شريعة في خدمة الدكتاتور.. كيف طوّع البشير الإسلام لإرهاب معارضيه؟ - مقالات
أحدث المقالات

شريعة في خدمة الدكتاتور.. كيف طوّع البشير الإسلام لإرهاب معارضيه؟

شريعة في خدمة الدكتاتور.. كيف طوّع البشير الإسلام لإرهاب معارضيه؟

محمد أحمد مرسي:

 

تبدأ قصة تطبيق الشريعة الإسلامية في السودان مع الرئيس جعفر النميري ـ عدو الإسلاميين – الذي وصل إلى الحُكم بمساعدة «الحزب الشيوعي الاشتراكي»  في انقلاب عام 1969؛ لكنّ النظام اليساري الجديد الذي رسم طريقًا علمانيًا شعاره «المطرقة والمنجل» – رمز الشيوعية – لم يلبث أن انقلب على نفسه بعد نحو عامين، عبر محاولة انقلاب فاشلة انتهت بإعدام رئيس «الحزب الشيوعي«، وعددًا من ضباط الجيش الشيوعيين، ليتعلم الرئيس أولى دروسه في الحُكم بأنه «لا صديق دائم ولا عدو

فوجئ النظام بعدها عام 1976 بمحاولة انقلابٍ أخرى من الجيش شارك فيها هذه المرة الإسلاميون، ليضطر النميري لتغيير أيدلوجية نظامه السياسي من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين، رافعًا شعار «المصحف والسيف»؛ فعقد مصالحة مع «الحركة الإسلامية« برئاسة زعيمها حسن الترابي، وانتهت الصفقة عام 1983 بإعلان قوانين سبتمبر )أيلول) لتطبيق الشريعة الإسلامية، والتي أصبح الرئيس الشيوعي بموجبها إمامًا للمسلمين لا يجوز عزله أو محاسبته، ولا يجوز كذلك نقض بيعته والخروج عليه، ليبدأ النظام بعدها وصولًا إلى الرئيس البشير؛ مرحلة تصفية خصومه الاشتراكيين والإسلاميين معًا.

حسن الترابي.. عرّاب الإسلام «الميكافيلي«

المفارقة التاريخية أنّ الإمام النميري الذي تحصن بالنصوص القرآنية للبقاء أُطيحت به ثورة شعبية بعد عامين فقط سُمّيت وقتها بـ «انتفاضة إبريل» والتي انحاز إليها المشير حسن عبد الرحمن سوار الذهب، وزير الدفاع آنذاك، ثم حكم لمدة عام في الفترة الانتقالية وسلّم الحُكم طواعية بعد انتخابات حرّة جاءت بحكومة الصادق المهدي التي ما لبثت أن انقضّ عليها عُمر البشير بانقلابٍ عسكري – سُمّيت بثورة الإنقاذ – بدعمٍ من الجبهة الإسلامية القومية – الإخوان المسلمون – التي رأسها حسن الترابي، ليبدأ فصل جديد من استخدام الدين غطاءً أيدلوجيًا لتمرير مصالح النظام.

بدأت «الحركة الإسلامية» عهدها بالإعلان عن الدستور الذي سيرسم ملامحها في الحكم طيلة السنوات القادمة، فالشعار الأثير لجماعة الإخوان المسلمين أصبح عنوان المرحلة: «في سبيل الله قمنا.. نبتغي رفع اللواء، لا لدنيا قد عملنا، نحن للدين فداء.. فليعد للدين مجده، وليعد للدين عزِّه، أو تُراق منا الدماء«.

وحملت ديباجة دستور الحركة الإسلامية نصوصًا واضحة للمشروع الإسلامي: «نسعى لنشر الدعوة الإسلامية ورد الحاكمية لله.. ونتعهد أن نكافح بالإسلام العلمانية والماركسية والاشتراكية والديمقراطية المستنكفة»، وهو المشروع الذي جذب زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن، الذي مكث نحو خمس سنوات في السودان، ثم غادر البلاد عام 1996 تاركًا نحو 12 مليون دولارًا بهدف استخدامها في عمليات الجهاد، وهو العام نفسه الذي اتهم فيه السودان بمحاولة اغتيال الرئيس المخلوع حسني مبارك أثناء حضوره مؤتمر «منظمة الوحدة الأفريقية» بإثيوپيا.

تُرجمت كل الشعارات وسياسات «الحركة الإسلامية» في دستور 1998، الذي اعتبر في المادة الأولى الإسلام «دين غالب السكان»، مرورًا بالمادة الثانية التي تحدثت عن إرساء مبدأ الشوري، والمادة الثالثة التي اعتمدت لغة القرآن اللغة الرسمية، فيما تحدثت المادة الرابعة عن الحاكمية في الدولة وأسندتها لله والشعب المُستخلف، وتحدثت المادة السابعة عن الجهاد ورعاية المقاتلين، بينما تناولت المادة العاشرة إقرار فريضة الزكاة إلى جانب الضريبة، وأقرّ البرلمان برئاسة حسن الترابي وقتها الدستور الذي أصبح نافذًا.

ومثلما فعل النظام الإيراني عام 1979 عقب نجاح ثورته، حين أسس الخميني الحرس الثوري الإيراني، بهدف حماية نظام الجمهورية الإسلامية في الداخل والخارج، أسس حسن الترابي قوات الدفاع الشعبي التي تشكلت من الإسلاميين لتكون قوة رادعة لحماية المشروع الإسلامي من انقلاب الجيش من جهة، ومن ثورات المعارضين من جهة أخرى، وهي القوات نفسها التي ذهبت للقتال في أرجاء السودان بناء على فتاوى إباحة القتل؛ فبينما أصدر مرشد الثورة الإيرانية آية الله الخميني فتاوى تبيح قتل المعارضين للمشروع الإسلامي، تعلّق النظام السوداني بأستار الآية القرآنية: «إنَّما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادًا أن يقتلوا أو يصلَّبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض».

بعدما اعتبر النظام السواني نفسه حارس الشريعة في السودان، أسس البشير جهاز الأمن الوطني والذي انبثقت عنه «بيوت الأشباح»؛ وهي السجون السرية سيئة السُمعة التي استقبلت المئات من المعارضة خاصة أعضاء «الحزب الشيوعي»، ثم اتجه الإسلاميون بعدما أسسوا «حزب المؤتمر الوطني» الحاكم لإنشاء جهاز الأمن الداخلي الخاص بالحزب، وتخلصت مهامه في التأكد من ولاء أعضائه للأفكار العامة للحركة، لتبدأ بعدها معركة استكمال «أسلمة» أجهزة الدولة من العُمق.

يحكي رئيس جهاز الأمن الوطني السوداني، علي نافع كيف طوّعت السُلطة شعارات تطبيق الشريعة للتناسب مع النظرية الميكافيلية (الغاية تبرر الوسيلة) قائلًا: «لا أريد أن أبرئ الجهاز، ولكن قبضتنا القوية اشتدت عقب دعوات العصيان المدني من الأطباء والمهندسين، لذا كان من البديهي التصدي لها»، واللافت أنه يضيف ضاحكًا: «نحن لم نأتِ لنرحل»، والقصة التي حدثت للترابي عرّاب الإسلام الميكافيلي، تظل مفارقة شاهدة على مبدأ الغاية تبرر الوسيلة؛ فحين انقلب البشير عام 1999 على الترابي، وأطاح به من دائرة السُلطة، بات الرجل الذي صاغ بالأمس فتاوى وأفكار لبقاء النظام، يواجه فتاوى دينية من علماء السُلطة تتهمه بالكفر وتبيح إهدار دمه.

قانون النظام العام.. شريعة في خدمة الدكتاتور

في العام الذي رحل فيه زعيم تنظيم «القاعدة» أسامة بن لادن عن السودان عام 1996، أصدر الحزب الحاكم قانون النظام العام، ويعود إطلاقه للرئيس النميري الذي وضع أيدلوجية سياسية، هدفت لتطبيق نموذج الدولة الدينية الإسلامية عبر تطبيق نصوص تحدد اختيارات سلوك الرجال والنساء في ممارسة حياتهم الشخصية، وتخضعهم للرقابة وسُلطة القانون. على جانب آخر كان الهدف الرئيس من تلك القوانين خلق رقابة دينية من السُلطة ممثلة في (الجيش، والشرطة، والقضاة، ووكلاء النيابة)، للتضييق على الخصوم الساسيين – مثل الحزب الشيوعي الاشتراكي – من جهة، وخلق أجيال لا ترضى بالبديل الإسلامي في السُلطة من جهة أخرى، والشريعة نفسها بررت للحاكم إعدام الانقلابيين والخارجين على حُكمه.

في الفصل الثاني من القانون أصبح محظورًا إقامة الحفلات الغنائية قبل الحصول على إذن مُسبق، مع تجريم سماع «الأغاني الهابطة» والرقص المختلط بين الرجال والنساء، وعدم السماح للنساء بالرقص أمام الرجال، وأعطى للشرطة إيقاف الحفل والقبض على كل من فيه، إذا رأت إخلال الضوابط. ولقد جاءت خطة أسلمة المجتمع بالأساس لتطهيره من أفكار الحزب الشيوعي الاشتراكي الذي انتهج الليبرالية، التي أصبحت مخالفة للإسلام في ظل النظام الجديد، لذا كان من الطبيعي أن تصدر فتاوى بتكفير الحزب المعارض.

بينما جاء الفصل الثالث من قانون النظام العام، وضع ضوابط استخدام المركبات العامة والخاصة، والذي جاء فيه: «يخصص أحد الأبواب وعشرة من المقاعد للنساء في الحافلات العامة، ويُمنع منعًا باتًا تواجد الرجال أو جلوسهم في المكان المخصص للنساء، والعكس»، وكذلك وضعت الدولة ضوابط العمل بمحلات تصفيف الشعر للنساء، إذ جعلته حكرًا على النساء شرط أن تحصل السيدة على تصريح مُسبق من الحكومة شرط أن توافق على الجهات الأمنية المختصة على منحها الترخيص إذا وجدتها محل ثقة، فيما جرّم القانون ممارسة الرجال لمهنة تفصيل الأزياء للسيدات.

المثير قي القانون الفضفاض أنه منح الشرطة سُلطة تقديرية بعد توقيف أي شخص، في الوقت نفسه الذي لم يحمل القانون تفصيل أو تفسير لبنود؛ فبحسب المادة 152 من قانون الإجراءات الجنائية: «يُعاقب بالجلد بما لا يجاوز 40 جلدة، أو بالغرامة أو بالعقوبتين معًا كل من يأتي في مكان عام فعلًا أو سلوكًا فاضحًا أو مخلًا بالآداب العامة، أو يتزيّ بزيّ فاضح أو مخل بالآداب العامة»، ولضمان سريان القانون، أنشأ فرع جهاز شرطة «النظام العام» والتي تحظى بضبطية قضائية لتقديم المُخالفين للمحاكمة، بالإضافة إلى صلاحيات إطلاق النار، وسبق للشرطة أن ألقت القبض على مسيحيات عقب خروجهن من الكنيسة، ونفذوا فيهن حدّ الجلد بتهمة ارتداء الزي الفاضح، بالرغم من ديانتهن المسيحية.

المثير أنَ البشير حين ضغطت عليه واشنطن لتعديل مادة الزي الفاضح شرطًا لرفع الحظر المفروض عليه، اعترف لاحقًا بأن تطبيق القانون العام خالف مقاصد الشريعة الإسلامية، وأنه بات بحاجة لتعديل أو إلغاء، لكن الاعتراف جاء بعد 30 عامًا حين أصبح إلغاء وسيلة لتبرير غاية البقاء. جماعة الإخوان المسلمين أيضًا تخلت عن شعارها الأثير خلال المؤتمر التاسع الذي عُقد أواخر العام الماضي تزامنًا مع دعوات الاحتجاجات، والذي حمل «في سبيل الله قمنا، ونعمنا بالإخاء.. لا لدنيا قد عملنا، نحن في الحق سواء.. فليعد للدين مجده، فليدم ذاك النقاء»، وهي عودة أخرى لإحدى قواعد تطبيق الإسلام الميكافيلي في السودان.

قانون الزكاة.. الجدل الفقهي الذي حُسم لصالح النظام

كان تطبيق الشريعة الإسلامية إحدى الحلول التي استغلها النظام لحل عجز الموازنة العامة في الدولة، فالبشير استغل قانون الزكاة المفروض عام 1980، وأخذ في تطبيقه تحت شعار «القضاء على الفقر، وبثّ التكافل المجتمعيّ بين الناس»، فأسست الحكومة ديوان الزكاة لتكون أول دولة عربية تتولى بنفسها جمع الزكاة وإعادة توزيعها على الفقراء، والقانون نفسه قوبل بجدل فقهيٍ كبير داخل الحزب الحاكم نفسه، لكنه في النهاية حُسم لصالح النظام.

أصبحت الزكاة إحدى الجبايات التي تحصل عليها الدولة إلى جانب الضرائب، عبر مؤسسة خدمية تأخذ الأموال من الأغنياء لتعيدها للفقراء، وبموجب القانون يُحرم من لا يؤدي فريضة الزكاة من كافة الخدمات، وفي أحوال أخرى يذهب للسجن، وقوبل القانون بانتقادات واسعة من الناحية الفقهية، أما على جانب التطبيق فقد أجبر القانون المزارعين المكبلين بالديون على دفع الزكاة؛ مما أودى بهم في النهاية للسجن، وفي حالات أخرى تسبب القانون في تدمير الزراعة التي تسهم بنحو 50% من إيرادته عبر حجز أدوات وماكينات الخراطة ومعدات غير القادرين؛ مما ساهم بصورة أخرى في وقف الإنتاج.

اللافت أنّ الدولة فرضت على المواطنين فريضة الزكاة، إلى جانب الضرائب؛ فتنوعت الجبايات تحت مسميات كثير، وتشير سجلات الحركة الإسلامية إلى أنّ الحكومة حصلت على 297 مليون جنيه سوداني في العام الأول للتطبيق عام 1990، بينما ارتفع الرقم إلى حاليًا إلى 7 مليار و239 مليون جنيه وذلك في العام 2018، وتواجه الحكومة حاليًا اتهامات بالفساد وتبديد الأموال عبر الحصول على مخصصات زكاة الفقراء، في الوقت الذي تشهد فيه البلاد ارتفاع مطرد في معدلات الفقر، وهو ما يعني فشل التجربة.

الفصل الهام في القصة أنّ الحزب الحاكم تبنى تحويل الجهاز المصرفي إلى النظام الاقتصادي الإسلامي، عبر البنوك الإسلامية التي لا تُعطي فائدة مالية على الودائع أو القروض؛ لأنها وفق المفهوم السائد في السودان تدخل في حكم الربا الذي يعد من الكبائر في الشريعة الإسلامية، لذا بدأت سياسة أسلمة البنوك، واستبدال الفائدة المتغيرة بربح ثابت – يُسمّى في الاقتصاد المرابحة – وبينما تروّج النظام للتجربة طيلة ثلاثة عقود، إلا أنّ البشير اعترف في النهاية أنّ «المرابحات في البنوك السودانية نتائجها أسوأ من أي نظام ربوي موجود في العالم»، مبررًا: «بعد مراجعة أداء المصارف العالمية وجد أن التعامل بسعر الفائدة لا يتعدى 2 أو 3%، إلا أنه في المرابحة لدى البنوك يصل إلى 15%»، وبالرغم من الصدمة التي سببها لأنصاره قبل خصومه، إلا أنه أرجع فشل التجربة للذين يريدون إفشال التجربة الإسلامية في الحكم.

يقول الصحافي السوداني أسامة عبد الحليم لـ«ساسة بوست»: «الحزب الحاكم استغل قانون الضرائب في إخراج المعارضين من السوق لصالح رجال أعمال النظام، بالإضافة إلى تعدد أنواع الجبايات أدت إلى ظهور ما يسمى بظاهرة التجنيب، وهي أن تحتفظ مؤسسات الدولة بأموال جباياتها خارج الميزانية». ويتفق ما قاله المصدر مع تحركات وزارة العدل السودانية لتشديد عقوبة جرائم تبديد المال العام بعد تقارير نشرتها «وكالة الأنباء الرسمية السودانية» كشفت فيه أن حجم الأموال المجنبة في عام 2011 فقط بلغ نحو 472.5 مليون جنيه سوداني.

هيئة علماء السودان.. فتاوى في خدمة النظام

خلال الاحتجاجات الأخيرة، عاقب النظام السوداني تسع سيدات بالسجن شهرًا والجلد 20 جلدة لمشاركتهن في الاحتجاجات التي تشهدها البلاد منذ 19 ديسمبر (كانون الثاني) الماضي، وبينما التزمت هيئة علماء السودان الصمت إزاء الاحتجاجات، واكتفت بتوجيه نصائح للبشير بعدم إراقة الدماء، إلا أنّ الهيئة أصدرت مؤخرًا فتوى جاء نصها: «يحرم شرعًا الامتناع عن إسعاف من هو في حاجة للعلاج بالمستشفيات، ومن وجبت عليه مواساة غيره بطعام أو شراب أو دواء أو خيط لخياطة جرح»، وهو ما اعتبرته المعارضة أسلوبًا غير مباشر للفتوى القديمة التي أصدرتها الهيئة بتحريم العصيان المدني الذي يستهدف إسقاط النظام، وسبق للهيئة في عام 2014، أن دعمت ترشح البشير للرئاسة في ظل دعوات كبيرة من المعارضة لمقاطعة الانتخابات.

الهيئة أيضًا تجاهلت اقتراح التعديل الدستوري الذي يهدف لتمديد الحد الأقصى لفترات الرئاسة، واعترضت على تعديل مادة الحريات الدينية، التي اعتبرتها مخالفة للإسلام وتفتح بابًا للفتنة، كونها تعطي الحق لأي شخص باعتناق أي دين. وتجدر الإشارة إلى أن النظام الإسلامي في عهد البشير انتهج سياسة التمييز ضد القساوسة، وفرض قانون «النظام العام» زيًا شبه إسلامي على المسيحيات، كما أوقفت الحكومة منذ عام 2011 الاحتفالات الرسمية بأعياد الميلاد، وألغت العطلة الرسمية له، ومنعت قيام مسيرات الاحتفالات الاجتماعية بأعياد الميلاد في الشوارع وفي وسائل الإعلام كذلك.

واستغل النظام بعض فتاوى رجال الدين الإسلامي المحسوبين على السُلطة؛ الذين أصدروا فتوى تبيح هدم الكنائس وحرقها، وتحرم تشييد أي كنائس جديدة أو إعادة ترميم ما هو موجود منها، وهو ما كان سببًا كافيًا لوقف إصدار تصاريح بناء الكنائس أو ترميم ما هو قائم بالفعل.

الأخطر من ذلك؛ أنّ السلطة درجت على اعتقال رؤوس الدين المسيحي بتهم تتعلق بتقويض النظام الدستوري وشن حرب ضد الدولة والتجسس، وهي تهم تصل عقوبتها للإعدام، تزامنًا مع سحب التراخيص من الكنائس الكبرى وهدم بعض ملحقاتها، وعدم محاسبة المتشددين الذين يقومون بحرق دور العبادة، في خطوة وُصفت بأنها تستهدف طرد فئات غير مرغوب فيها من المجتمع، في إشارة إلى حديث البشير عن شمال السودان عقب الانفصال: «الشمال سيغير الدستور في حالة انفصال الجنوب ولن يكون هناك مجال للحديث عن تنوع ثقافي أو عرقي، والشريعة الإسلامية ستكون المصدر الرئيس للدستور، وسيكون الإسلام الدين الرسمي للدولة واللغة العربية هي اللغة الرسمية»، وهو ما اعتبر إعلانًا لمحاربة الدين المسيحي في ظل تكرار اتهام كبار القساوسة بتهم تتعلق بالخيانة.

وفي زاوية أبعد من قصة تطويع الشريعة للحكم الدكتاتوري، يقول (ر. تاج السر) أحد المُقربين من زعيم «حزب الأمة» المعارض صادق المهدي لـ«ساسة بوست»: «فهم البشير للشريعة الإسلامية باعتباره مرجعية للحكم لم يتجاوز محطة الحدود، وبعد انضمامه لانقلاب الترابي انبهر بفقه متطرف تستند على «جواز قتل الثلثين لإصلاح الثلث، وهو فقه منسوب كذبًا للإمام مالك»، يُضيف: «هذا الفكر كان يمثله على عثمان محمد طه مدير مكتب البشير، هو الذى أقنعه بأهمية الإسراف في القتل باعتباره فضيلة إسلامية وجهاد في سبيل الله بدأ بمحاولة اغتيال حسني مبارك وانتهى بقتل 300 ألف في دارفور وحدها»، بحسب وصفه.

المصادر

منظومة قوانين النظام العام.. ادوات للقمع والهيمنة الشمولية

عمر البشير يلتقي علماء السودان ويسلمونه نصيحة مكتوبة

علماء السودان” : مادة الحريات الدينية في التعديل الدستوري تخالف الشريعة

رد نافع علي نافع عن سؤال بيوت الأشباح في السودان

Death in the Ghost House

دعاة يهدرون دم زعيم الإسلاميين السودانيين حسن الترابي

Khomeini fatwa 'led to killing of 30,000 in Iran'

دستور السودان 1998

من هو قوش المدير الجديد القديم للمخابرات السودانية؟

بن لادن ترك ملايين الدولارات في السودان ليتم استخدامها في تمويل "الجهاد"

المرحلة السودانية في حياة بن لادن

دستور الحركة الإسلامية 1

انتفاضة 6 أبريل 1985 .. قصة ثورة

الحركة الإسلامية من المهد للنظام الخالف ( 2-7)

الحزب الشيوعي السوداني ونشاطه السياسي في السودان

الإخوان المسلمون يبدلون شعاراتهم

تجربة الزكاة بالسودان

تجربة ديوان الزكاة في السودان

تماسيح" جدد وضرائب اضافية وتجارة سوداء ومطبع محلية للعملة

حركة الإسلامية السودانية من التنظيم إلى الدولة (1949–2000)

تقارير الزكاة في السودان.. هل تخبئ سرقة أم تجارة في البشر؟

العدل: تشديد العقوبة في جرائم تبديد المال العام والرشوة والثراء الحرام

دراسة حول قوانين النظام العام المركز الإفريقي

قانون الإجراءت الجنائية لسنة 1991

واشنطن تدعو الخرطوم إلى إلغاء عقوبات 'الزي الفاضح'

تسع فتيات سودانيات مسيحيات تواجهن عقوبة الجلد والسبب بنطلون

 

ساسة بوست

 

Related

Share

Post a Comment

الفئة
علامات البحث

اتصل بنا

*
*
*