ماجد عاطف:
في البلدان التي تحترم حرية الفرد، وتعتبر أن تداول المعلومات والمعرفة حق أصيل للمواطنين، يصعب أن نجد مواقع "محجوبة" أو صحفاً مصادرة. أما في البلدان ذات السلطة الأبوية، فنجد دائماً من يحدد لنا ماذا نقرأ وماذا نشاهد أو نسمع.
تشهد الأشهر الأخيرة حملة مستمرة لحجب المواقع في العالم العربي، بدأت في شهر مايو الماضي عندما أقدمت دول عربية عدة على حجب مواقع قنوات الجزيرة والصحف القطرية عقب ما بات يعرف بالأزمة الخليجية، وقد شمل الحجب مواقع معارضة كثيرة.
منذ ذلك الوقت، وسياسة كم الأفواه مستمرة، إذ حجبت مصر أخيراً بضعة مواقع، منها أرشيف الإنترنت waybackmachine.org لكونه يسهّل الوصول إلى أرشيف المواقع التي سبق أن تم حجبها، بالإضافة إلى موقع منظمة هيومن رايتس واتش.
يقول محمد الطاهر، الباحث في مؤسسة حرية الفكر والتعبير المعنية برصد الانتهاكات التي تطال حرية التعبير في العالم العربي: "فكرة حجب المواقع كلياً أو جزئياً ليست جديده على عالمنا العربي، فهناك دول كانت رائده في ذلك السلوك، ومنها السعودية".
لا يمكن القيام بعملية حصر دقيقة لعدد المواقع المحجوبة في جميع البلدان العربية بحسب الطاهر، إذ يصعب مثلاً الجزم بعدد المواقع المحجوبة في دول الخليج. إلا أن دخول مصر المتأخر لركب الدول التي اعتمدت هذا الأسلوب ووجود عدد من المهتمين الذين عملوا على حصر المواقع أولاً بأول، مكن من معرفة عددها في مصر، وهو يقارب 430 موقعاً محجوباً.
كيف يتم الحجب؟
الباب الرئيسي لحجب المواقع يكون عبر تقديم الدولة للشركة (أو الشركات) التي توفر خدمة الانترنت لديها، قائمة باسماء المواقع التي ترغب في منع ظهورها لدى المتصفح، وتطلب منها (بشكل رسمي أو غير رسمي) القيام بذلك.
يشرح رامي رؤوف، مسؤول ملف التقنية وحقوق الإنسان في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، أن هناك طرقاً متنوعة لحجب المواقع وفقاً للبنية التحتية والموارد التكنولوجية التي تستخدمها الشركات، منها مثلاً الحجب وفقاً لأسماء النطاقات، أو الحجب وفقاً للأرقام التعريفية للمواقع، ويقول: "هذا الأمر ينطبق على أغلب الدول العربية. تختلف التشريعات، ولكن من الناحية التقنية، فالطريقة واحدة".
التحايل على حجب المواقع
حجب المواقع لا يعني القضاء عليها، لأن وسائل عدة تمكن المتصفحين من التحايل على هذا الحجب، ومنها استخدام الخادم الوكيل Proxy Server أو الشبكة الخاصة الافتراضية Virtual Private Network (VPN) أو برنامج Tor.
خبير الشبكات أحمد سامي يشرح لنا الفرق بين الوسائل الثلاث:
• الشبكة الخاصة الافتراضية VPN هي تطبيقات يسهل تحميلها على الجهاز وتعمل على تضليل الشركة المزودة لخدمة الإنترنت عبر تغيير موقع المستخدم الظاهر لها، فيبدو وكأنه مقيم في دولة أخرى غير البلد الذي هو فيه، وبذلك يتفادى الحجب.
يفضّل أغلب المستخدمين هذه الوسيلة لأنها لا تطلب تغيير أي من إعدادات محرك البحث الخاص بهم، وعليه، فكل البرامج والتطبيقات تعمل بسهولة في وجوده.
• الخادم الوكيل أو الـProxy هو برنامج يقوم بمهمة "الوكيل" للمستخدم. يتم ضبط محرك البحث في الجهاز عليه، وحين نقوم بالبحث عن موقع ما، فإن "البروكسي" هو الذي يقوم بالعملية نيابة عنا، وبذلك نتجاوز الحجب.
إلا أن الـProxy يعيبه أمران بحسب سامي: الأول أن خطواته أكثر تعقيداً لدى المستخدم العادي، إذ يجب عليه أولاً الحصول على IP address مجاني (بعض المواقع توفر عدداً منها) أو مدفوع الأجر، ثم ضبط محرك البحث عليه.
أما العيب الثاني، فهو أن الـProxy لا يتعرف على بعض البرامج والتطبيقات، وعليه فلن نتمكن من تشغيلها على الجهاز.
• برنامج Tor browser هو مزيج من الاثنين، إذ يعمل كمحرك ومضلل للموقع الجغرافي في الوقت نفسه، ويعتبر سامي أنه الأفضل بين الخيارات الثلاثة، وإن كان المستخدمون بشكل عام يفضلون الشبكة الخاصة الافتراضية VPN لبساطتها وسهولة التعامل معها.
وينتشر استخدام برامج الـVPN أيضاً حول العالم، لا لتفادي إشكالية حجب المواقع بل للحفاظ على الخصوصية، مع وجود هلع حقيقي لدى مستخدمي الانترنت اليوم من فكرة اختراق خصوصياتهم. فمحركات البحث وتطبيقات الهواتف الذكية تعرف عنا أكثر مما نتخيل: عاداتنا، دائرة علاقاتنا، رغباتنا المكبوتة ومشترياتنا.
اخترنا التوسع في الحديث عن الخيار الأول للمستخدمين، وتحديد أبرز برامج الـVPN المجانية التي يمكن الاعتماد عليها.
Windscribe
أحد أسهل البرامج المجانية المتوفرة اليوم. كل ما يلزمكم هو أن تحمّلوه على جهازكم عن طريق إدخال بريدكم الإلكتروني وإنشاء حساب.
البرنامج يأتي بنسختين (مجانية ومدفوعة الأجر)، لكن النسخة المجانية منه قد تكون كافية لكونها تقدم سعة 10GB مجانية شهرياً.
فور تحميل البرنامج وتفعيله ستظهر أيقونه باسمه على الـMenu bar أعلى الصفحة. ينصح بأن يغلق البرنامج عندما لا يكون استخدامه ضرورياً، للحفاظ على السعة المجانية.
Hotspot Shield Free
يمتلك هذا التطبيق أيضاً نسخة مجانية تعطي المستخدم 750MB يومياً، وهو رقم مناسب جداً لتصفح المواقع. لو اخترتم أن تحصلوا على نسخته المدفوعة، فستحصلون على ميزة اختيار اسم البلد الذي ترغبون في الظهور وكأنكم تقيمون فيه.
هذا التطبيق صالح أيضاً للهواتف المحمولة، وإن كان البعض قد اشتكى من أن تحميله على هاتفه جعله أبطأ كثيراً.
TunnelBear
أحد أشهر التطبيقات المستخدمه لكونه صالحاً للهواتف المحمولة، فضلاً عن أجهزة اللابتوب. يتميز أيضاً بأنه يجمع أقل قدر ممكن من بيانات المستخدم، وهو ما يجعله من أكثر التطبيقات حفاظاً على الخصوصية. نسخته المجانية جيدة وإن كان يعيبها أنها لا تعطي للمستخدم أكثر من 500MB شهرياً فقط.
Freelan
تطبيق Freelan من التطبيقات المجانية تماماً، لأنه بالأساس من البرمجيات المفتوحة المصدر Open Source والمجانية.
لكن قبل أن تحمّلوا هذا التطبيق، يجب أن تعلموا أنه، على عكس باقي التطبيقات، لا يقوم فقط بضبط آخر البرامج بل يقوم بإضافة New Network Drivers وذلك للتحكم التام في تصفح المواقع.
لا تعد هذه الخاصية مشكلة، وهي لا تضر بجهازكم، إلا أن البعض يرفض استخدامه بسببها.
Speedify
تطبيق آخر سهل الاستخدام. يفضله مستخدمو "ماك"، لا سيما نسخته المدفوعة. نسخته المجانية تعطي المستخدم في الشهر الأول 4GB، لكن بدءاً من الشهر الثاني، يكون الخيار إما في التحول إلى الاشتراك المدفوع، أو تقل المساحة المجانية إلى 1GB شهرياً فقط.
لدى تحميله، ينصح بشدة بأن يتم إغلاقه وأن لا يستخدم إلا عند الحاجة، للحفاظ على المساحة المجانية.
Private Tunnel
أخيراً تطبيق Private Tunnel الذي يتميز بانسجامه الشديد مع برامج Windows، وإن كانت نسخته المجانيه لا تعطي أكثر من 200MB مجانية قبل الانتقال إلى النسخة المدفوعة.
ماجد عاطف صحافي مصري عمل مراسلاً لمجلة نيوزيويك، ويعمل الآن مراسلاً لموقع Buzzfeed الأمريكي