كامل النجار
يجب أن نعترف في البدء أنه لم تكن حقوق الفرد عندما ظهر الإسلام معروفة كما هي الآن. وكان الفرد عبارة عن ترس صغير في عجلة كبيرة هي القبيلة، ثم الأمة أو الجماعة. ولكن في القرون التي تلت وفاة محمد أجمع غالبية فقهاء الإسلام على حقوق وواجبات المرأة، وواجبات الإماء والعبيد والموالي. بالنسبة للأطفال كان الوضع مأزوماً لأن محمداً كان أبتراً ولم ينجب أي أطفال، وبالتالي كان محروماً من عاطفة الأبوة. ونتيجةً لهذا الوضع فقد تجاهل محمد في قرآنه الأطفال كما تجاهل النساء حتى احتجت أم سلمة لديه فأتى ببعض الآيات عن النساء. ففي الفترة المكية كلها (13 سنة) ذكر الأطفال في أربعة آيات (المال والبنون زينة الحياة الدنيا- الكهف 46. أم له البنات ولكم البنون – الطور 39. واستفتهم ألربك البنات ولهم البنون – الصافات 149. ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق – الإسراء 31). ومن الواضح هنا أن محمداً كان يمقت البنات بدليل هذه الآيات التي يحتج فيها الله على جعل البنات من نصيبه بينما الصبيان من نصيب العرب. وعندما هاجر إلى المدينة وبدأ فترة التشريع، تجاهل الأطفال حتى ظهور سورة الأنفال وترتيبها حسب النزول 88، وقال فيها (واعلموا إنما أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجر عظيم). ثم في سورة الممتحنة وترتيبها 91، وقال (لن تنفعكم أرحامكم ولا أولادكم يوم القيامة). ثم في سورة النور، وترتيبها 102، حيث تحدث عن استئذان الأطفال على والديهم قبل دخولهم الحجرات في الصبح، والظهر، وبعد صلاة العشاء. ثم في سورة "المنافقون" وترتيبها 104، حيث قال ( يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله). والملاحظ هنا أن القرآن يحرّض على الأطفال ويجعلهم فتنةً للوالدين ولا فائدة ترجى منهم يوم القيامة، ولم يذكر أي حقوق تخصهم.
وفي كل المناسبات التي اضطر فيها إلى الحديث عن الأطفال كان ضمور عاطفة الأبوة واضحاً عند محمد. فعندما أراد أن يقتل عقبة بن معيط بعد غزوة بدر، سأله عقبة: من للأطفال يا محمد؟ وكان رد محمد: النار (السيرة النبوية لابن هشام، ج3، ص 194). أطفال عقبة يذهبون إلى النار لأن والدهم قاتل محمداً في بدر، مع أن قرآنه يقول (لا تزر وازرة وزر أخرى). ثم عندما سألته عائشة عن أطفال المشركين، قال لها إنهم في النار. فقالت له لكنهم أطفال لم يجر عليهم القلم بعد، فقال لها: (.ربك أعلم بما كانوا عاملين، والذي نفسي بيده لئن شئت أسمعتك تضاغيهم في النار) (الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي، ج5، سورة الإسراء، الآية 12). رجل تصدر منه مثل هذه الأحكام لا نتوقع منه أن يمنح الأطفال أي حقوق في تشريعه.
وزاد القرآن في شحنات الكراهية ضد الأطفال في قصة نبي الله الخضر عندما اصطحب موسى معه ومرا على قريةٍ بها أطفال يلعبون في الطريق فأخذ الخضر طفلاً وذبحه، ولما سأله موسى لماذا قتل الطفل، كان رد الخضر أن والديّ الطفل كانا مؤمنين وخاف الخضر أن يفتنهما الطفل عندما يكبر فيشركان بالله. الحقد الواضح على الطفولة جعل محمد يحكم بقتل هذا الطفل باعتبار ما سوف يكون عندما يكبر الطفل مع ان الاحتمال وارد أن تتغير مفاهيم هذا الطفل عندما يكبر ويصبح مؤمناً ولا يرهق والديه. والطفل في العموم يعبد ما يعبد والداه فمن غير المعقول أن يكون الطفل الذي يلعب مع أقرانه في الشارع كافراً ووالداه مؤمنين. وقد حاول ابن حزم الأندلسي الرد على المعتزلة الذين قالوا إن الله أمات الأطفال لأنه علم أنهم لو عاشوا لصاروا جبابرة ظالمين، فقال (ثم نجيبهم عن قولهم فيمن مات من الأطفال أنه لو عاش لكان طاغياً فنقول لهم هذا أشد في الظلم أن يعذبه الله على ما لم يفعل بعد (الفصل في الملل والأهواء والنِحل، ج2، ص 60). ابن حزم هنا يقول إن الله ظالمً لأنه جعل الخضر يقتل الطفل وهو لم يفتن والديه بعد.
لم يستطع فقهاء الإسلام القدامى أو المحدثون الخروج من جبة محمد وكراهيته للأطفال ليجدوا لنا تشريعات فقهية تحدد حقوق الطفل في الإسلام لتتماهى مع الحقوق التي أقرتها الأمم المتحدة وطبقتها الغالبية العظمى من دول العالم. فتعالوا نرى ماذا فعل فقهاء الإسلام بحقوق الطفل. أولاً الطفل منذ ولادته: إذا كان هذا الطفل مجهول الوالدين، أي لقيطاً، فرض الفقهاء أن يكون هذا الطفل مسلماً إذا وُجد في مدينة أو قرية بها مسلم واحد (ولا يخلو اللقيط من أن يوجد في دار الإسلام أو في دار الكفر، فأما دار الإسلام فضربان أحدهما, دار اختطها المسلمون كبغداد والبصرة والكوفة فلقيط هذه محكوم بإسلامه, وإن كان فيها أهل الذمة تغليبا للإسلام ولظاهر الدار، ولأن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه. الثاني دار فتحها المسلمون كمدائن الشام, فهذه إن كان فيها مسلم واحد حُكم بإسلام لقيطها لأنه يحتمل أن يكون لذلك المسلم تغليبا للإسلام) (ابن قدامة المقدسي، المغني، كتاب 26، اللقيط). أما الكافر فلا يحق له التقاط طفل لقيط (وليس للكافر التقاط مسلم لأنه لا ولاية لكافر على مسلم ولأنه لا يؤمن أن يفتنه ويعلمه الكفر, بل الظاهر أنه يربيه على دينه وينشأ على ذلك كولده فإن التقطه لم يقر في يده) (نفس المصدر).
ولأن محمداً أراد أن ينكح زينب بنت جحش، زوجة ابنه بالتبني، كان لا بد من تحريم التبني في الإسلام. فالطفل تعيس الحظ الذي ترميه أمه أمام مسجدٍ أو دار، ربما يحمله بعض المارة إلى دار الأيتام أو الملجأ، ويعيش فيه سنوات بسيطة ثم ينتهي به المطاف في شوارع المدن الكبيرة كالقاهرة، أو الدار البيضاء أو الخرطوم. وهناك جيش جرار من هؤلاء الأطفال في شوارع تلك المدن لأن الإسلام حرّم التبني. تقدر اليونيسكو أن هناك أكثر من مليوني طفل يعيشون في شوارع ومقابر القاهرة. والطفل اللقيط في الدول الإسلامية والذي لا يُعرف أبوه لا يحق له أن يُضاف إلى السجلات الرسمية في الدولة وبالتالي يُحرم من التعليم والعلاج والميراث. ولهذا عندما حاولت الحكومة المصرية إدخال تعديلات على قوانين الطفل، منها (للأم الحق في الإبلاغ عن وليدها وقيده بسجلات المواليد واستخراج شهادة ميلاده منسوباً إليها كأم) عارض نواب الإخوان المسلمين هذا القانون لأنه يعارض الشريعة (عبد الستار إبراهيم، الشرق الأوسط 23/4/2008)
أما المولود في بلاد المسلمين لو كان بنتاً فليس هناك أتعس من حظها. هذه الصغيرة تختنها أمها أو جدتها وتشوه أعضاءها التناسلية وتحرمها من لذة الجماع لأن محمداً كان ماراً في المدينة ورأى سيدة تختن طفلةً صغيرة، فقال لها (اختني ولا تُنهكي، إنه أمتع للزوج وأنضر للوجه). هكذا زعم رواة الحديث، وأصبح ختان البنات عادة اجتماعية دينية في عدة بلاد مثل الصومال، واليمن، والسودان، وسلطنة عُمان، ومصر، وكينيا. وعندما تبلغ هذه الطفلة سن التاسعة، يجوز لولي أمرها تزويجها برجل يكبرها بعشرات السنين (وعندما تبلغ البنت سن التاسعة يجوز لأبيها أن يزوجها وهي كارهة، يقول المباركافوري (اخْتلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي تَزْوِيجِ الأبْكَارِ إذَا زَوّجَهُنّ الاَبَاءُ. فَرَأَى أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَغَيْرِهِمْ، أَنّ الأبَ إذَا زَوّجَ الْبِكْرَ وَهِيَ بَالِغَةٌ، بِغَيْرِ أَمْرِهَا، فَلمْ تَرْضَ بِتَزْوِيجِ الأبِ، فالنكَاحُ مَفْسُوخٌ. وَقالَ بَعْضُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ: تَزْوِيجُ الأبِ عَلَى الْبِكْرِ جَائِزٌ، وإِنْ كَرِهَتْ ذلِكَ. وهُوَ قَوْلُ مَالِكِ بنِ أَنَسٍ والشّافِعِيّ وأحْمَدَ بن حنبل وإسْحَاقَ.) (تحفة الأحوذي، باب النكاح). ويقول الخميني إنه يجوز للزوج التمتع بزوجته حتى وإن كانت رضيعة دون أن يولج بها. ويجوز له أن يستعمل يدها الصغيرة ليستمني بها. وإذا لم يتمالك الرجل نفسه وجامع الرضيعة وخلطها - خلط مهبلها مع شرجها – فعقابه الوحيد هو طلاقها منه طلاقاً بائناً لا رجعة فيه. في بعض الأحيان يهبط الفقه الإسلامي إلى قاع الانحطاط عندما يتحدث عن حقوق الرجل المسلم. يقول ابن قدامة (ولو تزوج بكبيرة وصغيرتين, فأرضعت الكبيرة الصغيرتين حرمت عليه الكبيرة وانفسخ نكاح الصغيرتين, ولا مهر عليه للكبيرة ويرجع عليها بنصف صداق الصغيرتين وله أن ينكح من شاء منهما) (ابن قدامة، كتاب 43، باب الرضاع). تخيلوا هذا الفحل الذي يتزوج امرأةً بالغة وفي نفس الوقت يتزوج رضيعتين، وترضع زوجته الكبيرة هاتين الطفلتين. فقهاء الإسلام لا يهتمون إطلاقاً بحقوق الرضيعات اللاتي يزوجهن أولياء أمورهن لرجال يكبروهن بعشرات السنين، وطبعاً دون استشارة الرضيعة لأنها لا تستطيع أن تفهم ما يجري حولها. ومع ذلك يهتم الفقيه بحق الفحل ويقول (وله أن ينكح من شاء منهما).
أما قتل الطفل فمن المعلوم من الدين بالضرورة. فقد أمر أبو بكر الصديق خالد بن الوليد عندما أرسله لقتال مسيلمة، أن يقتل كل من جرت عليه الموسى من الأطفال (تاريخ الطبري، 2، ص 248). ويخبرنا الطبري كذلك أن معاوية بن أبي سفيان أرسل بسر بن أرطأة إلى اليمن فلقي قافلة عبيد الله بن عباس وبها ابنان له صغيران فذبحهما بسر (الطبري، 3، ص 153). قال شيخ الإسلام ابن تيميّة [ في مجموع الفتاوى : 28 /540 ] بعد ذكر قصّة الغلام الذي أرشد الملك الظالم على الطريقة التي يمكن أن يقتل بها الملك الغلام : ( و فيها أن الغلام أمر بقتل نفسه لأجل مصلحة ظهور الدين و لهذا أحب الأئمة الأربعة أن ينغمس المسلم فى صف الكفار وإنْ غلب على ظنه أنهم يقتلونه إذا كان فى ذلك مصلحة للمسلمين). وبهذه الفتوى أعطى شيخ الإسلام الجماعات المهووسة تصريح ربط الأحزمة الناسفة على خصور الأطفال وتفجيرهم وسط الأبرياء. وظهرت أمثلة من هذا التصرف في باكستان عندما هاجم برفيز مشرف المسجد الأحمر في كراتشي ووجد الجنود عدة أطفال يلبسون الأحزمة الناسفة، وعندما اعتقلت الشرطة الأفغانية طفلاً باكستانياً عليه حزام ناسف أراد أن يفجر به الجنود الأمريكان. أما الخميني فقد وزع على الأطفال الانتحاريين مفاتيح الجنة المصنوعة من خشب وأرسلهم إلى جبهات القتال ليفجروا أنفسهم وسط الجنود العراقيين. أما الشيخ القرضاوي،الأب الروحي لجماعة الإخوان المسلمين، فقد أفتى بجواز قتل أطفال اليهود لأنهم عندما يكبرون سوف ينضمون للجيش الإسرائيلي وربما يقتلون الفلسطيني. فالقرضاوي يتبع خطى النبي الخضر ويقتل الأطفال باعتبار ما سوف يكون عندما يكبرون.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية (لا حد على من يقبل الصبي أو المرأة الأجنبية) (السياسة الشرعية للراعي والرعية، القسم الثاني، الحدود). ولأنه لا عقاب على من يُقبّل الصبي، نجد أن اللواط بالصبيان قد انتشر في الدولة الأموية، خاصةً في خلافة يزيد بن عبد الملك. ثم في الدولة العباسية حتى أصبح إقامة حفلات المجون مع الصبيان في قصور الخلفاء العباسيين أمراً اعتيادياً، خاصة أيام خلافة المأمون والأمين. ثم جاءت الخلافة العثمانية وأصبح اتخاذ غلام جميل من علامات علو المقام عند موظفي الدولة. يقول الدكتور علي الوردي (وأرجو أن لا ينسى القارئ ذلك الوضع المزري الذي مر به العراق في العهد العثماني عندما كان الحجاب شديد الوطأة على المجتمع، حتى صار عشق الغلمان من المفاخر التي يتباهى بها كثير من الرجال. ولا تزال آثار ذلك باقية حتى اليوم. والانحراف الجنسي موجود اليوم بابشع صوره في سواحل الخليج الفارسي في جهتيه الايرانية والعربية. وتعد مسقط مركز هذا الانحراف. وهناك يجوز لرجل ان يتزوج رجلاً آخر ويعاشره معاشرة الازواج. ويقال عن الرجل المزفزف انه " إنستر". (مهزلة العقل البشري، ص 10). وفي عصرنا هذا نجد حفلات الغلمان منتشرة بكثرة في أفغانستان وفي مملكة الشر الوهابية (انظر الفيديوهات في نهاية المقال). وهناك عدد كبير من الشعراء العرب اشتهروا بحبهم للغلمان كأبي نواس وبشار بن برد وصفي الدين الحلّي لأن الإسلام لم يمنح الطفل أي حقوق تردع مثل هؤلاء الذئاب البشرية. وقد نشر صفي الدين الحلي ديوان شعر يحتوي على قدر كبير من الغزل بالغلمان، بل حتى صريح الوصف لممارسة اللواط مع الغلمان الأتراك المرد. حتى القضاة قد اشتهر بعضهم بحب الغلمان مثل القاضي يحيى بن أكثم الذي احتج أهل بغداد للمأمون لأن القاضي قد أفسد صبيانهم، فقال المأمون لو احتجوا على أحكامه لعزلته.
وبسبب إهمال التشريع الإسلامي لحقوق الطفل نجد أن الأطفال في البلاد التي تحكمها الحركات الإسلامية المعاصرة مثل حماس في غزة، والإخوان المسلمين في السودان، والملالي الشيعة في إيران، لا تهتم حكوماتها بالطفل ولا بصحته أو تعليمه. فحسب إحصاءات الأمم المتحدة هناك ثلاثة ملايين طفل في السودان خارج المنظومة المدرسية، من أصل سبعة ملايين طفل في البلد. يعيش أغلب هؤلاء الأطفال في أوضاع مزرية في الشوارع أو في ما يُعرف بالخلاوي التي تعلمهم القرآن والأحاديث، ويستغلهم معلموهم من الشيوخ لممارسة اللواط معهم.
الدين الإسلامي لا يعترف بأي حقوق غير حقوق الذكر المسلم الحر، وبعض فتات الحقوق للمرأة كالميراث، وحتى في هذا الحق لها نصف ما لأخيها الذكر.
https://www.youtube.com/watch?v=m9dw2q1akcw
https://www.youtube.com/watch?v=bS8yNsuy4Gk
https://www.youtube.com/watch?v=ZXTTZp3XraM