رصيف22
أثار اتهام شابة سعودية لوالدها بالتحرش الجنسي بها واغتصابها، هذا الأسبوع، ضجّةً واسعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي في المملكة. بالتزامن، استدعى عدد من المغردين بعض "الفتاوى" التي قالوا إنها ساهمت في انتشار "زنا المحارم"، بحسب قولهم.
ولا توجد أرقام دقيقة عن حوادث التحرش والاغتصاب في إطار الأسرة في السعودية، لكن ثمة دراسات تُشير إلى تفشي الإساءات الجنسية والجسدية إلى الأطفال.
وقبل أيام، قررت وسام السويلمي (20 عاماً)، التي فرّت قبل نحو ثلاثة أعوام من المملكة بسبب العنف الأسري والإساءات الجنسية والتهديدات المتكررة بالقتل، حسبما أوضحت، فضح ما كانت تتعرض له في منزل أسرتها، مع بعض مقاطع الصوت والفيديو والصور التي تدعم شهادتها وتثبت جنسيتها السعودية.
ولفتت الفتاة إلى أنها لم تنعم بالحرية بعد إذ لا تزال تتألم نفسياً لوجود والدها حراً طليقاً برغم ما فعله بها وبأختها التي قالت إنه اغتصبها أيضاً وتسبب في تدمير زواجها. كما أشارت إلى توكيلها أكثر من محامٍ داخل المملكة لرفع شكوى ضد والدها على مدار العامين الماضيين، قائلةً إن أياً منهم لم يفعل شيئاً، ما دفعها إلى اللجوء إلى مواقع التواصل الاجتماعي.
وعقب تداول قصة وسام على نطاق واسع عبر وسم #المتحرش_مونس_ناير، أعلنت شرطة الحدود الشمالية "القبض على مواطن تحرّش بفتاة قريبة له"، مشيرةً إلى أن الواقعة تعود إلى ثلاث أعوام، وأن الفتاة حالياً خارج المملكة.
فتاوى في الخدمة
لكن ملابسات ما تعرضت له وسام حثّت الكثير من المعلقين على التنبيه إلى خطورة "زنا المحارم" كأمر يحدث خلف الأبواب المغلقة وقلما يتم التحدث عنه علناً، مسترجعين بعض "فتاوى" المشايخ التي لا يزال لها، برأيهم، أثر في تفشي التحرش الجنسي، لا سيّما داخل الأسرة والعائلة، والتبرير للمتحرشين.
ومن بينها، فتوى إمام وخطيب جامع الأمير خالد بن سعود بالرياض وجامع الإمام محمد بن سعود في الدرعية سابقاً، عبد الله السويلم، مفادها أن "زنا المحارم أهون من ترك صلاة الفجر". وفتوى أخرى للشيخ محمد العريفي مفادها أن "لا تجلس البنت مع أبيها إلا بوجود أمها إذ قد يؤزه الشيطان إذا قبّلها أو ضمها وجسدها جميل"، ناصحاً الفتيات ألا يلبسن "لباساً فاضحاً" أمام آبائهن.
وعن فتوى السويلم، غرّد عبد الله القحطاني: "مثل كلام هالمسخ أنتج لنا من يبرر للمتحرش ومن يستهين بمشاعر الضحية". وقالت رهف التميمي: "قبل معاقبة أبوها، أتمنى الدولة تعاقب كل شيخ طلع في محاضرة وصغّر جريمة التحرش في المحارم وحط البنت السبب مثل السويلم والعريفي وغيرهم".
واعتبرت سلمى أن "العريفي واحد من أشهر من كانوا يبررون للمتحرشين بالمحارم ويلقي اللوم على الفتاة".
وفي منشوراتها، أوضحت وسام أن رجال عائلتها "متدينون" وأن جدها، أبا والدها، إمام مسجد وكان على علم باغتصاب والدها لأختها واعتداءاته عليها وهددها هي بالقتل إن حملت منه، فيما كان شقيقها يلومها "ليه تلبسي بجامة عنده؟ ليه تجلسي معه؟".
السويلم يبرر والعريفي يوضح
يعود تصريح السويلم إلى مقابلة أجراها الداعية السعودي في كانون الأول/ ديسمبر عام 2016 مع قناة "بداية"، وورد على لسانه: "ترك صلاة الفجر أعظم من الزنا بالمحارم، يعني لو يموت واحد صبيحة اليوم الساعة 8 صباحاً، وهو متعمد ترك صلاة الفجر فيه خلاف بين أهل العلم، هل يُغسَّل أو يُكفَّن ويُصلّى عليه ويُدفَن في مقابر المسلمين أو لا؟".
ثم أردف: "إذا كان ابن عثيمين، وابن باز، رحمهما الله، قالا: لا يُغسّل ولا يُكفَّن ولا يُصلَّى عليه ولا يُدفن في مقابر المسلمين. ماذا بقي لدين العبد؟ تصدِّقون الزاني، أكرمكم الله، بأخته مع أنها جريمة لو مات وهو يُصلّي يُغسّل ويُكفَّن ويُصلّى عليه ويُدفن في مقابر المسلمين"، مضيفاً أن ابن القيّم اعتبر ترك الصلاة أعظم من الزنا وشرب الخمر وقتل النفس بغير حق.
برغم الضجّة التي أحدثها تصريحه آنذاك، قال السويلم لصحيفة "عكاظ" إنه لن يتراجع عن قوله إن "زنا المحارم أهون من ترك الصلاة"، ملمحاً إلى أن تارك الصلاة ذهب البعض إلى تكفيره بينما يظل الزاني بمحارمه مسلماً ارتكب فعلاً محرّماً مذموماً.
ورداً على منتقديه، قال السويلم: "إن المجتمع لم يقبل ما قيل باعتبار زنا الأقارب أمراً غير مقبول، ولكن التقييم عند الله مختلف (وتحسبونه هيناً وهو عند الله عظيم) فالصلاة أشد حرمة". وكان السويلم قد اعتّقل خلال حملة اعتقال عدد من المشايخ والبارزين في أيلول/ سبتمبر عام 2017، ومكانه غير معلوم.
وردّ الداعية السابق في وزارة الشؤون الإسلامية سليمان الطريفي، آنذاك، على السويلم عبر حسابه في تويتر كاتباً: "مثل هذه المقارنات لا دليل عليها، يفعلها من قلّ فقهه، وتؤدي إلى نتائج سلوكية غير حميدة". كما رفض الزعم بأن جمهور الفقهاء يرون أن تارك الصلاة كافر، موضحاً أن العكس هو الصحيح، ومشدداً على أن "القتل أعظم الذنوب بعد الشرك".
أما العريفي، فحاول توضيح "فتواه"، فقال إنه كان يرد على حالة بعينها لسيدة تشكو تحرش زوجها بابنتهما المراهقة، مضيفاً أنه أوصى الأم بأن "تصبر حتى يرزق الله الأب هدايةً وصلاحاً، أو يرزق البنت زوجاً يعفها ويحفظها" ولا تترك فرصةً للأب للاختلاء بابنته.