«ستراتفور»: في ظل تراجع السعودية.. هل تحتل باكستان ريادة العالم الإسلامي؟ - مقالات
أحدث المقالات

«ستراتفور»: في ظل تراجع السعودية.. هل تحتل باكستان ريادة العالم الإسلامي؟

«ستراتفور»: في ظل تراجع السعودية.. هل تحتل باكستان ريادة العالم الإسلامي؟

كاتب: Stratfor Worldview

 

نشر مركز «ستراتفور» للدراسات الإستراتيجية والأمنية، تقريرًا عن الدور الريادي والقيادي الذي تضطَلِع به باكستان في العالم الإسلامي. وخلُص التقرير إلى أن إسلام آباد تصدَّرت البلدان الإسلامية في ظل تراجع دور السعودية الريادي الذي استمر أمدًا طويلًا وصمتها على جرائم الهند في حقِّ مسلمي كشمير، وإبرام الإمارات والبحرين اتفاقات تهدف إلى تطبيع علاقاتهما مع إسرائيل.

دفاع حَذِر عن قضايا المسلمين

في بداية التقرير، يشير المركز إلى أن الضغوط المحلية المتزايدة تدفع باكستان إلى أن تُعرب بصورة علنية عن قلقها بشأن القضايا الإسلامية العامة. ولكن في إطار سعيها لتحقيق ذلك، تسعى إسلام آباد إلى تجنُّب تفاقم الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد بسبب خسارتها لشركائها التجاريين والاستثماريين.

وخلال اجتماع عُقد في 3 مايو (أيار)، حثَّ رئيس الوزراء الباكستاني، عمران خان، سفراء الدول لدى منظمة التعاون الإسلامي في إسلام آباد على العمل سويًّا من أجل مكافحة الإسلاموفوبيا في جميع أنحاء العالم. وقبل أسبوعين أعلنت باكستان، التي تضم ثاني أكبر عدد للمسلمين في العالم، بداية حملة عالمية لمكافحة إهانة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) على أمل تحريك إجراء مباحثات مع الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة.

وفي 13 يناير (كانون الثاني)، التقى مسؤولون باكستانيون وأتراك وأذربيجانيون في إسلام آباد لعَقْدِ اجتماعهم الثلاثي الثاني، والتوقيع على إعلان إسلام آباد، الذي أعربت فيه الدول الثلاث عن قلقها بشأن معاملة الهند لسكان ولاية جامو وكشمير، ذات الأغلبية المسلمة.

باكستان ودعم القضية الفلسطينية

ويلمح التقرير إلى أن خان أكَّد من جديد في 7 يناير أن باكستان «لا يمكن» أن تعترف بإسرائيل، وأنَّها ستستمر في دعم القضية الفلسطينية بعد أن وقَّعَت الإمارات والبحرين اتفاقات تهدف إلى تطبيع علاقاتهما مع إسرائيل، ما أثار بعض الاعتراضات من جانب المسلمين في جميع أنحاء العالم.

وفي إطار إظهار اهتمامها بقضايا مثل إقامة الدولة الفلسطينية ومكافحة الإسلاموفوبيا و(سوء) معاملة الأقليات المسلمة، تسعى حكومة خان إلى أن تحافظ على الدعم الداخلي ومنع الأحزاب السياسية اليمينية المتطرفة من جذب الناخبين الساخطين.

وأعلنت إسلام آباد عن حملتها المناهِضة لازدراء الأديان في الشهر الماضي في خِضمِّ اندلاع موجة من الاحتجاجات العنيفة التي نظَّمَها حزب (حركة لبيك باكستان) السياسي الإسلاموي اليميني المتطرف، وتطالب حكومة خان بمقاطعة البضائع الفرنسية وطرْد السفير الفرنسي بسبب نشر رسوم كاريكاتيرية في فرنسا تسيء إلى النبي محمد. واكتفى خان وحزبه الوسطي (حركة الإنصاف) بنزع فتيل التوتُّر من خلال الوعد بمناقشة القضية في البرلمان.

وفي أكتوبر (تشرين الأول)، ألقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون باللوم على الإسلام الراديكالي بسبب ممارسة أعمال العنف التي أسفرت عن مقتل مدرس في أحد أحياء باريس، والذي أظهر رسومات ساخرة من النبي محمد للتلاميذ في فَصْلِه. وأثار رد فعل ماكرون وحكومته على جريمة القتل احتجاجات جماهيرية في باكستان وغيرها من البلدان ذات الأغلبية المسلمة.

صمت السعودية.. وقيادة باكستانية

وينوِّه التقرير إلى أن هذه الجهود ستساعد خان على الصعيد العالمي في الدفاع عن دور باكستان القيادي في العالم الإسلامي، لا سيما في ظل صمت السعودية المتزايد على القضايا الإسلامية العامَّة. وكانت السعودية قائدًا دوليًّا تقليديًّا للعالم الإسلامي منذ أمدٍ بعيد. ولكنَّ العلاقة الاقتصادية المتنامية التي تربط بين الرياض والهند، أهم منافسي باكستان، أثْنَت السعودية أيضًا عن الإعراب عن موقفها بشأن أوضاع المسلمين في كشمير؛ إذ تُمثِّل هذه القضية أهمية بالغة بالنسبة لكثير من الباكستانيين.

وكانت العلاقات الودودة الجديدة التي تربط بين المملكة وإسرائيل، قد أضرَّت بقُدرة المملكة على الحفاظ على القيادة في قضايا مثل إقامة الدولة الفلسطينية.

ومع ذلك، وبسبب المشكلات الاقتصادية المستمرة التي تواجهها البلاد، لن يتخطى دفاع إسلام آباد المتزايد عن قضايا المسلمين على الصعيد العالمي حدود بناء سخط اجتماعي. وتواجه باكستان في الوقت الحالي صعوبات في ظلِّ ارتفاع مُعدَّلات الديون والبطالة والفقر؛ إذ أسهم تفشِّي جائحة كوفيد-19 في تفاقمها جميعًا. وبلغ مُعدَّل التضخم 11.1% في أبريل (نيسان)، وهو أعلى مُعدَّل يصل له خلال 11 شهرًا، في الوقت الذي انخفضت فيه الصادرات إلى الشركاء الإقليميين بواقع 5.7%.

أزمة اقتصادية

ووفقًا للتقرير، تسعى باكستان حاليًا إلى الحصول على قروض بقيمة 12 مليار دولار من البنك الدولي، وهو ما يُمكن الموافقة عليه في وقتٍ مبكرٍ من مايو 2021. كما تحاول باكستان إقناع صندوق النقد الدولي بتخفيف ما عَدَّته إسلام آباد «شروطًا قاسية» تتعلَّق بقرض تبلغ قيمته 6 مليارات دولار حصلت عليه من الصندوق في عام 2019. ومن المُرجَّح أن يطالب البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، في مقابل تقديم المساعدة المالية، بخفض الإنفاق غير المألوف وزيادة الضرائب التي ستزيد غضب الناخبين.

وانخفضت شعبية خان السياسية وسط سوء إدارة حكومته للأزمة الاقتصادية في باكستان. وفي عام 2020، ذكر موقع «بلومبرج» وغيره من المنافذ الإعلامية أن أفراد الجيش الباكستاني شغلوا عددًا من المناصب الاقتصادية المهمة في البلاد التي كان يشغلها سابقًا سياسيون مدنيون.

أساليب براجماتية

وعلى الرغم من خطابه الجريء المؤيد للإسلام، سيظل خان يأخذ بأساليب براجماتية للتعاطي مع القضايا التي يدافع عنها حتى يتفادى الإضرار الجسيم بقُدرَة باكستان على جذب الاستثمار وحشد الدعم الاقتصادي. ونظرًا إلى ضَعف الاقتصاد الباكستاني، سيسلك خان طريقًا حذرًا للاضطلاع بدور القيادة في القضايا الإسلامية لحشد الدعم السياسي الداخلي من دون أن يُغضِب أهم شركاء باكستان الاقتصاديين، بما في ذلك الصين والسعودية.

وبحسب التقرير، وقَّعت السعودية وباكستان، في وقت سابق من هذا الشهر، جولة جديدة من اتفاقات الاستثمار بعد أن تسببت التوتُّرات المتعلقة بكشمير بين البلدين في سَحْب الرياض جزءًا من القرض الذي قدَّمته لإسلام آباد عام 2020. ويؤكد القرض الجديد كيف أن إسلام آباد لا تزال تحتاج إلى الرياض بصفتها شريكًا اقتصاديًّا، حتى عندما يتبنى البَلَدان مواقفَ متعارضة فيما يتعلَّق بالقضايا الإسلامية على الصعيد العالمي.

ولم تُعرب باكستان عن موقفها بشأن قضية معاملة الصين لمسلمي الأويغور العِرقيين في مدينة شينجيانج، على الرغم من أهميتها العالمية بوصفها قضية تتعلَّق بحقوق المسلمين. ويعود هذا الأمر بدرجة كبيرة إلى استثمار مليارات الدولارات الصينية في الاقتصاد الباكستاني والنمو المستمر في الممر الاقتصادي بين الصين وباكستان، الذي تبلغ تكلفته 62 مليار دولار.

ويختم المركز الأمريكي تقريره بالتنويه إلى أنه على الرغم من خطاب عمران خان السياسي بشأن تعليقات ماكرون على الإسلاموفوبيا في بلاده، والاحتجاجات اللاحقة التي شكَّلت تهديدات أمنية للمواطنين الفرنسيين في إسلام آباد، سيتحلَّى رئيس الوزراء الباكستاني بالحرص أيضًا في تقاربه من فرنسا وغيرها من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي التي تربطهم علاقات اقتصادية قوية مع باكستان. وتجدر الإشارة إلى أن الاتحاد الأوروبي كان ثاني أكبر شريك تجاري لباكستان عام 2020؛ إذ استحوذ على 14.3% من إجمالي تجارة باكستان واستَوْرد 28% من إجمالي صادراتها.

 

مصدر: Pakistan Asserts Its Place in the Muslim World

ترجمة ساسة بوست

Related

Share

الفئة
علامات البحث