الشعراوي "عملة تذكارية"... جدل "أيقونة السبعينيات" يعود إلى الواجهة - مقالات
أحدث المقالات

الشعراوي "عملة تذكارية"... جدل "أيقونة السبعينيات" يعود إلى الواجهة

الشعراوي "عملة تذكارية"... جدل "أيقونة السبعينيات" يعود إلى الواجهة

أمينة خيري صحافية:

 

تجد صوره مثبتة على نوافذ الـ "ميكروباص" ومهيمنة على خلفيات باصات النقل العام، وتتوسط قاعات اللقاءات في مؤسسات وهيئات، وعلى مداخل شركات وأماكن أعمال، أما كلامه فيتم تداوله على مدار الساعة عبر قنوات "يوتيوب" وحتى مقاطع "تيك توك" و"ريلز" و"فيسبوك" و"لايف" الأفراد الداعين والدعاة والأدعياء على حد سواء.

عصي على النقاش

سواء رحل الشيخ محمد متولي الشعراوي عن عالمنا قبل نحو ربع قرن، أو أظهرت الحجة والبرهان التفسيري أن الخطاب الديني قابل للتحديث، بل ومستوجب التنقيح، أو تغير العالم وتطور الإنسان وتبدلت الأوطان وانقلبت الحاجات والأولويات والضرورات رأساً على عقب، يظل الشيخ الشعراوي عصياً على النقاش عتيداً أمام الجدال مقاوماً لكل محاولة لتطهير هنا أو مراجعة هناك أو نكئ لجراح نسخة تدين السبعينيات التي اجتاحت البلاد وهيمنت على العباد.

وفي العام 1443 بعد الهجرة 2022 بعد الميلاد، وبعد ما يقرب من 150 سنة من نصوص دستورية تنص على أن مصر دولة مدنية، وبعد مرور ما يزيد على قرنين من التأسيس لمشروع نهضة مصر الحديثة القائمة على دولة مدنية قوية يدعمها رجال الدين وعلى رأسهم الشيح محمد عبده الذي "دعا بالحجة القوية إلى تأسيس مصر الحديثة كدولة مدنية، فأكد قيم الهوية المصرية والمواطنة المتأصلة في طبيعة الشخصية المصرية، وبين أن الإسلام لم يدع إلى تأسيس دولة أو إمبراطورية دينية، بل دعا إلى تأسيس مبادئ إنسانية عامة، مثل المساواة بين البشر بصرف النظر عن النوع أو الجنس أو العرق، وإعلاء القيم الإنسانية العليا مثل العدالة والإنصاف وحرية الرأي والعقيدة وإتقان العمل من أجل الصالح العام، وما إلى ذلك مما تؤكده أعظم الدساتير المعاصرة"، بحسب ما ورد في مقالة "الدستور والدولة المدنية" (2015) لأستاذ الفلسفة سعيد توفيق، يظل الشيخ الشعراوي مصراً على موقفه الأشبه بالتقديس، الأقرب إلى التنزيه الرافع راية "لا مساس ولا حتى تماس".

بين المقدس وغير المقدس

خط التماس بين المقدس وغير المقدس في معركة المصريين الدائرة منذ العام 2013 لتحديد هوية الدولة، وإن كانت مدنية أو دينية أو بين بينين، يجري خدشه مراراً وتكراراً وذلك بين ثلاث فرق، الأولى تدعم الدولة المدنية من دون خلط للدين بالدولة، والثانية تجاهد من أجل الدولة الدينية حيث الدين أساس الحكم وما عدا ذلك كفر وضلال، والثالثة تمثل الأغلبية، حيث خلطة الدولة "المدنية شكلاً الدينية موضوعاً" وفيها سيادة القانون على الورق وتعميم شعبوي للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الشارع.

الشيخ الشعراوي أيقونة في الشارع المصري. والأيقونات حين يكون علمها أو مكانتها أو خانة عملها في بطاقة الهوية "دينية"، وتحديداً إسلامية، لا يجوز المساس بها أو الاقتراب منها أو مناقشة ما تقول أو تفعل، فما بالك بدحض أو رفض وانتقاد ما يبدر منها.

وما بدر من الشيخ الشعراوي على مدى عقود طويلة من احتكار التفسير بحكم شعبيته والانفراد بساحات الدرس واستحواذ على وعي ملايين المصريين ونشر علمه بمنظوره ورؤاه، أسفر عن صناعة أيقونة غير قابلة للمراجعة أو المحاسبة أو حتى المناقشة.

مناقشة ما أكده الشيخ الشعراوي مراراً وتكراراً عن قضايا حيوية مثل زرع الأعضاء وإجازة ختان الإناث وقتل تارك الصلاة وتهنئة المسيحيين بأعيادهم، يتم التعامل معها اليوم باعتبارها مناقشة لنصوص دينية لا تجوز مراجعتها أو يسمح بدحضها أو تعديلها.

وعلى مدى الأعوام التسعة الماضية، ومنذ خروج جموع المصريين اعتراضاً على حكم تنظيم الإخوان وجولات محاولات تحديث الخطاب الديني وتنقيحه ومراجعته، تدور رحاها بين قلة راغبة وأغلبية ممانعة.

ممنوع الاقتراب

منع المجاهرة بتفنيد ما قاله الشيخ الراحل يجري نهاراً جهاراً، تارة بالقانون وأخرى بالتلويح بسلاح التشويه والطعن في الإيمان والتشكيك في التدين، وثالثة عبر انتفاض مؤسسات "رسمية" دفاعاً عن الشيخ وبناء لمزيد من جدران التحصين ورفع راية "ممنوع الاقتراب".

حين يقترب باحثون أو مجددون أو متفكرون أو حتى متسائلون عن محتوى التراث الذي تركه الشيخ الراحل، الذي يناقضه كثيرون من علماء الدين الحاليين ويجدده رجال دين في شتى أرجاء المعمورة، يجري وضعهم في خانة "ازدراء الأديان" و"إهانة العلماء" و"هدم الدين" و"معاداة المتدينين".

وعلى الرغم من تواتر العديد من الفتاوى المتسمة بالتشدد والتطرف، ومنها ما هو منسوب إلى الشيخ الراحل نفسه حول حكم الاحتفال بأعياد الميلاد، إلا أن يوم 15 أبريل (نيسان) الماضي كاد يتحول احتفالاً وطنياً واحتفاء دينياً على غرار المناسبات الدينية المقدسة، ففي هذا اليوم ولد الشيح الراحل الملقب شعبياً وإعلامياً ورسمياً بـ "إمام الدعاة". وفيه خرج شيخ الأزهر الشريف أحمد الطيب، الذي يرى بعضهم أنه يقف على الطرف الآخر من دعوات تجديد الخطاب الديني التي دعا إليها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي عشرات المرات، ليكتب ما كتبه في ذكرى وفاة الشعراوي في يونيو (حزيران) الماضي على صفحته الرسمية، "إن الله كتب القبول والمحبة للشيخ الشعراوي في قلوب المؤمنين. رحم الله الشيخ الشعراوي أبرز المجددين في تفسير القرآن الكريم وكأنه يبعث الحياة في الحروف والكلمات فترتسم في عقل المستمع وقلبه صورة حية مبسطة لا يحتاج إلى مجهود كبير لفهمها واستيعابها".

توقف الفهم

فهم واستيعاب ملايين المصريين المسلمين للقرآن الكريم توقف بالفعل عند الشيخ الراحل، معتبرين إياه أول المجددين وآخرهم، وأفصح المفسرين وأنجعهم، وأعلم العلماء وأحذقهم لدرجة تنصيبه على قمة هرم الأتقياء الطاهرين غير الخطائين.

معظم محاولات التحديث أو التجديد أو التنقيح أو انتقاد أو رفض ما جاء على لسان الشعراوي تقابل بحائط صد منيع ورفض شعبي عتيد يباركه معظم علماء الأزهر الشريف الذين يرون في الشعراوي "إمام المجددين" و"ملهم الملهمين".

عضو هيئة كبار العلماء ورئيس جامعة الأزهر السابق أحمد عمر هاشم قال في ذكرى وفاة الشعراوي الصيف الماضي إنه كان نمطاً فريداً من العلماء في مختلف العصور، و"جدد إيمان الأمة بتفسيره للقرآن"، مشيراً إلى أنه على رأس كل 100 عام يبعث الله للأمة من يجدد أمور دينها، وإن مجدد هذا العصر هو الشيخ الشعراوي بلا منازع"، مضيفاً أنه "لم يكن عالماً عادياً بل ولياً من الصالحين الذين كشف عنهم وكانت له كرامات كثيرة".

لعل كلمات هاشم هي الأكبر وضوحاً وكشفاً لمكانة الشيخ الراحل في مصر، التي تحولت من مكانة لشيخ جليل اجتهد في التفسير وحاز شعبية وقبولاً إلى مكانة تشبه القديسين.

علقة ساخنة

قبل خمسة أعوام كادت عضو مجلس الشيوخ والإعلامية فريدة الشوباشي تتلقى "علقة ساخنة" على الهواء مباشرة، لأنها قالت إنها صدمت حين أعلن الشيخ الراحل أنه سجد لله شكراً على هزيمة مصر في حرب عام 1967، مضيفة، "لا أحب الشعراوي، أنا حرة. أنا أغفر أي شيء إلا الطعن في بلدي".

مجاهرة الشوباشي بعدم حبها للشعراوي دفع ضيفاً في الفقرة نفسها لتهديدها بالضرب ووصفها بأنها "نكرة" وباحثة عن الشهرة، وصرخ على الهواء "الشيخ الشعراوي إمام الدعاة. ما هذا الهزل؟".

وقال الضيف المحامي غير المعروف إنه لن يسمح للشوباشي بـ "التخبيط" (إهانة) في الدين، وحين تضامن ضيف ثالث مع الشوباشي هدده قائلاً "والله أقوم أضربك"، وأشار إلى أن 1.7 مليار مسلم تجمعهم الرغبة في "حبس الشوباشي". وبرر المحامي ما فعله وقاله بأنه "يدافع عن دينه".

الدفاع عن الدين

محام آخر اشتهر بـ "الدفاع عن دينه" عبر مقاضاة الفنانات اللاتي لا يعجبه ما يرتدين والشخصيات العامة التي تناقش أموراً تتعلق بالدين ومفسريه هرع إلى التقدم ببلاغ للنائب العام ضد الشوباشي اتهمها فيه بارتكابها جريمة ازدراء الشعراوي، لكنه وصف القضية بأنها "ازدراء الأديان".

تحول الحديث عن الشيخ الراحل من تداول آراء واجتهادات شخص تصادف أنه عالم دين جليل إلى شخص "من أولياء الله الصالحين" محصن ومحظور مسه وفوق النقد وغير قابل للنقاش، يلخص الوضع الراهن لتشابك الدولة الدينية مع الدولة المدنية في مصر.

الطبيب والكاتب خالد منتصر حين كتب قبل أشهر أن حق من ماتوا بسبب أمراض الكبد خوفاً من الخضوع لعمليات زرع الكبد والأعضاء والغسيل الكلوي التي حرمها الشيخ الراحل في رقبته، تعرض لحرب ضروس وهجوم عتيد وتم وصفه بـ"عدو الدين" و"متربص بالمتدينين".

وقبل ساعات علق منتصر على تعرض سائحات لتحرش جماعي في منطقة أهرامات الجيزة بتغريدة قال فيها "تذكّروا جيداً وأنتم مندهشون من التحرش، الشيخ الشهير الذي قال إن خروج المرأة سافرة بشعر مكشوف هو إلحاح منها في عرض نفسها على الرجال. الشيخ الذي يعتبره ثلاثة أرباع الشعب المصري لا يمس، وكانوا يريدون تفصيل قانون ازدراء حصري له.  

يشار إلى أن الشيخ الراحل قال في أحد دروسه المسجلة والمذاعة تلفزيونياً إن "إلحاح المرأة في كشفها جسدها (من دون حجاب) هو إلحاح في عرض نفسها على الرجل. معناه إنها تقول له: فتح يا بجم (عديم الإحساس). ألا ترى؟!".

وفي مقطع آخر أوضح الشيخ الراحل أن السيدات حين يرتدين الملابس التي لا تكشف أو تصف، فإنهم يعلن أنهن لسن من النوعية المتبرجة التي تعرض نفسها على الرجال، وبالتالي لا يتعرض لهن الرجال".

التبجيل أو الازدراء

تعرض أي مفكر أو كاتب أو إعلامي أو حتى عالم دين للشيخ الراحل بأي تصرف أو قول غير الإشادة والتبجيل والتثمين يقابل بالشجب والتنديد والرفض وربما التهديد برفع قضية "ازدراء الدين".

أستاذ الفقه المقارن في جامعة الأزهر وأحد الواقفين على جبهة التنوير والتجديد الفعلي، سعد الدين الهلالي، وجد نفسه هو الآخر "عدواً للدين" و "معادياً للمتدينين" قبل عامين، حين قال إن ما قدمه الشيخ الشعراوي حول الدين آراء وليست تفسيرات، وأنه لم يفعل سوى عرض آراء الفقهاء الأوائل. وقال، "على سبيل المثال رأيه في تارك الصلاة ووجوب قتله هو رأي الجمهور، وبعض الفقهاء ارتأى ذلك وبعضهم ذهب إلى أن تارك الصلاة ليس بكافر وإنما فاسق فقط لتركه أحد أركان الإسلام الخمسة".

وأقام الهلالي الدنيا ولم يقعدها بقوله إن المشكلة تكمن في أن الشيوخ يقدمون الرأي الذي "يختارونه" على أنه رأي الدين، على الرغم من أنه ليس مكفولاً لأي فرد أن يتحدث باسم الله، "لا بد أن يتحدث كل إنسان عن قناعاته واختياراته فقط، ويجب على المشايخ رفع أيديهم عن إدارة المجتمع وأن تتحول وظيفتهم إلى التنوير ونقل العلم بكل أمانة".

الأمانة تقتضي الإشارة إلى أن الهلالي يمثل صداعاً في رأس مؤسسة الأزهر التي ينتمي إليها، فهو بآرائه ومواقفه التي يصفها الفريق المطالب بالتجديد والتحديث والتنوير يضع الأزهر وعلماءه في "خانة اليك"، إذ تجعل آراؤه المواكبة للعصر والعاملة للعقل المؤسسة الدينية الرسمية تبدو وكأنها ممسكة بتلابيب التراث ومقاومة للتجديد وقابضة على التفسير ورافضة لكل ما هو جديد أو حديث.

عملة "إمام الدعاة"

أحدث العملات المعدنية التذكارية التي قيل إنه تم طرحها قبل أيام تحمل صورة "إمام الدعاة" الراحل محمد متولي الشعراوي، وعلى الرغم من أنها حال طرحها فعلياً لن تكون الأولى، بل سبق وأصدرت وزارة المالية ميدالية معدنية تحمل صورة الشيخ الراحل، فتحت أبواب الجدال الشديد بين الفريقين الرئيسين على منصات التواصل الاجتماعي، فالأول يرى في الإصرار والإمعان "الرسمي" في تخليد الشيخ الراحل رسالة رمزية تحمل اعتناقاً لأفكاره وآرائه التي تهمين على قلوب وعقول الملايين، وتمثل حائطاً منيعاً يحول دون أية محاولات لتجديد الخطاب الديني.

والفريق الثاني يهلل ويؤيد الفكرة معتبراً إياها دليلاً على التدين ورسالة لـ"أعداء الدين" بأن "مصر ستظل دولة إسلامية على الرغم من أنف العلمانية"، بينما هناك فريق ثالث لا يلتفت كثيراً للجدال الدائرة رحاه، فالعملة تذكارية وليست للتداول، والشيخ "ولي من الأولياء الصالحين" وله كرامات ولا ضرر من تكريمه.

أما الشعراوي كرمز للتشابك والتداخل والتناحر بين أنصار الدولة المدنية والدينية فلا يتنبه له إلا الباحثون والمهتمون.

الكاتب الصحافي والباحث في شؤون الإسلام السياسي وائل لطفي قال إن "الدولة تنظر بعين الاعتبار إلى الموقف السياسي للشعراوي وفيه نقطة التقاء كبيرة جداً، فالمؤيدون له ولإحياء ذكرى ميلاده وتلاميذه في المؤسسة الدينية يبرزون مواقفه ضد تنظيم "الإخوان".

وأوضح لطفي أن الشعراوي كان له موقف من التنظيم أقرب إلى الاحتواء، فكان يتحدث عنهم بطريقة جيدة وعن سيد قطب باعتباره مفسراً للقرآن، لكنه كان يرى أنهم أخطأوا وعليهم عدم المطالبة بالحكم، لا سيما وأنه كان عموماً ضد فكرة الجماعات في الإسلام، لذلك فإن الموقف النهائي لدى أنصاره في المؤسسة الدينية الرسمية (الأزهر)، وكذلك في العديد من مؤسسات الدولة التي يرى لطفي أن فيها كثيرين من أنصار الشيخ الراحل ومؤيديه يرون الاحتفاء به ضرورياً.

لكن لطفي يشير كذلك إلى أن "تسجيلات الشيخ الراحل التي تذاع بصفة شبه يومية في القنوات التلفزيونية المصرية تعكس سكوتاً عن العديد من فتاواه التي تندرج تحت بند التشدد والتطرف والجمود، وكأن لسان حال الرجل لو امتد به العمر لطور آراءه وحدث مواقفه، لا سيما وأنه كان رجلاً مناصراً للدولة".

رجل مربح لجميع الأطراف

ويشبه لطفي تعامل الدولة مع الشيخ الشعراوي وأحاديثه بتعاملها مع الأحاديث النبوية الواردة في "صحيح البخاري"، وقال إن كتب البخاري تحوي ما لا يقل عن 6 آلاف حديث، لكن المتداول منها لا يزيد على 200 وهي المتعلقة بالمعاملات والنظافة والتسامح، أما غيرها من التي تتطرق إلى الحرب فهي متروكة للمتخصصين ولا يتم تداولها.

ويشير إلى أن التعامل "المفلتر" (المنقى) نفسه يجري مع الشعراوي، إذ لا تذاع أو لا يتم التعليق على ما يبث من أحاديث له تحوي ما يعكس جموداً أو تشدداً.

ويرى لطفي أن على أنصار الدولة المدنية والمعترضين والمنتقدين لما أفتى به الشعراوي عن تحريم نقل الأعضاء وتحليل ختان الإناث وتبرير التحرش بالمرأة غير المحجبة، وقوله إنه سجد شكراً يوم الهزيمة، وكل ما هو موضع اختلاف وكل ما يجافي العقل والمنطق، أن يتغاضوا عن ذلك وينظروا إلى ما يمكن الاستفادة منه، ويذهب إلى أن "الشيخ الشعراوي كان متشدداً يمزج بين الصوفية والسلفية والدعوة إلى تطبيق الشريعة من خلال الحاكم من دون شرط تطبيقها، وكان يستوعب الناس ويجتذبهم لأرضية تختلف عن أرضية الجماعات، فيرضي الدولة وكذلك أصحاب توجهات الدولة الدينية، وكان يلعب على تأييد الأنظمة مع إدانة الحكومات التي لا تطبق الشريعة، وهو ما أكسبه صدقية لدى جماهير الدولة الدينية، واستحوذ على مشاعر المصريين من أصحاب العاطفة الدينية الجياشة، وفي الوقت نفسه أبقاهم بعيداً عن جماعات الإسلام السياسي".

لطفي لا يرى ضرراً في احتفاء الدوائر الدينية الرسمية، وعلى رأسها الأزهر، الذي ينتمي له الشيخ الراحل وغيره من مؤسسات الدولة به، فالاحتفاء به من قبل الدولة يبقيه في خانة "أعداء" تنظيم الإخوان ومعه ملايين المصريين الذين ولدوا وتربوا وكبروا على دروسه الدينية على مدى سنوات كثيرة. ويستمر الشيخ الراحل في إثارة الجدل واستثارة مشاعر البعض الدينية وسخط رغبات الآخر المدنية، والقيام بأدوار متعددة على الرغم من رحيله وبقاء "خواطره".

اندبيندت عربية

Related

Share

Post a Comment

الفئة
علامات البحث

اتصل بنا

*
*
*