لاهوت القهر (٢) - مقالات
أحدث المقالات

لاهوت القهر (٢)

لاهوت القهر (٢)

الأب جون جبرائيل الدومنيكانيّ

«الطاغية والمظلوم شخصان فقدا إنسانيّتهما» (مانديلا)

 قبل البدء في هذا المقال اقرأ الجزء الأوّل «لاهوت المقهورين ١»

 مَن هو الظالم؟

 هو كل شخص يجد راحته واستقراره في قهر المظلومين. وكلّ شخص مستفيد من وضع الظلم لئلا يفقد ما لديه من مكانة وسطوة ومال. ويعرّفه باولو فريرى على أنّه الشخص الغارق في الطغيان، سواء وعى بذلك أم لم يعِ، فهو لا يتخيّل حياته خارج السيطرة على الأشخاص والممتلكات. وهو أيضًا مَن يقلِّل من قدرة الآخرين ومن إمكانيّاتهم وذكائهم. يرى پاولو فريرى أن الطاغية حينما يمنح الآخرين مما لديه من فائض، إنّما يقوم بهذ لإعلاء عقدة الاستعلاء لديه ووضع المظلومين في منزلة سفلى في إطار سطوته وسيطرته عليهم. الظالم من هذا المنظور هو أيضًا كل شخص لا يتخذ قرارًا صارمًا بالوقوف إلى جانب المظلومين. فكل شخص يخرس لسانه إبّان الظلم والتمييز هو في واقع الأمر قد اتّخذ قرارًا بالمشاركة في عملية الطغيان، بصمته، وسلبيّته.

الظالم هو أيضًا كل أصحاب الكلمة والقلم والمنبر والتعليم، الذين يشتركون في عملية استلاب الشعوب وصرف انتباههم عن واقعهم لئلّا يفكِّروا في تغييره.

على المظلومين أن يقاوموا هؤلاء الطغاة، فالمحبّة المسيحيّة في صميمها هي كل فعل يسهم في وضع حدّ لوضع القهر. المحبّة تجاه الطاغية بفضح طغيانه، والمحبّة للمظلوم باسترداد العدالة المسلوبة إليه، ومقاومة كل موقف ظالم.

 دور اللاهوت في القهر

 ما يقترحه فريرى بشأن التعليم يصحّ أيضًا في اللاهوت. لابدّ للاهوت أن يصبح لاهوتًا حواريًّا.

١. الحوار مع الواقع: يتحاور عالِم اللاهوت أوّلًا مع محيطه، مثبِّتًا قدميه في أرضه وسياقه الفكريّ واللغوي والثقافيّ متأمِّلًا في كلمة الله على ضوء السياق اللاهوتي الذي تغيب فيه لغة الحوار مع الواقع.

٢. الحوار مع طرفي القهر: يتحاور اللاهوت مع الطاغية ومع المقهور، ويبدأ اللاهوت أوّلًا في الإصغاء إلى صراغ الضحايا وأنينهم وبكائهم. كذالك الأخذ بمحمل الجد خيبات أملهم التي يسبِّبها الإيمان بإله عادل في قلب مجتمع ظالم.

(للمقال بقيّة)

مصر المدنية

Related

Share

Post a Comment

الفئة
علامات البحث

اتصل بنا

*
*
*