التطرف و الإرهاب في أوروبا عام 2020 ـ تقييم الواقع و المخاطر - مقالات
أحدث المقالات

التطرف و الإرهاب في أوروبا عام 2020 ـ تقييم الواقع و المخاطر

التطرف و الإرهاب في أوروبا عام 2020 ـ تقييم الواقع و المخاطر

بقلم جاسم محمد

 

مازالت الأطراف الفاعلة في مشهد الإرهاب فاعلة جميعها، لكن عام 2020، هذه المرة شهد تقدما بعضها على البعض الاخر، ليتصدر جماعة الإخوان، الإسلام السياسي، واليمين المتطرف، اكثر من “السلفية الجهادية” رغم تزايد اعداد الأخيرة محليا واستمرار عمليات الذئاب المنفردة. فبعد ان كانت أوروبا تعتبر الإرهاب مستوردا، اثبت هذا العام، ان أوروبا تتعرض الى تهديدات ومخاطر امنية من الداخل، خاصة في موضوع التطرف مجتمعيا.

الإخوان ـ الإسلام السياسي ، خطر قائم على الأنظمة الديمقراطية

شهدت جماعة الإخوان ، الإسلام السياسي في أوروبا، تراجعا كبيرا في أعقاب تشديد دول أوروبا الى اجراءاتها ضد الواجهات التي يعمل خلفها الإخوان، الاسلام السياسي بكل اطيافه. يمكن اعتبار عام 2020 هو الأسوء في تاريخ الجماعة في أوروبا، بعد ان خضع كثيرا الى الرصد والمراقبة من قبل أجهزة الإستخبارات الأوروبية، ابرزها فرنسا والمانيا، والتي أعتبرت الاسلام السياسي، الإخوان يمثلون خطر قائم على النظام الديمقراطي الى دول أوروبا. الاستخبارات الأوروبية شخصت خلال هذا العام، انشطة الإخوان، تحديدا، في خلق مجتمعات موازية داخل أوروبا، وهذا كشف وسائل واساليب عمل الاخوان الناعمة في تهديد امن أوروبا من الداخل.

أوروبا ـ تضييق الخناق على الإخوان

اتخذت أوروبا خلال هذا العام2020  اجراءات اكثر شدة ضد الاسلام السياسي، بعد ان كشفت الكثير من الواجهات والمراكز والجمعيات التي ينشط من داخلها ، يذكر ان الفصل مابين الاخوان والواجهات التي ينشط خلفها او ايجاد علاقات ادارية مابين الاخوان والواجهات يعتبر معضلة امام اجهزة الاستخبارات وتحدي كبير الى حد الان.

وبذلت حكومات دول أوروبا جهود كبيرة في غلق بعض مراكز الاخوان خاصة في فرنسا، التي يمكن ان تعتبر “صحوة” أمنية في مواجهة الاسلام السياسي من الداخل، وذلك بتعقب مصادر التمويل، وتعقب تورط بعض عناصره بالتحريض على الإرهاب والتطرف

الإستخبارات الأوروبية، لم تتردد هذا العام بكشف مصادر تمويل بعض المساجد والمراكزفي أوروبا، من قبل تركيا وقطر، ابرزها  منظمات الاغاثة الاسلامية في اوروبا، واستغلالها الى الاتحادات والمجالس الاسلامية.أوضح تقرير هيئة حماية الدستور (الاستخبارات الداخلية) في ولاية برلين في 20 مايو 2020  إن جماعة الإخوان، وحركة ميللي جورش التركية، يملكان (600) قياديا مؤثرا في برلين.ووصف التقرير تنظيم الإخوان بأنه “يمثل تهديدا للنظام الديمقراطي في ألمانيا

وحذرت الاستخبارات الأوروبية من وسائل واساليب عمل الاخوان في الاستقطاب والتجنيد من خلال السياسات الناعمة، بالتغلغل في المجتمعات الاوروبية تحت حجة “التعليم، والمدارس الخاصة، وخلايا الأسرة ومساعدة الاجئين وتضخيم الاسلامفوبيا وتطبيقات “حلال” على الهواتف الذكية وغيرها، ساعدت البرلمانات بالحصول على الكثير من الحقائق وهذا مايعطيها فرصة مستقبلا بتقديم اي مشروع لحظر الجماعة، الى جانب توعية المسلمين في اوروبا من مخاطر الجماعة.

بات متوقعا ان تبذل بقية دول اوروبا جهود اوسع بتضيق الخناق على الجماعة في اوروبا، وربما تسعى دول اوروبا الى التعاون مع بعض دول المنطقة، لمحاربة محاطر الإخوان تحديدا في أوروبا.

الارهاب في اوروبا

 إرهاب محلي

شكل الإرهاب في أوروبا خلال هذا العام 2020، تغير ليكون في الغالب محليا، فلم يعد مستوردا، وغير مرتبط في قضية مسك الحدود الخارجية، وعودة المقاتلين الاجانب. يذكر ان عام 2020 شهد  تراجع دول اوروبا بإستعادة مقاتليها من سوريا والعراق، فمازالت تنظر لهم تهديدا للامن القومي.

الذئاب المنفردة

شهدت دول أوروبا عدد من العمليات الإرهابية خلال عام 2020، في الغالب كانت عمليت محدودة، على غرار الذئاب المنفردة، وهي عمليات إرهابية محدودة غير نوعية، رغم انها اثارت الكثير من الرعب ، ابرزها عملية ذبح استاذ التاريخ في فرنسا و عملية ذبح القس في نيس الفرنسية وكذلك ماشهدته النمسا ـ مدينة فينا من عملية قتل الى عدد من المدنيين

الإستخبارات الأوروبية نجحت خلال عام 2020 بفرض الامن نسبة الى الاعوام السابقة، وربما كانت العمليات الارهابية التي شهدتها اوروبا محدودة للم تتجاوز 14 عملية، في الغالب عمليات محدودة.

تزايد الجماعات “الجهادية” داخل أوروبا

شهدت الجماعات “الجهادية” تصاعد من داخل أوروبا، بعد ان كانت تلتحق بالجماعات المتطرفة في دول منطقة الشرق الاوسط وافريقيا، وفي ظل رقابة مشدد لمنع السفر .

ورغم ماتبذله الاستخبارات الاوروبية من مساعي لفرض الامن والحد من التطرف وتنفيذ عمليات إرهابية، فأن مخاطر تنفيذ عمليات ارهابية محليا ارتفعت نسبيا، بسبب تمدد التطرف محليا، وإستمرار الدعاية المتطرفة على الانترنيت باستقطاب الجماعات والعناصر، ودفعهم لتنفيذ عمليات ارهابية.

ماتحتاجه أوروبا في هذ ه المرحلة، هو محاربة التطرف من الداخل من خلال، السياسات الناعمة، بمشاركة الحكومات  والمجالس البلدية مع الاسرة ومنظمات المجتمع المدني، الىى جانب تعزيز دول أوروبا تعاونها مع دول المنطقة في محاربة التطرف والإرهاب. تحتاج أوروبا ايضا التعاون مع مشيخة الأزهر الشريف في تفسير وفهم النصوص وتعزيز الخطاب المعتدل وتدريب الائمة والمناصحة الفكرية والمعالجات الفكرية.

اليمين المتطرف

تزايد اليمين المتطرف

كان عام 2020، غير بقية الاعوام بالنسبة الى اليمين المتطرف، فقد شهد تصاعدا كبيرا بتنفيذ عملياته الارهابية ضد الطبقة السياسية في أوروبا، وتهديد المجتمعات الاوروبية والجاليات والمهاجرين. وقد نجح بالفعل بتنفيذ عمليات ارهابية نوعية خاصة في المانيا، وهناك توسع ايضا الى حجم اليمين المتطرف والتيارات الشعبوية.تهدديات اليمين المتطرف، وصلت الى حد التغلغل داخل مؤسسات الامن والدفاع، ومؤسسات الدولة، من الداخل، ليمثل تحديا كبيرا الى الحكومات الاوروبية

تعزيز اليمين المتطرف سياسيا

نجح اليمين المتطرف ايضا بتعزيز وجوده في البرلمانات الاوروبية، وتوسع نسبيا سياسيا بالحصول على التمثيل السياسي، بالتوازي مع تصاعد انشطته التنظيمية والعملياتية.وقد اعترفت اجهزة الإستخبارات الاوروبية، بان اليمين المتطرف، اصبح اكثر خطولرة من السابق، بالتوازي مع تهديدات الجماعات الاسلاموية المتطرفة. بات متوقعا، ان يشهد اليمين المتطرف تمدد اوسع خلال السنوات القادمة.

شهدت أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية وأوقيانوسيا وفقًا لنتائج مؤشر الإرهاب العالمي في 26 نوفمبر 2020 أكبر زيادة في الوفيات المرتبطة بإرهاب اليمين المتطرف (89 قتيلا في 2019 أي بزيادة(250%) في 2014، وفقا لتقارير الاستخبارات الاوروبية.

تميز عام 2020، في أوروبا، بان التطرف والارهاب، بدا يضرب أوروبا من الدخل، اكثر مايكون عابرا للحدود، برغم حالات الاستقطاب الاعلامي  وامتداداته خارج دول أوروبا.ومن المتوقع ان تعيش اوروبا بين وقع الارهاب اليمين المتطرف، والجماعات الاسلاموية المتطرفة بداخلها جماعة الاخوا.

من المرجح،ان دول أوروبا، سوف تبقى تعيش حالة تأهب خلال العام القادم، رغم احتمالات تراجع الاسلام السياسي وتقليص عمليات الجماعات الجهادية مع تصاعد تهديدات اليمين المتطرف .

الاتحاد الاوروبي

تحديات داخلية وخارجية

شهد الأتحاد الأورويب تحديات كبيرة ، بعضها تحديات داخلية واخرى تهديدات خارجية، جديدة ربما لم يواجهها من قبل. منذ عام 2015 ولحد الان والاتحاد الأوروبي تعصف به جملة قضايا من الداخل، لكن الاتحاد ظهر تماسكا اكثر خلال عام 2020 رغم الاتقادات الموجهة الى الاعضاء بغياب روح التعاضد داخل الاتحاد.

بريكست : يبدو ان الاتحاد الأوروبي تأقلم مع بريكست بوقت إستباقي، واظهر تماسكا وموقفا موحد على عكس القضايا الاخرى مثل الهجرة التي عصفت بالاتحادت ونتجت انقسامات افقية وعمودية.

تهديدات تركيا شرق المتوسط  : اظهر الاتحاد ايضا تماسكا امام تهديدات سياسات تركيا في شرق المتوسط رغم الانتقادات الموجهة الى المانيا بمهادنة اردوغان، وهذا ايضا ينطبق على الموقف الاوروبي تجاه ليبيا ، وتداعياتها على امن الاتحاد الأوروبي.

الهجرة : تبقى الهجرة “قضية” تثير الانقسام داخل الاتحاد الاوروبي، ومن المتوقع ان تبقى متجذرة، وهذا مايثير الشكوك حول فاعلية “اتفاق” دبلن  وتوزيع اللاجئين بشكل عادل من جديد داخل الاتحاد الاوروبي. يشهد الاتحاد الاوروبي انقسامات واضحة مابين الكتلة الشرقية والغربية، ثم داخل دول الاتحاد جميعها، حول مجمل القضايا ابرزها “قضية الهجرة

فضاء “الشنغن” : مازال فضاء الشنغن يثير الكثير من المخاوف والهاجس الامني لدى الدول الاعضاء ابرزها فرنسا والمانيا، التي تدعو مراقبة فضاء الشنغن وهو مايتعارض مع قواعد الاتحاد الاوروبي. وقد طلبت فرنسا والمانيا بمراجعة قواعد”شنغن” من جديد، كونه يمثل ثغرة امنية من الداخل، رغم انه يمثل روح هذا الاتحاد.

من المتوقع ان يبقى الاتحاد يعاني من هذه الانقسامات، ومن الصعب ايجاد مواقف موحدة، ازاء جملة القضايا، رغم ماتبذله بروكسل من جهود بحث الاعضاء لتنفيذ سياساتها.يبدو ان الاتحاد الاوروبي، بدا يتجه بالانفتاح على منطقة الشرق الاوسط وافريقيا، ضمن مساعيه في ايجاد حلول سياسية غير عسكرية للنزاعات، ادراكا منه، بان هذه النزاعات لها تداعيات على أمن أوروبا.

تهديدات هجمات سيبرانية ـ اليكترونية

كان عام 2020، عام التظليل الاعلامي والقرصنة بامتياز مع الاعوام السابقة، مع جائحة كورونا، استغلت الجماعات المتطرفة، جائحة كورونا كثير في التظليل، و “دس” التطرف. الجماعات الأسلاموية المتطرفة، اعتبرت الجائحة “عقاب سماوي” والجماعات اليمينية المتطرفةن اعتبرته “مؤامرة” من قبل الحكومات من اجل فرض السيطرة وتقييد الحريات.

تعتبر شمال أوروبا ،أخطر مكان في العالم أن تكون متصلاً بالإنترنت أعلى نسبة انتشار للإنترنت والهواتف الذكية وإنستغرام ، أعلى متوسط للأجور الشهرية في العالم ، الأول في التجارة الإلكترونية.  يسافر الأوروبيون الشماليون إلى الخارج أكثر من غيرهم ، وتعتبر دول البلطيق (إستونيا ولاتفيا وليتوانيا) هي الدول تميزا، في مؤشر المخاطر الإلكترونية.  

نوهت ” “Zscaler شركة أمن سيبرانية متخصصة في مكافحة عمليات الخداع الإلكتروني، أنّ منسوب تهديدات القرصنة ارتفع( 15 %) شهرياً منذ بداية 2020، نتيجة تفشي كورونا، وقفزت النسبة إلى (20 % )مع بدايات شهر أبريل ” وفقا لـ “أندبيندنت ” 12 أبريل 2020.

الحكومات هي الاخرى، استفادت من جائحة كورونا، بجمع المعلومات عن المستهدفين، ودول اخرى نفذت عمليات قرصنة من اجل سرقة اي تفاصيل او ابحاث حول اللقاح المحتمل لفيروس كورونا.

اجهزة الإستخبارات استفادت هي الاخرى بتجاوز حدود الخصوصية وجمع البيانات حول الاهداف التي تتابعها. السايبر ايضا كان حاضرا مع الانتخابات الامريكية وانتخابات دول اوروبا العامة او على مستوى البلديات، واصابع الاتهامات وجهت ضد دول وقوى دولية بهذا الشأن.

استفادت الجماعات المتطرفة بكل اطيافها من جائحة كورونا، بخداع مستخدمي الانترنيت بالدخول الى تطبيقات “ملغمة” او مقرصنة”، اضرت كثيرا في المعلومات للافراد والمجموعات وحتى على مستوى الدول.

من المرجح ان يكون هناك تصاعدا في عمليات القرصنة، وانتهاك خصوصية المعلومات للافراد والجماعات والحكومات، وهنا يجدر الاشارة الى ان حروب السايبر، اصبحت بديلا الى الحروب التقليدية ولا تقل اهمية في الحاق الضرر بالامن القومي وتدمير البنى التحتية.

المركز الاوروبى

 

 

Related

Share

Post a Comment

الفئة
علامات البحث