زهير جمعة المالكي:
قبل الدخول في خرافة اليوم اود ان انوه عن سبب تقديمي لهذه السلسلة من الخرافات التي وصلت لحد اليوم الى 14 وهناك المزيد القادم فقد ذكر بعض الاخوة الى ان هذه معلومات من التاريخ ويجب ان نترك التاريخ ونركز على المستقبل . الاجابة هي ان معظم مانعانيه اليوم من مشاكل في دول الشرق الاوسط وشمال افريقيا ومعظم الدول التي تطلق على نفسها اسم (دول اسلامية ) انما هو نابع من تحكم هذه الخرافات في العقول . لقد تحولت هذه القصص والخرافات الى مايشبه اليقين في عقول شريحة كبيرة من الناس في تلك البلدان حتى اصبحت لها قدسية تتجاوز حتى قدسية القران واصبح السلفيين يجيزون الغاء القران بالحديث الذي كتبه او نسب الى البخاري او مسلم او ابن ماجه او ابي داود .
فعلى سبيل المثال خرافة الحميراء التي تحدثنا عنها في الحلقة السابقة فتحت الباب امام اكبر جريمة ارتكبت ومازالت ترتكب بحق الطفولة وهي زواج القاصرات وكذلك فتاوى ارضاع الكبير لان اصلهما احاديث منسوبة للحميراء لذلك كان لابد من كشف ان حديث الحميراء بالاصل ماهو الا خرافة . كذلك ما سنتناوله في حلقة اليوم وهي خرافة ( العشرة المبشرة بالجنة ) .
لقد اختار رواة الاحاديث عشرة اشخاص من المسلمين وقالوا ان الرسول قد بشرهم بالجنة قبل وفاته ففي (مسند أحمد)، و الترمذي في كتابه المعنون " الجامع الكبير للترمذي ، الجزء 6 كتاب المناقب ، باب مناقب عبد الرحمن ابن عوف بن عبد عوف الزهري ، الصفحة 100 ، تحقيق الدكتور بشار عواد معروف ، دار الغرب الاسلامي ، الطبعة الاولي ، 1996 ، بيروت ، الحديث "3747" حدثنا قتيبة قال حدثنا عبد العزيز بن محمد عن عبد الرحمن بن حميد عن ابيه عن عبد الرحمن بن عوف قال : قال رسول الله : أبو بكر في الجنة ، وعمر في الجنة ، وعثمان في الجنة ، وعلي في الجنة ، وطلحة في الجنة ، والزبير في الجنة ، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة ، وسعد في الجنة ، وسعيد في الجنة ، وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة ".وروى الحديث الإمام أحمد ومحمد بن يزيد بن ماجه القزويني أبو عبد الله المعروف بابن ماجه في كتابه المعروف باسم " سنن ابن ماجه" تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي منشورات دار إحياء الكتب العربية " فيصل عيسى البابي الحلبي" في الحديث رقم 133 قال " حدثنا هشام بن عمار. حدثنا عيسى بن يونس. حدثنا صدقة بن المثنى، أبو المثنى النخعي، عن جده رياح بن الحارث، سمع سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عاشر عشرة؛ فقال ((أبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وسعد في الجنة، وعبد الرحمن في الجنة)) فقيل: من التاسع؟ قال أنا"وتذكر لنا كتب السنة أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يوماً جالساً على بئر أريس وأبو موسى الأشعري بواب له، فجاء أبو بكر الصديق فاستأذن، فقال له الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ((ائذن له وبشره بالجنة ثم جاء عمر فقال: ائذن له، وبشره بالجنة ثم جاء عثمان، فقال: ائذن له وبشره بالجنة على بلوى تصيبه)) (3) وروى ابن عساكر بإسناد صحيح عن ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((القائم بعدي في الجنة، والذي يقوم بعده في الجنة، والثالث والرابع في الجنة)) (4) . ومراده بالقائم بعده: الذي يلي الحكم بعد موته، وهؤلاء الأربعة هم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم جميعاً. وروي سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشيرالازدي السجستاني المشهور بأبي داود في كتابه المعروف باسم "سنن ابي داود" تحقيق شعيب الارناؤوط ، دار الرسالة العالمية ، الطبعة الاولى ، 2009 ، دمشق ، الجزء السابع ، الصفحة 46 الحديث 4649 "عن سعيد بن زيد قال : أشهد على رسول اللّـه ( صلى اللّـه عليه وآله وسلم ) أني سمعته يقول : عشرة في الجنة : النبي في الجنة . وأبو بكر في الجنة . وطلحة في الجنة . وعمر في الجنة . وعثمان في الجنة . وسعد بن مالك في الجنة . وعبد الرحمن بن عوف في الجنة . ولو شئت لسميت العاشر . قال : فقالوا : من هو ؟ قال : سعيد بن زيد" . وفي نفس المصدر الحديث 4650 روى ابو داود 4650ـ حدثنا أبو كامل، ثنا عبد الواحد بن زياد، ثنا صدقة بن المثنى النخعي، حدثني جدِّي رياح بن الحارث قال:كنت قاعداً عند فلان في مسجد الكوفة وعنده أهل الكوفة، فجاء سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، فرحَّب به وحياه وأقعده عند رجله على السرير، فجاء رجل من أهل الكوفة يقال له قيس بن علقمة فاستقبله فسبَّ وسبَّ، فقال سعيد: من يسُبُّ هذا الرجل؟ فقال: يسبُّ عليّا، قال: ألا أرى أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يُسَبُّونَ عندك ثم لا تنكر ولا تغير؟ أنا سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: وإني لغنيٌّ أن أقول عليه ما لم يقل فيسألني عنه غداً إذا لقيته "أبو بكرٍ في الجنة، وعمر في الجنة" وساق معناه ثم قال: لَمشْهَدُ رجل منهم مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يغبِّر فيه وجهه خير من عمل أحدكم عمره ولو عُمِّرَ عُمْرَ نوح ".
بعد ان ذكرنا الروايات التي ذكرت حديث العشرة المبشرة بالجنة فللنظر في تلك الروايات لنعرف مدى صمودها امام الادلة المأخوذة من مصادر من يدعون انفسهم "اهل السنة والجماعة " . بنظرة عامة على الحديث المنسوي الى الرسول نرى ان التضارب فيه واضح والروايات مضطربة فالعدد مرة يكون عشرة بضمنهم النبي ، وكأن النبي بحاجة الى ان يبشر بالجنة ، ومرة يكونون عشرة باخراج النبي منهم واضافة ابو عبيدة عامر بن الجراح وفي مرة اخرى يذكرون ثلاثة فقط هم ابو بكر وعمر وعثمان وفي مرة اخرى يضيفون للثلاثة علي . كما ان راوي الحديث الذي ذكره احمد في مسنده والترمذي في كتابه هو عبد الرحمن ابن عوف والذي يبدو انه نسي ان عثمان احد الذين ذكرهم من المبشرين عندما تذاكر مع علي ابن ابي طالب في موت ابي ذر كما يروي البلاذري في كتابه جمل من انساب الاشراف الجزء السادس ، تحقيق الدكتور سهيل زكار و الدكتور رياض زركلي باشراف مكتب البحوث والدراسات في دار الفكر للطباعه والنشر الصفحة 171-172 "حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنِ الْوَاقِدِيِّ ، عَنْ إِبْرَاهِيم بْن سَعْد ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : لما توفي أَبُو ذر بالربذة تذاكر عَلِي وعَبْد الرَّحْمَنِ بْن عوف فعل عُثْمَان فَقَالَ عَلِي : هَذَا عملك ، فَقَالَ عَبْد الرَّحْمَنِ : إِذَا شئت فخذ سَيْفك وآخذ سَيْفي ، إنه قَدْ خالف مَا أعطاني" . وروى البلاذري في نفس الصفحة (وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنِ الْوَاقِدِيِّ ، عَنْ مُحَمَّد بْن صَالِح ، عَنْ عبيد بْن رافع ، عَنْ عُثْمَان بْن الشريد ، قَالَ : ذكر عُثْمَان عِنْدَ عَبْد الرَّحْمَنِ بْن عوف فِي مرضه الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَقَالَ عَبْد الرَّحْمَنِ : عاجلوه قبل أَن يتمادى فِي ملكه ، فبلغ ذَلِكَ عُثْمَان" . فلو كان عبد الرحمن ابن عوف يؤمن ان عثمان من اهل الجنة لما حرض عليه قبل وفاته .
كذلك نرى من خلال كتب الاحاديث ان العشرة المبشرين بالجنة انفسهم لم يعلموا بذلك الحديث المنسوب الى الرسول فهم لم يكونوا يعلموا انهم من اهل الجنة او اهل النار فنرى ان ابي بكر كما روى مالك ابن انس في كتابه المسمى " موطاء مالك " في كتاب " الجهاد" باب "الشهداء في سبيل الله" أن رسول الله ، قال لشهداء أحد هؤلاء أشهد عليهم فقال أبو بكر الصديق ألسنا يا رسول الله بإخوانهم أسلمنا كما أسلموا وجاهدنا كما جاهدوا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بلى ولكن لا أدري ما تحدثون بعدي فبكى أبو بكر ثم بكى ثم قال أئنا لكائنون بعدك" . كما ورد في كتاب "الجامع لشعب الإيمان" تأليف أحمد بن الحسين بن علي بن موسى البيهقي أبو بكر " البيهقي " تحقيق مختار أحمد الندوي وعبد العلي عبد الحميد حامد ، منشورات مكتبة الرشد سنة النشر: 1423 – 2003- شعب الإيمان - الخوف من الله تعالى- الجزء : ( 2 ) - رقم الصفحة 228 " 768 - قال : وحدثنا : يحيى بن يحيى ، أخبرنا : أبو معاوية ، عن جويبر ، عن الضحاك ، قال : مر أبو بكر (ر) على طير قد وقع على شجرة ، فقال : طوبى لك يا طير تطير فتقع على الشجر ، ثم تأكل من الثمر ، ثم تطير ليس عليك حساب ولا عذاب يا ليتني كنت مثلك ، والله لوددت أني كنت شجرة إلى جانب الطريق فمر علي بعير فأخذني فأدخلني فاه فلاكني ، ثم ازدردني ، ثم أخرجني بعرا ولم أكن بشرا " فهنا الخليفة الاول يحسد الطير ويتمنى ان يكون "بعرة " خوفا من الحساب وهذا ليس كلام من يؤمن انه مبشر بالجنة الا اذا كان لايؤمن ان قول الرسول حق. كما ورد في كتاب "كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال" ، تأليف "المتقي الهندي" تحقيق صفوت السقا و بكري الحياني ، منشورات مؤسسة الرسالة الجزء : ( 12 ) - رقم الصفحة 528 " 35701 - عن معاذ بن جبل ، قال : دخل أبو بكر حائطا وإذا بدبسي في ظل شجرة فتنفس الصعداء ، ثم قال : طوبى لك يا طير ، تأكل من الشجر وتستظل بالشجر وتصير إلى غير حساب ، يا ليت أبا بكر مثلك. وفي الحديث 35702 ، عن قتادة ، قال : بلغني أن أبا بكر ، قال : وددت أني خضرة تأكلني الدواب. وفي الحديث 35703 " عن الضحاك بن مزاحم ، قال : قال أبو بكر الصديق ونظر إلى عصفور : طوبى لك يا عصفور ، تأكل من الثمار وتطير في الأشجار ، لا حساب عليك ولا عذاب ، والله لوددت أني كبش يسمنني أهلي ، فإذا كنت أعظم ما كنت وأسمنه يذبحوني فيجعلوني بعضي شواء وبعضي قديدا ، ثم أكلوني ، ثم ألقوني عذرة في الحش وأني لم أكن خلقت بشرا" . فهذا كلها حوادث تؤكد ان ابو بكر لم يكن يعلم ان كان مصيره الجنة او النار وانه كان يخشى الحساب حتى انه يتمنى ان يكون " بعرة او عذرة".
كذلك نرى عمر بن الخطاب كما ذكر البخاري في صحيحه قال : لما طعن عمر جعل يألم …و قال عمر : والله لو أن لي طلاع الأرض ذهبا لافتديت به من عذاب الله عز وجل قبل أن أراه …الخ !!!كما ورد في كتاب "الجامع لشعب الإيمان" تأليف أحمد بن الحسين بن علي بن موسى البيهقي أبو بكر " البيهقي " الصفحة 228 "قال : فقال عمر (ر) : يا ليتني كنت كبش أهلي سمنوني ما بدا لهم حتى إذا كنت كأسمن ما يكون زارهم بعض من يحبون فذبحوني لهم فجعلوا بعضي شواء وبعضه قديدا ، ثم أكلوني ولم أكن بشرا ، قال : وقال أبو الدرداء يا ليتني كنت شجرة تعضد وتؤكل ثمرتي ولم أكن بشرا". وكذلك ورد في كتاب "كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال" الجزء : ( 12 ) - الصفحة 620 في الحديث 35916 "عن عمر ، قال : لو نادى مناد من السماء : يا أيها الناس انكم داخلون الجنة كلكم أجمعون الا رجلا واحدا لخفت أن أكون أنا هو ، ولو نادى مناد : أيها الناس ، انكم داخلون النار الا رجلا واحدا لرجوت أن أكون أنا هو" . كما نرى عمر بعد ان طعنه ابو لؤلؤة فيروز وادرك انه سيموت كما روى صاحب كتاب " فصل الخطاب في سيرة ابن الخطاب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب شخصيته وعصره" علي محمد محمد الصلابي ، منشورات مكتبة الصحابة – الشارقة ، سنة النشر: 1423 – 2002 في الصفحة 635 ، "هذا عثمان رضي الله عنه يحدثنا عن اللحظات الأخيرة في حياة الفاروق، فيقول: أنا آخركم عهدًا بعمر، دخلت عليه، ورأسه في حجر ابنه عبد الله بن عمر فقال له: ضع خدي بالأرض، قال: فهل فخذي والأرض إلا سواء؟ قال ضع خدي بالأرض لا أمَّ لك، في الثانية أو في الثالثة، ثم شبك بين رجليه، فسمعته يقول: ويلي، وويل أمي إن لم يغفر الله لي حتى فاضت (خرجت) روحه " . فهنا عمر يدعو بالويل على نفسه ان لم يغفر الله له عمله فكيف يفعل ذلك من يؤمن ان كلام الرسول حق وان الرسول بشره بالجنة ؟
أما عثمان بن عفان فقد ورد في كتاب "مجمع الزوائد ومنبع الفوائد" تأليف "نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي" ، تحقيق حسين سليم أسد الداراني الناشر : دار االمنهج الصفحة 155 الجزء 15 الحديث رقم 12046 "وعن المغيرة ابن شعبة أنه دخل على عثمان وهو محصور عندما حاصر الصحابة عثمان بن عفان وأرادوا قتله ذكر أحد أصحاب عثمان أن يهربه الى مكة … فقال له عثمان بن عفان : ما ذكرت من الخروج إلى مكة ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( يلحد بمكة رجل من قريش عليه نصف عذاب هذه الأمة من الإنس والجن ) فلن أكون ذلك الرجل إن شاء الله !!! …الخ .". ومن ما تقدم يتبين لنا ان الثلاث الاوائل من العشرة لم يكونوا يعرفون انهم من اهل الجنة بل انهم كانوا يخشون الحساب الى درجة ان احدهم يتمنى ان يكون " بعرة او عذرة " حتى ينجو من الحساب . فما قول بعضهم في البعض الاخر اي العشرة المبشرة بالجنة ؟ .
لمعرفة راي علي ابن ابي طالب في ابي بكر وعمر يمكن الرجوع الى صحيح مسلم وكذلك عبد الرزاق الصنعاني في مصنفه الجزء الخامس ، ص 104 – 105، رقم الحديث 10532، الناشر: دار التأصيل من كلام عمر بن الخطاب للامام علي (ع) والعباس قال عمر لهما " فلما توفي رسول الله (ص) قال أبو بكر : ” أنا ولي رسول الله (ص) ” . فجئتما تطلب ميراثك من ابن أخيك ويطلب هذا ميراث امرأته من أبيها فقال أبو بكر قال رسول الله (ص) : ( ما نورث ما تركنا صدقة ) . فرأيتماه كاذبا آثما غادرا خائنا !!!
والله يعلم إنه لصادق بار راشد تابع للحق . ثم توفي أبو بكر وأنا ولي رسول الله (ص) وولي أبا بكر فرأيتماني كاذبا آثما غادرا خائنا !!! والله يعلم إني بار راشد تابع للحق "هذا الامام علي احد العشرة يصف ابو بكر وعمر بانهما غادران خائنان آثمان وعلى لسان عمر نفسه وبرواية اصح كتب الحديث . اما رأي عثمان في علي فذكره الحافظ احمد بن علي بن حجر العسقلاني في كتابه (المطالب العالية في زوائد المسانيد الثمانية) ، ج10، ص44، رقم الحديث 2136 تحقيق عبد الله بن محمد بن سعيد الشهراني فيروي إسحاق بن راهويه في مسنده: " فنزل عثمان رضي الله عنه عن المنبر فأخذ شيئاً فمشى به إلى علي رضي الله عنه فقام طلحة والزبير رضي الله عنهما فانتزعاه منه فمشى إلى علي رضي الله عنه فكاد أن ينخس عينه بإصبعه ويقول له: إنك لضال مضل، ولا يرد علي رضي الله عنه عليه شيئاً " . فعلي بنظر عثمان هو ضال مضل فكيف يقول ذلك ان كان يعلم ان علي مبشر بالجنة ؟ . أما بالنسبة للعلاقة بين عثمان وطلحة والزبير والثلاثة مذكورين ضمن العشرة فقد ورد في كتاب أنساب الأشراف للإمام أحمد بن يحيى البلاذري ج6 ص201 ، ط دار الفكر – بيروت، ت: د/سُهَيل زَكَّار, د/رياض زركلي عن ابن سيرين انه قال" لم يكن أحد من أصحاب النبي أشد على عثمان من طلحة" . كذلك فقد حارب الزبير وطلحة علي في معركة الجمل رغم ان الرسول قال كما ورد في صحيح مسلم - كتاب الفتن وأشراط الساعة - باب إذا تواجه المسلمان بسيفيهما ، مسلم بن الحجاج ، المحقق: نظر بن محمد الفاريابي أبو قتيبة ، الناشر: دار طيبة، سنة النشر: 1427 – 2006 " 2888 - حدثني : أبو كامل فضيل بن حسين الجحدري ، حدثنا : حماد بن زيد ، عن أيوب ويونس ، عن الحسن ، عن الأحنف بن قيس ، قال : خرجت وأنا أريد هذا الرجل فلقيني أبو بكرة ، فقال : أين تريد يا أحنف قال : قلت أريد نصر ابن عم رسول الله (ص) يعني عليا ، قال : فقال لي : يا أحنف ارجع فإني سمعت رسول الله (ص) ، يقول : إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار ، قال : فقلت ، أو قيل : يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول ، قال : إنه قد أراد قتل صاحبه. وهذا الحديث ورد في صحيح البخاري - كتاب الإيمان باب : وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فسماهم المؤمنين .
كان ذلك رأي العشرة في بعضهم البعض فما راي بقية الصحابة في العشرة ؟ لقد قرانا في الحلقات السابقة ان بعض الصحابة وعلى رأسهم السيدة فاطمة الزهراء لم يقبلوا بخلافة ابي بكر بل ان السيدة فاطمة كما روى البخاري ماتت وهي ناقمة على ابي بكر كذلك الصحابي سعد ابن عبادة كما ان البلاذري يروي في كتابه "جمل من أنساب الأشراف - ج 5 " نسب بني عبد شمس بن عبد مناف صفحة 18 " المدائني عن مسلمة قال: قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو سفيان على صدقة نجران فقال: من قام بالأمر؟ قالوا: أبو بكر، قال: أبو الفصيل؟! إني لأرى أمراً لا يسكنه إلا الدم." . كما ان ابو بكر الباقلاني يروي ان عمار بن ياسر كان يكفر عثمان فقد ذكر اي الباقلاني في كتابه تمهيد الأوائل وتلخيص الدلائل الصفحة 530 تحقيق عماد الدين أحمد حيدر، منشورات مؤسسة الكتب الثقافية ، بيروت لبنان سنة النشر: 1407 – 1987 ما نصه ” روي أنه – اي عمار بن ياسر- كان يقول : عثمان كافر ، وكان يقول بعد قتله : قتلنا عثمان يوم قتلناه كافرا ” !. ولو نظرنا الى رأي عائشة ام المؤمنين في عثمان لرأيناها كما ذكر الحافظ الفخر الرازي في كتابة المحصول في علم اصول الفقه الجزء الرابع ، تحقيق الدكتور طه جابر فياض العلواني الصفحة 343 "أن عثمان رضي الله عنه أخر عن عائشة رضي الله عنها بعض أرزاقها فغضبت ثم قالت يا عثمان أكلت أمانتك وضيعت الرعية وسلطت عليهم الأشرار من أهل بيتك والله لولا الصلوات الخمس لمشى إليك أقوام ذوو بصائر يذبحونك كما يذبح الجمل فقال عثمان رضى الله عنه ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط الآية فكانت عائشة ر تحرض عليه جهدها وطاقتها وتقول أيها الناس هذا قميص رسول الله صلى الله عليه و سلم لم يبل وقد بليت سنته اقتلوا نعثلا قتل الله نعثلا". وفي عمدة القاري للعيني ذكر أن الصحابي (محمد بن أبي حذيفة بن عتبة ) كان من أشد الناس على عثمان في حصاره ، بل أن محمد بن ابي بكر كان ضد عثمان !… قال الامام ابن عبد البر في الاستيعاب : ” كان أشد الناس على عثمان المحمدون : محمد بن أبي بكر، محمد بن أبي حذيفة ومحمد بن عمرو بن حزم ” !قال الطبري في تأريخه : ” كان محمد بن أبي بكر ومحمد بن أبي حذيفة بمصر يحرضان على عثمان فقدم محمد بن أبي بكر ” !
أخرج الطبري في تأريخه فقال : حدثني جعفر بن عبد الله المحمدي قال حدثنا عمرو عن محمد بن إسحاق ابن يسار المدني عن عمه عبد الرحمن بن يسار أنه قال : لما رأى الناس ما صنع عثمان كتب من بالمدينة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى ما بالآفاق منهم وكانوا قد تفرقوا في الثغور انكم إنما خرجتم أن تجاهدوا في سبيل الله عز وجل تطلبون دين محمد صلى الله عليه وسلم فإن دين محمد قد أفسد من خلفكم وترك فهلموا فأقيموا دين محمد صلى الله عليه وسلم فأقبلوا من كل أفق حتى قتلوه …الخ ! وقد ورد في كتاب أنساب الأشراف للإمام أحمد بن يحيى البلاذري ج6 ص201 ، ط دار الفكر – بيروت، ت: د.سُهَيل زَكَّار, د.رياض زركلي عن ابن سيرين انه قال: لم يكن أحد من أصحاب النبي أشد على عثمان من طلحة
مما تقدم نرى ان قصة العشرة المبشرين بالجنة هي محض خرافة استنادا الى كون القصة نفسها مضطربة ، كذلك ان احد رواتها وهو عبد الرحمن ابن عوف لم يلتزم بها وحرض على قتل عثمان احد العشرة . كما ان العشرة انفسهم لم يكونوا سمعوا بها فكانوا لايعلمون هل هم الى جنة او جهنم وان احدهم من خشية الحساب يتمنى ان يكون " عذرة " وهي فضلات الانسان الثقيلة والاخر يدعو على نفسه بالويل ان لم يغفر الله له . كذلك فقد كان العشرة كل منهم يرى الاخر ضال ومضل وقاتل احدهم الاخر بالتحريض او بالمباشرة في الحرب . اما بقية كبار الصحابة فكان منهم من يرى ان بعض العشرة كافر ويحل قتله بل ان بعضهم شارك بصورة فعلية في قتل عثمان مفتخرا بذلك . لذلك يتبين ان هذه القصة هي خرافة من الخرافات التي وضعت لاغراض سياسية .