غير المحجبة التي تستحق لعناتنا! - مقالات
أحدث المقالات

غير المحجبة التي تستحق لعناتنا!

غير المحجبة التي تستحق لعناتنا!

ماهر جبره:

 

2 ستات منتقبات، واحدة وقفت في ضهري، والتانية حاولت تقف جنبي. الباب بيتفتح في المحطة، والتدافع شديد... محسيتش غير إن ديل الحصان اللي عاملاه في شعري بيتشد جامد من الست اللي جنبي لدرجة إني فضلت أصرخ، وصوت بيقول: "عشان تستري نفسك" والباب بيقفل شايفاهم بيجروا، وشعري بيتداس عليه، وcutter واقع على أرض المحطة".

هكذا وصفت نانسي مجدي ما حدث لها ليلة 29 أغسطس 2019، عندما تم قص شعرها غصبا عنها داخل إحدى عربات مترو الأنفاق في مصر. لم تنتهي الصدمة عند هذا الحد فقد كان رد فعل بعض الناس مفزعا ومتضامنا مع ما حدث. فعندما حاولت نانسي أن تستغيث كان الرد: "إحمدي ربنا إنها مموتتكيش، مش كفاية الوشوم اللي في جسمك دي! ماهي عندها حق برضه!".

للأسف حالة نانسي ليست فريدة، فما حدث مع الصحفية رحمة سامي منذ عامين كان مشابه جدا لهذه الحادثة حيث تم قص شعرها أيضا من قبل سيدة في مترو الأنفاق وعندما صرخت فيها ماذا تفعلين؟ كان الرد: "هاقص لك شعرك اللي أنتي فرحانة بيه". كما أن رد فعل البعض جاء أيضا متضامنا مع الجانية، فعندما حاولت رحمة أن تمسك بمن قصت شعرها بغرض تسليمها للشرطة، تدخل الناس وأبعدوها عنها بالقوة.

أن هذا التضامن مع الجناة، ضد بنات أو سيدات من نفس جنسهن كل جريمتهن أنهن قررن الخروج للشارع من دون حجاب، ليس مفاجئا. فعلى الرغم من أن الحجاب في مصر غير ملزم قانونيا، لكنه في أغلب ربوع مصر ملزم اجتماعيا.

فالحقيقة أن ما حدث مع نانسي ورحمة لا يختلف كثيرا عن حكايات لبنات أو سيدات قررن خلع الحجاب فقوبلن بعنف من الأهل والمجتمع. فللأسف الشديد حرية النساء في هذا الأمر أشبه بالطريق ال .One way فالحرية هنا في اتجاه واحد فقط ألا وهي حرية لبس الحجاب، أما خلعه فيترتب عليها نتائج اجتماعية وخيمة.

فالمجتمع في معظم الأحيان يعاقب بقسوة من تختار أن تخرج عن الصف، بسبب النظرة التي ترى غير المحجبة أقل أخلاقا من المحجبة بل وعديمة الأخلاق من وجهة نظر البعض.

أتذكر جيدا وأنا طالب في الجامعة الصور التي كانت تملأ جدرانها التي تصور المرأة على أنها قطعة حلوى مرة مكشوفة يتجمع حولها الذباب ومرة أخرى غير مكشوفة ومغلفة فيبقى الذباب بعيدا عنها في إشارة واضحة للحجاب. والصورة ببساطة تعني أن المرأة التي لا ترتدي الحجاب والملابس الواسعة والفضفاضة هي التي تدعو الذباب أو تغوي الرجال، وبالتالي فهي التي تفسد المجتمع!

لا أنسى أيضا كلام الشيخ والمرشح السلفي السابق لرئاسة الجمهورية حازم صلاح أبو أسماعيل، عندما قال في سنة 2012، أنه سيمنع السائحات من ارتداء المايوهات لو أصبح رئيسا، وعندما سُئل لماذا؟ قال لأنهن يعتدين على عفة الشباب. أذن مرة أخرى فالمرأة هنا جانية والرجل ضعيف ومجني عليه ومغلوب على أمره!

أما الشيخ والداعية عبد الله رشدي فقد كتب توتية منذ أيام تلخص هذه النظرة عندما قال "عدم الحجاب تعري نعم، لأنك تبرزين مفاتنك التي تستفز بالفطرة ذكورتى". فوجهة نظر الباحث الإسلامي، الذي عادة ما يختم تويتاته بجملة #الأزهر_قادم، هي أن غير المحجبة امرأة تمشي في الشارع عارية لتغوي وتفتن الرجال!

إن ما قاله رشدي لا يختلف كثيرا عما قاله الشيخ صبري عبادة وكيل وزارة الأوقاف منذ حوالي سنتين في لقاء مع وائل الإبراشي عن موضوع الحجاب، عندما أصر أنه ليس من حق غير المحجبة أن تمشي في الشارع بدون حجاب فهي بذلك تعتدى على الآخرين في المجال العام بحسب رأيه وتعمل على إفساد المجتمع.

بل والأدهى أن عبادة لمح في كلامه أكثر من مرة أن الضيفة، الكاتبة داليا وصفي، التي كانت تعرض وجهة النظر الأخرى وتدافع عن حقها كمسلمة في ألا ترتدي الحجاب، هي من وجهة نظره غير مسلمة. وهنا انتقلنا لمستوى أعلى من التحريض فغير المحجبة ليست فقط مفسدة للمجتمع بل وكافرة أيضا!

والفكرة هنا ببساطة هي تصوير المرأة غير المحجبة على أنها شخص شرير يتعمد إغواء الرجال، وليست مجرد إنسانة حرة تمارس حقها في اختيار مظهرها وملابسها مثلها مثل الرجل. وفي نفس اللحظة تصوير الرجل باعتباره مفعول به بائس ومسكين، غير قادر على أن يتحكم في شهواته.

وبحسب هذه النظرية فأن تصرفات الرجل ليست إلا رد فعل لتصرفات المرأة، وهو ما يفسر تسامح المجتمع مع المتحرشين في معظم الأحيان، باعتبارهم ضحايا لغواية المرأة مصدر الشر الأساسي!

الملفت للنظر أن هذه الفكرة في حد ذاتها تحمل ضمنيا إهانة شديدة للرجل، فهي تنفي عنه فكرة الأهلية والمسؤولية. فضلا عن أنها تضع المرأة في قفص الاتهام على طول الخط. أما المفارقة فهي أن هؤلاء من يحمّلون المرأة مسؤولية ضبط الرجل لغرائزه الجنسية هم أنفسهم من يقولون عليها ناقصة عقل!

وحقيقة لا أدري كيف يندهش البعض من حوادث مثل التي ذكرتها في بداية المقال بعد كل هذا التحريض على النساء اللاتي اخترن خلع الحجاب. فبالطبع من حق أي امرأة أن ترتدي الحجاب طالما اختارت ذلك بحريتها. ومن حق رجال الدين أن تدعو إلى ارتداءه، ولكن ما هو ليس من حقهم هو التحريض العلني ضد غير المحجبات وشيطنتهم.

الحرة

Related

Share

Post a Comment

الفئة
علامات البحث

اتصل بنا

*
*
*