل العمد في الشريعة الإسلامية مقارنة بالقوانين الوضعية.

* حاصل على درجة ماجستير في القصاص في الشريعة الإسلامية مقارنة بالقوانين الوضعية.

* حاصل على إجازة في قراءة القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم من طريق الشاطبية بطرق ثلاث مسندة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

* حاصل على إجازة في قراءة القرآن الكريم برواية البزي وقنبل عن ابن كثير المكي من طريق الشاطبية.

* له عدة مؤلفات وأبحاث ومقالات وخطب وحوارات باللغة العربية والإنجليزية.

*رئيس مجلس إدارة الجمعية الشرعية بالقناطرالخيرية من عام 1987 إلى عام 1990.

*كاتب متخصص في التاريخ الإسلامي والسيرة النبوية.

*اختير مستشاراً تاريخياً لمركزالدراسات الإسلامية بأستراليا.

*مدير مركز المقريزي للدراسات التاريخية بلندن.

*الأمين العام المساعد للتيار السني بمصر.

بعض مؤلفاته:

(1) كتاب دور رفاعة الطهطاوي في تخريب الهوية الإسلامية ـ إصدارات مركز المقريزي بلندن عام 1422هـ ـ 2001م.

(2)  كتاب الصراع بين المؤسسات الدينية والأنظمة الحاكمة من إصدارات مركز المقريزي بلندن عام 1423هـ 2002م

(3)  كتاب القصاص (دراسة مقارنة الشريعة الإسلامية بالقوانين الوضعية من إصادرارت مركز المقريزي بلندن 1425هـ ـ 2004م.

(4)  كتاب إثبات جريمة القتل العمد (دراسة مقارنة الشريعة الإسلامية بالقوانين الوضعية من إصدارت مركز المقريزي بلندن عام 1427هـ 2006م.

(5)  كتاب مسائل في الإيمان باللغة الإنجليزية إصدارات عام1432هـ ـ 2011م.

(6) كتاب العدو القريب باللغة الإنجليزية طبع حديثاً.

 (6) كتاب مصادر السيرة النبوية. طبع بمصر عقب ثورة 25 يناير 2011.

(7) كتاب أي الفريقين أحق بالعقل يا بندكتوس. طبع بعدة لغات العربية والإنجليزية والفرنسية.

(8) العلمانيون وثورة الزنج. مطبوع.

(9) الإرهاب في المنظومة الغربية مطبوع.

(10) العدو القريب أس الداء.مطبوع باللغتين العربي والإنجليزية.

(11) التاريخ الأسود لدويلا ت الطوائف قديما وحديثاً. مطبوع.

(12) هل يقال لمبتدع علامة. مطبوع.

(13) المورسكيون الجدد مسلمو فرنسا. مطبوع.

(14) القدس لنا ونحن أولى بها. مطبوع.

(15) يزيد بن معاوية وحكام عصرنا.

(16) التجلية في الرد على التعرية.

(17) قصة الجهاد. مطبوع

(18) الحصاد المر لشيخ الأزهر طنطاوي. مطبوع.

(19) حكم التحاكم للقوانين الوضعية. مطبوع.

20) زنادقة الأدب والفكر قديما وحديثا. مطبوع.

(21) حسن حنفي أنموذج للزندقة. مطبوع.

(22) هل كان لنصارى مصر دور في مقاومة المحتل قديما وحديثا. مطبوع

(23) كارلوس .. مانديلا ..سلام وتحية. مطبوع.

(24) رسالة لعبد المأمور. مطبوع.

(25) تسريح الجيوش العربية ضرورة شرعية. مطبوع.

(26) ثورة الشعوب العربية رهان خاسر. مطبوع.

(27) إذا نزلوا ساحة قتال أفسدوها. مطبوع.

(28) القومية وأثرها على وحدة الأمة الإسلامية. مطبوع.

(29) المصير المخيف قرابين على  عتبات الناتو بليبيا. مطبوع.

(30) سقوط الحضارة الغربية في جوانتنامو. مطبوع.

(31) مملكة القش. مطبوع

(32) فتوى توحيد الأذان من كيتشنر الإنجليزي  إلى وولش الأمريكي. مطبوع.

(33) التعليق على البديل الثالث لآل الزمر. مطبوع

(34) رسالة هادئة لقادة الإخوان أي الفريقين أحق بالاتباع. مطبوع.

(35) حكم المماثلة في العقوبة بحث شرعي مبسط. مطبوع.

(36) حكم إمامة المرأة للرجال في الصلاة. مطبوع.

(37) حكم قضاء القاضي بعلمه. بحث شرعي مبسط مطبوع.

(38) حكم ضرب المتهم وخداعه بحث شرعي مبسط. مطبوع.

(39) تعليق أولي على وثيقة ترشيد الجهاد. مطبوع.

(40) فرسان بالليل دعار بالنهار! مطبوع.

(41) فلا رجعت ولارجع الحمار حسن نصر اللات سيد الأمة!. مطبوع.

(42) لماذا التيار السني. مطبوع.

(43) إعادة النظر في كتابة التاريخ الإسلامي. مطبوع.

(44) دورة شرعية في مسائل الإيمان والفرق 11 شريط.

(45) دورة شرعية في مصادر السيرة النبوية 13 شريط.

(45) دورة شرعية في الولاء والبراء 10 شرائط.

(46) دورة في القضاء الشرعي 17 شريطا.

(47) دورة في القضاء الجنائي الإسلامي 8 شرائط.

 (48) تفريغ دورة القضاء الجنائي الإسلامي الصوتية في كتاب مطبوع من إصدارات مؤسسة تحايا الإعلامية.

(49) تفريغ دورة مسائل الإيمان كاملة في كتاب مطبوع من إصدارات مؤسسة تحايا الإعلامية.

(50) تفريغ دورة الولاء والبراء كاملة في كتاب مطبوع مؤسسة التحابا.

(51) كتاب زنادقة الأدب والفكر. مطبوع.

(52) كتاب ثورة التوابين مطبوع.

(53) الخليفة المفترى عليه عبد الله بن الزبير.تحت الطبع

(54) حكم قتل المسلم بالكافر. بحث شرعي مبسط. مطبوع.

(55) أكثر من 934 خطبة جمعة صوتية ومرئية.

(56) كتاب الأكذوبة الكبرى إبادة العثمانيين للأرمن. مطبوع بعدة لغات العربية والإنجليزية الفرنسية.

(57) شرح كتاب الطرق الحكمية للعلامة ابن القيمة سلسلة دروس صوتية 114 درساً صوتياً.

(58) عشرات الحوارات المقروءة والمسموعة والمرئية في العديد من وسائل الإعلام المحلية والعالمية مثل الجزيرة والعربية وبي بي سي والعالم وروسيا اليوم وآي إن بي وغيرها من محطات وحوارات مكتوبة في صحف ومجلات عالمية عديدة.

(59) حوار منتدى الحسبة أسئلة وأجوبة في أربع مجموعات في قضايا شرعية مختلفة. مطبوع.

(60) شرح كتاب تحرير لقاضي القاضة بدر الدين بن جماعة  الأحكام صوتياً.

(61) سلسلة مقالات هذا جدك يا ولدي من 1994 إلى 1998: الناصر صلاح الدين الأيوبي. سيف الدين قطز. الظاهر بيبرس. صقر قريش. موسى بن نصير. طارق بن زياد. عبد الرحمن الناصر بالأندلس. عبد الله بن ياسين شيخ المرابطين. يوسف بن تاشفين. سيعاد طبعها قريبا إن شاء الله.


[1] العصر العباسي الثاني: د. شوقي ضيف/ دار المعارف/القاهرة/ص98 وص99.

[2]  العصر العباسي الثاني:ص99.

[3]  الزندقة والشعوبية في العصر العباسي: د. حسين عطوان/دار الجيل/بيروت/ص12.

[4]  لسان العرب: ابن منظور: موقع صخر http://lexicons.ajeeb.com

[5]  مختار الصحاح/الزاي/دار الكتاب العرب/ص276.

[6]  محيط المحيط: بطرس البستاني/موقع صخر على الأنترنت  http://lexicons.ajeeb.com

[7]  لاروس: د. خليل الجر/مطتبة لاروس/ باريس/ص632.

[8]  تاريخ الإسلام السياسي والديني والثقافي والإجتماعي: د. حسن إبراهيم/دار الجيل/ بيروت/ج2/ص96. بتصرف.

[9]  من تاريخ الإلحاد في الإسلام/د.عبد الرحمن بدوي/سينا للنشر/القاهرة/ص36 ، وص37.

[10]  الزندقة والشعوبية: ص201، ص202.

[11]  عبد الرحمن بدوي (د): من تاريخ الإلحاد /ص41.

[12]  ابن النديم: الفهرست: ص473.

[13]  آدم ميتز: الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الهجريتعريب/محمدعبدالهادي أبو ريده/دار الكتاب العربي/ بيروت/ج2/ص66 وص67

[14]   ابن النديم: الفهرست/ص473.

[15]  ابن النديم: الفهرست/ص473

[16]  ابن الأثير: الكامل في التاريخ /دار صادر/بيروت/مج6/ص104 وص105.

[17]  ابن النديم: الفهرست: ص473.

[18]  الخطيب البغدادي: أبو بكر أحمد: تاريخ بغداد /دار الكتاب العربي/بيروت/الترجمة رقم 4844.

[19]  ابن المعتز (عبد الله): طبقات الشعراء /ص90.

[20]  فروخ: عمر (د): تاريخ الأدب العربي/دار العلم للملايين/بيروت/ج2/ص92.

[21]  الجاحظ: البيان والتبيين / دار صعب/بيروت/ص24

[22]  البغدادي (عبد القاهر): الفرق بين الفرق /دار الجيل/ص39.

[23]  الذهبي: سير أعلام النبلاء/ج7/ص25

[24]  الزندقة والشعوبية/ص42.

[25]  حسن حنفي (د):التراث والتجديد/ص63.

[26]  التراث والتجديد/السابق/ص110.

[27]  /السابق/ص112.

[28]  /السابق/ص113.

[29]  السابق/ص114.

[30]  التراث والتجديد/ص113 وص139.

[31]  التراث والتجديد/ص154.

[32]  التراث والتجديد/ص42.

[33]  مجلة مواقف/ندوة حول: الإسلام والحداثة/دار الساقي/لندن/ط أولى 1990/ص290.

[34]  مجلة مواقف/ص290 وص291.

[35]  عادل ضاهر: الأسس الفلسفية للعلمانية /دار الساقي لندن/ مقدمة الكتاب.

رسالة بوست

Related

Share

Post a Comment

الفئة
علامات البحث

اتصل بنا

*
*
*