من عمرو خالد لشريف جابر - مقالات
أحدث المقالات

من عمرو خالد لشريف جابر

من عمرو خالد لشريف جابر

سناء العاجي:

 

أصوات كثيرة تعبر اليوم عبر الإنترنت بشكل علني عن مواقفها المنتقدة للدين الإسلامي الذي نشأت فيه و/أو عن إلحادها بشكل رسمي.

عدد من هذه الأصوات ينشر فيديوهات ومقالات بوجه مكشوف، والبعض الآخر يفضل عدم الكشف عن هويته الحقيقية لأسباب تتعلق بسلامته الشخصية، وهي أسباب نستطيع تفهمها.

بغض النظر عن اتفاقنا مع هذه الأصوات أو لا، وبغض النظر عن موقفنا من المحتوى الذي تقدمه، فهي تستدعي منا أن نتوقف عند عدد من النقاط:

النقطة الأولى تتعلق بالإمكانيات الرائعة التي تمنحها التكنولوجيا للتعبير بحرية. كثيرا ما ننتقد عبث ورداءة المحتوى على مواقع التواصل الاجتماعي وعلى الإعلام الإلكتروني. لكن الحقيقة أن هذه المواقع، بقدر ما توفر فرصة التواصل لخطابات التطرف أو الرداءة، فهي أيضا توفر الفرص لمحتويات رصينة في مختلف الميادين... محتويات ما كانت لتجد مكانا لها في المنابر الكلاسيكية! وهذا ربما مكسب علينا أن ننتبه له ونشيد به. مكسب يغني حرية التعبير ويساهم في النقاش وتطوير المعرفة، كما يُمَكن أصواتا كثيرة من الوصول إلينا.

النقطة الثانية التي يثيرها هذا المحتوى مرتبطة بعلاقتنا بالتاريخ ونكراننا لعدد من فصوله. وجود شخصيات مثل شريف جابر أو قصي بيطار أو كافر مغربي أو غيرها، يعطينا الانطباع بأنها أولى الأصوات التي عبرت عن موقف منتقد صريح من الدين. التاريخ الإسلامي، على مدى أربعة عشر قرنا، عرف العديد من الأصوات المنتقدة. بعضها دمرت كتبه وبعضها سجن أو عذب أو قتل باسم حماية الدين...

القاعدة نفسها تستمر اليوم مع أصوات يعيش بعضها في مجتمعات ذات أغلبية إسلامية ويتعرض للهجوم الشنيع وأحيانا للتعسف من طرف السلطة، ويخاف بعضها الآخر على حياته.

لكن هذا لا ينفي وجود متابعين بعشرات الآلاف، بل وبالملايين بالنسبة لبعضهم.

متابعة التعليقات الواردة على محتويات هذه القنوات والمواقع، يجعلنا نقف على عينتين من الردود. العينة الأولى تجدها سخية في عبارات الشتم والسب والقذف والاتهامات المجانية، بشكل يجعلك تتساءل: كيف يتصور البعض أنه، باستعمال السب والشتم والعنف والاتهام بدون حجج، يدافع عن دينه ويقوي حجته؟ هل هذه هي الأخلاق المفترضة التي يعلمه إياها الدين؟

العينة الثانية تترجم تعليقات معجبة بمحتوى القناة، تناقشه وتعززه بحجج جديدة، بما يفيد بأن هاته الأصوات التي ترتفع لتنتقد الدين أو لتعلن عن إلحادها، ليست أصواتا وحيدة نشازا، بل لها من يشاركها الصدى في المجتمعات التي تنتمي إليها، وبالآلاف...

هناك نقطة ثالثة يثيرها وجود هذه المواقع والقنوات، وهي مرة أخرى متعلقة بكم الهجوم الذي تتعرض له، لمجرد أنها اختارت أن تعبر عن مواقفها بشكل صريح وعلني. كيف يكون من حق الشيوخ ورجال ونساء الدعوة التعبير عن مواقفهم في التلفزيون الرسمي والقنوات الخاصة ومنابر المساجد وقاعات الندوات... ويعتبر البعض بأنه ليس من حق الأصوات النقدية أن تعبر عن نفسها في الوسيلة الوحيدة المتاحة لها، وهي الإنترنيت وعدد قليل من المنابر الإعلامية؟

لماذا يتساءلون عن "من وراء هؤلاء" ولا يتساءلون عن مصادر تمويل الشيوخ والقنوات الدينية ومواقع الرقية الشرعية والتداوي بالأعشاب؟

إن كان من حق الداعية أن يمارس الدعوة، ومن حق المفتي أن يفتي حتى وهم يدعون للإقصاء والتطرف والعنف، فمن حق أصوات مختلفة أخرى أن تعبر عن نفسها بحرية ومن حق الكثيرين أن يجدوا أنفسهم وذواتهم فيها.

لكن هناك إحساس دفين في العقل الباطن المتدين بأنه وحده محق وأنه يملك الحقيقة المطلقة، وأن العالم والكون يتآمر ضده وضد تدينه.

علما أنه، لو كان تدينك صادقا قويا، فلن تزعزعك أصوات الملحدين والناقدين.... اللهم إن كانت تجد لكلامها صدى في نفسك وإن كنت تخاف هذا الصدى!

الحرة

Related

Share

Post a Comment

الفئة
علامات البحث