“ ما بين التعايش والحريّة أختار الحريّة” ونقطة عالسطر - مقالات
أحدث المقالات

“ ما بين التعايش والحريّة أختار الحريّة” ونقطة عالسطر

“ ما بين التعايش والحريّة أختار الحريّة” ونقطة عالسطر

الأب شربل يوسف

إنّ مَن يتفحَّص مواقع التواصل الاجتماعيّ لا بدّ له أن يُلاحظ التعليقات والشعارات التي أطلقها روّاد هذه المواقع، والتي تنوّعت ما بين الإشادة بتحقيق العدالة وبين التخوين الذي أُجْرَته الاغتيال، لدرجة أنّك تشعر بالإستفزاز بغض النظر إلى أي فئة أنت تنتمي. وبدوري فإنّ ما قرأته قد استفزّ وطنيّتي ومارونيّتي وقضيّتي الوجوديّة المسيحيّة، فما كان إلاّ أن يتردّد في وجداني صوت ذاك الكبير، بطريرك الحريّة والسيادة الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير وهو يقول: “لو خُيِّرنا ما بين التعايش والحريّة نختار الحريّة”؛ هذا الكلام لا يحتاج شرحًا ولا تأويلاً، إنّه “… مثل البرق الذي يلمع من المشرق ويُضيء في المغرب” (متى 24/ 27)، و”مَن لهُ أذنان سامعتان فليسمع”…، غبطة أبينا البطريرك أنت تمثّل لبنانيّتي ومسيحيّتي ووطنيّتي ومارونيّتي، أنت تمثّلني، وإيمان بطرس إيماني

أرفض التعايش مع واقعٍ مريرٍ يريد أن يحوّل لبنان القداسة إلى إمارةٍ إسلاميّة إيرانيّة، أو حتّى سوريّة (والله العَليم شو كمان)، تحت شعار ضعيف هو “العيش المشترك”. وبلغت الوقاحة بالبعض إلى اتّهامنا بالخيانة، فيا هذا ماذا تصف وفاءَك الغير لبنانيّ وقضيّتك الغير لبنانيّة على أرض لبنان، أهي روح وطنيّة؟! أهي الوفاء للوطن اللبنانيّ؟ كلاّ، إنّها الخيانة بحدّ ذاتها… وأمام هذا الواقع أختار الحريّة، أختار الثورة في سبيل الحريّة رافضًا العَيش ذميًّا متنكِّرًا لتاريخي المسيحيّ المارونيّ المقاوم الثائر، على مثال المعلّم الأوحد والسيّد الأوحد والربّ يسوع المسيح.

أرفض التعايش مع مَن يدّعون أنّهم شركائي في الوطن، بينما لا تزال لغة التخوين ترقص على ألسنتهم وتستَتِرُ خلف ابتساماتهم الصفراويّة المرتسمة على شفاههم الجافة عاكسةً قلوبهم المتحجِّرة وعقولهم المُكَحَّلة بالسواد.

ومَن تجرّأ على نعت الرئيس الشهيد بشير الجميّل بالخائن المُستَحِقّ الاغتيال، لن أتحدّث معه عن الشرف والكرامة، ولا حتّى عن مفهوم المواطنة، ولا عن أهميّة الحريّة والسيادة والاستقلال، بل أسأله: أتَدري يا هذا ما روحيّة الخطّ الذي مشى به هذا الرئيس الشهيد؟ تفضّل وأخبرنا ، إن استَطَعت، ماذا تعرف عن القضيّة المسيحيّة؟ عن تاريخ الأمّة المارونيّة؟ عن الهويّة والوجود؟ سأوّفر عليك الإحراج وأقول: “إنّه خط الإيمان بالله والأرض والإنسان”، إيمان مازال متغرِّبًا عن عالمك الغائص بالوفاء لكلّ ما هو غير لبنانيّ

ماذا تعرف يا هذا عن البطريرك يوحنّا مارون الذي كان على رأس المقاومة المسيحيّة بهدف الدفاع عن الهويّة المسيحيّة عام 696؟

ماذا تعرف عن البطريرك دانيال الحدشيتي الذي رفض الخضوع وقرّر الدفاع عن الإيمان المسيحيّ وعن الحريّة، فمات شهيدًا سنة 1282 على يد المماليك؟

ماذا تعرف عن البطريرك جبرائيل حجولا الذي مات في سبيل شعبه مصلوبًا ومحروقًا عام 1367.

ماذا تعرف عن مجازر عام 1860؟ وعن المقاومين من عازور وروم وبتدّين اللقش والميدان ومشموشة وبسري وقيتولي وبرته وغيرها؟؟

هل قرأت يومًا، من باب الحشريّة، لائحة الرهبان الشهداء في مشموشة وغيرها من مناطق الجنوب، الذين استشهدوا في سبيل إيمانهم وأرضهم؟

هل نسيت يا هذا أن البطريك الياس الحويّك هو مَن قاوم وعمل على إعلان دولة لبنان الكبير عام 1920؟

ربّما لا يَعنيك أنّ الجبهة اللبنانيّة تكوّنت عام 1975 من أحرار لبنان المسيحيّين الرافضين أن يكون لبنان بلدًا بديلاً عن فلسطين، ورافضين أن يكون لبنان مُلحَقًا بدولة البعث السوريّة.

ما كان موقفك يا هذا يوم كان القصف يطال الكرنتينا، النبعة، تلّ الزعتر، ضبيّه…؟

أين كنتَ يا هذا وقت معركة الكورة، شكّا، زحلة، بِلاّ، قنات، الدامور وغيرها من القرى والمدن اللبنانيّة؟

هَل نسيت بيان المطارنة الموارنة برئاسة البطريرك الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير في العام 2000؟

ما موقفك من ثورة الأرز ومظاهرة الاستقلال في العام 2005؟

أكتفي بهذا الكم من التاريخ المُشَرِّف الذي لا يعرف قيمته سوى الكبار، وأقول لكَ يا هذا: قبل أن تتجرّأ وتلوّح بكلمات التخوين، فليَكُن مَعلومًا أنّنا ورثة أكثر من 14 قرن من المقاومة في سبيل الإيمان والحريّة.

هذا نحن يا هذا، نحن أمّة لا تستسلم، لا تُشمل، ولا ترضى بالذميّة.

إنّ هذه الأشبال من تلك الأسود

ونقطة عالسطر

Related

Share

Post a Comment

الفئة
علامات البحث

اتصل بنا

*
*
*