يوسف تيلجي
نشر الداعية الإسلامي عمرو خالد، مقطع فيديو، يُقدم به ترويجًا ”لدجاج الوطنية”. المنتج عائد لشركة سعودية مصرية، ويمكن مشاهدة الاعلان على الرابط التالي www.youtube.com/watch?v=zBOaMD1KJOw، ولاقى هذا الفعل الكثير من الاستهجان، حيث نشر موقع البوابة في 19 مايو 2018 بخصوصه: استقبل رواد مواقع التواصل الاجتماعي إعلان الداعية، عمرو خالد، المخصّص لشركة دواجن مصرية سعودية، بحالة من الغضب المصحوبة بالسخرية، خاصة قوله: ”لن ترتقي الروح إلا لما جسدك وبطنك يكونوا صح مع خلطة الشيف آسيا”، رابطًا عملية الاستهلاك بشهر رمضان والعبادة. جاء الغضب والسخرية بسبب استغلال خالد لدوره كداعية في الترويج لشركة قيل إنها ضمن استثمارات الجيش. أوصل هذا الإعلان اسمَ عمرو خالد لمركز متقدّم في قائمة الأكثر تداولاً على موقع ”تويتر” في مصر. وبعد الهجوم الشديد حذفت الشركة والداعية الإعلان من صفحتيهما الرسميتيْن على موقع” فيسبوك”.
هذا الداعية بطريقته وأسلوبه وشخصيته المثيرة للاشمئزاز، مع صوت ونبرة وحركات تخلو من رجولة الإلقاء، لا يصلح أن يكون محاضرًا أو خطيبًا أو مُوجِّهًا، فكيف يكون داعيًا إسلاميًا يشرح شؤون الموروث الإسلامي. ولكن يبقى الدين، وبالتحديد الدين الإسلامي، أكثر دين يستفيد دُعاته من التربح به ومنه، فتراهم يمارسون هذه التجارة المربحة! متقمّصين شخصيات ومظاهر مختلفة، بالجلباب أو باللباس العصري، بلحية أو بدونها، وامتد الأمر ليشمل حتى صغار السن، بعد أن كان الأمر محصورًا على الفقهاء والشيوخ المتخصّصين، والدليل على انتشار هذه التجارة الرائجة، أننا في كل يوم يطل علينا داعية جديد!
ومن العبارات المثيرة للسخرية ما قاله خالد "نعبد صح ونأكل صح". هل الأكل أو التغذية، له علاقة بالعبادة الصحيحة القويمة؟! وما ارتباط ذلك بشهر رمضان؟ ولو كان الأمر كذلك، هل تستطيع مثلا، المجموعات البشرية التي تعيش في العشوائيات، أو الذين يعيشون في الشوارع، في مصر أن تتغذى بطريقة صحيّة حتى تتعبد بشكل صحيح؟! بل هل تجد مثل هذه الفئات المحرومة أصلا ما يسد الرمق؟
وأتساءل باستغراب، هل يعيش الداعية عمرو خالد في مصر؟! إذا كان كذلك، فتلك مصيبة، والظاهر إنه منفصل ومنعزل عن الطبقة الكادحة في مصر، ولا يشعر بإحساس فقرائها! ولكن عندما يفقد المرءُ الحياء والخجل فلا عتاب عليه إذ يستطيع عندها أن يقول أي كلام! ومن جانب آخر، إذا كان خالد داعية إسلامي حقًا، ألم يقرأ الحديث التالي وعرف مغزاه: عن أبي مسعود قال، قال الرسول: "إذا لم تستح فاصنع ما شئت" رواه البخاري.
إن الداعية عمرو خالد يستهزأ بالعقل العربي الغائب عمومًا، ويستغل برنامجه من أجل الدعاية والترويج للدجاج! وكثيرون من شعب مصر لا يجدون، كما يقال، "رغيف عيش"! وكان الأولى به أن يروّج مثلًا، للابتعاد عن تناول المخدرات التي كادت أن تفتك بالمجتمع.
إن السماح بهكذا تفاهات بأن تُبث على الشاشات والميديا يدل على السقوط الفكري لهكذا أدعياء، وعمرو خالد أحدهم، وكذلك يؤشر على مدى السقوط المعنوي للجهاز الإعلامي المسؤول عن هذا البث، ويبيّن أيضا مدى هوس سيطرة المال على الدعاة ومؤسّسات الدولة، دون التركيز على هدفهم الأساسي، هذا في حالة لو كان لدى الدعاة أي هدف نبيل من الأساس!
إن العالم الإسلامي يمر بفترة تدهور فكري للخطاب الإسلامي، وذلك لأن هذا الخطاب يغرّد خارج السرب، وهذا التدهور انعكس على عقليّة وفكر شيوخ الإسلام وفقهائه ودعاته. ويرجع كل ذلك إلى الضعف والنخر في مؤسّسة الأزهر المترهلة التي ما زالت تهيمن على العقيدة الإسلامية، فكرًا ورجالًا، والتي ما زالت مناهجها كمؤسّسة تبيّن أنها لا تنتمي للنطاق الفكري والزماني والمكاني لعالم اليوم!