هل تمثل داعش الإسلام أم المسلمين؟ - مقالات
أحدث المقالات

هل تمثل داعش الإسلام أم المسلمين؟

هل تمثل داعش الإسلام أم المسلمين؟

مجدى خليل

منذ أحداث 11 سبتمبر 2001 وأنا اتابع ردود فعل المؤسسات والمنظمات الإسلامية فى الشرق الأوسط وفى الغرب، وعلى مدى عشرات الحوادث الإرهابية التى ارتكبها مسلمون  فى الغرب من 11 سبتمبر 2001  وحتى حادثى باريس ولوس انجلوس فى عام 2015 ، لم تختلف ردود الأفعال هذه، وهى تنطلق على ثلاثة محاور، الأول هو التبرير، بمعنى نحن ندين ولكن المسلمون مظلومون فى فلسطين وبعد ذلك فى افغانستان وبعد ذلك فى العراق وأخيرا  فى سوريا، والاتجاه الثانى هو تنبيه الغربيين بأن القاعدة لا تمثل الإسلام وبوكوحرام لا تمثل الإسلام، وداعش لا تمثل الإسلام. الاتجاه الثالث هو تحذير الغرب من أى أعتداءات على المسلمين أو المساجد فى الغرب. كل هذا متوقع من المنظمات والمؤسسات الإسلامية التى تدافع عن دينها بالأكاذيب فى معظم الأوقات، ولكن أن يكرر الرئيس أوباما بأن داعش لا تمثل الإسلام فهذا معناه أما أنه لا يعرف الإسلام أو أنه يعرف الإسلام ويكذب لتبرئته مثلما تفعل الدول والمنظمات الإسلامية.

 وجب التنويه بأن هناك خلطا فى أذهان الكثيرين عند ذكر كلمة داعش ومثيلاتها، هل هى تمثل الإسلام أم تمثل المسلمين ؟ .

 أحد ابرز الاخطاء المتداولة هو الخلط بين الإسلام والمسلمين، ففى الفكر الإسلامى يحاولون حبس المسلم داخل إسلامه، فهو لا يعتز بوطن ولا بقوم ولا بجنس ولا بعرق ولا بوظيفة ولا بإنجاز ولا بشئ قدر إعتزازه وأرتباطه بالإسلام، هذا هو جوهر الفكر الإسلامى القديم والمعاصر..ولهذا يتم الخلط بسهولة بين الإسلام والمسلمين، حتى أن أى نقد للإسلام يعتبرونه إساءة للمسلمين!!!!.

داعش لا تمثل المسلمين هذه حقيقة، لأن المسلمين موزعين على أطياف متباينة، منهم المعتدل ومنهم المحافظ ومنهم المتطرف ومنهم الإرهابى، ففى الكثير من التقديرات البحثية والمخابراتية تتراوح نسبة المتطرفين بين المسلمين ما بين10%-15% من تعداد المسلمين، ويشكل عدد المسلمين المحافظين دينيا حوالى 30% من تعداد المسلمين(المسلم المحافظ هو متطرف محتمل، والمسلم المتطرف هو إرهابى محتمل، فالإرهاب يبدأ بالمحافظ وينتهى بالإرهابى)، وباقى المسلمين(أكثر من نصف المسلمين) موزعين على أطياف مختلفة نظرا لتأثرهم وتفاعلهم مع ثقافات مختلفة وحضارات مختلفة، ومن ثم فهم نتاج للمجتمع الإنسانى أكثر من كونهم نتاج للمجتمع الإسلامى.

داعش تمثل الإسلام هذه حقيقة يعرفها كل الدارسين للإسلام وللتاريخ الإسلامى،بل لا يوجد من يمثل جوهر الإسلام أكثر من داعش، بل لا نبالغ فى القول أن داعش هى خير من يمثل عصر نبى الإسلام محمد بعد هجرته إلى المدينة، ومن ثم فأن داعش هى الإسلام الحقيقى. داعش إذن هى مرآة صادقة ترى فيها وجه الإسلام، بل ومن خلالها نستطيع أن ندرس الإسلام الحقيقى لمن لم يعرفوه:-

اولا: داعش تؤمن بأن عصر النبى محمد ومن بعده الخلفاء الأربعة هو الإسلام الحقيقى، وتعمل على العودة الحرفية لهذا الزمن والتطبيق الحرفى لكل ما حدث فيه، وهى تتبع حديث للنبى محمد يقول "أن خير القرون هو قرنى والقرن الذى يليه والقرن الذى يليه".

ثانيا: داعش تتبع حرفيا الشرع الإسلامى فى كل جريمة تقوم بها سواء حرق أو صلب أو ذبح، وهى تقدم الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة المحمدية قبل كل جريمة، ولديها فريق دارس للشريعة والفقه على أعلى مستوى، ومؤسسها حاصل على الدكتوراة فى الشريعة الإسلامية، ولهذا لا يستطيع فقيه مسلم يعرف دينه جيدا أن يشكك فى شرعية ما تقوم به داعش.

ثالثا: هدف داعش الأساسى هو إحياء الخلافة الإسلامية على منهاج النبوة حسب حديث ووصية نبى الإسلام، وهو هدف تؤمن به وتسعى إليه كافة التنظيمات الإسلامية حول العالم.

رابعا: علم داعش ورايتها هى راية محمد، وكل الشعارات والصيحات التى ترددها إسلامية ومنقولة حرفيا من العصر الإسلامى الأول، ونطقها رسول الإسلام وصحابه قبل أن تنطقها داعش.

خامسا: داعش تؤمن بالأممية الإسلامية، فوطن المسلم هو عقيدته، ومن ثم قامت بدعوة  المسلمين من جميع أنحاء العالم للحرب معها والمعيشة فى دولتها الإسلامية. والذين استجابوا لدعوتها من دول مختلفة حول العالم يؤمنون بالأممية الإسلامية مثلها، ويؤمنون أنها تتبع الإسلام الصحيح.

سادسا: داعش تمثل الإسلام الجهادى الغزواتى العنيف الذى بدأ مع دولة المدينة ولم يتوقف إلا فى أوقات إنكسار المسلمين.

سابعا: خطاب داعش الإسلامى هو مواصلة لتيار الخطاب الإسلامى الرئيسى الذى بدأه محمد وصاحبته ثم تواصل عبر كبار الأئمة والمذاهب الأربعة وكتاب الأحاديث وكبار علماء الإسلام وفقهاؤه عبر التاريخ، ومن ثم فهى لم تحد عن هذا الخطاب ولم تشذ عنه بل واصلت منهجه ومحتواه.

ثامنا: ممارسات داعش ذاتها، فى كافة مناحى الحياة ،هى نقل حرفى وتقليد بالمسطرة للممارسات الإسلامية فى صدر الإسلام.

تاسعا: إسقاط الحضارات هو عمل إسلامى مشروع عبر التاريخ، ويعتبر الإنجاز الوحيد للإسلام..وتؤمن كل المنظمات الإسلامية حول العالم أن نبى الإسلام وعدهم فى حديث له بإسقاط روما، أى الحضارة الغربية الأوروبية المعاصرة، وهذا هدف رئيسى لكل المنظمات الإسلامية من الاخوان إلى القاعدة إلى داعش...هو إيمان دينى لديهم بأنهم سيسقطون حضارة الغرب، ومن ثم فأن عداء القاعدة وداعش للغرب هو أيضا عمل على منهاج نبوة محمد ووعده للمسلمين.

عاشرا: إسلامية داعش أيضا جعلت الأزهر، وهو المؤسسة الرئيسية الكبرى فى العالم السنى والمحافظ على الإسلام الحقيقى، جعلت الأزهر يرفض تكفيرهم لأنهم مؤمنون موحدون ومن أصحاب القبلة ولم يفعلوا شيئا ضد عقيدة الإسلام، وهذا أعتراف من الأزهر بأنهم مسلمون صحيحى الإسلام ويمثلون جوهره وروحه. ومما هو جدير بالذكر أن الأزهر قام بتكفير عشرات المفكرين والكتاب والفنانيين فى العقود الخمسة الأخيرة، ولكنه رفض تكفير القاعدة أو بوكحرام أو داعش أو بن لادن أو ابو مصعب الزرقاوى أو ابو بكر البغدادى لأنه يرى أن إسلامهم صحيح، بل لم تصدر فتوى إسلامية واحدة تكفر هؤلاء الإرهابيين فى الدول الإسلامية كلها.

 وليس الأزهر وحده وأنما جميع المؤسسات الدينية الإسلامية الرسمية والمنظمات الإسلامية حول العالم ترفض تكفير داعش رغم أن التكفير جزء أساسى من تفكيرها وسلاحها ضد خصومها، بما يؤكد أن داعش ليست خصما لهذه المنظمات.

حادى عشر: وما يؤكد أن المسلمين يرون أن هؤلاء الإرهابيين يمثلوا الإسلام الصحيح هو عدم إبلاغ المسلمين عن هؤلاء الإرهابيين الذين يعيشون بينهم ويعرفون أماكنهم جيدا، أيمن الظواهرى مازال يعيش بين مسلمين باكستانيين، وبن لادن كان لسنيين معروفا حتى للحكومة الباكستانية والتى فؤجئت بمقتله بغارة أمريكية. معظم الإرهابيين الإسلاميين فى العالم كله شرقه وغربه معروفون لدى جيرانهم المسلمين ومع هذا يصبغون الحماية عليهم ويتسترون على جرائمهم رغم معرفة خطورة ما يقومون وما يخططون له.

واخيرا: شاهدناعشرات المظاهرات حول العالم يقوم بها مسلمون ضد كاريكاتير ينتقد الإسلام أو لقطة فى فيلم أو تصريح من بابا روما يرونه ضد الإسلام أو جملة فى مقال أو معرض فنى ينتقد التاريخ الإسلامى، ولكن لم نرى مظاهرة واحدة فى كل هذه الدول الإسلامية تخرج ضد القاعدة أو داعش  ومثيلاتها... وهذا يؤكد أن المسلمين يعرفون ويدركون أن هذه المنظمات تمثل الإسلام وتسير على نهجه.

داعش كما قلت هى خير من تمثل الإسلام لأنها تطبق شريعته ومنهجه ونصوصه تطبيقا أمينا كاملا وغير منقوصا.، ولا تمثل المسلمين لأن الكثير من المسلمين لا يطبقون الإسلام كاملا..وهذا هو الفرق.

Related

Share

Post a Comment

الفئة
علامات البحث