التحولات السريعة في السعودية… بداية ثورة أم أزمة؟ - مقالات
أحدث المقالات

التحولات السريعة في السعودية… بداية ثورة أم أزمة؟

التحولات السريعة في السعودية… بداية ثورة أم أزمة؟

إذا سألت امرأة سعودية ـ وصادف أنّي سألت نساء أعمال وأكاديميات، طبيبات وصحافيات ـ ما الذي يُزعجها في حياتها اليومية، فإنها لن تشكو (فقط) من رخصة السواقة. فعنصر الإهانة يتركز في مسألة الوصاية التي تملي ما مسموح لها وبالأساس ما محظور عليها في الحياة اليومية. فحظر السواقة هو عنصر واحد من المرافقة الدائمة من جانب السيد، الوصي، المُعَدّ لأن يكون الظل الملاصق وكابح الصدمات. فمنذ لحظة ولادتها، تعتبر النساء السعوديات ملكًا لأسرة، وهكذا يراهن القانون أيضا.
عندما تتزوج، تنتقل المرأة إلى الرقابة الثابتة من أسرة الزوج. وعندما تترمل، يدير حياتها الأخ الأكبر لزوجها، وربما حتى الأصغر منها. المرأة في كل عمر لا يمكنها أن تُفحص من قبل طبيب بلا حضور السيد، أن تسافر إلى الخارج من دون توقيع الوصي أو أن تسجل للتعليم من دون موافقته. وإذا أمسكت بها شرطة العفة بلباس غير محتشم، فتستدعي السيد الذي سيتغرم، ثم يضربها في البيت. وإذا ما جاءت إلى المحكمة للشكوى أو قررت أن من حقها قسمًا من الميراث الأسري ـ فسيطردونها مكللة بالعار إذا عارض السيد طلبها.
محظور التزين أو انتعال حذاء بكعب عالٍ. في المطاعم يُسمح للنساء بالجلوس في «جناح العائلات» فقط. ويتوجب الاختباء عند وصول الضيوف. لا يمكن رفض الخِطبة من دون موافقة السيد. الطاعة من دون اعتراض. محظور النسيان بأن بين هؤلاء النساء هناك الآلاف ممن أرسلن إلى التعليم في الولايات المتحدة، في أوروبا، في مصر أو في لبنان، ورأينا عالما آخر أكثر إضاءة، وعندما عدنَ إلى الديار أُدْخلن برغم أنوفهن إلى جناح الحريم.
رؤيا 2030، التي تكشّفت بالتدريج، تستهدف رفع السعودية إلى مسارات الاصلاح الاقتصادي والاجتماعي. وولي العهد الشاب، محمد بن سلمان، ابن الـ 32، يفهم أنه من دون سلسلة ثورات من شأن بلاده أن تنهار وتصبح فريسة سهلة لآيات الله من إيران.
وحسب خططه، فإن عشرات آلاف العمال الأجانب سيغادرون في مصلحة الجيل الشاب العاطل من العمل. والنساء اللواتي لا يمكنهن الانضمام إلى سوق العمل بسبب المحظورات الأسرية والمصاعب اللوجستية سيجلسن من خلف المقود في الطريق إلى المكاتب، المستشفيات، المحال والمدارس ـ للنساء فقط.
وإضافة إلى نقمة السيد يوجد الحظر الخطير ساري المفعول الآن أيضا. ألا وهو حظر «الاحتكاك» بين النساء والرجال ممن ليسوا من أفراد الأسرة الصغرى. هكذا، فإن الثلاثين امرأة اللواتي انتخبن إلى مجلس الشورى للملك بسبب كفاءاتهن المثبتة يضطررن إلى الوصول إلى غرفة جانبية في مبنى مجلس الشورى. وسيمنعن من «الاحتكاك» لاحقا أيضا: فعندما سيكون لواحدة منهن ما تقترحه، فإنها ستبعث برسالة إلكترونية أو بلاغ نصّي لعصبة الرجال المحيطين بالملك. ومع ذلك، يوجد حدث تاريخي: امرأة أولى انتخبت في نهاية الأسبوع لمنصب ناطقة السفارة السعودية في واشنطن ـ فاطمة بيشان، التي اجتازت معظم حياتها الراشدة في مناصب أساسية في هيئات اقتصادية في الولايات المتحدة. ولي العهد وأخيه الشاب، سفير السعودية في الولايات المتحدة ابن الـ 29، يعرضان تعيينا مثيرا للانطباع سيكون مدار الحديث.
التسعة أشهر التالية، حتى استصدار رخص السواقة ستكرس للترتيبات: بأي لباس ستجلس النساء خلف المقود من دون أن يكشفن أكثر مما ينبغي ومن دون أن يعرضن حركة السير للخطر. وماذا يحصل عند «الاحتكاك» ـ شرطة مع سائقة ـ في حالة مخالفة سير. من سيكون المعلمون للسواقة؟ وسؤال أساس: على اسم من ستسجل السيارة؟ ففي المملكة التي تعتبر فيها النساء مُلكًا أسريا، ليس لهن بطاقات هُوية خاصة وحساب بنكي.
من الشائق أن نتابع التحولات في النسيج الاجتماعي المحافظ للسعودية. هذا لن يمر بسهولة. قبل يوم من إنزال مفاجأة السواقة أعلن رجل دين كبير جدا بأنه محظور على النساء الجلوس خلف مقود السواقة لأنهن «عندما يخرجن إلى المشتريات، يفقدن نصف ما لديهن من نصف عقل (رجولي) ولدن به». والتقط الأمير الشاب التلميح. فهو يفهم بأنهم سيكمنون له في زاوية بيته. فقد اختفت آثار رجل الدين حتى إشعار آخر. سيكون شائقا أن نرى كيف سيواجه ملك السعودية الفعلي مع مخربي الدين وكيف سيكمم أفواههم.

سمدار بيري
يديعوت 1/10/2017

ترجمة القدس العربى

Related

Share

Post a Comment

الفئة
علامات البحث