أسقف كانتربري والبابا بنيدكتوس - مقالات
أحدث المقالات

أسقف كانتربري والبابا بنيدكتوس

أسقف كانتربري والبابا بنيدكتوس

أحمد الصراف:

 

أدين رئيس أساقفة كانتربري بجرم القيادة بسرعة تزيد بخمسة أميال على الحد المصرح له، وعاقبه القاضي بوضع ثلاث نقاط مخالفة على ترخيص القيادة، وتغريمه 510 جنيهات!

لم يشفع لكبير الأساقفة منصبه المرموق، ولا كونه من وضع التاج، قبلها بأيام، على رأس الملك تشارلز الثالث، ولم يتدخل الأخير للتوسط له، بحجة «أن هذا ولدنا»!

للعلم كان الأسقف لحظتها يقود مركبته «الفولكس واجن» العتيقة بنفسه، بلا حراسة ولا سائق ولا مرافقين، وهو كبير أساقفة بريطانيا!

سبق أن عايشت في الثمانينيات قصة مشابهة، عندما حكم أحد القضاة على ابن شقيقة الملكة إليزابيث بدفع غرامة كبيرة جداً، بسبب القيادة بسرعة أكثر من المسموح به!

برر القاضي قسوة الحكم بأن أفراد الأسرة المالكة هم قدوة للشعب، وتجب مخالفتهم بطريقة مختلفة، ليكونوا عبرة لغيرهم!

أعتقد سنحتاج إلى ألف عام لنصل إلى مستوى فهمهم للكيفية التي تعمل بها العدالة، العمياء.. هذا إذا تكرمّوا.. وانتظرونا!

ذكرتني مخالفة قيادة السيارة لأسقف كانتربري بـ«نكتة» انتشرت كثيراً في أروقة الفاتيكان، بعد أن تولى البابا بنيدكتوس عام 2005 سدة البابوية، حيث تلقى هدية من وطنه الأم، ألمانيا، وهي عبارة عن سيارة فريدة من نوعها!

أعجب البابا الجديد بالهدية، وقرر، في مخالفة واضحة للأعراف، قيادتها بنفسه. وفي ساعة متأخرة من الليل طلب من سائقه مرافقته والجلوس في المقعد الخلفي.

قيادة السيارة كانت تجربة افتقدها البابا منذ أن انخرط في السلك الكهنوتي، عندما كان في أوائل العشرين من عمره، وصعب عليه مقاومة إغراء قيادتها بسرعة كبيرة، وما هي إلا لحظات حتى أوقفه شرطي يستقل دراجة نارية، وتقدم منه، وما أن تعرف على شخصية الحبر الأعظم، الذي بقي غير مكترث بالأمر، حتى تراجع خطوتين إلى الوراء وقام بإجراء اتصال برئيسه، وجرت بينهما المكالمة الغريبة التالية:

سيدي لقد أمسكت للتو بشخصية كبيرة تقود مركبتها في أحد شوارع روما بسرعة عالية، فماذا أفعل؟

- حرر له مخالفة، فلا أحد فوق القانون.

- لكنها شخصية كبيرة فوق ما تتصور.

- حرر له مخالفة مهما كان كبيراً.

- سيدي، أرجو أن تفهمني، إنها شخصية كبيرة وخطيرة.

- لقد قلت لك مرتين: حرّر له مخالفة، أياً كانت درجة ومكانة تلك الشخصية.

- لكنها كبيرة وخطيرة بالفعل.

- ماذا تعني كبيرة ومهمة وخطيرة؟

- لا أعلم، سيدي، بالدقة من تكون تلك الشخصية، لكن ما أعلمه جيداً أن سائق تلك الشخصية هو نيافة الحبر الأعظم، البابا بنيدكتوس!

"القبس"

Related

Share

Post a Comment

الفئة
علامات البحث