المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات ـ المانيا و هولندا
إعداد: وحدة الدراسات والتقارير “6”
ظل الإرهاب يشكل تهديداً رئيسياً للأمن في الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي خلال عام 2018، . وقد أسفرت الهجمات الأرهابية التي ارتكبها “الجهاديون” مثل تلك التي وقعت في مدينة : تريب وباريس ولييج وستراسبورغ . يبقى تنظيم داعش هو التهديد الفعلي و الراهن للدول الأوروبية لاسيما بعد الحديث عن عودة المقاتلين الأجانب إلى بلدان و صعوبة التحكم في تدفقهم و رصد تحركاتهم بدقة.
مؤشر الإرهاب لدول أوروبا لسنة 2018
يشرح ” مؤشر الإرهاب العالمي لسنة 2018 ” الذي صدر في 28 كانون الأول 2018 ، عن معهد السلام والإقتصاد ، أن داعش ظلت المجموعة الإرهابية الأكثر فتكا على الصعيد العالمي سنة 2017 على الرغم من انخفاض قدراتها. كما انعكس تراجع تنظيم داعش في مستوى النشاط الإرهابي في أوروبا ، مع عدد الوفيات التي انخفضت بنسبة 75 في المائة ، من 827 في 2016 إلى 204 في 2017. تشير البيانات الأولية لسنة 2018 إلى أن هذا الإتجاه سيستمر ، حيث سجلت أقل من عشر وفيات بالإرهاب في أوروبا الغربية في الفترة من يناير إلى أكتوبر 2018. تدهورت درجة اسبانيا بسبب الهجمات التي حدثت في برشلونة في أغسطس 2017. وسجلت اسبانيا أيضا واحدة من أكبر خمسه تدهورات في مؤشر السلام العالمي لسنة 2017 ، وسلّطت الضوء على المتغيرات المرتبطة بالإضطرابات الإجتماعية.
تحسّنت أوروبا من أثر الإرهاب وسجلت انخفاضا ملحوظا في عدد الوفيات الناجمة عن الإرهاب ، على الرغم من تهديد العائدين والتطرف الإلكتروني. انخفض عدد الوفيات في أوروبا الغربية من 168 في سنة 2016 إلى 81 في سنة 2017. وسجلت تركيا وفرنسا وبلجيكا وألمانيا الإنخفاض الأكثر ، ماعدا المملكة البريطانية ، أما اسبانيا ، السويد ، فنلندا ، والنمسا فقد سجلت زيادات في النسب.
ارتفع عدد الحوادث الإرهابية إلى 282 في أوروبا على الرغم من إنخفاض أعداد القتلى ، مقارنة بوجود 253 حادث هجومي في السنة السابقة. علاوة على ذلك ، سجلت ثمانيه بلدان في أوروبا الغربية حالة وفاة واحدة على الأقل من الإرهاب في 2017 ، وهو أعلى عدد في السنوات العشرين الماضية. انخفاض فتك الهجمات الإرهابية في أوروبا الغربية يشير إلى أن قدرة تنظيم داعش علي التخطيط و تنسيق الهجمات الارهابية على نطاق أوسع قد انخفض ، و أن زيادة التدابير الرامية إلى مكافحه الإرهاب فعالة ، على الأقل على المدى القصير.
أنخفضت إتجاهات الإرهاب العالمي الوفيات في أوروبا الغربية بنسبة 52 في المائة ، من 168 في سنة 2016 إلى 81 في سمة 2017 ، من يناير حتى أكتوبر2018 ، وقد سجلت أقل من عشر وفيات في المنطقة. وعلى الرغم من إنخفاض أعداد القتلى ، ارتفع عدد الحوادث الإرهابية في أوروبا الغربية ، لكن زيادة الإنفاق والتدابير الأمنية في مكافحة الإرهاب قللت من فتك الهجمات.
آلية إدارة خلايا تنظيم داعش
أعتمد تنظيم داعش كثيرا على الجانب الامني والاستخباراتي المعلوماتي في عمله اكثر من الجهد العسكري، عكس تنظيم القاعدة وابو مصعب الزرقاوي الذي كان يقوم على الاساس العسكري والقوة البدنية لتدريب المقاتلين، ومن هنا وصف التنظيم اي تنظيم داعش، بإعتماده “الشراسة الآمنية” في عمله. التسريبات من داخل التنظيم، كشفت ان التنظيم اعتمد “اكاديمية” عسكرية امنية في تدريب بعض افراده، ومنحهم دروس مطولة عبر الانترنيت في مجال الاستخبارات. لا يزال تنظيم “داعش” يمثل تهديداً برغم الهزائم التي مني بها ، حيث يعتبر جهاز الاستخبارات لـ “داعش” هو أحد الوحدات السرية التي تُشكِّل الهيكل التنظيمي ، وأتيح للجهاز كل الإمكانات الممكنة ،واستطاع تجنيد الجواسيس والاتصال بأعداد كبيرة من المتطرفين في مختلف أنحاء العالم ، حيث لعبوا دورًا حيويًّا في جميع العمليات الإرهابية التي شنها داعش.
يعد المجلس الأمني أحد أهم المجالس في تنظيم “داعش” وأخطرها؛ إذ يقوم بوظيفة الأمن والاستخبارات ، وتولى رئاسته “أبو علي الأنباري” في وقت سابق، وهو ضابط استخبارات سابق في الجيش العراقي، ولديه مجموعة من النواب والمساعدين. وتولى المجلس الشؤون الأمنية للتنظيم، وكل ما يتعلق بالأمن الشخصي لـ”الخليفة”، وتأمين أماكن إقامة البغدادي ومواعيده وتنقلاته، ومتابعة القرارات التي يقرها البغدادي ومدى جدية الولاة في تنفيذها، ويقوم بمراقبة عمل الأمراء الأمنيين في الولايات والقواطع والمدن، واختراق التنظيمات المعادية، وحماية التنظيم من الاختراق. يوضح تقرير نشره سابقا المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات في 14 ابريل 2019 ، أن تنظيم داعش يتضمن ثلاثة خلايا سرية ( خلية A مهيئة جيدا، خلية B قيد التدريب، خلية C متشكلّة لكن ليست مدربة ). يعتبر النموذج C هو الاهم في الخلايا الخيطية.
مستقبل نشاط داعش في أوروبا
ذكرت صحيفة ” إندبندنت ” البريطانية في 24 مارس 2019 ، تم الكشف عن خطة تنظيم داعش لتوجيه هجمات إرهابية جديدة في أوروبا بعد أن فقدت الجماعة آخر قطعة من “الخلافة” السابقة في سوريا. وقد كشفت وثائق على القرص الصلب، سقطت من طرف جهاديي داعش الذين قتلوا في معركة الصحراء، تفاصيل مقترحات “لمكتب داعش للعلاقات الخارجية لوزارة العمليات في أوروبا” عن مخططات لتنظيم و تمويل وتنفيذ عمليات إرهابية كبيرة في أوروبا.
حذّر تقرير لمجلس الأمن بالأمم المتحدة ، الصادر في 15 يونيو 2019 بعنوان ” التقرير الرابع والعشرون لفريق الدعم التحليلي ورصد الجزاءات المقدم عملا بالقرار 2368 بشأن تنظيم داعش في العراق والشام (داعش) وتنظيم القاعدة وما يرتبط بهما من أفراد وكيانات ” ، من ان وقف العنف الارهابى الدولى مؤخرا قد ينتهى قريبا مع احتمال وقوع موجة جديدة من الهجمات قبل نهاية العام .وفي تقرير، يرسم المراقبون المتخصصون في مجلس الأمن الدولي صورة مقلقة لحركة إسلامية متطرفة عالمية لا تزال تشكل تهديداً كبيراً على الرغم من النكسات الأخيرة. ويثير أصحاب البلاغ مخاوف بشأن ما يصل إلى 000 30 أجنبي سافروا إلى “الخلافة” للقتال والذين ربما لا يزالون على قيد الحياة.
يقول التقرير ” ان افاقهم المستقبلية ستكون مصدر قلق دولي فى المستقبل المنظور ” . “قد ينضم البعض إلى تنظيم القاعدة أو غيره من العلامات التجارية الإرهابية التي قد تظهر. وسيصبح البعض قادة أو متطرفين”. ويستند التقرير إلى المعلومات التي قدمتها وكالات الاستخبارات في الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، ويقدم لمحة عن التفكير الجماعي بين الأجهزة الأمنية في جميع أنحاء العالم. كما أن الدول الأوروبية قذّرت أن ما يصل إلى 6000 من مواطنيها سافروا إلى العراق وسوريا للانضمام إلى تنظيم «الدولة الإسلامية» أو الجماعات المتطرفة الأخرى. وقُتل نحو ثلث هم، بينما لا يزال ثلث آخر محتجزا في المنطقة أو سافر إلى أماكن أخرى. ويقول التقرير ان ألفي شخص او اكثر قد عادوا الى اوروبا و هدفهم إعادة تنشيط وإحياء الخلايا الإرهابية لتنفيذ هجمات إرهابية في المستقبل.
الخلاصة
الهزيمة ” العسكرية ” النهائية لخلافة تنظيم داعش قد انجزت ، ولكن هذا لا يعني هزيمةداعش كحركة و إيديولوجيا فكرية ” ، والتي يمكن أن تستمر في العديد من المواقع والمناطق خاصة أوروبا الغربية. يمكن أن يؤدي تراجع تنظيم داعش إلى زيادة الهجمات على الأراضي الأوروبية، غير أن عدد الهجمات الفعلية كان حتى الآن ضئيلا، على الرغم من أن البيانات المتعلقة بعدد هذه الهجمات التي أحبطت غير معروفة. كما أن الطيّ التدريجي لتنظيم داعش قد يؤدي إلى عودة المزيد من “الجهاديين” إلى أوروبا، على الرغم من أن الأعداد من المرجح أن تكون صغيرة بالمقارنة مع المناطق الأخرى في الشرق الأوسط وافريقيا. ومن الممكن أيضا أن تعلّق الخلايا السرية لتنظيم داعش نشاطها في أوروبا لكن مع الإبقاء على عنصر الإتصال بها لفترة متوسطة أو طويلة لغرض تمويه أجهزة الأمن والإستخبارات الأوروبية ، من اجل ان تنفذ بعد ذلك سلسة هجمات معتمدين على ” عنصر المفاجئة والمباغتة ” بهدف بث الرعب.
التوصيات
زيادة التنسيق الإستخباراتي بين الدول الأوروبية و الدول التي تحوي عناصر مشبوهة يحتمل سفرها للوصول إلى الأراضي الأوروبية. تكثيف الاستخبارات الأوروبية لعمليات الإختراق داخل المناطق والأحياء المشتبه فيها بأنها تحتوي على خلايا نائمة قد تكون تابعة لداعش. إعتماد الجهد الإستخباري في رصد ومتابعة الجماعات المتطرفة محليا او متابعة عناصر تنظيم داعش من الاوروبيين في سوريا والعراق،رغم ماتملكه اجهزة الإستخبارات الأوروبية من بيانات وقاعدة معلومات حولهم. والاستمرار بفرض الرقابة على الجماعات المتطرفة حتى بعد انقضاء فترات محكوميتهم
* حقوق النشر محفوظة إلى المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والإستخبارات
رابط مختصر…
الهوامش
Global Terrorism Index 2018 : Measuring the Impact of Terrorism
http://bit.ly/2Lto1xp
ISIS plot to direct new terror attacks in Europe uncovered after group loses last Syrian stronghold
http://bit.ly/2ZyP6UT
(Security Council Report (United Nations
http://bit.ly/2MMsKNp
The ISIS Emni: Origins and Inner Workings of ISIS’s Intelligence Apparatus
http://bit.ly/2NF3RTO
خلايا التماسيح… خطة داعش لإزعاج أوروبا
http://bit.ly/2PkDpkE
المركز الإوروبى لدراسات الإرهاب