إلياس جرول
عقب الهجوم الإرهابي الذي أسفر عن مصرع سبعة أشخاص في لندن، أشارت رئيسة الوزراء البريطانية «تيريزا ماي» إلى مصدر رعب يتمثل في شركات الإنترنت ودورها في المساعدة على تطرف الشباب، وتسهيل قيام الإرهابيين بالتخطيط لهجمات لم يتم الكشف عنها. وبعد أقل من 24 ساعة من الهجوم الذي وقع يوم السبت الماضي في وسط لندن، وضعت «ماي» أجندة تدعو من خلالها مباشرة شركات مثل «فيسبوك» و«جوجل» لبذل المزيد لمكافحة المحتوى المتطرف على الإنترنت. والجدل بشأن الإنترنت والإرهاب يتجلى في قضيتين رئيسيتين: المحتوى الراديكالي والاتصالات الإرهابية.
وتوافر المحتوى الراديكالي أو المتطرف على الانترنت كمحاضرات الداعية الأميركي «أنور العولقي» أو إنتاجات الفيديو لتنظيم «داعش»، تجعل تبني أيديولوجية العنف أكثر سهولة في الوصول إليها من أي وقت مضى. ولكن قبل وقت طويل من إتاحة شبكة الإنترنت على نطاق واسع، كان المتطرفون الإسلاميون لديهم القدرة على نشر خطبهم وحشد أتباع جدد: فمثلا يستخدم العولقي، كما كان الحال مع قادة القاعدة أسامة بن لادن وأيمن الظواهري، شرائط الكاسيت لنشر رسالته إلى أتباعه في العقود الماضية. وقبل ذلك بفترة، كانت الكتب من الطراز القديم - مثل مذكرات الجهادي المصري سيد قطب في السجن عام 1966 والتي نشرت تحت اسم «معالم في الطريق»، تؤدي نفس الغرض.
ولكن في نفس الوقت، فإن توافر التشفير من طرف لطرف في تطبيقات الرسائل الرائجة جعل من الأصعب بالنسبة للسلطات فك شفرة الاتصالات بين المشتبهين الإرهابيين. وعلى سبيل المثال، فقد تبنت شركة فيسبوك تكنولوجيا متطورة لفك التشفير بالنسبة لتطبيق الرسائل «واتس اب»، والتي تمنع الشركة من فك شفرة رسائل مستخدميه. وتوفر الأجهزة الأخرى الأصغر مثل هذه التكنولوجيا المتطورة. وتقدم إشارة تطبيق الرسائل نفس المستوى من الأمن مثل واتس أب لكنها تأخذ وجهة نظر أكثر تشككا بكثير لطلبات الحكومة للبيانات. وهناك أدوات اتصال أخرى، مثل تطبيق «تلجرام» الروسي، والتي توفر تكنولوجيا الرسائل المشفرة وتقوم بعملياتها خارج الولاية القضائية للولايات المتحدة.
وقد حاولت «ماي»، التي كانت تشغل منصب وزير الأمن الداخلي قبل أن تصبح رئيسة الوزراء العام الماضي، أن تتشدد بشأن المحتوى والاتصال. وكانت هي أول من اقترح مشروع قانون استخباراتي معروف باسم «ميثاق المتلصصين»، لا يمنح كامل الصلاحيات لتصفح بيانات المواطنين، وهذا سابقة خطيرة من نوعها.
إلياس جرول: محلل سياسي أميركي
واشنطن بوست
ترجمة الاتحاد