الأحزاب الحضارية في أوروبا لا تتجنبوا الشعبويين في أوروبا، بل اعملوا معهم وتعلموا منهم - مقالات
أحدث المقالات

الأحزاب الحضارية في أوروبا لا تتجنبوا الشعبويين في أوروبا، بل اعملوا معهم وتعلموا منهم

الأحزاب الحضارية في أوروبا لا تتجنبوا الشعبويين في أوروبا، بل اعملوا معهم وتعلموا منهم

بقلم دانيال بايبس

نوفمبر 2018

http://www.danielpipes.org/18545/europe-civilizationist-parties

هل أوروبا في طريقها للعودة لأهوال الثلاثينات؟ في إطار تقييم معهود لوقتنا هذا، كتب ماكس هوليران في مجلة "نيو ريبابليك": "في السنوات العشر الماضية، قامت الحركات السياسية اليمينية الجديدة بالجمع بين ائتلافات النازيين الجدد والتيار السائد للمحافظين الذين يؤمنون باقتصاديات السوق الحر، مما أدى إلى تطبيع إيديولوجيات سياسية كانت في الماضي تستدعي، وعن حق، الشعور بالذعر". وهو يرى إن هذا الاتجاه يخلق طفرة في "الشعبوية المعادية للأجانب". وتتفق معه كاتي أودونيل في مقالها بمجلة "بوليتيكو": "إن الأحزاب القومية لديها الآن موطئ قدم في كل مكان من إيطاليا إلى فنلندا، مما يثير المخاوف من أن القارة تتراجع نحو نوع السياسات التي أدت إلى كارثة في النصف الأول من القرن العشرين". ويشعر القادة اليهود مثل مناحيم مارغولين، رئيس الرابطة اليهودية الأوروبية ، "بتهديد حقيقي من جانب الحركات الشعبوية في جميع أنحاء أوروبا".

إن ألمانيا والنمسا، مسقط رأس الاشتراكية القومية، تثيران القلق بشكل خاص، خاصة بعد الانتخابات في عام 2017، عندما حصل حزب البديل من أجل ألمانيا (AfD) على نسبة 13٪ من الأصوات وحزب الحرية النمساوي (FPÖ) على نسبة 26٪. يقول فيليكس كلاين، مفوض ألمانيا لمكافحة معاداة السامية، إن حزب AfD "يساعد على إضفاء شكل مقبول مرة أخرى على معاداة السامية ". وقد دفع أوسكار دويتش، رئيس الجاليات اليهودية في النمسا، بأن حزب الحرية النمساوي "لم ينأى بنفسه أبداً" عن ماضيه النازي.

هل هذا صحيح؟ أم هل يعكس هذا التمرد استجابة صحية من الأوروبيين سعيا لحماية أسلوب حياتهم من الهجرة المفتوحة والأسلمة؟

بطاقة بريدية تاريخية لمدينة هانين بومونت في فرنسا

بادئ ذي بدء، ماذا نسمي الظاهرة قيد المناقشة؟ في المعتاد يتم وصف الأحزاب المعنية بأنها تنتمي إلى اليمين المتطرف ولكن هذا الوصف غير دقيق، حيث أنها تطرح مزيجا من السياسات اليمينية (تركز على الثقافة) والسياسات اليسارية (تركز على الاقتصاد). على سبيل المثال، يجذب التجمع الوطني في فرنسا الدعم  اليساري من خلال الدعوة إلى تأميم البنوك في أنحاء الوطن. في الواقع، يشكل الشيوعيون السابقون عنصرًا أساسيًا لهذا الدعم؛ إن مدينة هينان بومونت، التي أصبحت الآن من بين أكثر المدن المؤيدة لحزب التجمع الوطني في فرنسا، كانت سابقا من ضمن أكثر المدن تأييدا للشيوعية.

يدعي تشارلز هولي الكاتب بمجلة "دير شبيجل" الألمانية أن "كل هذه الأحزاب هي، في جوهرها، قومية"،  لكن هذا غير صحيح تاريخياً. هم وطنيون وليسوا قوميين، دفاعيون وليسوا عدوانيين. فهم يشجعون بحماس فرق كرة القدم، وليس الانتصارات العسكرية. كما يعتزون بالعادات الإنجليزية، وليس بالإمبراطورية البريطانية. ويحبون لباس البحر البيكيني، وليس السلالات الألمانية. لا يتوقون للإمبراطوريات ولا يدعون التفوق الوطني. إن القومية تتعلق بشكل كلاسيكي بالسلطة والثروة والمجد، بينما هم يركزون على الأعراف والتقاليد والثقافة. على الرغم من وصفها بالفاشية الجديدة أو النازية الجديدة، إلا أن هذه الأحزاب تولي أهمية للحرية الشخصية والثقافة التقليدية. فالمفاهيم مثل "شعب واحد، أمة واحدة، قائد واحد" لا تجذبهم بشكل كبير.

)، فهم يركزون على أولويتهم الثقافية، لأنهم يشعرون بالإحباط الشديد وهم يشاهدون طريقة حياتهم تندثر. إنهم يعتزون بالثقافة التقليدية لأوروبا والغرب ويريدون الدفاع عنها ضد الاعتداء الذي يحدث من قبل المهاجرين بمساعدة اليسار. (إن مصطلح "الحضارية/الحضاريين" له فائدة إضافية تتمثل في استبعاد الأحزاب التي تبغض الحضارة الغربية، مثل حزب الفجر الذهبي باليونان وهو من أحزاب النازية الجديدة).

السيدة التي وبختها انجيلا ميركل، وقيل لها أنه ينبغي عليها الذهاب إلى الكنيسة بشكل أكبر

الأحزاب الحضارية هي أحزاب شعبوية، مناهضة للهجرة، ومعادية للأسلمة. ومعني "شعبوي" ان لديهم شكاوي وتظلمات ضد النظام وشكوك تجاه النخبة التي تتجاهل أو تقلل من تلك المخاوف. وهذه هي ما  يطلق عليها بالإنجليزية 6Ps  (أي ستة أشياء تبدأ بحرف P): الشرطة والسياسيين والصحافة والكهنة والأساتذة والمدعين العامين. في ذروة موجات الهجرة المهولة في عام 2015، أجابت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن سؤال إحدى الناخبات التي ابدت انزعاجا من الهجرة غير الخاضعة للرقابة بالتوبيخ المعهود بشأن أخطاء أوروبا ونصحتها باستعلاء بالذهاب إلى الكنيسة بمعدل أكبر. أعلن ديمتريس افراموبولس، المفوض الأوروبي للهجرة، بشكل قاطع أن أوروبا "لا يمكنها ولن تكون قادرة على وقف الهجرة" ثم بدأ يعظ  زملائه المواطنين: "من السذاجة الاعتقاد

بأن مجتمعاتنا ستبقى متجانسة وخالية من الهجرة إذا قمنا بإنشاء أسوار ... نحن جميعا بحاجة إلى أن نكون مستعدين لقبول الهجرة والتنقل والتنوع باعتبارها العرف الجديد السائد". كما دعا رئيس الوزراء السويدي السابق فريدريك راينفيلدت إلى استقبال المزيد من المهاجرين: " أطير فوق الريف السويدي في كثير من الأحيان، وأنصح الآخرين بالقيام بذلك. هناك حقول وغابات لا نهاية لها. هناك مساحة أكبر مما قد تتخيل".

السويد بها مساحات شاسعة! دع العالم كله يهاجر.

ويجدر الإشارة إلى أن هولاء الثلاثة هم من المحافظين أو ما تعتبره أوروبا محافظين. آخرون، مثل نيكولا ساركوزي في فرنسا وديفيد كاميرون في بريطانيا العظمى، كانوا يتكلمون بشكل حاسم لكنهم كانوا يحكمون بشكل رخو. إن استهتارهم بالمشاعر المناهضة للهجرة خلق فرصة للأحزاب الحضارية عبر معظم أنحاء أوروبا، من حزب FPÖ الموقر (الذي تأسس عام 1956) إلى حزب المنتدى الجديد للديمقراطية بهولندا (تأسس في عام 2016)، فهي تملأ فجوة انتخابية ومجتمعية.

إن الأحزاب الحضارية، بقيادة عصبة إيطاليا، تعادي الهجرة، وتسعى إلى السيطرة على والحد من أوحتى عكس اتجاه الهجرة في العقود الأخيرة، خاصة من بين المسلمين والأفارقة. إن التركيز على هاتين المجموعتين ليس بسبب التحامل ("الخوف من الإسلام/الإسلاموفوبيا" أو العنصرية)، ولكن نظرًا لأنهما الأقل اندماجا، مع وجود مجموعة من المشكلات المتعلقة بهما، مثل عدم العمل والنشاط الإجرامي، والخوف من قيامهم بفرض طرقهم على أوروبا.

أخيراً، هذه الأحزاب معادية للأسلمة. إذ يتعلم الأوروبيون عن الشريعة الإسلامية، يركزون بشكل متزايد على دورها فيما يتعلق بقضايا المرأة، مثل النقاب والبرقع، وتعدد الزوجات، والتحرش (الاعتداء الجنسي) ، والقتل بدافع الشرف، وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث. كما توجد مخاوف أخرى تتعلق بموقف المسلمين تجاه غير المسلمين، بما في ذلك معاداة اليهود والمسيحيين، والعنف الجهادي، والإصرار على أن الإسلام يجب أن يتمتع بمكانة متميزة مقابل الأديان الأخرى.

ويُجدر الإشارة إلى أن المسلمين يشكلون غشاءًا جغرافيًا حول أوروبا، من السنغال إلى المغرب إلى مصر إلى تركيا إلى الشيشان، مما يسمح لأعداد كبيرة من المهاجرين المحتملين بدخول القارة بسهولة نسبية وبشكل غير قانوني عن طريق البر أو البحر. فهناك 75 كيلومتراً من ألبانيا إلى إيطاليا ، 60 كيلومتراً ما بين تونس و(جزيرة بانتيليريا الصغيرة) في إيطاليا، 14 كيلومتراً عبر مضيق جبل طارق من المغرب إلى اسبانيا، 1.6 كيلومترا من الأناضول إلى جزيرة ساموس اليونانية، أقل من 100 متر عبر نهر إفروس ما بين تركيا واليونان، وتفصل 10 أمتار ما بين المغرب والجيبين الإسبانيين سبتة ومليلية.

187 مهاجر غير شرعي حاولوا اقتحام الأسوار على الحدود التي تفصل ما بين أراضي سبتة الأسبانية والمغرب في 7 اغسطس 2017

هناك أعداد متزايدة من المهاجرين المحتملين الذين يحومون حول المداخل، ويلجأون في بعض الحالات إلى العنف ليشقوا طريقهم للداخل بالقوة. في عام 2015، قدر يوهانس هان ، مفوض توسع الاتحاد الأوروبي أن "هناك 20 مليون لاجئ ينتظرون عند أعتاب أوروبا." قد يبدو ذلك عددًا كبيرًا، ولكن عندما نضيف المهاجرين الاقتصاديين إلى المزيج، فإن الأرقام سترتفع أكثر؛ لا سيما وأن نقص المياه يدفع شعوب الشرق الأوسط بعيدا عن أوطانهم، وقد يبدأ عدد من يطمحون إلى الهجرة في الاقتراب من عدد سكان أوروبا البالغ 740 مليون نسمة.

إن الأحزاب الحضارية، تقريبا بدون استثناء، تعاني من مشاكل عميقة، إذ أن العاملين بها هم أساسا مستجدين، كما أنها تضم أعداد تثير القلق من الأشخاص ذوي القناعات والسلوكيات الغريبة: المتطرفون المعادون لليهود وللمسلمين، والعنصريون، وغريبو الأطوار المتعطشون للسلطة، وأنصار نظريات المؤامرة، ومن يحبون إعادة تفسير الأحداث التاريخية على هواهم، والذين يشعرون بالحنين لأيام النازية. يدير الأوتوقراطيون أحزابهم بطريقة غير ديمقراطية ويسعون إلى السيطرة على البرلمانات والإعلام والقضاء والمدارس والمؤسسات الرئيسية الأخرى. وهم يَكِّنون مشاعر استياء ضد أمريكا ويتلقون المال من موسكو.

هذه النقائص عادة ما تترجم إلى ضعف انتخابي، حيث يقاوم الأوروبيون التصويت للأحزاب التي تنشر المرارة والسخط والأفكار العدوانية. وتظهر استطلاعات الرأي أن حوالي 60 في المئة من الناخبين في ألمانيا لديهم مخاوف بشأن الاسلام والمسلمين، لكنها تُظهر أن خُمسهم فقط قد صوت لصالح حزب AfD. إذن، فلكي تتمكن للأحزاب الحضارية من احراز تقدم في الانتخابات وتحقيق إمكاناتها، يجب عليها إقناع الناخبين بأنهم يمكن الوثوق بهم لتولي الحكم. هناك تغير يحدث في الأحزاب القديمة بوجه خاص، على سبيل المثال حزب FPÖ، كما يتضح من المعارك الدائمة بين العاملين والانقسامات الحزبية والأحداث الدرامية الأخرى. ومع ذلك، فإن هذه العملية، على الرغم من اتسامها بالفوضوية وإثارتها للنفور، تظل ضرورية وبناءة.

إن معاداة السامية، وهي أكثر قضية تنزع الشرعية عن الأحزاب الحضارية وتثير أعنف المناظرات، تتطلب اهتماما خاصا. غالباً ما يكون للأحزاب أصول مشكوك فيها، كما تحتوي على عناصر فاشية، ويصدر عنها إشارات معادية للسامية. وبالتالي، فإن القادة اليهود في أوروبا يدينون الحضاريين ويصرون على أن تفعل دولة إسرائيل الشيء نفسه، حتى لو كان الحضاريين يتولون الحكم وبالتالي يتوجب على إسرائيل التعامل معهم. أرئيل موزيكانت، الرئيس الفخري للمجتمع اليهودي النمساوي، قد قام في الواقع بتهديد القدس إذا توقفت عن مقاطعة FPÖ: "أنا سأتحدث بالتأكيد ضد حكومة إسرائيل".

مارين وجون ماري لوبان. وقت أسعد للرابطة بين الأب والإبنة

لكن هناك ثلاث نقاط تخفف من هذه المخاوف: أولاً ، تنأى الأحزاب الحضارية بشكل عام عن الهواجس المتعلقة باليهود عندما تحقق النضوج. بسبب إصرار جان ماري لوبان على معاداة السامية، قامت ابنته مارين لوبان بطرده في عام 2015 من حزب التجمع القومي الذي أسسه في عام 1972. في شهر ديسمبر الماضي، في المجر، قام حزب جوبيك والذي كان يُعرف بمعاداته العلنية للسامية حتى الآن بالتخلي عن اتجاهاته القديمة.

ثانياً، يسعى قادة الأحزاب الحضارية إلى إقامة علاقات جيدة مع إسرائيل. فهم يزورونهم، ويقومون بالتعبير عن احترامهم في ياد فاشيم، وفي بعض الحالات (مثل الرئيس التشيكي ونائب المستشار النمساوي) ، يدعمون نقل سفارات بلدانهم إلى القدس. وتتمتع الحكومة المجرية بقيادة الحزب الحضاري "فيدسز" بأقرب علاقة مع إسرائيل على المستوى الأوروبي. وقد لوحظ هذا النمط من قبل إسرائيل، فعلى سبيل المثال، يصف جدعون سار من حزب الليكود الأحزاب الحضارية بأنهم "الأصدقاء الطبيعيين لإسرائيل".

كوربين واوربان، اختر ما يناسبك.

و أخيراً، مهما كانت الصعوبات القائمة ما بين الحضاريين واليهود، فإنها تبدو متضائلة بالمقارنة مع اليسار حيث تفشت المعاداة للسامية وللصهيونية، خاصة في إسبانيا والسويد والمملكة المتحدة. يرمز جيريمي كوربين، زعيم حزب العمال البريطاني، إلى هذا الاتجاه: فهو يدعو قتلة اليهود أصدقائه ويجتمع معهم علانية. وبينما يناضل زعماء الأحزاب الحضارية للتخلي عن معاداة السامية، يغوص العديد من خصومهم السياسيين بحماس في هذه القذارة

على مدار عشرين عاما، نمت الأحزاب الحضارية من كونها بلا أهمية تذكر لتصبح قوة مهمة في ما يقرب من نصف بلدان أوروبا. إن ما حدث في السويد هو مثال هائل لهذا الصعود، حيث تمكن الديمقراطيون السويديون من مضاعفة نسبة الأصوات تقريبا كل أربع سنوات: 0.4٪ في 1998 ، 1.3٪ في 2002 ، 2.9٪ في 2006 ، 5.7٪ في 2010 ، و 12.9٪ في 2014. لم يحافظ الحزب على هذا النمط في عام 2018 ، حيث أحرز نسبة 17.6 في المائة فقط من الأصوات، لكن كان ذلك كافيا ليصبح قوة كبيرة على الساحة السياسة السويدية.

لم يحقق أي حزب حضاري آخر نمو بهذا الشكل الحسابي، لكن الاقتراعات والأبحاث المسحية تشير إلى أنهم سيحصلون على مزيد من التأييد. وكما يقول جيرت ويلدرز، زعيم حزب حضاري هولندي: "في الجزء الشرقي من أوروبا، تشهد الأحزاب المعادية للأسلمة والمناهضة للهجرة الجماعية زيادة في الدعم الشعبي. كما أن المقاومة تتزايد في الغرب أيضًا". وهناك ثلاثة مسارات لوصول هذه الأحزاب للسلطة.

(1) بمفردها: تحكم الأحزاب الحضارية المجر وبولندا. قرر شعوب هاتين الدولتين اللتين تنتميان لحلف وارسو السابق، الذين نالوا استقلالهم من قبل جيل واحد فقط، والذين يتابعون التطورات في أوروبا الغربية باستياء، أن يسلكوا طريقهم الخاص. وقد رفض رئيس الوزراء في كل منهما صراحًة المهاجرين المسلمين غير الشرعيين (مع إبقاء الباب مفتوحا أمام المسلمين الذين يلتزمون بالقواعد). وقد اتخذت بلدان أخرى في أوروبا الشرقية بشكل مبدئي نفس هذا المسار.

(2) الانضمام إلى الأحزاب المحافظة القديمة: حيث أن الأحزاب المحافظة القديمة أصبحت تفقد أصوات الناخبين بشكل كبير لصالح الحضاريين، فقد استجابوا لذلك باعتماد سياسات مناهضة للهجرة والأسلمة وتوحيد صفوفهم مع الحضاريين. وحتى الآن، لم يحدث هذا إلا في النمسا، حيث فاز حزب الشعب النمساوي وحزب FPÖ بـ 58 في المائة من الأصوات وشكلوا حكومة ائتلافية في ديسمبر 2017، لكن من المرجح أن يصبح هناك المزيد من هذه العلاقات التعاونية.

في عام 2017، تحرك المرشح الجمهوري للرئاسة في فرنسا نحو الاتجاه الحضاري واستمر خلفه، لوران واكيز، في نفس الاتجاه. وبدأ الحزب المحافظ اسميا في السويد، "المعتدلون"، في التحرك نحو الاتجاه الذي كان لا يمكن تصوره حتى الآن وهو التعاون مع الديمقراطيين السويديين.كما تحرك الحزب الديمقراطي الحر في ألمانيا نحو الاتجاه الحضاري. وبينما تظل ميركل مستشارة لألمانيا، لكن البعض في حكومتها قد رفض سياسات الهجرة المتهورة التي تتبعها. على وجه الخصوص  قام وزير الداخلية ورئيس حزب حليف، هورست سيهوفر، بالتحدث عن سياسات متشددة للهجرة، حتى أنه قال إن الإسلام لا ينتمي إلى ألمانيا.

لويجي دي مايو من حركة خمسة نجوم (على اليسار) وماتيو سلفيني من عصبة ايطاليا. الثنائي الإيطالي الغريب.

(3) الانضمام إلى الأحزاب الأخرى: انضمت حركة خمسة نجوم الإيطالية اليسارية التي تتسم بالغرابة والأناركية، إلى العصبة الحضارية في شهر يونيو لتشكيل الحكومة. من أجل إحباط تقدم الحضاريين، فإن بعض الأحزاب اليسارية، مثل الحزب الاشتراكي الديمقراطي السويدي، قد بدأت تتبنى على مضض سياسات مبهمة لمكافحة الهجرة. والأدهى من ذلك هو الحزب الديمقراطي الاجتماعي في الدنمارك الذي أخذ قفزة في هذا الاتجاه عندما أعلن زعيمه، ميتي فريدريكسن، هدف الحد من "عدد الأجانب غير الغربيين الذين يمكنهم القدوم إلى الدنمارك" عن طريق إقامة مراكز استقبال خارج أوروبا حيث سيبقى المتقدمون قيد النظر بينما يتم فحص طلباتهم للحصول على اللجوء. ومن اللافت للنظر أنه إذا تم قبول طالب اللجوء، فإنه سيظل خارج أوروبا، حيث يتولى دافع الضرائب الدانمركي دفع نفقاته. على نطاق أوسع، يجادل الباحث النظري اليساري ياسشا مونك بأن "محاولة تحويل البلدان ذات الهويات الأحادية إلى دول متعددة الأعراق حقاً هي تجربة فريدة تاريخياً". وأشار بتفهم إلى أن هذا الأمر "قد واجه مقاومة شرسة".

وإذ تكتسب الأحزاب الحضارية مزيد من الدعم والقوة، فإنها تفتح أعين الأحزاب الأخرى على التحديات المتعلقة بالهجرة والإسلام. المحافظون، الذين يستفيد مؤيدوهم من رجال الأعمال من العمالة الرخيصة، يميلون إلى تجنب هذه القضايا. وعادةً ما تعمل الأحزاب اليسارية على تعزيز الهجرة ولديها قصر نظر بشأن المشكلات المتعلقة بالإسلام. ان المقارنة بين بريطانيا العظمى والسويد، وهما الدولتان الأوروبيتان الأكثر رخاوة في وجه المهاجرين العدوانيين ثقافيا والممارسين للعنف الإجرامي، تُظهر بوضوح شديد دور الأحزاب الحضارية.

البلد الأول [بريطانيا العظمى] ليس لديه مثل هذا الحزب، لذلك لا يتم التصدي لهذه الأمور. في روثرهام وأماكن أخرى، تم السماح لعصابات التهيئة/الاستمالة الجنسية (فعليا عصابات الاغتصاب) بممارسة نشاطها في المجتمعات المسلمة في المملكة المتحدة لمدة سنوات وحتى عقود بينما تقوم جهات الـ 6Ps السابق ذكرها بتحويل أنظارها بعيدا. وعلى النقيض من ذلك، غيّر الديمقراطيون في السويد سياسات البلاد بصورة دعت الكتل البرلمانية اليمينية واليسارية إلى تشكيل تحالفاً كبيراً لمنعهم من ممارسة نفوذهم. وبينما نجحت هذه المناورة على المدى القصير، أدى وجود الديمقراطيين السويديين بحد ذاته إلى إحداث تغييرات في السياسة، مثل تضييق إمكانية دخول المهاجرين غير الشرعيين.

وبطريقة مماثلة، فإن الدول التابعة سابقا للاتحاد السوفيتي قد أحدثت بلبلة لدى الأعضاء القدامى بحلف الناتو (حلف شمال الأطلسي). يبرز فيكتور أوروبان، رئيس وزراء المجر، في هذا الصدد بتحليله العميق لمشاكل أوروبا وطموحاته لإعادة تشكيل الاتحاد الأوروبي. اكتسبت المجر بشكل خاص وأوروبا الوسطى بشكل عام نفوذ غير مسبوق بسبب موقفها ضد الهجرة والأسلمة.

آمل في أن أكون قد نجحت في التأكيد على نقطتين أساسيتين هنا: أولاً ، إن الأحزاب الحضارية هاوية، خام، وعرضة لارتكاب الأخطاء، ولكنها ليست خطيرة. إن وصولهم إلى السلطة لن يعيد أوروبا إلى "عقد الثلاثينات الوضيع والمخادع". ثانياً، أنها تنمو بلا هوادة  بحيث أنه سيكون لها دور في الحكم على نطاق واسع خلال عشرين سنة أو أكثر وستؤثر على كل من المحافظين واليساريين. إن رفض وتهميش ونبذ وتجاهل الأحزاب الحضارية على أمل أن تختفي هو شيء لن ينجح. إن مثل هذه الخطوات لن تمنعهم من الوصول إلى السلطة، ولكن ستؤدي إلى آثر عكسي حيث ستجعلهم أكثر شعبوية وراديكالية.

يجب على جهات الـ 6Ps قبول الأحزاب الحضارية والاعتراف بشرعيتهم، والعمل معهم وتشجيعهم على التخلص من العناصر المتطرفة، ومساعدتهم على اكتساب الخبرة العملية، وتوجيههم للاستعداد للحكم. ولكن هذا ليس طريقا ذي اتجاه واحد فقط، فالحضاريين لديهم أيضا ما يمكنهم تعليمه للنخبة، حيث يمتلكون رؤى واقعية بخصوص الحفاظ على الطرق التقليدية والحفاظ على الحضارة الغربية.

قام دانيال بايبس (DanielPipes.org@DanielPipes(، رئيس منتدى الشرق الأوسط، بأجراء أبحاث عن الهجرة والإسلام في عشر دول أوروبية خلال العام الماضي.

_______________

ملحق: أسماء الأحزاب الحضارية حسب البلد. من بين البلدان ذات معدلات كبيرة للهجرة غير الغربية، فإن اسبانيا والمملكة المتحدة فقط تفتقران إلى الأحزاب الحضارية الممثلة في البرلمان.

النمسا: Freiheitliche Partei Österreichs  (حزب الحرية النمساوي FPÖ)

بلجيكا: Vlaamse Belang  (المصلحة الفلمنكية VB)

التشيك: Akce nespokojených občanů، (عمل المواطنين غير الراضين ANO)

Svoboda a přímá demokracie - Tomio Okamura (الحرية والديمقراطية المباشرة SDP - Tomio Okamura)

الدنمارك: Dansk Folkeparti ، (حزب الشعب الدنماركيDF )

فنلندا: Perussuomalaiset ، (حزب الفنلنديين PS)

فرنسا: Rassemblement National، (التجمع الوطني RN)

ألمانيا: Alternative für Deutschland ، (البديل لأجل ألمانيا AfD)

هنغاريا:Fidesz (abbr. of Fiatal Demokraták Szövetsége)  (فيدسز، تحالف الشباب الديمقراطيين)

Jobbik Magyarországért Mozgalom (جوبيك، حركة لأجل مجر أفضل)

إيطاليا: Lega (العصبة)

لاتفيا: Nacionālā apvienība ، (التحالف الوطني NA)

هولندا: Partij voor de Vrijheid ، (حزب لأجل الحرية  PVV)  

Forum for Democracyatie ، (المنتدى لأجل الديمقراطية FvD)

النرويج: Fremskrittspartiet ، (حزب التقدم (FrP

بولندا: Prawo i Sprawiedliwość ، (القانون والعدالة PiS)

السويد: Sverigedemokraterna ، (ديمقراطيو السويد SD)

سويسرا: Schweizerische Volkspartei ، (حزب الشعب السويسري SVP

Related

Share

Post a Comment

الفئة
علامات البحث

اتصل بنا

*
*
*