" التواصل الاجتماعي" ومستقبل حرية التعبير - مقالات
أحدث المقالات

" التواصل الاجتماعي" ومستقبل حرية التعبير

نوح فليدمان

هل بإمكان تويتر أن يغلق حسابات العنصريين بشكل قانوني؟ إنه السؤال المطروح في قضية رفعها الأسبوع الماضي «جاريد تايلور» ومؤسسته «القرن الجديد»، وهي منظمة «تهدف إلى إظهار دونية السود بالنسبة للبيض»، وفقاً لمركز قانون الفقر الجنوبي.

وتتطرق القضية لطبيعة الكلام على منصات التواصل الاجتماعي. يقول محامو تايلور إن «تويتر» هو ساحة عامة افتراضية يجب تطبيق التعديل الأول من الدستور فيها. وإذا كان الأمر كذلك، فمن الممكن أن تصبح كل منصات التواصل الاجتماعي، وليس تويتر فقط، خاضعة للمعايير الدستورية التي عادة ما تمنع الحكومة من تقييد حرية التعبير. وسيتحول عالم الإنترنت، كما نعرفه، جذرياً. ولن تكون مواقع التواصل الاجتماعي قادرة على تقييد بعض من أحقر المشاركات وأكثرها خطورة.

وهنا أعتقد أن تايلور مخطئ، وأنه سيخسر القضية. إن «تويتر» ليس ساحة عامة حقيقية. إنه منصة تدار من القطاع الخاص مع كل أنواع القواعد بشأن ما يمكن وما لا يمكن قوله.

لكن على العكس من معتقداته العنصرية، فإن حجة تايلور القانونية ليست مجنونة تماماً. إنها تستند إلى سابقة حقيقية للمحكمة الأميركية العليا، سابقة يجب أن يعرفها كل من هو مهتم بوسائل الإعلام الحكومية ووسائل التواصل الاجتماعي. وهذه القضية التي تم البت فيها عام 1980، هي قضية مركز التسوق برونيارد ضد روبينز. وكما هو الحال في قضية تويتر، فقد خرجت هذه القضية من كاليفورنيا، وهي تنطوي بشكل غير مباشر على اتهامات بالعنصرية.

لقد كان برونيارد، ولا يزال، مركزاً تجارياً في كامبل بكاليفورنيا. وكان بعض الطلاب قد وضعوا جدولاً هناك يطلبون توقيعات على عريضة تحتج على قرار الأمم المتحدة بإعلان الصهيونية «شكلاً من أشكال العنصرية».

كان للمركز سياسة تحظر النشاط العام المعبر عن أي شيء غير الأغراض التجارية. كما منع الطلاب من جمع توقيعات على العريضة، لذا فقد ذهبوا إلى المحكمة. ورأت المحكمة العليا في كاليفورنيا أن دستور البلاد يحمي حرية التعبير في مراكز التسوق. وفسرت المحكمة دستورها الخاص لحماية الحقوق التي لن يُعترف بها بموجب التعديل الأول للدستور الأميركي، والذي يقال عادة إنه ينطبق فقط على الإجراءات الحكومية، والذي تنطبق لغته الصريحة على الكونجرس فقط.

وفيما كان القضاة المحافظون يميلون نحو حقوق الولايات، والقضاة الليبراليون نحو الفهم الموسع لحرية التعبير، رأت المحكمة العليا في الولايات المتحدة أن كاليفورنيا كانت مخولة لتبني قاعدة توسع نطاق حرية التعبير ليمتد إلى مراكز التسوق الخاصة. ورغم وجود العديد من التوافقات، لم تكن هناك أي معارضات.

وفي الجوهر، قال القضاة إن كاليفورنيا لها الحرية في تمديد حرية التعبير لأبعد من التعديل الأول. ورأت المحكمة أن حكم ولاية كاليفورنيا لم يلغ حقوق الملكية للمركز التجاري. والأهم من ذلك، فقد ذكرت المحكمة العليا أن حقوق التعديل الأول للمركز التجاري لم يتم اختصارها لأنه لا أحد سيربط الكتيبات أو العرائض الموجودة في المركز التجاري بوجهات نظر ملاكه، أو بالملاك أنفسهم إذا اضطروا لقول أي شيء لا يريدون قوله.

يقول تايلور إن سابقة برونيارد تعني أن محاكم كاليفورنيا يجب عليها معاملة تويتر باعتباره مركز تسوق خاص. وكما كانت مراكز التسوق ساحات عامة تدير المناقشات في الثمانينيات، فإن الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي هي الساحة العامة اليوم. وتنقل الدعاوى القانونية لتايلور مراراً وتكراراً قرار المحكمة العليا لعام 2017 في قضية «باكينجهام ضد كارولينا الشمالية، وفيها أشار القاضي أنتوني كينيدي، بشكل بلاغي تام، إلى الإنترنت باعتبارها «ساحة عامة حديثة». قد لا تكون قضية برونيارد قانوناً جيداً اليوم، لكن مفاهيم المحكمة العليا عما يعد تعبيراً وعن الحق في حرية الانتماء، تطورت منذ عام 1980. واليوم، يمكن للمركز التجاري القول بأنه لا يريد الارتباط بسياسة غير تجارية من أي نوع. وبموجب قواعد منظمة المواطنين المتحدة، تتمتع المؤسسة بنفس حقوق التعبير كالأفراد.

لكن حتى على فرض أن قضية برونيارد يجب أن تتحكم في النتيجة هنا، فإن تويتر ليس مركز تسوق يفتح أبوابه للجمهور على أمل أن يشتري الناس. إنه منصة تهدف إلى توصيل الكلام، وما هو مسموح به على هذه المنصة هو في حد ذاته شكل للتعبير. وإذا كانت كاليفورنيا قد أجبرت تويتر على السماح بوجود محتوى عنصري، فإن هذا القرار قد ينسب إلى تويتر، حيث إن الناس لديها خبرة مواجهة المحتوى العنصري هناك.

ولا أحد يفهم أن تويتر يقدم الكلام عندما يغرد الأفراد من حساباتهم الخاصة. لكننا نفهم أن المنصة لها قواعد تهدف إلى التعبير عن قيمها السياسية الخاصة.

---------------------

نوح فيلدمان*

*أستاذ القانون بجامعة هارفارد

الاتحاد

Related

Share

Post a Comment

الفئة
علامات البحث