تقول الرواية الرسمية إن سبب انفجار بيروت في لبنان كان انفجار أكثر من 2,700 طن من نترات الأمونيوم المخزنة في مستودع في مرفأ بيروت منذ 2014.
شدة الانفجار وخسائره تبين إلى أي مدى قد تكون هذه المادة الكيميائية قاتلة ومدمرة.
فما هي نترات الأمونيوم؟ وهل استخدمت في هجمات سابقة؟ ولماذا تحولت إلى سلاح الإرهابيين المفضل؟
س/ج في دقائق
ما هي نترات الأمونيوم التي تسببت في انفجار بيروت؟
نترات الأمونيوم، وصيغتها الكيميائية NH4NO3، مادة صلبة بلورية بيضاء قابلة للذوبان بشكل طبيعي، وتعرف أيضًا باسم الملح الصخري.
عُثر على أكبر مخزون طبيعي لها في صحراء أتاكاما في تشيلي. لكن المادة المستخدمة حاليًا مصنعة بنسبة تقارب الـ 100%، وتنتج عن تفاعل الأمونيا مع حمض النتريك.
فيم تستخدم؟
تستخدم نترات الأمونيوم في الغالب في الزراعة كسماد عالي النيتروجين، وهي مادة مستقرة نسبيًا في معظم الظروف، وغير مكلفة من ناحية التصنيع، مما يجعلها المادة الكيميائية البديلة الأكثر شيوعًا والأقل تكلفة كمصدر للنيتروجين.
تعد نترات الأمونيوم كذلك مكونًا رئيسيًا لمادة ANFO، المعروفة باسم “زيت الوقود”، التي تستخدم كمادة تفجير في قطاع التعدين والمحاجر والبناء المدني، وتمثل 80% من المتفجرات الصناعية المستخدمة في الولايات المتحدة.
ولا تعتبر مادة نترات الأمونيوم خطرة في حد ذاتها، لكن في ظروف معينة يمكن أن تكون مدمرة. ومن هنا، فإن لدى معظم البلدان لوائح لضمان تخزينها بطرق آمنة.
طالما أنها ليست خطرة في ذاتها.. كيف تتحول نترات الأمونيوم إلى مادة متفجرة؟
نترات الأمونيوم تُصنف على أنها “مادة حيوية”؛ إذ تنتج الحرارة أثناء تحللها على غرار الطرق المعروفة عن توليد الحرارة باستخدام المواد المتعفنة في السماد.
وتتسبب مجموعة من العوامل والظروف في تحويل نترات الأمونيوم من مركب آمن إلى مادة متفجرة، من دون أي وقود أو محفزات خارجية. إذا كانت هناك كمية كبيرة من نترات الأمونيوم في ظروف غير طبيعية، فإنه يمكنها توليد حرارة ذاتية كافية لإشعال النار واستمرار الحريق، من دون الحاجة إلى أي محفز خارجي.
وأثناء احتراقها، تمر نترات الأمونيوم بتغيرات كيميائية تؤدي إلى إنتاج الأكسجين، وهو بالضبط ما يحتاجه أي حريق للاستمرار والتمدد. ومع ارتفاع درجة الحرارة تتحول المادة إلى ما يشبه “مفجر القنبلة”.
وتتزايد سخونة المساحة خلف “المفجر” مع سرعة الاندماج؛ حيث تتشكل الغازات الساخنة بشكل أكبر كثافة، إلى حين لا تجد مكانًا تتسع فيه، فتنفجر في نهاية المطاف.
هل سكان بيروت في خطر نتيجة الانبعاثات الغازية من الانفجار؟
ينتج انفجار نترات الأمونيوم كميات هائلة من أكاسيد النيتروجين. من بينها ثاني أكسيد النيتروجين (NO₂)، وهو غاز أحمر ذو رائحة سيئة، وهو ما جعل الانفجار بهذا اللون.
أكاسيد النيتروجين يمكن أن تهيج الجهاز التنفسي. رغم وجودها بشكل شائع في المناطق الحضرية، إلا إن ارتفاع مستويات هذه الملوثات يثير القلق بشكل خاص للأشخاص الذين يعانون من أمراض الجهاز التنفسي.
سوف تشكل الأبخرة في بيروت خطرًا صحيًّا على السكان حتى تتبدد بشكل طبيعي، الأمر الذي قد يستغرق عدة أيام حسب الطقس المحلي.
لذلك طلبت السفارة الأمريكية في بيروت من جميع سكان منطقة الانفجار البقاء في منازلهم وارتداء الأقنعة إن وجدت، خوفًا من انبعاث غازات سامة من الانفجار.
لماذا تعد السلاح المفضل للإرهابيين؟
يمكن الحصول على نترات الأمونيوم بسهولة وبتكلفة منخفضة، ما يجعلها مفضلة في تصنيع القنابل. المادة تشبه المحرك وراء الانفجار. تتطلب فقط صاعقًا ووقودًا.
طاقة موجة التفجير تؤدي إلى تبخر النترات لتصبح غازًا في لحظة. تتفكك جزيئات الأمونيوم والنترات، وتتشكل فجأة كمية كبيرة من غاز الأكسجين.
الغاز المنطلق من السماد المتحلل هو الذي يدفع الانفجار. إطلاق الأكسجين السريع، إلى جانب الطاقة من موجة التفجير، يشعل الوقود. وعندما يشتعل الوقود السائل، يحترق بسرعة، ليتواصل إطلاق المزيد من الغاز.
متى بدأ استخدامها في تصنيع المتفجرات؟
لا يمكن الجزم بأول استخدام لنترات الأمونيوم في تصنيع المتفجرات. لكننا نعرف أن الجيش الجمهوري الأيرلندي فجر مبنى بورصة البلطيق في مدينة لندن بقنبلة مصنعة من نترات الأمونيوم وزنها طن واحد في أبريل 1992، وأسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص.
بعد عام واحد، في أبريل 1993، فجر الجيش الجمهوري الأيرلندي بيشوبس جيت في مدينة لندن بقنبلة نترات الأمونيوم، مودية بحياة شخص ومتسببة في إصابة 40 آخرين، ومخلفة فوهة بعمق 40 قدمًا.
وفي أبريل 1995، تسببت قنبلة مصنعة من نترات الأمونيوم في مقتل 168 شخصًا في مدينة أوكلاهوما الأمريكية. وانفجرت سيارة مفخخة تحت محطة ساوث كواي في لندن في فبراير 1996. وأسفرت عن مقتل شخصين، وإنهاء وقف إطلاق النار مع الجيش الجمهوري الايرلندي لمدة 17 شهرًا وتسببت في خسائر قدرها 85 مليون جنيه استرليني.
وفي مانشستر، يونيو 1996، ضرب الجيش الجمهوري الايرلندي وسط مدينة مانشستر بقنبلة تزن 3,300 رطل، ما أدى إلى إصابة أكثر من 200 شخص. وكانت أكبر قنبلة تنفجر في بريطانيا منذ الحرب العالمية الثانية.