كاتب: Sam Haselby
مصدر:What is the Muslim world?
إنَّ مصطلح “العالم الإسلامي" قد ظهر أول ما ظهر في سبعينيات القرن التاسع عشر. كان المبشرون الأوروبيون أو الضباط الاستعماريون هم أول من فضل استخدامه
هل ثمة وجود لـ«عالم إسلامي» منفصل عن «الغرب»؟ يناقش هذا التقرير من موقع «أيون» هذه الفكرة ويتتبع أسبابها التاريخية. ويقول أنه في 17 مايو يار عام 1919، التقى ثلاثة من قادة المسلمين الهنود في باريس بالرئيس الأمريكي وقتها، وودرو ويلسون لإقناعه بالإبقاء على الخلافة العثمانية في إسطنبول، وحق تقرير المصير للأناضول بصفتها موطن المسلمين الأتراك. دافع أولئك الهنود عن استقلال ما أسموه «آخر سلطة إسلامية باقية في العالم». وقال التقرير إنَّ دفاع زعماء المسلمين الهنود نيابة عن الخلافة العثمانية قد يبدو تمثيلاً لوحدة عالمية تجمع المسلمين، لكنَّ مثل ذلك الاستنتاج لن يكون صحيحًا.
في الحقيقة، فإنَّ تفاصيل الاجتماع والحجج التي استخدمت فيه تكشف عن مدى تفكك وتضليل الافتراض السائد بوجود أي فارق بين «العالم الإسلامي» و«الغرب». فالهنود المسلمون دافعوا عن استقلال تركيا بالاحتكام إلى نقاط السلام الأربعة عشر لويلسون. وجاء نجاحهم في الاجتماع بويلسون بفضل تضحيتهم لما كانوا جنودًا في الجيش البريطاني وهزيمتهم للحلف الألماني العثماني.
وقد دبر وزير خارجية الهند تحت الحكم البريطاني هذا اللقاء لقناعته أنَّ الإمبراطورية البريطانية، بصفتها أكبر إمبراطورية مسلمة في العالم، لديها التزام أخلاقي بالاستماع لوجهة نظر مسلمي الهند في الحفاظ على الخلافة العثمانية. كان الزعماء المسلمون الثلاثة الذين أكدوا روابطهم الروحية بالخلافة العثمانية رعايا مخلصين للتاج البريطاني. وقد انضم لهذا الاجتماع الكثير من زعماء الهندوس وأوضحوا تضامنهم مع إخوانهم المسلمين الهنود ودعمهم للخلافة العثمانية.
لا يعكس هذا النقاش في مؤتمر السلام بباريس عام 1919تصادمًا بين العالمين الإسلامي والغربي، وإنما يعكس عالمًا معقدًا ومتشابكًا. ومع ذلك، فتأمل المقال المؤثر لبرنارد لويس الذي كتبه في مجلة «ذي أتلانتيك» بعنوان: «جذور الغضب الإسلامي» (1990). قال لويس: «في الرؤية الإسلامية الكلاسيكية، التي بدأ عدد كبير من المسلمين في العودة إليها، فإنَّ العالم والإنسانية بأسرها مقسمة إلى قسمين: دار الإسلام، حيث يسود الشرع والدين الإسلاميين، والباقي يعرف بدار الكفر أو دار الحرب، حيث يتوجب على المسلمين جلب أهلها إلى الإسلام». لم يترك لويس الكثير من الشك حول هذا «الواجب المزعوم وأنه يعني الوسائل العنيفة. فقال: «إنَّ الالتزام بالحرب المقدسة… يبدأ في الداخل ويستمر إلى الخارج، ضد العدو الكافر ذاته».
لكنَّ وفد المسلمين الهنود الذين قابلوا ويلسون يناقضون كل ادعاء من ادعاءات لويس. لقد كان أولئك المسلمون مؤيدين مخلصين للإمبراطورية البريطانية متعددة الأديان، متعاونين مع الهندوس، وحاربوا ضد جنود مسلمين في الإمبراطورية العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى. لم ينظر أولئك الهنود للغربيين بصفتهم أعداءً، ودافعوا عن الخلافة العثمانية طبقًا للأعراف الدولية حول حق الأمم في تقرير المصير والسلام الامبراطوري.
برنارد لويس
وعلى الرغم من تأثير برنارد لويس في الدوائر السياسية الأمريكية، فإنه لم يكن صاحب فكرة وجود عالم إسلامي متميز عن العالم الغربي. إذ نشر الصحافيون الغربيون والإسلامويون الراديكاليون على حد سواء هذه الفكرة منذ الثورة الإيرانية عام 1979.
ومن وجهة نظرهم فالوحدة الإسلامية مستمدة من مثاليات إسلامية قديمة تسعى لاستعادة نقاء ديني صاف. ومن ثم تكون الوحدة الإسلامية حركة رجعية، وأنَّ خصوصية الإسلام تفرض على المسلمين أن يتجاوز انتماؤهم الديني جميع الانتماءات السياسية الأخرى.
ربما لا يكون لويس منشئ فكرة العالم الإسلامي، لكنه أعطاها صبغة فكرية وألهم صمويل هنتنجتون لكتابة عمله الأشهر «صراع الحضارات وإعادة تشكيل النظام العالمي» (1996). إذ كتب لويس: «إنَّ الصراع بين هذين النظامين المتنافسين استمر لحوالي 14 قرنًا. وبدأ منذ قدوم الإسلام في القرن السابع، واستمر عمليًا حتى يومنا هذا. تكون هذا الصراع من سلسلة طويلة من الهجمات والهجمات المضادة، والجهاد والحملات الصليبية والفتوحات وإعادة الاستعمار».
أسطورة خطيرة
قال التقرير إنَّ فكرة الصدام القديم بين العالم الإسلامي والعالم المسيحي أسطورة حديثة وخطيرة. نشأت أفكار الوحدة الإفريقية والآسيوية والإسلامية في أواخر القرن التاسع عشر، في ذروة عصر الإمبراطوريات، وفي مواجهة السيادة الأنجلو سكسونية والمهمة الحضارية للرجل الأبيض.
لم يكن المؤمنون بالوحدة الإسلامية بحاجة لإقناع إخوانهم المسلمين بوحدتهم العالمية مع المسلمين الآخرين. لكن لما عنصر المستعمرون على رعاياهم المسلمين بالنظر إلى هويتهم الدينية، فقد خلقوا الأساس التصوري للوحدة الإسلامية الحديثة.
في ذلك الوقت كانت الإمبراطوريات البريطانية والألمانية والفرنسية والروسية تحكم أغلبية العالم الإسلامي. وكان الوحدويون المسلمون، مثلهم في ذلك مثل الوحدويين الآسيويين والأفارقة، مفكرين أرادوا مواجهة إهانات الهيمنة الاستعمارية الغربية واستغلالها. ولم يكونوا بالضرورة يريدون رفض العالم الإمبريالي أو واقع الامبراطوريات.
بدأ الضباط الاستعماريون الأوروبيون في القلق من ثورة مسلمة محتملة عندما رأوا كيف أدت التكنولوجيات الحديثة من الطباعة والسفن البخارية والتلغراف إلى خلق روابط جديدة بين شعوب مسلمة متنوعة، ما ساعدهم على تأكيد انتقادهم للعنصرية والتمييز.
ومع ذلك، فلم تندلع ثورة إسلامية ضد الاستعمار منذ عام 1870 حتى 1910. وظهر الخطر المزعوم للوحدة الإسلامية أول ما ظهر في الغرب أثناء الحرب العالمية الأولى، جزئيًا لأن الامبراطوريتين العثمانية والألمانية قد روجتا لها في دعايتهما الحربية. ومع ذلك، فلم تندلع أية ثورة مسلمة خلال الحرب العالمية الأولى عندما خدم مئات آلاف الجنود المسلمين الامبراطوريات البريطانية والفرنسية والروسية.
وقال التقرير إنه بانقضاء خمس القرن الحادي والعشرين كانت الوحدة الإفريقية والوحدة الآسيوية قد اختفتا، أما الوحدة الإسلامية والتضامن المثالي بين العالم الإسلامي فقد بقيا. لماذا؟
الجواب، بحسب التقرير، يكمن في المراحل الأخيرة من الحرب الباردة. فقد نشأت الأممية الإسلامية في الثمانينيات بصفتها جزءً من نمو الإسلام السياسي. لم يكن الأمر جزءً من صدام بين تقاليد حضارية تقليدية بين الإسلام والغرب، أو إعادة تأكيد للقيم الدينية الأصيلة. بل لم يكن حتى استمراراً للوحدة الإسلامية التي ظهرت في أوائل القرن العشرين.
وإنما بدأ تحالف سعودي أمريكي في الترويج لفكرة التضامن بين المسلمين في السبعينيات بصفتها بديلاً للوحدة العربية العلمانية للرئيس المصري جمال عبد الناصر، الذي تحالفت بلاده مع الاتحاد السوفيتي. كانت أية أفكار ليوتوبيا إسلامية لتسقط لولا إخفاقات الكثير من الدول القومية ما بعد الاستعمارية وما تلا ذلك من شعور بالخيبة للكثير من المسلمين.
وقال التقرير إنَّ الفكرة القائلة بأنَّ الوحدة الإسلامية تمثل الرؤى السياسية المسلمة الأصيلة القديمة المقموعة، بصفتها ثورة ضد التغريب العالمي والعلمنة، هذا المفهوم كان في أول أمره هوسًا مذعورًا من قبل الضباط الاستعماريين الغربيين، لكنه مؤخرًا أصبح هوسًا إسلامويًا. وقال التقرير إنَّ المثقفين والصحافيين الغربيين قد أخطأوا عندما قبلوا ظاهر مزاعم الإسلامويين حول القيم السياسية الأساسية في الإسلام. ذلك أنَّ الإسلاموية التي ظهرت مع الإخوان المسلمين في مصر وروح الله الخميني في إيران لم تكن موجودة قبل حقبة السبعينيات.
لم يكن أي من المسلمين الذين قابلوا ويلسون أو خلفاء الخلافة العثمانية المتأخرين مهتمين بفرض الشريعة على مجتمعهم. ولم يرد أي منهم تحجيب النساء. وفي المقابل، كان الرعيل الأول من الوحدويين الإسلامويين حداثيين للغاية: إذ كانوا من أنصار تحرير المرأة، والعدالة العرقية والكوزموبوليتانية.
وقال التقرير إنَّ حقيقة حديث كل من لويس وأسامة بن لادن عن صراع أبدي بين عالم إسلامي موحد وعالم غربي موحد لا يعني أنَّ هذا الصراع حقيقي. بل وحتى في ذروة فكرة التضامن الٍإسلامي العالمي في أواخر القرن التاسع عشر، كانت المجتمعات المسلمة منقسمة انقسامات سياسية ولغوية وثقافية.
فمنذ عصر صحابة النبي محمد في القرن السابع، تنازعت مئات من الممالك المتنوعة والامبراطوريات والسلطنات مع بعضهم بعضًا وحكموا سكانًا مسلمين مختلطين مع غير مسلمين. إنَّ فصل المسلمين عن جيرانهم الهندوس والبوذيين والمسيحيين واليهود، شيء لا علاقة له بالتجربة التاريخية للبشر. إذ لم يكن ثمة “عالم مسلم” منفصل قط، ولن يكون ذلك أبدًا.
وقال التقرير إنَّ جميع جماعات اليمين الفاشي المعادية للمسلمين في أوروبا وأمريكا مهووسة بالتوسع الإمبريالي العثماني في شرق أوروبا. ويرون الحصار العثماني لفيينا عام 1683 لحظة اقتراب الحضارة الإسلامية من الاستيلاء على “الغرب”. لكن معركة فيينا تحالف فيها المجريون البروتستانت مع الإمبراطورية العثمانية ذات الأغلبية المسلمة ضد أسرة هابسبورغ الكاثوليكية. لقد كان هذا صراعًا معقدًا بين امبراطوريات ودول، لا صراعًا بين الحضارات.
ومن الجدير بالذكر تشابه سردية الدعاية الغربية المعادية للمسلمين وسردية الوحدة الإسلامية للتاريخ. إذ يعتمد كلا الطرفين على سردية حضارية للتاريخ والتقسيم الجغرافي السياسي للعالم إلى كيانات غير تاريخية منفصلة مثل إفريقيا السوداء، والعالم الإسلامي، وآسيا والغرب. ويقدس الوحدويون المعاصرون أيضًا ماضيًا أسطوريًا. فبحسب الإسلاميين، فالأمة نشأت في وقت لم يتعرض المسلمون فيه لإذلال الامبراطوريات البيضاء العنصرية أو القوى الغربية المعتدية.
يريد الإسلاميون “جعل الأمة عظيمة مرة أخرى”. ومع ذلك، فمفهوم العصر الذهبي للوحدة السياسية الإسلامية يعتمد على نسيان الماضي الإمبريالي. فالمجتمعات الإسلامية لم تكن قط موحدة سياسيًا، ولم يكن ثمة مجتمعات مسلمة متجانسة قط. ولم يحدث قط أن حكمت امبراطوريات مسلمة بهدف إخضاع غير المسلمين. فقد كانت هذه الامبراطوريات متعددة العرقيات، توظف آلافًا من البيروقراطيين غير المسلمين.
سردية «العالم الإسلامي»
قال التقرير إنَّ مصطلح “العالم الإسلامي قد ظهر أول ما ظهر في سبعينيات القرن التاسع عشر. كان المبشرون الأوروبيون أو الضباط الاستعماريون هم أول من فضل استخدامه بصفته اختصارًا للإشارة لجميع البشر الواقعين بين “العرق الأصفر” في آسيا والعرق الأسود في إفريقيا.
كما عبروا عن خوفهم من ثورة مسلمة محتملة، مع أنَّ الرعايا المسلمين للإمبراطورية لم يكونوا أكثر أو أقل تمردًا من الرعايا الهندوس أو البوذيين. وبعد التمرد الهندي الكبير لعام 1857، عندما تمرد الهندوس والمسلمون ضد البريطانيين، لام بعض الضباط الاستعماريين البريطانيين المسلمين على هذه الانتفاضة.
وقال التقرير إنَّ نمو القوميات الأوروبية قد وجد عدوًا مفيدًا في المسلمين، لا سيما السلطنة العثمانية. إذ بدأ القوميون اليونانيون والصرب والرومانيون والبلغاريون جميعهم في أواخر القرن الـ19في تصوير السلطان العثماني بصورة المستبد. وناشد أولئك القوميون البريطانيين اللبراليين لكسر التحالف العثماني البريطاني نيابة عن تضامن مسيحي عالمي.
وجادل البريطانيون اللبراليون المعادون للدولة العثمانية، مثل ويليام جلادستون، بأنَّ التضامن المسيحي ينبغي أن يكون أمرًا مهمًا عند اتخاذ القرارات البريطانية بشأن الإمبراطورية العثمانية. وفي هذا السياق إنما أشار السلطان العثماني إلى رابطته الروحية بالهنود المسلمين، للجدال لصالح عودة تحالف عثماني بريطاني بفضل هذه الصلة الخاصة بين هاتين الامبراطوريتين المسلمتين الكبيرتين.
كانت مزاعم النخب الأوروبية عن وجود مهمة حضارية أوروبية، وعن تفوق الحضارة المسيحية الغربية، مهمة للمشروعات الاستعمارية. إذ انهمك المفكرون الأوروبيون في مشروعات ضخمة لتصنيف الإنسانية إلى تراتبيات من العرق والدين.
واستجابة لهذا التأكيد الشوفيني إنما صاغ المفكرون المسلمون سردية مقابلة عن الحضارة الإسلامية. وفي محاولة لتأكيد كرامتهم ومساواتهم شددوا فيها على الماضي المجيد، وعصرنة وتحضر «العالم الإسلامي». وقد كان أولئك الخصوم المسلمون للأيدولوجية الإمبريالية الأوروبية، القائلة بالتفوق الحضاري للعرق الأبيض على المسلمين والأعراق الملونة الأخرى، أول الوحدويين الإسلامويين.
وكذا فقد بدأ المصلحون المسلمون، في أوائل القرن العشرين، في إعداد سردية تاريخية شددت على وجود حضارة مشتركة، ذات عصر ذهبي في العلوم والفنون الإسلامية، وتراجع هذه الحضارة لاحقًا. وقد كانت هذه الفكرة القائلة بوجود تاريخ إسلامي شمولي خلقًا جديدًا صيغ مباشرة استجابة لفكرة وجود حضارة أوروبية والجدالات الجيوسياسية بالوحدة الغربية الغربية/ البيضاء.
وتمثلت الاستجابة لهذه الشوفينية الأوروبية والاستشراق الغربي بتاريخهم وحضارتهم المجيدة. وخلال القرن العشرين كان القادة المسلمون العظام مثل مصطفى كمال أتاتورك في تركيا، وناصر في مصر، ومحمد مصدق في إيران، وسوكارنو في إندونيسيا، كانوا جميعًا قوميين علمانيين، لكن جميعهم كانوا في حاجة لفكرة التاريخ المجيد للحضارة الإسلامية واستخدموا هذه الفكرة في الرد على إيديولوجيات التفوق الأبيض. وفي النهاية انتصرت القومية، وخلال الخمسينيات والستينيات، تلاشت فكرة أنَّ الإسلام يمثل قوة في الشؤون الدولية من الصحافة الغربية والمجال الأكاديمي.
الهوية الإسلاموية الجديدة
وقال التقرير إنَّ فكرة الوحدة الإسلامية لم تعد إلى الواجهة مرة أخرى حتى حقبتي السبعينيات والثمانينيات، وحينها ظهرت بشخصية ونغمة جديدتين. إذ عادت بصفتها تعبيرًا عن الاستياء من العالم المعاصر. كانت أيام التفاؤل بخصوص التحديث قد ولت. فالأمم المتحدة قد فشلت في حل المشكلات الوجودية. والدول القومية ما بعد الاستقلال لم تجلب الحرية والرخاء لمعظم العالم الإسلامي.
وفي غضون ذلك، لم تظهر أوروبا والولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي الكثير من الاهتمام بمعاناة الشعوب المسلمة. وظهرت أحزاب أسلاموية مثل الإخوان المسلمين في مصر والجماعة الإسلامية في باكستان، وقالت إنَّ استعمار فلسطين ومحن الفقر تتطلب نمطًا جديدًا من التضامن.
كانت الثورة الإيرانية عام 1979 لحظة تاريخية. ولكي يدين الخميني الوضع الراهن، فقد سعى وراء هذا النمط الجديد من الوحدة الإسلامية. ومع ذلك، فإنَّ إيران في عهده، وغريمتها المملكة العربية السعودية فضلتا المصالح القومية لدولتيهما. لذا فلم يكن ثمة قط رؤية اتحادية لهذا النمط الجديد من التضامن الإسلامي.
وقد تركزت الوحدة الإسلامية هذه على شعور بالمظلومية دون مشروع سياسي عملي. فالتركيز الأساسي لهذا النمط لم يكن على إنشاء حكومة مسلمة أكثر من تركيزه على كيفية إنهاء الاضطهاد والتمييز الذي يتشارك فيه مجتمع عالمي متخيل.
واختتم التقرير بالقول إنَّ ينبغي لنا ألا نترك مستعمري أواخر القرن الـ19يملون شروط مناقشات اليوم لحقوق الإنسان والحوكمة الجيدة. ما دمنا نقبل وجود هذا التعارض المغرض بين «الغرب» و«العالم الإسلامي»، فنحن ما زلنا أسرى للاستعمار وإخفاقات القضاء على الاستعمار. إنَّ الاعتراف البسيط بشروط النقاش هذه ورفضها يمكننا من أن نكون أحرارًا في المضي قدمًا، والتفكير في بعضنا بعضًا والعالم بطريق أكثر واقعية وإنسانية.
وأضاف التقرير إنَّ التحدي الذي نواجهه اليوم يتمثل في إيجاد لغة جديدة للحقوق والقواعد ليست أسيرة مغالطات الحضارة الغربية أو سردياتها الإفريقية والآسيوية والإسلامية. فالبشر، بصرف النظر عن لونهم ودينهم، يتشاركون كوكبًا واحدًا وتاريخًا متصلاً، دون حدود حضارية. وإنَّ أي طريق للأمام للتغلب على المظالم والمشكلات الحالية ينبغي أن يعتمد على علاقاتنا وقيمنا المشتركة، لا قبليتنا الحضارية.