قمة العبث - مقالات
أحدث المقالات

قمة العبث

قمة العبث

كريمة كمال

خرج الداعية عمرو خالد على الجمهور من خلال إعلان يروج للدجاج والأسوأ أن الإعلان الذى يروج لدجاج «الوطنية» يمزج ما بين الترويج للدجاج والدين، وقامت الدنيا ولم تقعد على مواقع التواصل الاجتماعى ما بين الهجوم على الداعية وما بين ما هو أسوأ من الهجوم وهو السخرية التى وصلت إلى حد تصوير الداعية على شكل دجاجة. والواقع أن السخرية كانت واحدة من الهجوم ونالت من الداعية فى مقتل.. كانت مواقع التواصل الاجتماعى كلها وبالذات «الفيسبوك» تمتلئ بالبوستات التى تهاجم عمر خالد إلى حد أنه ربما لم يكن هناك سواها على «الفيسبوك» على كل الأشكال والألوان من الهجوم إلى السخرية حتى خرج الداعية يعلن اعتذاره واعترافه بأنه قد أخطأ واستغفاره، وهو ما يؤكد قوة الرأي العام المؤثرة التى إذا ما استهدفت أحدا نالت منه بشدة وقوة حتى إنه لا يبقى أمامه سوى التراجع والاعتذار أمام حدة الرأي العام وتياره الجارف.

وبصرف النظر عن قبول الاعتذار من رفضه وهو ما حدث فى حالة عمر خالد، حيث لم يتوقف الهجوم ولم تتوقف السخرية منه، بل إن البعض قد توقف أمام الاعتذار لينال مما جاء به من مغالطات، فإن الاعتذار يعنى إدراك الخطأ وإن كان متأخرا جدا، وهو ما يدفعنا للتساؤل: هل من يرتكب خطأ بمثل هذه الحدة لا يدرك رد الفعل عليه قبل ارتكابه؟ كيف لم يدرك عمرو خالد فداحة الربط بين الفراخ والدين وهو ليس وحده فى هذا؟ فكيف لم يدرك رئيس جمعية خيرية تعمل من أجل الفقراء وهى جمعية الأورمان فداحة أن يذهب فى محاولته البائسة للنفاق بأن يدعى أنه لم يجد فى مصر كلها فقراء، فلمن إذن يطالب بالتبرع؟! ولن أقول إن إحصائيات الدولة نفسها ترد عليه، بل أقول إنه هو نفسه يرد على نفسه بنفسه، عندما يطالب الناس بالتبرع لجمعيته التى يرأسها.. فهل يعمى الهدف عن الخطأ؟ هل أعمى رقم الأموال عمرو خالد؟ وهل أعمت الرغبة فى النفاق رئيس الجمعية؟ هل يعمى الهدف عن فداحة الخطأ.. أم أننا قد وصلنا إلى مرحلة من التمادى فى العبث غير مسبوقة من قبل؟ فهل تخيل أى منا من قبل أن يخرج علينا داعية إسلامي لطالما تحدث موجها للناس فيما يخص دينهم ليتحدث للناس موجها إياهم لشراء ماركة معينة من الدجاج، بل أن يمزج هذا الترويج للدجاج بالدين بشكل يكاد يصل إلى حد النكتة، لكنه للأسف لا يلقى نكتة، بل يشارك فى إعلان تجارى؟ وهل تخيل أحد أن رجلا يرأس جمعية لمساعدة الفقراء يمكن أن يتورط فى أن يدعى أن مصر بلا فقراء تماما وأنه لم ير عبر محافظاتها المترامية أى فقراء؟.

يتصور البعض أن مواقع التواصل الاجتماعى هى المسؤولة فى النهاية عن رد الفعل الضخم على الخطأ، والحقيقة أن مواقع التواصل الاجتماعى بريئة تماما من هذا، فمواقع التواصل لا تفعل شيئا سوى كشف رد الفعل ورصد طبيعة الرأى العام تجاه ما حدث، ولو لم تكن موجودة لظل رد الفعل موجودا والرأى العام متشكلا فقط دون أن يعلن عن نفسه ويصبح مكشوفا لنا.

المصرى اليوم

Related

Share

Post a Comment

الفئة
علامات البحث

اتصل بنا

*
*
*