مي عزام
«ياللى من البحيرة وياللى من آخر الصعيد
ياللى من العريش الحرة أو من بورسعيد
هنوا بعضيكم وشاركوا جمعنا السعيد
سينا رجعت كاملة لينا ومصر اليوم
مصر اليوم في عيد »
هل تذكرون هذه الأغنية التي غنتها شادية على مسرح الزمالك للقوات المسلحة يوم 25 إبريل سنة 1982 بحضور مبارك.. مضت سنوات طويلة على تحرير سيناء من الاحتلال وعودتها للسيادة المصرية، رفعنا شعارات تعمير سيناء وعودة الوادي المقدس لحضن الأم، لكن لم تكن هناك خطة واضحة ومحددة الملامح ولا التاريخ، وبدلًا من أن تصبح أرض الفيروز أرض الفرص والاستثمارات والجذب السكاني، تحولت إلى مأوى للإرهاب، ومع ترهل وفساد أجهزة الدولة في نهايات عصر مبارك، تم حفر مئات الأنفاق التي تصل بين سيناء وقطاع غزة تحت أعين السلطات المصرية.
(2)
بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، وإعلان أمريكا الحرب على القاعدة وأفغانستان، أصبحت سيناء مستقرًا للجهاديين العائدين من أفغانستان واليمن، البضاعة التي ساهم السادات في تصنيعها وتصديرها رُدّت إلينا.. بدأت هذه الجماعات نشاطها الإرهابي في سيناء بتفجيرات هيلتون طابا عام 2004، تلاها تفجير شرم الشيخ في 2005 ثم دهب في 2006، أعلن «تنظيم القاعدة في بلاد الشام وأرض الكنانة» حينذاك مسؤوليته عن هذه الحوادث الإرهابية.. خفت العمليات الإرهابية في سيناء، لكنها عادت وزادت وتيرتها بعد ثورة يناير، والفوضى التي أعقبتها، ثم تصاعدت بعد عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي.
(3)
مع رئاسة السيسي تحولت العمليات الإرهابية في سيناء إلى نوع من حرب العصابات التي وضعت السلطة كلها أمام تحديات خطيرة ومعلنة. في غالبية الحوادث التي شهدتها سيناء خلال السنوات الماضية، كانت هناك تلميحات من الأجهزة الأمنية المصرية عن ضلوع عناصر فلسطينية في كل العمليات التي تم تنفيذها، وأن الأسلحة والمتفجرات التي تم استخدامها في تنفيذ معظم الهجمات تم تهريبها من قطاع غزة، وأن عددًا من المصريين المتورطين في تنفيذ الحوادث تلقوا تدريبهم في القطاع، ولكن حركة حماس نفت ما تداولته بعض وسائل الإعلام المصرية حول تورطها في الأمر.
بعد الهجوم الإرهابي الذي حدث في العريش والشيخ زويد في أكتوبر عام 2014 والذي راح ضحيته 33 جنديًا مصريًا، قرّر السيسي إنشاء قطاع محاربة الإرهاب بشرق القناة وتوحيد القيادة تحت رئاسة الفريق أسامة عسكر، وتخصيص 10 مليارات جنيه لمحاربة الإرهاب وتنمية سيناء، كما بدأ الجيش في إقامة منطقة حدودية عازلة مع قطاع غزة بعمق 500 متر وبطول 14 كيلومترًا، وتم هدم المنازل الموجودة على الشريط الحدودي مع القطاع ونقل المواطنين إلى أماكن أخرى في سيناء، مع استمرار العمل على هدم الانفاق.
(4)
رئيس الدولة رجل عسكري، فوّضه الشعب لمحاربة الإرهاب، ومنح كل الصلاحيات للجيش للقضاء على الإرهاب، وأيضًا زادت ميزانية التسليح زيادة كبيرة، فلماذا أخفقنا؟
وهنا أطرح بضعة أسئلة تجول بخاطري في هذا الشأن:
* ماذا حدث من أكتوبر 2014 وحتى فبراير 2017؟ فيما يخص تنمية سيناء والقضاء على الإرهاب.
* مَن المسؤول عن تردّي الأوضاع الأمنية في سيناء؟ إلى الحد الذي يتهجّم فيه بعض أفراد هذه الجماعات الإرهابية على منازل الأقباط في العريش ويقتل أفرادًا منهم تحت أعين ذويهم، زيادة في ترهيبهم وليبقى البعض ليروي مأساته للناس والإعلام الداخلي والخارجي.
* لماذا يتم الآن الزجّ بالأقباط المصريين في مشهد العمليات الإرهابية في سيناء؟
ألا يذكركم ذلك بما فعله داعش مع طائفة الإيزيديين في العراق؟ وما تبع ذلك من حملات دولية لإنقاذ الإيزيديات من براثن داعش.
* هل ما يحدث من استهداف الإرهاب للأقباط يقصد به دفع المجتمع الدولي للتدخل في سيناء؟
* هل من يدير تلك الجماعات الإرهابية يريد تدويل الإرهاب في سيناء؟ وتحويلها لساحة حرب تشارك فيها تحالفات إقليمية ودولية بحجة تأمين الأقلية المسيحية في سيناء بعد فشل نظام السيسي في تأمين مواطنيه، ويمهد ذلك لتنفيذ مخطط قد يكون مرتبطًا بالشائعات حول توطين الفلسطينيين في سيناء.
(5)
حجب المعلومات عن الشعب، فيما يخص حقيقة ما يحدث في سيناء، يتركنا فريسة لشائعات تنطلق من إسرائيل مرة ومن مصادر مجهولة مرات عديدة، وأيضًا لشكوك وهواجس.. على الرئيس أو وزير الدفاع أن يتحدث إلى الشعب حديثًا مطولًا عن حقيقة ما يحدث في سيناء، وهل فقدنا السيطرة عليها؟ فقد صرح وزير الدفاع الإسرائيلي ليبرمان بأن إسرائيل ردت على الهجمات الصاروخية التي استهدفتها من جانب داعش سيناء بهجمات مثلها، أي أن أجواءنا مفتوحة أمام هؤلاء وأولئك، فمن المسؤول عن هذا الفشل في تأمين حدودنا في سيناء؟ ومن المسؤول عن تأمين المواطنين العُزّل، سواء كانوا أقباطًا أو مسلمين؟ وأين هيبة الدولة التي يتحدث عنها السيسي؟.
لا نريد أحاديث مكررة عن الفقر والسكر والكهرباء ومؤامرات أهل الشر، نريد حديثًا صريحًا وواضحًا.. لعلنا نفهم ما يجري لنا وحولنا.
EKTEBLY@HOTMAIL.COM