هسبريس - طارق بنهدا
منذ صيف العام الماضي، أحدثت مبادرة مغربية أطلق عليها اسم "برنامج مغربي ومسيحي"، على موقع "يوتيوب"، جدلا واسعا لدى الرأي العام الوطني؛ بحيث كشف عدد من المغاربة تحولهم من الدين الإسلامي واعتناقهم الدين المسيحي، في أول خروج علني لهم في المغرب، قبل أن تطفو على السطح تحركات علنية أخرى، عبر آليات مختلفة، تؤكد التعبئة الكبيرة التي يتعمدها نشطاء مغاربة من أجل "الدعوة إلى المسيحية"، أو "التبشير".
صفحات ومواقع
عديدة هي الصفحات التي تشكل متنفسا للمسيحيين المغاربة من أجل النقاش والتناظر في قضايا المسيحية، إلى جانب "التبشير" وإطلاق مبادرات إعلامية وتواصلية تهم جلب أعداد كبيرة من المتعاطفين والمترددين في اعتناق الديانة المسيحية، أبرزها صفحة "مغربي ومسيحي" التي تجاوز عدد المعجبين بها 30 ألف شخص، فيما تتعدد المواقع الالكترونية بين إخبارية ومنتديات مخصصة للمناظرات مع المسلمين وبث النقاشات المباشرة عبر الفيديو أو تقنية الراديو الالكتروني.
إلا أن المثير في كل هذه التحركات هو توجه المسيحيين المغاربة إلى التعبئة بكل وسائل التكنولوجيا الحديثة من أجل إقناع مواطنيهم باعتناق المسيحية والتحول من الديانة الإسلامية، مثلما يبين ذلك موقع الكتروني يجمع المسحيين المغاربة، يتوفر على تطبيق خاص في الهواتف، ويفتتح صفحاته بإعلان عن تنظيم "كنيسة مغربية الكترونية" كل مساء يوم أحد لمدة ساعتين، وهو الإعلان المصحوب بعبارات تبشيرية من قبيل "شجع أولاد الرب وعزيهم"، و"كن خادما للمسيح.. سأباركك يا رب من كل قلبي".
وعلى صفحة الموقع بـ"فيسبوك"، التي تجاوز عدد المعجبين بها الـ28 ألفا، يعرف المشروع التبشيري نفسه كما يلي: "أنا من المغرب، هل تريد أن تعرف كيف آمنت بالمسيح؟ هنا ستسمع صوتي وتعرف كيف آمنت بالمسيح؟"، تليه عبارات: "إذا كنت مهتم.. ادخل واكتشف بنفسك، أما إذا أردت أن تحصل على الكتاب المقدس المرجو مراسلتنا". ويدرج الموقع معلومات للاتصال بمشرفين مغاربة على التواصل لأجل الاستفسار على الديانة المسيحية، عبر البريد الإلكتروني أو أرقام هاتفية مباشرة وأخرى مرتبطة ببرامج التواصل الهاتفي مثل "واتساب" و"فايبر".
تقنيات مختلفة
المثير في مثل هذه المواقع الالكترونية والصفحات التواصلية الخاصة بالتبشير المسيحي أنها لا تتخذ، في غالبيتها، أسماء وعناوين تحيل إلى هويتها الدينية؛ إذ يختار النشطاء المغاربة عناوين ذات صلة بالحب والحياة والقيم الإيجابية، قبل أن يكتشف المتبحر في تلك المواقع الافتراضية على الشبكة العنكبوتية أنها تهم المسيحية؛ إذ يصادف، مثلا، عبارة تعريفية من قبيل: "الصفحة خاصة بالتعريف بالكتاب المقدس ودراسته.. اليوم نتيح لك الفرصة لكي تختبر المسيحية وتعرفها عن قرب".
التقنيات الأخرى المعتمدة من لدن "المبشرين" المغاربة هي إدراج قصص إنسانية مؤثرة، تتحدث في مجملها عن تجربة شباب مغاربة مع التحول من الإسلام أو الإلحاد إلى المسيحية، كما تورد قصة "أحلام" التي قالت إنها منحدرة من الأقاليم الجنوبية للمملكة، وأنها نشأت في "أسرة مسلمة متحررة نسبيا"، لتضيف وهي تتحدث عن التعاليم الإسلامية: "لقد فوجئت بأن المرأة هي ضلع أعوج وأنها تأخذ نصف ما يأخذه الرجل في الإرث، وأنها ناقصة دين وعقل".
وتضيف المتحدثة وهي تورد نقطة تحولها إلى المسيحية: "لازلت أتذكر لما طلب مني أخي أن أتابع معه برنامج سؤال جريء على القناة المسيحية. لقد فوجئت بما سمعت وكانت البداية لمعرفة المسيحية"، مشيرة إلى أنها اتصلت هاتفيا بالرقم المتواجد على القناة، و"تسلمتُ الكتاب الإنجيل باليد فأكلته أكلا وشربته ماء وكان حديثي معه بالبكاء ليلا نهارا. إن كنت أنت الله المسيح الكلمة التي صارت جسد ووعودك حق في هذا الكتاب؟ اظهر ذاتك بالملموس في حياتي".
ظهور سابق
وكان أبرز ظهور علني مثير بصم عليه مغاربة مسيحيون جاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، في شهر يونيو الماضي، ضمن سلسلة سمعية بصرية أطلق عليها "برنامج مغربي ومسيحي"، يظهر فيها عدد من المغاربة في حلقات يشرحون مبررات اعتناقهم الدين المسيحي بلهجة دارجة سلسة، وهو البرنامج الذي بثت أولى حلقاته صيف العام الماضي وجرت التعبئة له منذ شهر مارس الماضي.
وتقول الورقة التعريفية للتحرك الجديد: "قناة مغربي ومسيحي هي قناة مغاربة مسيحيين من مختلف الفئات والشرائح، يشرحون فيها إيمانهم ويجيبون فيها على الأسئلة المتعلقة بوطنيتهم، ويردون على الشائعات والمفاهيم الخاطئة عن المغاربة المسيحيين"؛ وهي المبادرة التي أنتجت، إلى حدود اليوم، قرابة 35 شريطا بصريا على قناة "يوتيوب"، حاصدة أزيد من 775 ألف مشاهدة وانضمام قرابة 3 آلاف معجب.
القانون الجنائي
وتحدثت تقارير دولية صدرت مؤخرا، ضمنها تصنيف منظمة "الأبواب المفتوحة" الدولية للبلدان التي تضطهد المسيحيين في سنة 2015، عن تراجع التضييق على المسيحيين في المغرب؛ إذ غاب اسم المملكة عن قائمة المنظمة؛ لأنها تعتبر من البلدان الأكثر أمنا بالنسبة للمسيحيين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
إلا أن مسودة تعديل القانون الجنائي تضم فصلا يحمل رقم "220"، تحت فرع "الجرائم المتعلقة بالعبادات"، يعاقب بموجبه بالسجن "من 6 أشهر إلى سنتين، وغرامة من ألفين إلى 20 ألف درهم (من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وغرامة من 100 إلى 500 درهم في القانون الحالي)، كل من استعمل وسائل الإغراء لزعزعة عقيدة مسلم أو تحويله إلى ديانة أخرى؛ وذلك باستغلال ضعفه أو حاجته إلى المساعدة أو استغلال مؤسسات التعليم أو الصحة أو الملاجئ أو المياتم".
نقلا عن هسبريس المغربية