«وول ستريت جورنال»: «داعش» لم يستسلم بعد.. هذه الدول تشهد صعود التنظيم من جديد - مقالات
أحدث المقالات

«وول ستريت جورنال»: «داعش» لم يستسلم بعد.. هذه الدول تشهد صعود التنظيم من جديد

«وول ستريت جورنال»: «داعش» لم يستسلم بعد.. هذه الدول تشهد صعود التنظيم من جديد

كاتب: Joe Parkinson and Drew Hinshaw

مصدر:  Islamic State, Seeking Next Chapter, Makes Inroads Through West Africa

عبدالرحمن النجار

 

رصد تقرير، أعده كل من جو باركنسون ودرو هنشو لصحيفة «وول ستريت جورنال»، سيطرة تنظيم الدولة على مئات الأميال في أفريقيا، في ما يخشى أن يكون الصعود الثاني للتنظيم بعد دحره في كل من سوريا والعراق.

يستهل الكاتبان الحكاية بالقول «بدأت المعركة بتحليق طائرتين بدون طيار فوق قاعدة يقيم فيها أكثر من 500 جندي نيجيري لحراسة شواطئ بحيرة تشاد. فجأة، سمع دوي إطلاق النار من سيارات مدرعة ومدافع ودبابات صدحت بالأناشيد الجهادية». وفي غضون ساعات -يشير الكاتبان- تخلت قوات النخبة من أحد أقوى الجيوش في أفريقيا عن قاعدتها ومخبأها من الأسلحة الثقيلة، واقتحمتها جماعة موالية لتنظيم الدولة الإسلامية.

قال بيتروس مادو، وهو رقيب نيجيري هرب من القاعدة في بلدة باجا، وسار عبر الغابات لمدة ثلاثة أيام للوصول إلى بر الأمان: «كنا بلا حول أو قوة. وقد سيطر الإرهابيون على المنطقة برمتها الآن».

في الأشهر الأخيرة، وبعد دحر الجماعة في العراق وسوريا، ظهرت مجموعة متمردة في نيجيريا تطلق على نفسها اسم «الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا»، وقد سيطرت على مئات الأميال المربعة من الأراضي، وفقا للمسؤولين النيجيريين والغربيين.

إن صعود المجموعة السريع الذي لم يلاحظه أحد، ينذر بالفصل التالي من الصراع مع التنظيم – يكشف الكاتبان. إن حلفاءه المحليين في عدد من البلاد البعيدة يقاتلون الجيوش المحلية ويقيمون قواعد لهم في أفغانستان ومالي والفلبين والصومال. ومن المحتمل أن يستمر تهديد التنظيم للحكومات الإقليمية والغرب، حسبما قال مسؤولون في المخابرات الأمريكية في تقييم رسمي للمخاطر الأسبوع الماضي.

المناطق الخطرة

ظهر فرع التنظيم في غرب أفريقيا في عام 2016 بعد انشقاق كبير داخل حركة بوكو حرام في نيجيريا -ينوه الكاتبان- وقد رسخ نفسه في المجتمعات الحدودية حول بحيرة تشاد، ويقوم بتشكيل هياكل لدولته. فهو يسيطر على طرق التجارة، ويفرض الضرائب على صناعة الأسماك المحلية، وينظم الزراعة ويفرض نسخته المتطرفة من الإسلام.

إن التصور السائد عن هذا الفرع -الذي بني على أساس مقابلات مع الجنود واللاجئين وضباط المخابرات ومهربي الأسلحة والدبلوماسيين في نيجيريا والنيجر، بالإضافة إلى الأشخاص الذين شاركوا في المحادثات مع الفصيل- هو أنه مجموعة متمردة ومسلّحة بشكل جيد تتوقع إقامة دولة من المناطق الاستراتيجية التي تنسحب منها الولايات المتحدة. ولا توجد علامة على أن المجموعة تسعى لمهاجمة أهداف غربية خارج حدودها.

مناطق سيطرة التنظيم في شمال شرق نيجيريا

تتبع الجماعة نهجًا مغايرًا تمامًا لبوكو حرام، التي ركزت مجازرها على المدنيين. إذ يشن ما يقدّر بـ5 آلاف رجل هجمات على قوات الأمن والمنظمات غير الحكومية، بناءً على نصيحة تكتيكية أرسلها التنظيم الأم في سوريا لتجنيب السكان ويلات الحرب.

وقد عاد المقاتلون المتمرسون من غرب أفريقيا الذين سافروا إلى ليبيا والشرق الأوسط وانضموا إلى الفرع الجديد. وأرسل علماء دين تعليمات مكتوبة، يقول الكاتبان إنهما اطلعا عليها، للتوقف عن مهاجمة المدارس والأسواق والتوقف عن الوعظ بأن الأرض مسطحة.

جبهة ثانية

تمكنت المجموعة من السيطرة على ونهب اثنتي عشرة قاعدة عسكرية، مما أسفر عن مقتل مئات الجنود والاستيلاء على مخزونات ضخمة من الأسلحة، قبل أسابيع من الانتخابات الرئاسية في نيجيريا، أكبر ديمقراطية في أفريقيا. ويصفها المسؤولون الأمنيون النيجيريون بتهديد أكبر بكثير من بوكو حرام، نظرًا لتطورها وتمتعها بالدعم الشعبي.

ينقل التقرير عن أحد مهربي الأسلحة في النيجر ويدعى يوسف قوله إن الأسلحة يتم تهريبها من تنظيم الدولة الإسلامية في ليبيا إلى فروعه في نيجيريا ومالي. «تريد هذه المجموعات إنشاء دولة ذات شأن».

أماكن تواجد التنظيم في أفريقيا

توقف العديد من المسؤولين النيجيريين عن الحديث عن هزيمة التمرد، بل احتوائه فقط. «فيما يتعلق بالأمن، فالوضع ليس كما كنا نعتقد». قال فيستوس كيهامو، المتحدث باسم حملة إعادة انتخاب الرئيس النيجيري محمد بخاري، وأضاف «يجب أن نعترف بذلك. ومع ذلك، لقد أحرزنا بعض التقدم منذ 2015».

لم تكشف السلطات النيجيرية عن خسائرها في مواجهة التنظيم، يؤكد الكاتبان. وفي يناير (كانون الثاني)، قامت السلطات بمداهمة مكتبين تابعين لصحيفة ديلي ترست. وعندما سئل متحدث باسم الجيش عن المداهمات قال إن الصحيفة تقوض الأمن القومي لنشرها تقارير عن قتلى الجيش النيجيري.

الهجرة الجماعية

يقول الكاتبان إنه ليس من الممكن الوصول إلى المجموعة. لكن قنواتها الإخبارية الداخلية على تطبيق تيليجرام المشفّر تعطي لمحة عنها. يشارك المقاتلون صورًا لأنفسهم وهم يستمتعون بغروب الشمس فوق بحيرة تشاد أو يرتدون ملابسهم. وتعلن الأخبار عن حصاد كبير من المزارعين.

يقود الفصيل شاب متشدد يدعى أبو مصعب البرناوي، حيث يسيطر على جيب عبر نيجيريا والنيجر وتشاد، وفقًا لخرائط عسكرية أمريكية غير منشورة. قامت الجماعة بحفر الآبار، وسلمت البذور والأسمدة وقدمت المراعي الآمنة للرعاة، وفقًا للتجار والرعاة الذين ينتقلون بين المناطق الخاضعة للتنظيم ومخيمات اللاجئين في مدينة مايدوجوري النيجيرية.

يقول أحد التجار «إذا أطعناهم، سيتركوننا نتاجر. ولقد سمحوا لنا بالزراعة». وقد أفادت وكالات الإغاثة أن بعض النيجيريين البالغ عددهم 1.5 مليون الذين أمضوا معظم العقد الماضي في مخيمات اللاجئين، يعودون إلى المناطق التي يسيطر عليها الجهاديون.

أعداد النازحين بسبب هجمات التنظيم

ليس هناك الكثير من المعلومات حول التنظيم. وينقسم المحللون حول ما إذا كان السيد برناوي حاكمًا أوحد أم تنتشر الألوية المستقلة. ولم تعلن المجموعة الخلافة، مما يجعل من الصعب تقييم سيطرتها الإقليمية في منطقة شاسعة يمتزج فيها المقاتلون مع القرويين.

ويؤكد مسؤولون استخباراتيون أمريكيون وأوروبيون أن فرع التنظيم في أفريقيا يتواصل بانتظام مع الفروع الأخرى حول العالم -يضيف الكاتبان. عندما كانت الدولة الإسلامية في أوج قوتها في سوريا، أرسلت أموالاً وأوامر إلى فرعها النيجيري حول الترقيات وأساليب التفاوض على الرهائن، حسب قول الأشخاص الذين تعاملوا مع المجموعة.

وبينما الوضع الأمني متدهور، ستُعقد انتخابات رئاسية حاسمة في نيجيريا في 16 فبراير (شباط). رشح محمد بخاري، الذي كان ذات مرة ديكتاتورًا عسكريًا، ولكن غدا رئيسًا منتخبًا منذ عام 2015، نفسه لولاية ثانية عن طريق الترويج للتقدم الذي أحرزه في معالجة قضية بوكو حرام.

تمكن بخاري من طرد المجموعة خارج الأرض التي تسيطر عليها، واصفًا إياها بالـ«مهزومة فعليًا»، لكنه عانى ضد تنظيم الدولة الإسلامية. يقاتل جيشه ضد القراصنة ولصوص النفط في الجنوب ويضطرون إلى خوض معارك مشحونة دينيًا حول الأراضي الزراعية في المناطق الوسطى. ويقول المحافظون ومحللو الأمن إن التنظيم قادر على تعطيل إجراء الانتخابات في أجزاء من شمال شرق نيجيريا.

ظهر تنظيم الدولة الإسلامية رسميًا في نيجيريا في عام 2015 -يواصل الكاتبان حديثهما- أي بعد أقل من عام من قيام جماعة بوكو حرام بإفزاع العالم عبر خطف 276 تلميذة من مدينة شيبوك. في مارس 2015، أعلن زعيم بوكو حرام، أبو بكر شاكو، الولاء لأبو بكر البغدادي، زعيم الدولة الإسلامية التي كانت في أوج قوتها في ذلك الوقت، حيث كانت تسيطر على أراضٍ في سوريا والعراق وترحب بالآلاف من المقاتلين الأجانب كل شهر.

أمد تنظيم الدولة جماعة بوكو حرام بالدعم المالي واللوجيستي -يشدد الكاتبان. بينما طلبت الأخيرة من الدولة الإسلامية تقديم المشورة بشأن القضايا التي ناقشها أعضاؤها. من بينها: هل من الخطأ أن نحمل هوية حكومية؟ وهل يجب علينا مهاجمة المدارس؟ وهل الأرض مسطحة؟

في مقطع عنوانه «أسئلة نيجيرية»، رد أحد كبار شرعيي الدول الإسلامية من السعودية بما يلي: حمل بطاقة هوية حكومية يمكن أن يكون مسموحًا به، وفقًا للظروف. يجب أن تركز بوكو حرام الآن على الهجمات على القوات العسكرية والأمنية. وكتب أخيرًا: «ليكن معلومًا لديكم، فإن الأرض كروية».

وجد السيد شاكو نفسه على الجانب الخاسر من هذه الحجج. فكتب فصيل برناوي المنافس رسالة إلى داعش متهمًا السيد شاكو «بتحريف القرآن لإنشاء خلافة الدماء». وقد انتهزت الدولة الإسلامية الفرصة وقامت بانقلاب على شاكو ووضعت برناوي على رأس الفرع الجديد في أغسطس (آب (2016. وأدت هذه الخطوة إلى اندلاع قتال شرس بين الفصائل في شمال شرق نيجيريا، حيث قُتل مئات المتشددين.

واصل الخبراء في مكافحة الإرهاب في نيجيريا التركيز على السيد شاكو -يضيف الكاتبان- الرجل البغي الذي أسر فتيات تشيبوك واستخدم الأطفال كمفجرين انتحاريين. لكنه أطلق سراح أكثر من 100 من الفتيات في عمليتي تبادل في أكتوبر (تشرين الأول) 2016 وأيار (مايو) في العام التالي مقابل خمسة مقاتلين مسجونين وفدية قدرها 3 ملايين يورو.

في غضون ذلك، حافظ السيد برناوي على السرية، وقام بتدريب المقاتلين وجلب الأسلحة. وتواصل مع فرع الدولة الإسلامية في ليبيا، الذي كان ينمو مع انهيار المجموعة في العراق وسوريا.

بحلول عام 2017، هاجم التنظيم بشكل منتظم قواعد عسكرية في ولايات شمال نيجيريا حول بحيرة تشاد. وقد لاحظ الجنود النيجيريون، الذين اعتادوا محاربة فصيل شاكو، تكتيكات جديدة ومقاتلين مدربين تدريبًا جيدًا. ويقول الجنود النيجيريون إنهم يملكون نفس المعدات، لكن جيشهم غالبًا ما يكون لديه ذخيرة أقل.

يقول أحد الجنود النيجيريون «لقد أصبحوا أقوى بكثير، مع المزيد من القوة النارية. نضطر لقطع الاتصال فيما بيننا والتراجع عندما يهاجموننا». في الصيف الماضي، أظهرت مقاطع الفيديو الجديدة استخدام التنظيم أسلحة قاتلة مثل القنابل المدرعة والمحمولة بالمركبات. أظهروا مصنع أسلحة وأدلة على نقل التكنولوجيا.

ويؤكد الكاتبان أن التنظيم استخدم طائرات بدون طيار للتجسس على الجيش النيجيري. ويستخدم مقاتلوه في بعض الأحيان الخيل لتفادي اكتشافهم بواسطة طائرات المراقبة وصور الأقمار الصناعية التي تتبعهم. وبالتعلم من هزائم داعش في سوريا، تجنبت المجموعة الوجود في المراكز السكانية، مما أعطى الطائرات الحربية أهدافًا أقل لضربها.

ومع ازدياد قوة التنظيم، أجرى محادثات سلام غير رسمية مع الحكومة النيجيرية عبر أحد قادته الذي يعتبر «معتدلاً»، وهو مامان نور. وأصبحت المحادثات التي توسطت فيها الحكومة السويسرية علنية بعد أن قام السيد نور بإظهار حسن النية وأمر بعودة 104 تلميذة خطفها مقاتلوه.

وقال وسطاء إن بعض المتشددين كانوا يريدون فدية مقابل النساء. وفي سبتمبر (أيلول)، وضعوا السيد نور تحت الإقامة الجبرية وقتلوه، وفقًا للمفاوضين الحكوميين وعملاء المخابرات. وقد انهارت مبادرة السلام. وبعد فترة وجيزة، قتل التنظيم اثنين من عمال الصليب الأحمر كانوا قد احتجزوا كرهائن.

بحلول الأشهر اللاحقة من عام 2018، جمع هجوم التنظيم العسكري زخمًا مذهلاً. وكان مقاتلوه يبيدون بانتظام بعض الوحدات الأفضل تجهيزًا في نيجيريا عبر المنطقة الشمالية الشرقية شديدة التحصين من البلاد. وبدأ المسلحون يرسلون قادة نيجيريين يستنجدون بالتحذيرات من متى سيهاجمون. فساءت معنويات الجيش، وبدأ المزيد من الجنود في الهرب.

في 26 ديسمبر (كانون الأول)، شنت الدولة الإسلامية هجومها الأكبر على القاعدة العسكرية النيجيرية شديدة التحصين في بلدة باجا وقاعدة بحرية قريبة على بحيرة تشاد. تضمنت المجمعات مئات الجنود وبعض الأسلحة الأكثر تطورًا التي تحتفظ بها نيجيريا وشركاؤها من تشاد والكاميرون والنيجر.

وقد بث التنظيم مقاطع الفيديو تتخللها صور دموية للجنود القتلى وإحراق زوارق القاعدة المستوردة من ألمانيا، مع مخازن للأسلحة في المناطق التي تسيطر عليها، وحث المسلمين في الخارج على الانضمام إلى القتال. وقد علقت صحيفة النبأ الإسلامية بالقول «صعود الدولة الإسلامية، واندحار الجيش النيجيري».

ساسة بوست

 

Related

Share

Post a Comment

الفئة
علامات البحث

اتصل بنا

*
*
*