عبدالرحمن النجار:
أعد إليوت أبرامز، الباحث في برنامج الشرق الأوسط التابع لـ«مجلس العلاقات الخارجية»، مقالًا نشره موقع المجلس إنه قبل 25 عامًا، أظهر المسيحيون الأمريكيون تضامنًا غير عادي مع المسيحيين في نصف العالم البعيد، والذين لا يجمعهم بهم أي شيء سوى إيمانهم، وكما أشارت إحدى الدراسات: «في التسعينيات وأوائل القرن الحادي والعشرين، أصبحت الحرب الأهلية في السودان ومصير المسيحيين هناك الشغل الشاغل للإنجيليين الأمريكيين».
وبالمثل، يمكن للمرء أن يتذكر عقودًا من الجهود التي بذلتها إسرائيل لإنقاذ اليهود الإثيوبيين وجلبهم إلى الدولة اليهودية؛ إذ أعيد توطين أكثر من 85 ألف يهودي إثيوبي في إسرائيل على مر السنين.
ويشير أبرامز إلى أن ذكرى هذا التضامن المسيحي واليهودي عادت إليه مؤخرًا عندما قرأ خبرًا بعنوان «تقرير: قمع بكين للإيغور يمتد عبر الكرة الأرضية»، الحقائق واضحة منذ سنوات؛ ففي عام 2018، قالت لجنة تابعة للأمم المتحدة إن لديها أدلة موثقة على أن مليون من الإيغور محتجزون في معسكرات الاعتقال، وكما جاء في تقرير مشابه لمجلس العلاقات الخارجية: «لقد أدانت دول عديدة احتجاز الصين للإيغور في شينجيانج. وطالب مسؤولو الأمم المتحدة بالدخول إلى المخيمات، كما دعا الاتحاد الأوروبي الصين إلى احترام الحرية الدينية وتغيير سياساتها في شينجيانج».
وفي يناير (كانون الثاني) 2021، أعلن وزير الخارجية الأمريكي آنذاك، مايك بومبيو، أن الصين ترتكب جرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة جماعية ضد الإيغور؛ واستخدم الرئيس بايدن مصطلح الإبادة الجماعية للإشارة إلى انتهاكات الصين أثناء حملته الانتخابية، وأكد وزير الخارجية، أنطوني بلينكين، تصريح بومبيو. ويستدرك أبرامز بأن تقرير مجلس العلاقات الخارجية حمل أيضًا معلومات صادمة.
تأييد الزعماء المسلمين للصين القوية
في يوليو (تموز) 2019، بعد أن وقعت مجموعة من الدول الأوروبية – وليس الدول ذات الأغلبية المسلمة – رسالة إلى المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة تدين تصرفات الصين في شينجيانج، وقعت أكثر من 30 دولة، من بينهم باكستان والمملكة العربية السعودية، خطابها الخاص الذي يشيد بـ«الإنجازات الرائعة» للصين في مجال حقوق الإنسان وجهودها في «مكافحة الإرهاب في شينجيانج».
في الواقع، مع استثناءات نادرة (تركيا وإندونيسيا وماليزيا) ساعدت الدول الإسلامية في الدفاع عن الإبادة الجماعية، وحتى هؤلاء الثلاثة رفضوا الانضمام إلى رسالة الدول الغربية، وقد ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» أن الرسالة الواردة من 37 دولة إسلامية «تمثل استسلامًا مخجلًا من قبل باكستان والسعودية ومصر والإمارات والجزائر وغيرها من الدول ذات الأغلبية المسلمة التي كثيرًا ما تتظاهر بأنها مدافعة عن الدين».
يتساءل الكاتب: «لماذا الغياب المطلق للتضامن مع إخوتهم في الدين؟»، ويرد بما كتبه نيك كوهين في صحيفة «الجارديان» أن «الأسباب الرئيسية التي تجعل المسلمين يعانون في صمت هو قرار الدول ذات الأغلبية المسلمة بالتزام الصمت، وهي نفسها الدول التي أعلنت غضبها من سلمان رشدي (صاحب رواية آيات شيطانية) وصحيفتي «جيلاندس بوستن» و«تشارلي إيبدو» (اللتين نشرتا رسومًا مسيئة للنبي محمد). إنهم يستخدمون فكرة التضامن الإسلامي فقط عندما يناسبهم ذلك».
يقول الكاتب إن هذه الدول كانت لديها مصلحة، إلى حد ما، عندما تعلق الأمر بمسلمي الروهينجا في بورما، فاندلعت احتجاجات جماهيرية في بعض البلدان الإسلامية، لكن بورما ضعيفة والصين قوية، وكما عبرت عنه مقالة افتتاحية في صحيفة تركية:
«يختلف الوضع في شينجيانج عن مآزق الفلسطينيين والكشميريين والروهينجا بسبب رد فعل الدول ذات الأغلبية المسلمة عليها، لقد تجاهل قادة الدول الإسلامية إلى حد كبير صرخات إخوانهم في شينجيانج، لأسباب اقتصادية وسياسية. من حيث الجوهر، جعلت الصين نفسها بسرعة شريكًا تجاريًّا ودبلوماسيًّا رئيسيًّا لجميع الدول الإسلامية القوية تقريبًا».
الهوية والعرق تحكم من يستحق التضامن ومن لا يستحق!
ويضيف أبرامز أن هذا بالطبع ليس دفاعًا أو تبريرًا منطقيًّا، ربما تكون السياسة الواقعية هي التفسير الرئيسي، لكنها ليست التفسير الوحيد، قد يكون الأمر بالنسبة للعالم العربي أن الإيغور لا يثيرون التضامن لأنهم ليسوا عربًا، وربما لأنه يُنظر إليهم بطريقة ما على أنهم أقل من المسلمين الحقيقيين، إنهم لا يشبهون العرب، المسلمون الأصليين، ولا يتكلمون العربية. ويرى الكاتب أن معاملة غير العرب في صدر الإسلام تعد موضوعًا معقدًا.
ويرى الكاتب أنه من غير المفاجئ وجود مختلف أشكال الوعي الجمعي العربي والهوية الثقافية والتي تؤثر فس السياسة الوطنية، كما لا ينبغي أن يكون مفاجئًا وجود تضامن بين العرب أكثر منه بين المسلمين على نطاق أوسع، حتى لو كان الإسلام يقترح المساواة المطلقة بين جميع المؤمنين.
ولكن من الصعب تجنب الاستنتاج القائل إن التضامن يجري توظيفه اليوم في الغالب عندما تجعله مبرراته مفيدًا، ويجري تجاهله في أي حالة أخرى، الخاسرون هم أناس مثل الإيغور، الذين يحتاجون بشدة إلى التضامن والدعم من إخوانهم المسلمين، وبالنسبة للآخرين، ربما يكون الدرس هو رفض التصريحات التي يطلق عليها تعبيرات مبدئية عن التضامن – مع الفلسطينيين، على سبيل المثال – عندما يبدو أن التضامن يجري التعبير عنه وفقًا لعدم وجود مبادئ على الإطلاق.
كاتب: Elliott Abrams
مصدر: The Uighurs and the Question of Muslim Solidarity