هل الأزهر «إمارة دينية مستقلة»؟ - مقالات
أحدث المقالات

هل الأزهر «إمارة دينية مستقلة»؟

هل الأزهر «إمارة دينية مستقلة»؟

سحر الجعارة

عندما قررت المملكة العربية السعودية مواجهة التطرف والإرهاب من جذوره، أصدر الملك «سلمان بن عبدالعزيز» قراراً بإنشاء هيئة للتدقيق في استخدامات الأحاديث النبوية.. وأسند هذه المهمة إلى وزارة الثقافة والإعلام السعودية، التي قالت إن: (هدف الهيئة هو القضاء على النصوص الكاذبة والمتطرفة وأي نصوص تتعارض مع تعاليم الإسلام وتبرر ارتكاب الجرائم والقتل وأعمال الإرهاب(.. وأنهت السعودية مهام واستقلالية هيئة «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر».. ثم قامت بتوقيف آلاف المدرسين ممن يتبنون أفكاراً إرهابية أو ينتمون للإخوان وصادرت الكتب التي تحتوى على مناهج تتبنى نفس الآراء.. حتى وصلنا إلى قرار الملك «سلمان» بالسماح للمرأة السعودية بقيادة السيارات، وهنا خرج الأمين العام لهيئة «كبار العلماء» الدكتور «فهد الماجد»، ليقول: (إن علماء الشريعة كلهم قرروا أن تصرُّف الراعي على الرعية منوط بالمصلحة العامة للرعية، وعليه فإن «ولي الأمر لن يختار إلا الأنفع والأصلح بكل قراراته(!.

ليؤكد «الماجد» -كما كتبت من قبل- أن «السلطة» هي الوحيدة القادرة على تغيير الفكر الديني وتجديده، مهما كان مدججاً بفتاوى شاذة ومتخلفة تعود بالبلاد إلى أيام الجاهلية، فقرار حظر قيادة المرأة كان يستند إلى فتاوى هزلية، فقد تداول مجلس الإفتاء الأعلى في السعودية قرارات تربط بين عذرية النساء والسماح لهن بقيادة السيارة، وصدرت فتوى تفيد بأن قيادة المرأة السيارة يقودها إلى ترك الحجاب والاختلاط بالرجال والخلوة المحرمة والسفر بدون محرم، وأنها من الديمقراطية الزائفة التي استوردها المسلمون من أعدائهم!.

لماذا أسرد هذه الوقائع التى جعلت «عاصمة الوهابية» تبدل جلدها، وتتحول تدريجياً -ولو شكلياً- إلى «دولة مدنية»، تمنح مواطنيها بعضاً من حقوق الإنسان؟.

أولاً لأن «الفكر الوهابي» كان الفيروس الذى نشر التطرف والإرهاب فى مصر تحديداً، وفى بعض الدول العربية، وهو من أدى إلى سقوط مصر فى قبضه «الفاشية الدينية» بحكم «الإخوان»، ثم بتكريس فكرة «تقديس التراث»، وتحويل بعض الأشخاص إلى أصنام، والركوع في محراب «البخاري»، وسجن من يقترب من «البخاري» بالنقد أو يحاول إعمال العقل بزعم أنه «لا اجتهاد مع النص».. وهي القاعدة التي أصبح بعض علماء الأزهر يطبقونها على نصوص البخارى وليس على «النص القرآني!!».

وأمام تعنت الأزهر فى تنقية التراث الذى يحتوي نصوصاً دموية، تحلل (أكل الميت إن كان مسيحياً أو يهودياً أو كافراً.. إلخ)، لجأ المستشار «أحمد عبده ماهر»، إلى القضاء الإداري للمطالبة بإلزام شيخ الأزهر بتنقية وتنقيح كتاب صحيح البخاري من الأحاديث المدسوسة، على حد وصفه.. وبعد حكم القضاء الإداري برفض دعواه، قضت المحكمة الإدارية العليا بقبول طعنه على الحكم، الذى حمل رقم 987 لسنة 58 ق، واتهم «ماهر» فى طعنه شيخ الأزهر، ومشيخة الأزهر بالإهمال والمماطلة فى تنقية كتاب صحيح البخاري من الأحاديث المدسوسة والمنسوبة للنبى محمد صلى الله عليه وسلم، وأضاف أن هذه الأحاديث تطعن فى مصداقية القرآن الكريم، وتشكك فيه وتثير البلبلة فى عقول ونفوس المسلمين فى دينهم وكتابهم المقدس.

كل هذه المتاهة نعيشها لأن الدستور منح شيخ الأزهر «حصانة ضد العزل» تمكنه من حكم العباد وبالتالي البلاد مدى الحياة، ولأنه يصر على تقديس «التراث» الذى بدأت السعودية فى تحطيم أصنامه، رغم وجود «لجنة مشتركة» بين الأزهر والسعودية لتنقية الأحاديث النبوية، وكأننا ننتظر «الحذف والإضافة» من «الرياض».. فى الوقت الذى يطنطن فيه البعض بأننا بلد الأزهر «منارة الوسطية» وهى المنارة التى تضىء بحبس المفكرين والمجتهدين بقانون «ازدراء الأديان»، وتمتنع عن تكفير «داعش» الذى يعد «شرعنة للإرهاب»، وتناصب «السلطة المنتخبة» العداء، وتبقي على رؤوس الإخوان بداخل المشيخة، (رغم حكم المحكمة بأن الانتماء للإخوان تهمة مخلة بالشرف)، في تناقض صارخ مع القانون والدستور!.

لقد خاض الدكتور «أحمد الطيب»، شيخ الأزهر، ومعه هيئة كبار العلماء، معركة «الطلاق الشفهى» بكل صلف وعناد مع القيادة السياسية والمجتمع بأكمله، بل ووصل الأمر بهم إلى حد اقتراح قانون يسمى «مكافحة الكراهية» كان كل هدفه مصادرة الحريات وتكميم الأفواه، بعدما أصبح «د. الطيب» لا يرى فى الكتاب والمجددين إلا مجموعة من «المهرطقين».. ربما يستوجب حرقهم علناً!.

ولن تتغير الصورة، وتكف الأعباء على القضاء، إلا حين يعيد «ولي الأمر» صياغه المشهد، ليعترف الجميع بأن الأزهر «مؤسسة» تابعة للدولة وليس «إمارة دينية»، وأن رجال الأزهر ليسوا مقدسين، وأن الإصلاح مرهون بإرادة «السلطة والشعب» وليس باللحى والألقاب.. وحين نعيد النظر فى «حصانة» شيخ الأزهر التى تحتاج إلى تعديل دستورى!!

الوطن

 

 

 

 

 

 

 

Related

Share

Post a Comment

الفئة
علامات البحث