الى أين يسير العالم العربي؟ - مقالات
أحدث المقالات

الى أين يسير العالم العربي؟

الى أين يسير العالم العربي؟

سمدار بيري

السنة الميلادية الجديدة تمسك العالم العربي في خط التماس الذي بين يوم الذكرى السنوية لـ «ثورة الياسمين» في تونس وبين «ثورة التحرير» في مصر. صحيح أن ست سنوات ليست تاريخا مدورا، صحيح أن الشارع طير زعماءه، ولكن لا يوجد سبب يدعو إلى الاحتفال. فبعد كل شيء، فإن الحدثين الدراماتيكيين لم ينتهيا.
صحيح، اسقطوا الدكتاتورين، زين العابدين بن علي وحسني مبارك. واحد اختفى في قصر واسع في صحارى السعودية، والثاني يقضي أيامه في القسم المحروس من المستشفى العسكري في حي المعادي في القاهرة. ولكن الشباب الذين ملؤوا الشوارع ركلوا، والحكم الجديد لا يأبه بهم. تونس تعتبر النجاح الوحيد بين الدول التي اجتازت الهزة، ولكن هي ايضا تحتل المرتبة الاولى في قائمة الدول المصدرة للمتجندين والمتطوعين لداعش. والظل الاثقل للدكتاتوريين المكروهين يواصل الحوم في أجواء الميادين التي يحظر التجمهور فيها.
الاستنتاج الابرز من أحداث «الربيع العربي» يفيد بأنه بالذات في الدول التي اجتازت «الطرد من القصر» تندلع الان مظاهر الحنين. ففي العراق يشتاقون لصدام حسين، الذي عرف كيف يصون الدولة قبل ان تسيطر ميليشيات الإرهاب الاجرامية عليها. وفي مصر أقاموا حركة «نعتذر، يا رئيس»، نوع من الإنسانية الشعبية التي تنطوي على اشواق لوعاء اللحوم من العصر السابق. في ليبيا يؤمنون بأنه لو بقي معمر القذافي حيا، لما نجح داعش في أن يملي جدول اعمال من العنف في الدولة.
قلة فقط في عصبة الخبراء الذين يدعون بأنهم يعرفون كل شيء عن الدول العربية مستعدون لأن يعطوا خريطة توقع للسنة القادمة. إذا كانت 2016 ستدخل تاريخ الحارة كسنة انتجت صورا قاسية على المشاهدة، فإن 2017 لا تبشر باختراق للطريق. فكيفما نبشنا في قائمة الـ 22 دولة إسلامية، سيكون صعبا انتزاع البشائع. وحتى الجسم الذي اسميناه «العالم العربي» ينهار ويتحلل من ذخائره. في عين الناظر من الجانب تتمترس الحارة في الانتقسام بين المعسكر «المعتدل» السني وبين «محور الشر» الشيعي. من فوقهما، صوت مظلة الجامعة العربية، الذي يستهدف رص الصفوف، يسمع ـ إذا كان يسمع على الاطلاق ـ خافتا وهزيلا.
اذا كان رجل السنة الماضية هو فلاديمير بوتين، فإن رجل السنة القادمة سيكون دونالد ترامب. ماذا نعرف عن فكره في المواضيع المتعلقة بما يجري في الشرق الاوسط؟ من التويتر فقط. المحللون مستعدون لأن يتنبأوا بأن ترامب سينكب على جعل نظام جديد في الملعب البيتي. وفقط إذا لم يكن مفر، سيجند اصحاب المناصب الذين سيعينهم للتدخل في الشؤون المشتعلة في الحارة.
كما أن ثمة متفائلين في الحارة، يتمسكون بحقيقة أن ترامب جاء من العالم التجاري ويؤمنون بأنه سيعيد تصميم سياسته الخارجية حسب معيار الربح والخسارة. هذا لن يكون بسيطا. 2017 تجر معها التهديدات والنزاعات في 2016. والمطاردة الخفية لأبو بكر البغدادي، الذي اختفت اثاره قبل ثلاثة اسابيع، ستستمر. وكلما ضعف داعش، هكذا من المتوقع لتنظيم الإرهاب القاعدة، بفروعه، ان يرفع الرأس. رغم اتفاق وقف النار، سوريا ستواصل النزف. بوتين واردوغان يستعدان لان يتقاسما الغنيمة السورية من خلف ظهر الأسد. فماذا يضيره؟ طالما بقي يسيطر في دمشق ومحيطها ويسمونه الرئيس، فإن بشار سيطيع بوتين.
ان كُتّاب الأوراق الاستخبارية يتوقعون بأن ترامب لن يكون مستعداً للتعاون مع بوتين. هذا لن يكون تقسيم مهام متساوٍ. فبوتين بات هنا وترامب ليس متحمسا لإدخال أصابعه، ولكن التنسيق سيكون وثيقا جدا. مشوق أن نلاحظ تقديرا آخر تجمد لدى كل الخبراء: زعيم واحد آخر على الاقل في حارتنا سيقتل في 2017. من سيكون هذا؟ كل خبير وتخمينه، كل محلل وسيناريوهاته. احد لن يخاطر بالتحديد، اسود على أبيض، هوية المرشح.

يديعوت 2/1/2017

نقلا عن القدس العربى

Related

Share

Post a Comment

الفئة
علامات البحث

اتصل بنا

*
*
*