أبونا :
أصدرت وزارة الخارجية الأميركية، الخميس 2 حزيران 2022، تقرير الحريّة الدينيّة الدولي لعام 2021. ويُقدّم التقرير، الذي صدر لأوّل مرة عام 1998، مراجعة شاملة وقائمة لحالة الحريّة الدينيّة في ما يقرب من 200 دولة ومنطقة حول العالم.
جاء ذلك في مؤتمر صحفي شارك به وزير الخارجيّة الأمريكي أنتوني بلينكن، إلى جانب سفير الحريّة الدينيّة الدوليّة رشاد حسين، حيث تمّ التأكيد بأنّ "احترام الحرية الدينيّة ليس فقط من أعمق القيم، وحق إنسانيّ عالميّ، إنما أيضًا أولويّة حيويّة في السياسة الخارجيّة للويلات المتحدة، وبالتالي يجب علينا أن نفعل المزيد لمكافحة أشكال الكراهية المتزايدة".
وأوضح بلينكن بأنّ "تقرير هذا العام يتضمن العديد من البلدان التي شهدت فيها الحريّة الدينيّة تقدمًا ملحوظًا، وذلك بفضل عمل الحكومات ومنظمات المجتمع المدني والمواطنين. على سبيل المثال، أطلقت المملكة المغربيّة، العام الماضي، مبادرة لتجديد مواقع التراث اليهودي مثل المعابد والمقابر، ولإدراج التاريخ اليهودي في مناهج المدارس العامة المغربية".
أضاف: "وفي تايوان، سهّلت السلطات الإبلاغ عن أصحاب العمل الذين يرفضون منح عمالهم يوم عطلة أسبوعيًّا لحضور الشعائر الدينيّة. وفي تيمور الشرقيّة، تعهّد الرئيس الجديد جوزيه راموس هورتا مؤخرًا بالدفاع عن حقوق جميع المواطنين بغض النظر عن الخلفيّة الدينيّة".
وفي العراق، تابع، "تمّ استقبال البابا فرنسيس في أول زيارة بابويّة على الإطلاق إلى البلاد، حيث أقيمت احتفالات مسيحيّة وما بين الأديان في كلّ من بغداد والموصل وإقليم كوردستان العراق". وأشار إلى أنّ "أحد القادة المحليين من مدينة الناصرية، وهو الشيخ حيدر الدبيسي، قد قال بعد الزيارة البابويّة: ’إنّ البابا جاء إلى العراق رغم أنه بالكاد يستطيع المشي. لقد بعث برسالة ليس فقط للعراقيين، ولكن للعالم أجمع، مفادها أن الإسلام والأديان الأخرى يمكن أن تجلس معًا بسلام‘".
وقال: "لسوء الحظ، يوضح التقرير أيضًا أن لدينا المزيد من العمل الذي يتعين علينا القيام به. في أجزاء كثيرة من العالم، تفشل الحكومات في احترام الحقوق الأساسيّة لمواطنيها. تستمر بعض الحكومات في استخدام قوانين التكفير والردة لمراقبة لغة الأقليات الدينيّة. فيما تحظر أخرى التعبير عن المعتقد الديني مثل القيود على الملابس الدينية". وشدّد أنّه على "جميع المجتمعات، بما في ذلك الولايات المتحدة وأوروبا، أن تفعل المزيد لمكافحة الأشكال المتصاعدة من الكراهيّة، بما في ذلك معاداة السامية والمشاعر المعادية للمسلمين".
أضاف: "لتسليط الضوء على بعض الأمثلة، في آذار، قالت مراجعة قانونيّة مكثفة للأدلة أنّ الجيش البورمي ارتكب إبادة جماعيّة وجرائم ضد الإنسانيّة بقصد تدمير الروهينجا ذات الأغلبيّة المسلمة في عام 2017، وتمّ اعتداءات على المساجد، واستخدام الافتراءات الدينيّة والعرقيّة، وتدنيس المصاحف. وفي إريتريا، لا يتم السماح إلا لأربع مجموعات دينيّة بممارسة عقيدتها بحريّة، بينما تم اعتقال أعضاء الأقليات الدينية الأخرى واعتقالهم وإجبارهم على التخلي عن عقيدتهم كشرط مسبق للإفراج عنهم. وفي السعودية، نقدّر التحركات الأخيرة الهامة لزيادة الحوار بين الأديان والتسامح الدينيّ، ومع ذلك، فإنّ ممارسة الشعائر الدينيّة غير الإسلام تظل غير قانونيّة، وتستمرّ الحكومة في التمييز ضد أفراد الأقليات الدينيّة".
وأشار إلى أنّ الصين "تواصل الإبادة الجماعيّة والقمع لجماعة الأويغور، ذات الأغلبيّة المسلمة. فمنذ نيسان 2017، تم احتجاز أكثر من مليون من الأويغور، وغيرهم من الأقليات، في معسكرات الاعتقال في شينجيانغ. وتواصل الصين مضايقة أتباع الديانات التي تعتبرها غير متوافقة مع عقيدة الحزب الشيوعي الصيني، بما في ذلك تدمير دور العبادة البوذيّة والمسيحيّة والإسلاميّة والطاويّة، وإقامة حواجز أمام التوظيف والسكن للمسيحيين والمسلمين والبوذيين التبتيين".
أضاف: "في أفغانستان، تدهورت حالة الحريّة الدينيّة بشكل كبير في ظل حكم طالبان، لاسيما عندما قاموا بقمع الحقوق الأساسيّة للنساء والفتيات في الحصول على التعليم والعمل والانخراط في المجتمع، وغالبًا ما تمّ تحت راية الدين. في غضون ذلك، يشن داعش خراسان هجمات عنيفة بشكل متزايد ضد الأقليات الدينيّة، ولا سيما الشيعة الهزارة. وفي باكستان، حكمت المحاكم الباكستانية على ما لا يقل عن 16 شخصًا متهمًا بالتجديف بالإعدام في عام 2021، على الرغم من عدم تنفيذ أي من هذه الأحكام بعد".
ولفت إلى أنّ التقرير "يوثّق كيف تتعرض الحريّة الدينيّة وحقوق الأقليات الدينية للتهديد في المجتمعات في جميع أنحاء العالم. على سبيل المثال، في الهند، أكبر بلد ديمقراطي في العالم وموطن لتنوع كبير من الأديان، فقد شهد هجمات متزايدة على الناس وأماكن العبادة. وفي فيتنام يقوم السلطات بالتضييق على أعضاء الطوائف الدينية غير المسجلة. وفي نيجيريا، تستخدم العديد من حكومات الولايات قوانين مكافحة التشهير والتجديف لمعاقبة الناس على التعبير عن معتقداتهم".
من جهته، أشار سفير الحريّة الدينيّة الدوليّة رشاد حسين إلى أنّ التقرير "يعطي صوتًا لعدد لا يحصى من الأفراد حول العالم الذين قُتلوا أو تعرضوا للضرب أو التهديد أو المضايقة أو السجن بسبب سعيهم لممارسة معتقداتهم بحسب ما يملي عليهم ضميرهم"، مؤكدًا أنّ "الولايات المتحدة ستستمرّ في الدفاع عن أولئك المضطهدين في جميع أنحاء العالم".
ولفت إلى أنّه "على صفحات تقرير هذا العام، توجد قصص لأفراد عانوا من اضطهاد لا يوصف، وحكومات سعت إلى تقييد المعتقدات والممارسات الدينيّة وتعبير الأفراد عنها. كما استهدفت جهات غير حكوميّة الجماعات الدينيّة، وهاجمت أماكن العبادة، وشوهت الجماعات الدينية والعرقية والعرقية في رواياتها البغيضة، بما في ذلك على منصات وسائل التواصل الاجتماعي. من شهود يهوه في روسيا، اليهود في أوروبا، والبهائيين في إيران، والمسيحيين في كوريا الشمالية ونيجيريا والسعودية، والمسلمين في بورما والصين، والكاثوليك في نيكاراغوا، والملحدين والإنسانيين في جميع أنحاء العالم. لم يكن أي مجتمع بمنأى عن هذه الانتهاكات".
وعرض السفير في كلمته ثلاثة مواضيع رئيسيّة في تقرير هذا العام؛ أولاً: تستخدم العديد من الحكومات قوانين وسياسات تمييزيّة وتعمل على الإساءة إلى شعوبها. لقد شهدنا إبادة جماعيّة لمجتمعات الأقليات الدينيّة في السنوات الأخيرة، في الصين وبورما. ثانيًا: يؤدي زيادة التعصب والكراهية في المجتمع إلى تأجيج العنف والصراع في جميع أنحاء العالم. يجب ألا تقف الحكومات صامتة أو تقف مكتوفة الأيدي في مواجهة مثل هذا القمع. ثالثًا: أدى التعاون الفاعل بين المجتمع المدني والحكومات والشركاء متعددي الأطراف إلى بعض التقدّم، وهذا يبعث الأمل في مواجهة هذه التحديات المعقدة".
وأشار إلى أنّ "مؤسسات المجتمع المدني المستقلة والقويّة تساعد الحكومات على حل المشكلات وتقديم خدمة أفضل لشعوبها من خلال تسليط الضوء على القضايا الأكثر أهميّة. وحيثما يزدهر المجتمع المدني، تعمل الحكومات بمزيد من الشفافية والمساءلة، مما يخلق تأثيرًا ملموسًا على حياة المواطنين العاديين. بالتالي، يجب علينا الاستماع إلى أصوات المجتمع المدني وتمكينها، بما في ذلك أولئك الذين يعارضون آراء الأغلبية أو ينتقدون الحكومة، والتي تعمل من أجل مستقبل أكثر عدلاً وسلمًا لنا جميعًا. إنّ التغيير ممكن فقط من خلال العمل الجاد للجماعات والأفراد المكرسين للنضال من أجل هذه الحقوق".
وخلص إلى القول: "اليوم، أكثر من أي وقت مضى، لدينا أدوات تعمل على تسهيل تدفق المعلومات لإبقاء الأفراد على إطلاع. ولدينا آليات لتسليط الضوء على الانتهاكات التي تحدث، ولدينا الوسائل لمحاسبة الفاعلين السيئين. ولدينا شركاء في هذا الجهد، بما في ذلك القادة الدينيون. ويمكن للدين أن يكون قوة قويّة من أجل الخير، ولا ينبغي أبدًا أن يستخدم لإيذاء الناس. إنّ الأمل الأكبر هو أن نتمكن معًا من توحيد جهودنا لضمان احترام حرية الدين أو المعتقد لجميع الناس في جميع أنحاء العالم، وأن نستمرّ في التضامن مع جميع الأشخاص الذين يسعون إلى ممارسة معتقداتهم".
ابونا
للاطلاع على التقرير كاملا
https://www.state.gov/reports/2021-report-on-international-religious-freedom/