في هذا المقال* يكتب علاء الأسواني عن دين الكراهية وأركانه الأربعة.
شاب اسمه مشعل خان طالب جامعي في باكستان، ذهب ذات صباح إلى الجامعة التى يدرس بها فاجتمع حوله مجموعة من الطلاب المتطرفين واتهموه بأنه كتب على فيسبوك تعليقات ضد الإسلام. لم تتح لمشعل خان أي فرصة للدفاع عن نفسه فقد ضربه المتطرفون وسحلوه على الأرض ثم أطلقوا النار عليه فسقط ميتا. في باكستان أيضاً كانت امرأة مسيحية اسمها آسيا بيبي تملأ الأواني بالماء مع نسوة مسلمات فقالت لها إحداهن:
ــ لن نستعمل الإناء إذا لمستيه لأنك مسيحية نجسة
لا نعرف كيف ردت آسيا بيبي، لكن النسوة اتهمنها بأنها أهانت النبي محمد، فتم القبض عليها فورا وحوكمت بتهمة التجديف وحكم عليها بالإعدام. قضت آسيا بيبي في السجن ثمانية أعوام ثم تم إلغاء الحكم مؤخرا فثار الإسلاميون في كل أنحاء باكستان وحشدوا مظاهرات ضخمة مطالبين بإعدام آسيا بيبي بل إنهم قتلوا اثنين من مسئولي الحكومة لأنهما أظهرا تعاطفا معها. تمكنت آسيا بيبي لحسن حظها من الهرب مع أسرتها، لكن حكايتها تدل على مدى التطرف الديني في باكستان، أما في أفغانستان فقد اجتمع متطرفون إسلاميون حول امرأة اسمها فرخنده عمرها 27 سنة واتهموها بأنها أحرقت نسخة من القرآن وضربوها وسحلوها على الأرض حتى لفظت أنفاسها الأخيرة ثم أحرقوا جثتها " انتصارا لدين الله". تبين بعد مقتل فرخندة أنها مختلة عقلية وأن أهلها لجئوا الى شيخ ليشفيها فأعطاها بعض الأدعية مكتوبة في ورقة وطلب منها إحراقها (غالبا لإبعاد الأرواح الشريرة) يبدو أن أولاد الحلال رأوا فرخندة وهي تحرق الأدعية فظنوا أنها تحرق القرآن .
لسنا في مصر، للأسف ، بعيدين عن هذه الجرائم فقد شارك المئات من أهل قرية "زاوية أبومسلم" في محافظة الجيزة في قتل مواطن اسمه حسن شحاته وثلاثة آخرين لمجرد انتمائهم للمذهب الشيعي، ضربوهم بآلات حادة وسحلوا جثثهم في طرقات القرية وقد تمت المذبحة في أجواء احتفالية صاخبة فقد أطلقت نساء القرية زغاريدا مدوية وأطلق الرجال صيحات التكبير احتفالا بقتل الشيعة الكفار، أما في قرية الشورانية بسوهاج، فقد قام الأهالي بإحراق منازل البهائيين وتدمير محتوياتها وكان البهائيون محظوظين لأنهم تمكنوا من الهرب قبل أن يقتلهم جيرانهم دفاعا عن الإسلام.
بالمقابل فقد شهدت نيوزيلاند مذبحة بشعة عندما أطلق متطرف أبيض اسمه برينتون تارانت النار على مسجدين مما أدى إلى مقتل 49 مسلما كانوا يؤدون الصلاة وفي الأسبوع الماضى فتح شاب متطرف أبيض اسمه باتريك كروزياس النار على المهاجرين المكسيكيين الذين كانوا يتسوقون في محل تجارى في مدينة الباسو بولاية تكساس. كان هدفه أن يقتل أكبر عدد من المكسيكيين كما قال في بيان أصدره وقد أدت هذه المذبحة الى قتل 22 شخصا.
هذه الجرائم البشعة، التي تكررت خلال الأعوام الماضية، لاعلاقة لها بالدين أو الوطنية كما يزعم مرتكبوها لكن الدافع الوحيد لهذه الجرائم هو الكراهية. لقد تحولت الكراهية الى دين ينتشر للأسف بسرعة بين آلاف الكارهين وهم خليط من شيوخ إسلاميين متطرفين وأنصار اليمين المتطرف والمؤمنين بتفوق الجنس الأبيض والنازيين الجدد. دين الكراهية يعتمد في انتشاره على أربعة أركان هي :
أولا: الايمان بالتفوق
الكارهون يؤمنون دائما بأنهم ينتمون الى مجموعة عرقية أو دينية أرقي من الآخرين .الكارهون البيض يؤمنون بتفوق الجنس الأبيض على بقية الأجناس والكارهون الإسلاميون يؤمنون أن غير المسلمين كفار أنجاس وأقل منهم في كل شيء. إذا آمنت بأنك أفضل من الآخرين، فلا يمكن أن تعترف لهم بنفس حقوقك وسوف تتقبل بسهولة فكرة الاعتداء عليهم.
ثانيا: المؤامرة
يؤمن الكارهون دائما بوجود مؤامرة كبرى ويعتبرون ان واجبهم الدفاع عن أنفسهم ضد هذه المؤامرة .الإرهابي الذى قتل المكسيكيين في تكساس أكد أنه يؤمن بأن المهاجرين الملونين يدبرون مؤامرة لغزو أمريكا وإزاحة الجنس الأبيض والذين قتلوا الشيعة وأحرقوا بيوت البهائيين في مصر كانوا يؤمنون ان هؤلاء الكفار يتآمرون لهدم الإسلام وصناعة الفتنة بين المسلمين.
ثالثا الجهل
يعانى الكارهون دائما من الجهل لأن المعرفة الإنسانية الحقيقية ستخرجهم من دين الكراهية وتجعلهم لأسباب سياسية.
رابعا: نزع الطابع الانساني
لا يؤمن الكارهون أن المختلفين عنهم أشخاص مستقلون لكل منهم حياته وهو مسئول فقط عن تصرفاته لكنهم يرون الآخرين دائما كمجموعة واحدة معادية تكون المسئولية تضامنية بين أفرادها فالإرهابي الذى يقتل الغربيين في مقهى في باريس أو لندن يعتبرهم مسؤولين عن جرائم الجيش الأمريكي في العراق والإرهابي الذى يقتل المكسيكيين يعتبرهم جميعا مسؤولين عن أى جريمة يرتكبها أى مكسيكي في الولايات المتحدة.
إن واجبنا الإنساني يحتم علينا أن نحارب دين الكراهية حتى نقضى عليه.
متحضرين ومتسامحين. ليس من الصدفة أن يحفل البيان الذى كتبه إرهابي تكساس بالأخطاء النحوية واللغوية ولو أنه قرأ قليلا لأدرك أن قوة الاقتصاد الأميركي قامت أساسا على المهاجرين الملونين الذين هاجروا الى أمريكا بحثا عن حياة أفضل. لو أن أهل قرية أبومسلم الذين قتلوا الشيعة قرأوا التاريخ لعرفوا أن الأميرة فوزية أخت ملك مصر (السنية) تزوجت من ولى عهد إيران (الشيعي) عام 1939 وقد عقد القران شيخ الأزهر واحتفلت مصر كلها بالزفاف الملكي ولم يعتقد مصري واحد أن الشيعة كفار لأن النفط لم يكن ظهر في الخليج ولم يكن شيوخ الوهابيين قد بدأوا في شيطنة الشيعة وتكفيرهم
الديمقراطية هي الحل