جويس كرم:
ليس بالمفاجئ حديث البيت الأبيض هذا الأسبوع عن بدء مراجعة داخل الإدارة الأميركية لإدراج تنظيم الإخوان المسلمين منظمة إرهابية وإمكانية إلحاقه بالحرس الثوري الإيراني وداعش ومجموعات أخرى على لائحة "المنظمات الإرهابية الأجنبية" للخارجية الأميركية، إنما الآلية العملية لذلك هي أصعب من الفكرية والجيوسياسية في النقاش الذي يخوضه فريق دونالد ترامب.
فكريا، لا جدل أن هذه الإدارة الأميركية فتحت معركة منذ يومها الأول ضد الإسلام السياسي سواء كان مصدره النظام في إيران أو الفكر الجهادي. هذه المعركة دفعت مستشار الأمن القومي الأول لترامب، مايكل فلين، ليضع الاقتراح المبكر في الأسبوع الأول لترامب في الحكم في كانون الثاني/يناير 2017 لإدراج حركة الإخوان تنظيما إرهابيا. ولحقه مستشار الأمن القومي الثاني هربرت ماكماستر ليتهم في محاضرة نهاية 2017 تركيا والفكر الإخواني بـ"تصدير التطرف". أما المستشار الثالث لترامب والأقرب له اليوم، أي جون بولتون، فهو أكثر تشددا في هذا الملف من سلفيه، وأنشأ قبل دخوله إدارة ترامب، تنظيمات يمينية لمحاربة الإسلام السياسي.
جيوسياسيا أيضا، هناك تلاق استراتيجي لإدارة ترامب مع المحور المعارض للإسلام السياسي في المنطقة أي السعودية ومصر والإمارات والبحرين، وجميعها سبق لها إدراج التنظيم على لوائح الإرهاب. هذا التلاقي لا ينحصر بالنظرة لحركة الإخوان، بل بملفات أخرى مثل إيران ودورها الإقليمي.
ويبدو هنا أن زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لواشنطن بداية نيسان/أبريل هيأت لتحولات في الموقف الأميركي في موضوع ليبيا وفي ملف الإخوان. فاتصال ترامب بخليفة حفتر والتسريبات في "نيويورك تايمز" و"وول ستريت جورنال" حول تصنيف التنظيم جرى البحث فيها خلال لقاء الرئيسين في البيت الأبيض. هنا قد ترتبط المقايضة الأميركية في حال إدراج تنظيم الإخوان أو فرعه المصري، بتعاون اقتصادي وعسكري أكبر مع مصر، وإبعاد القاهرة عن الجانب الروسي.
مع ذلك، ورغم الخلفية الفكرية والجيوسياسية التي قد تدفع إدارة ترامب لمعاقبة حركة الإخوان، فهناك تعقيدات قانونية وعملية على الأرض قد تعرقل ذلك. فالنطاق الواسع للحركة التي تأسست في 1928 على يد حسن البنا، ولها اليوم مئات الفروع أو المجموعات التابعة لها في نحو تسعين دولة، تجعل من الصعب إحاطتها بتعريف واحد. فإخوان المغرب ومشاركتهم السياسية يختلفون عن إخوان الأردن وليبيا وتونس واليمن وغيرهم. فرغم النهج الفكري الذي يشكل المظلة الأوسع للإخوان ويتقاطع مع الفكر الجهادي وإرث سيد قطب، فإن لكل فرع في الإخوان المسلمين خصوصيته ولواشنطن اعتبارات مختلفة في التعاطي معه.
أما قانونيا، فعلى وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو الذي يؤيد إدراج حركة الإخوان أن يثبت ـ وبحسب الفقرة 1182 من قانون الإدارج ـ أن للتنظيم القدرة والنية للانخراط بأعمال إرهابية وأن هذه الأنشطة تهدد الأمن القومي الأميركي أو المواطنين الأميركيين. هذا التبرير ليس مستحيلا أو قد يقرر بومبيو تجاهله إنما الفروع المختلفة للتنظيم ورصيده المتباين بين تجربة مصر حيث لجأ إلى العنف، وفي بريطانيا مثلا حيث الأدلة أقل على ذلك، قد تفتح تحديات قانونية أمام الإدارة في المحاكم الأميركية وفي حال أدرجت التنظيم بأكمله.
البديل أمام واشنطن هو في إدراج فروع للتنظيم أو قيادات ضالعة في تمويل أو دعم الإرهاب. إنما قد تقرر إدارة ترامب خوض معركة مفتوحة مع الإخوان واستهدافه بشكل يتيح لها عقوبات اقتصادية وقانونية تتعلق بالهجرة وتواجده في الولايات المتحدة، رغم العوائق القانونية. ليس من المؤكد أن ترامب حسم قراره في هذا شأن التصنيف، إنما ما من شك أننا في مسار تصعيدي بين واشنطن والإخوان مع انتهاء المراجعة سواء تم تصنيف التنظيم بأكمله أو فروع أو مراكز تابعة له.
الحرة