الأمم المتحدة:
زيادة انعدام المساواة، تغير المناخ وتضاعف الصراعات، ثلاثة تحديات رئيسية تحدث عنها أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أمام طلاب جامعيين تونسيين، قبل اختتام زيارته لتونس التي حضر خلالها قمة جامعة الدول العربية.
وقال غوتيريش إن العولمة والتقدم التكنولوجي أديا إلى زيادة الثراء في العالم وتحسين مستوى الحياة بشكل عام. ولكن العالم شهد أيضا، نتيجة العولمة، زيادة في عدم المساواة لدرجة أن ثروة عدد قليل من الرجال تضاهي ما تمتلكه نصف البشرية وهو أمر غير مقبول من الناحية الأخلاقية ومن المنظور السياسي أيضا وفق الأمين العام.
وقال إن العولمة تركت الكثيرين خلف ركب التقدم، وصعـّبت على من يدخلون أسواق العمل وخاصة الشباب إيجاد الفرص. وأشار إلى ارتفاع معدلات بطالة الشباب، لا سيما الشباب المتعلم، في مختلف أنحاء العالم وساق مثالا على ذلك بالعالم العربي الذي يمثل الشباب الذين تقل أعمارهم عن الثلاثين عاما، ثلثي عدد سكانه.
وأضاف غوتيريش في مقر كلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بتونس اليوم الاثنين.
"تلك المستويات من انعدام المساواة ولّدت شعورا هائلا بالإحباط. في بعض الأحيان أدى هذا الإحباط إلى مشاعر ثورية، وجهت في بعض الأحيان إلى قنوات ملائمة. في تونس شهدنا الربيع العربي الحقيقي، الذي يبدو أنه لم يكن في الواقع ربيعا في أماكن أخرى. وكانت لديكم القدرة على التحرك نحو الانتقال الديمقراطي مما أثار الإعجاب في مختلف أنحاء العالم. ولكن في مناطق أخرى، وجدنا الإحباط يُترجم إلى تشدد وأنشطة تطرف. وفي مناطق بالعالم المتقدم رأينا هذا الإحباط يتحول إلى شعور بالخوف وكراهية للأجانب وعنصرية".
وأكد الأمين العام أهمية تضافر الجهود للانتقال إلى عولمة أكثر عدلا، كي يستفيد الجميع من التقدم التكنولوجي. وأشار إلى أجندة التنمية المستدامة التي أطلقتها الأمم المتحدة عام 2015 والتي تهدف إلى ضمان عدم تخلي أحد عن ركب التقدم.
وتحول أنطونيو غوتيريش إلى الحديث عن تغير المناخ الذي قال إنه يتحرك بصورة أسرع من قدرة البشر على التصدي له. وأشار إلى الآثار الهائلة للتغيرات المناخية في جميع أنحاء العالم ومن ذلك تزايد الكوارث الطبيعية، والتصحر، وارتفاع منسوب البحار ودرجات حرارة العالم. وأعرب عن القلق لعدم اتخاذ الإجراءات الضرورية للتصدي للتغيرات المناخية وعكس آثارها.
وكانت اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ قد ذكرت أن أمام العالم أقل من 12 عاما لتجنب آثار مرتبطة بالمناخ قد لا يمكن عكسها. وفي تقرير أصدرته العام الماضي، وجدت اللجنة أن الحد من ارتفاع درجة حرارة العالم كيلا يتخطى 1.5 درجة مئوية، مقارنة بمستويات عصر ما قبل الثورة الصناعية، يتطلب إدخال تغييرات عاجلة وغير مسبوقة على كل قطاعات المجتمع.
وأكد غوتيريش، مرارا، عدم وجود أعذار تحول دون التحرك للتصدي لتغير المناخ. وقال إن الإجابات المطلوبة لهذه المشكلة موجودة في اتفاقين تم التوصل إليهما عام 2015، وهما اتـفاق باريس للمناخ وأجندة التنمية المستدامة التي اتفق قادة العالم على تحقيق أهدافها عام 2030. ولكنه تساءل عن فائدة تلك الأدوات إذا لم يتم استخدامها، مشددا على الحاجة للعمل والتمسك بالطموح وإبداء الإرادة السياسية.
وانتقل الأمين العام للحديث عن التحدي الثالث، وهو تضاعف عدد الصراعات المترابطة ببعضها والمرتبطة بظاهرة الإرهاب الدولي. وقال إن 40% من سكان العالم العربي يعيشون في مناطق الأزمات، كما أن العرب يمثلون 40% من النازحين داخليا وأكثر من 50% من اللاجئين، و68% من ضحايا الإرهاب، مشددًا على أهمية الاستثمار في منع نشوب الصراعات وجهود الوساطة. وقال إن أفضل سبيل للوقاية هو التنمية واحترام حقوق الإنسان والمؤسسات الديمقراطية.