العرب ومحنة الروهينجا - مقالات
أحدث المقالات

العرب ومحنة الروهينجا

العرب ومحنة الروهينجا

تايلور لاك*

في كل دقيقة تصل رسائل عبر تطبيقات «واتس آب» و»فيسبوك» مكتوب فيها:»أنا مسلم وأقف تضامناً مع إخوتي المسلمين في بورما»، أو «بورما هي قضيتي» أو «صلوا من أجل الروهينجا».

كما يتم تداول صور للأطفال المقتولين والقرى المحترقة مع مناشدات بـ»الضغط على الأمم المتحدة والحكومة». كما يتم ترويج هاشتاج «الروهينجا الإبادة الصامتة». وفي صلاة الجمعة في جميع أنحاء الوطن العربي، يرفع المسلمون أصواتهم بالدعاء للمسلمين في فلسطين وسوريا والعراق وليبيا واليمن - وبورما». وكانت محنة الروهينجا هي الموضوع الرئيس لخطبة الجمعة الماضية. باختصار، فإن العنف الذي ترتكبه الدولة في ميانمار (بورما)، حيث قيل إنه تم قتل أكثر من ألف شخص ونزوح 370 ألفاً آخرين إلى بنجلاديش المجاورة فراراً من العنف قد شد انتباه العالم العربي، ما عزز تدفقا نادراً من الدعم والتضامن والنشاط. وفي الأردن فقط، قامت تظاهرتان في غضون خمسة أيام، إحداهما في مقر الأمم المتحدة في عمّان. وفي يوم الاثنين، احتج عشرات من  الفلسطينيين المسلمين في إسرائيل عند بوابات سفارة ميانمار في تل أبيب. ولم نر بعد ما إذا كان هذا النشاط يمكنه دفع الأنظمة لإشراك نفسها في صراع ليس لديهم فيه مصالح مباشرة، إنْ كان  اتساع الدعم للروهينجا في حد ذاته أمراً ملحوظاً. إنه كم من الدعم العاطفي المحجوز معظمه لمحنة الفلسطينيين. ومع ذلك، ففي منطقة لا تفتقر إلى الصراعات العنيفة والأزمات الإنسانية الخاصة بها، كيف قفزت محنة الروهينجا إلى الصدارة؟ يعد العامل التقني من أكبر العوامل: تغطية وسائل الإعلام العربية والدولية على نطاق واسع للمذابح التي يشهدها مسلمو الروهينجا. يقول عبد الخالق عبد الله، محلل سياسي إماراتي: «كلما عرفنا أكثر عن الفظائع التي ترتكب، كلما زاد تعاطفنا». وأضاف: «إن التقارير تغمرنا كل يوم، الجميع يركز الآن على هذه الأزمة، ومن الطبيعي أن يتعاطف الناس معهم- سواء كانوا مسلمين أو غير ذلك».

ومع ذلك، فإن النشاط والدعم المتدفق على مسلمي ميانمار يتضاءل أمام ذلك الذي نظهره لليمن أو العراق أو العنف الدائر في سوريا. يقول المحللون: إن ميانمار حظيت بأولوية على الصراعات الإقليمية للعرب لسبب ما. فقد صورت وسائل الإعلام الصراع في اليمن وسوريا والعراق من خلال وجهة نظر طائفية أو سياسية، واختزلوا الصراعات، وما ارتبط بها من أزمات إنسانية لعناصر سُنية ضد شيعية أو إسلامية ضد علمانية . وقد جعل هذا العرب منقسمين ومضللين بشأن العنف الدائر على أعتابهم، بيد أن الروهينجا، لم يتلونوا بالانقسامات الطائفية أو السياسية، التي أثرت على المنطقة، وجعلتها سبباً يتجاوز الحواجز ويجعل جميع العرب والمسلمين يحتشدون خلفه.

ومع معاناة العرب من سلسلة من النزاعات وأزمات اللاجئين على مدى العقود الماضية، فإن صور الروهينجا، وهم يسيرون في الطين حاملين أمتعتهم على ظهورهم، أصبحت مألوفة للغاية. وهذا ينطبق بشكل خاص على الفلسطينيين والأردنيين، الذين كانوا الأكثر نشاطاً من حيث الاحتجاجات ووسائل التواصل الاجتماعي. يقول رنتاوي: «إن الفلسطينيين يعرفون أكثر من الشعوب الأخرى ما هي المخيمات والطرد خارج أراضيهم- والشيء نفسه يمكن قوله بالنسبة للأردنيين وغيرهم ممن  مروا بهذه التجربة». وعلى الرغم من أن أزمة ميانمار حركت الجماهير العربية للعمل، إلا أن رد الحكومات العربية كان «دون المتوقع»، بحسب ما يقول المراقبون. لقد استغرق الأمر أياماً، وفي بعض الحالات أكثر من أسبوع، لكي تشجب الحكومات العربية الفظائع التي ترتكب ضد الروهينجا. ولم تكن هناك دعوات لعقد جلسة طارئة للجامعة العربية أو منظمة التعاون الإسلامي، التي تعد أكبر هيئة للمسلمين. وكان الضغط الدبلوماسي محدوداً.

تاريخياً، كانت المملكة العربية السعودية الدولة العربية الوحيدة التي دعمت علناً الروهينجا. فخلال عمليات القمع السابقة على الروهينجا، فتحت السعودية أبوابها لـ250 ألفاً من مسلمي ميانمار.

وفي عام 2012، منح عاهل السعودية الراحل الملك عبد الله تصاريح إقامة لمغتربي بورما داخل السعودية، وسهلت حصلوهم على الخدمات التعليمية والصحية والوظائف.

*صحفي أميركي

«كريستيان ساينس مونيتور

ترجمة الاتحاد

Related

Share

Post a Comment

الفئة
علامات البحث