سحر الجعارة
من يتابع قناة «ناشيونال جيوجرافيك»، سيجد معظم فصائل الحيوانات تتعاشر وتتعارك وتستعرض إبداع الخالق.. دون أن يرجمهم أحد.. حتى من يمشى فى شوارع مصر ليلاً سيجد القطط والكلاب تتزاوج على الملأ.. وأحياناً تدور معركة بين الذكور على الأنثى.. وكان من عادة البسطاء أن يقذفوها بالحجارة.. اعتقاداً منهم أن «الحيوان»، وهو غير مكلف «لأنه لا يملك عقلاً»، عليه أن يستر نفسه وهو يعاشر الأنثى.. رغم أنه لا يتزوج ولا يؤسس لها «بئر سلم».. وكان أهم ما علمته من الطبيب البيطرى المعروف «بيرج يعقوب» أن الكلبة قد تحمل أكثر من مرة من أكثر من ذكر!.
لكن الشيخ «محمد العريفى» أخذ يُردّد القصة التى رواها «البخارى» (3849) عن عمرو بن ميمون قال: (رَأَيْتُ فِى الْجَاهِلِيَّةِ قِرْدَةً اجْتَمَعَ عَلَيْهَا قِرَدَةٌ، قَدْ زَنَتْ، فَرَجَمُوهَا، فَرَجَمْتُهَا مَعَهُمْ)!.. فى باب التاريخ، وهى قصة مردود عليها فى «فتح البارى» (7/160).. بأن هذه الرواية كما هو ظاهر ليست من كلام النبى (صلى الله عليه وسلم)، ولا كلام أحد من أصحابه، رضى الله عنهم، وإنما رواها «البخارى» حكاية عما شاهده عمرو بن ميمون، وهو الأودى، أبوعبدالله الكوفى، توفى سنة (74هـ)، أدرك الجاهلية والنبوة وأسلم، لكنه لم يرَ النبى (صلى الله عليه وسلم)، لذلك لم يعده العلماء من الصحابة، وإنما من المخضرمين من كبار التابعين.
وقبل أن تتابع القردة لترجمها، استمع إلى الدكتور «عدنان إبراهيم» وغيره من العلماء، وهم يردّدون المقولة الشهيرة: (لا تقل شيخى زنا، لكن قل عينى هى الزانية، هكذا يكون السلف)!!.
هذه عينة من فتاوى «العريفى» الذى تأكد أنه تم اعتقاله فى المملكة العربية السعودية مؤخراً، وهو أستاذ العقيدة بجامعة الملك سعود، وقد سبق له أن نشر، عبر حسابه على موقع «تويتر»، 11 تغريدة فى ما وصفه «حكم التعامل مع المسيحيين فى عيد الكريسماس ورأس السنة»، موجهاً تلك الفتاوى إلى المغتربين فى أوروبا، مؤكداً من خلالها عدم جواز تقبّل الهدايا ولا إهدائها، كما منع امتلاك أو صنع شجرة عيد الميلاد، مؤكداً أنه رمز دينى مثل الصليب!.
وقال «العريفى» إن «بابا نويل»، معناها: الإله أبونا، شخصية مسيحية، ترمز للقسيس (نيكولا) يساعد الناس، وله قصص، فيُقدسونه تعظيماً للمسيحية.. لكن هذه الجرائم لم تدفع السلطات السعودية إلى منعه من الخطابة أو اعتقاله.. حتى كان موقفه المناهض للإصلاحات التى تتم فى المملكة السعودية.. فبعد قيادة المرأة للسيارات بقرار من الملك «سلمان بن عبدالعزيز آل سعود»، بدأت عملية تهيئة السلك القضائى لتمكين المرأة وتعديل التشريعات الخاصة بها.. وبدأت المرأة السعودية فى تقلد الوظائف القيادية المهمة، فأصبح لديهم وكيلة لوزارة التعليم، ووكيلة لوزارة الصحة، ووكيلة لرئيس الهيئة العامة للرياضة، القسم النسائى.
وقد أكدت «الرياض» رسمياً حدوث عدة اعتقالات، كاشفة -على لسان وزير الخارجية السعودى، «عادل الجبير»- عن سبب حملة الاعتقالات التى طالت عدداً من الشخصيات الدعوية الشهيرة.
«الجبير» قال فى حوار مع وكالة «بلومبيرج» الأمريكية، إن الاعتقالات جاءت لإحباط «خطة متطرّفة» كان هؤلاء الأشخاص يعملون على تنفيذها، بعد تلقيهم تمويلات مالية من دول أجنبية.
أما مواقع التواصل الاجتماعى والمواقع الإخبارية، فقد اجتهدت فى تأويل أسباب اعتقاله، فالبعض يقول إنه اعتُقل بسبب انتقاده الزى الرياضى للمرأة.. والبعض الآخر يقول إن التوقيف جاء على أثر تغريدة له انتقد خلالها قطار المشاعر والمصاعد والسلالم الكهربائية، وأثارت ضجة واسعة بعد أن وصفها بعدم انضباط مواعيد.. وإهمال لترتيب الحشود.. وتعطل المصاعد والسلالم الكهربائية.. أما الصادم فى اعتقال «العريفى» -المقرّب من الإخوان- أن سبب اعتقاله هو العلاقات المشبوهة مع النظام القطرى بعد أن قام بنشر تغريدة، عبر موقع «تويتر»، يروج فيها لشركة «أضاحى الأمل»، التى واضح من إعلانها، أن شراءها يكون من خلال «فينانس بنك» التركى.
لقد غاب «العريفى» خلف القضبان وتركنا حيارى هل نرجم القردة أم لا؟.. هل نُزين شجرة عيد الميلاد بصورته أم بفتاواه الشاذة؟.. هل الأخطر على أمة الإسلام هو تكفير الأقباط وإلهاؤهم بفتاوى القردة وأكاذيب «السلف التالف» أم العمالة للخارج؟.. لقد سبق اعتقال «العريفى» عام 2013، لموقفه من سقوط «الإخوان»، لكننا للأسف لا نعرف الوجه الحقيقى للداعية إلا عندما يسقط القناع وتُفصح السلطات الرسمية عن هويته وانتماءاته.. أليس «العريفى» أولى بالرجم من القردة، لأنه «خان» بلاده وتلاعب بدينه وبعقول الناس؟!