الإسلاموفوبيا وابتزاز الغرب - مقالات
أحدث المقالات

الإسلاموفوبيا وابتزاز الغرب

الإسلاموفوبيا وابتزاز الغرب

مجدي خليل:

 

يعرف الذين روّجوا مصطلح الإسلاموفوبيا Islamophobia على أنها خوف مَرَضيّ  في الغرب من الإسلام، أو خوف غير مبرَّر من الإسلام، أو عَداء غير مبرّر للإسلام، أو الرهبة من الإسلام، أو النفور غير العقلاني من الإسلام، وما يترتّب على ذلك من كراهية للإسلام والمسلمين والتمييز ضدّهم في الغرب. معنَى هذ التعريف أنّ هناك خوف ورعب من الإسلام في الغرب، وبالتحديد في أوروبا وأمريكا، وأنّ هذا الخوف والرعب لا توجَد مبرّرات له، ومن ثَمّ فهو حالة مَرَضِيَّة نفسيّة من الإسلام، وأخيرًا أنّ هذا الخوف يترتّب عليه نتائج تَلحَق بالإسلام والمسلمين نتيجة هذا العداء.

واضح من التعريف أيضًا أنّ الكلام عن المسلمين يكون دائمًا مترتِّبًا على الكلام عن الإسلام، فالمسلمون ليس لديهم هويّة سوى الإسلام، ولا يقدمون أنفسهم سوى بكونهم مسلمين، والإسلام في تقديرهم أهمّ منهم كمسلمين، فالدين في المخيّلة الإسلامية أهمّ من البشر، والبشر وقود وفداء للدين.. وكأنّ لسان حالهم يقول فليحيا الدين وليمُت البشر، أي أنّ الدين جاء من أجل موت البشر لا من أجل حياتهم.

كما أنّ هناك خلطٌ دائمٌ في ذهنهم بين ظاهرة العداء للأجانب عند البعض في الغرب وخاصّةً في أوروبا، وبين العداء للإسلام.

ففي مقابل مصطلح "الإرهاب الإسلامي" الذي خرج كتوصيف حقيقى لمَوجَةِ الإرهاب المسيطرة على العالم حاليًا ومنذُ عقود، وقد اكتسب المصطلح مصداقيةً سواء عند الأكاديميّين أو الاعلام الدولي أو حتى لدى المواطن العادي حول العالم باستثناء الدُوَل الإسلاميّة، خرجَت مُصطلحات دفاعيّة سواء في الداخل الإسلامي أو في الخارج الغربي تحديدًا. في الغرب تتبنّى عشرات المُنظّمات الإسلامية مصطلح "الإسلاموفوبيا" مُروِّجةً لمفاهيم مزيّفة من أنّ الخوف من استغلال الإسلام من قبل الإسلاميين هو هجوم على الإسلام ذاته وخوف مَرَضِيّ من الإسلام، وأنّ هؤلاء لا يمثِّلون الإسلام. فإذا كان هؤلاء فعلا لا يمثِّلون الإسلام لماذا تصمت كلّ المرجعيّات الدينيّة كبيرها وصغيرها في المجتمعات الإسلامية عن إدانة هؤلاء إدانة قاطعة وعزلهم عن الجسد الإسلامي. في الدول الإسلامية يفْتُون في كلّ شيء من بول البعير إلى بول الرسول، ومن رضاعة الكبير إلى مؤخِّرة النملة التي تثير الصائم في رمضان، ومن تحريم الزهور والورود في المناسبات إلى الاحتفاء بالذّبابة التي في جناحها داء والجناح الآخر شفاء، ولكن لم يتطوّع شيخٌ واحد ليدِين بن لادن والزرقاوي والظواهري ومحمد عطا وأمثالهم، ولم تصدر فتوى واحدة بتكفير هؤلاء وتبرِئة الإسلام منهم، حتى أنّ الشيخ محمد النجيمي عضو مجمع الفِقه الإسلامي السعودي اندفع بغضب لينكِرَ أنّ محمد عطا وزملاءه قد دخلوا النار!!! والشيخ يوسف القرضاوي أشهر داعية في الدول العربيّة تحدّث في كلّ شيء حتّى أنّه خصّص حلقة كاملة من برنامجه "الشريعة والحياة" في قناة "الجزيرة" لمناقشة العلاقة الحميمة بين الرجل وزوجته بطريقة أفلام البورنو، ولكنّه ضَنّ على العالم بإصدار فتوى ضد بن لادن والظواهري والزرقاوي وغيرهم. وطارق رمضان في أوروبا ومعه عشرات المنظّمات و"كير" في أمريكا وأخواتها الذين يروِّجون لمصطلح الإسلاموفوبيا لم يصدروا ولا بيان واحد يقولون فيه بصراحة أنّ هؤلاء القتلة كفرة بالإسلام. كلّ ما يصدُر عنهم هو إدانات عامة مبهَمَة للإرهاب كذَرٍّ للرماد في العيون، أمّا سلوكهم الفعلي فهو النفخ في السخط الإسلامي المحفِّز للإرهاب.

من جهتنا نُعَرِّف الإسلاموفوبيا على أنّها أداة إسلاميّة دفاعيّة جديدة لخِداع العالم وابتزاز الغرب، وإرهاب كلّ من يقترب من الإسلام بالنقد، وتنمية السّخط بين الشباب المُسلم في الغرب لكي يَسهُل تجنيده بواسطة المنظّمات المتطرّفة، والتهوين من خطر الإرهاب الإسلامي بما في ذلك تبرير جرائم المتطرّفين المسلمين وتبرئة الإسلام من هذه الأعمال. وهي سيفٌ مسلّط على حريّات الفِكر والإبداع والنقد في الغرب، وتهدِف إلى تعطيل اندماج المسلمين في الغرب في مجتمعاتهم الجديدة، ومنع دخول المسلم إلى النادي الإنساني وذلك لديمومة حصاره داخل القفص الإسلامي. فالإسلاموفوبيا أُكذوبة جديدة وخرافة وحِيلة، لاستدرار عطف العالم على المسلمين وتصويرهم كضحايا العصر، وذلك لابتزاز مزيدٍ من الأوضاع التفضيليّة لهم في أوروبا وأمريكا.

وفي النهاية تصبّ الإسلاموفوبيا لصالح تنظيم الإخوان المسلمين وحلفائه من المنظّمات المتطرّفة، وتستخدمها كذلك بعض الدول الإسلامية لأسباب سياسية.

من هذا التعريف تتّضح أهداف نشر مصطلح الإسلاموفوبيا في الآتي:

1- تبرير أفعال المتطّرفين المسلمين.

2- تنمية السّخط بين الجاليات المسلمة في الغرب ليسهل تجنيد بعض أفرادها.

3- الإسلاموفوبيا أصبحت وسيلة استرزاق لمنظّمات إسلامية كثيرة في الغرب.

4- ابتزاز الديموقراطيّات الغربية للحصول على مزيد من المزايا التفضيليّة.

5- خِداع العالم وتبرئة التطرُّف الإسلامي والدين الإسلامي من أفعال المتطرفين.

6- محاولة منع نقد الإسلام نهائيًّا، وإرهاب مَن يفعل ذلك.

7- مُحاصرَة المُسلم في الداخل والخارج.

8- استُخدِمَت الإسلاموفوبيا سياسيًّا من قِبَل بعض الأنظمة الإسلاميّة في صراعها مع الغرب.

9- محاولة الأصوليّة الإسلاميّة الدوليّة عزل الكتلة المهاجرة إلى الغرب، لاستخدامهم كسلاح ضدّ الغرب بدلاً من تشجيع الاندماج.

10- محاولة السيطرة على الانكشاف الإسلامي عالميًّا.

11- توسّع استخدام المصطلح بعد 11 سبتمبر 2001 كردّ فِعل دفاعي للمسلمين عن أنفسهم.

12- دَفع المسلمين للاصطدام مع الغرب تحت شعار "الإسلام في خطر".

فالإسلاموفوبيا هي الوجه الآخَر لما يُسمّى "ازدراء الإسلام"، وعندما فشلَتْ الدول الإسلامية في تصدير قوانين التكفير والإرهاب المسمّاة ازدراء الإسلام إلى الغرب اخترعوا مُصطلح الإسلاموفوبيا كأداة بديلة.

والإسلاموفوبيا مثلها مثل ازدراء الإسلام وظاهرة التطرّف والإرهاب، كلّها نتائج  الصّحوة الإسلاميّة أو الإسلام البترولي ووليدة فترة الإسلام السياسي، فالإسلام السياسي قائمٌ على ركيزتيْن وشعاريْن هما "الإسلام هو الحل"، و"الإسلام في خطر". ولهذا فإنّ صُنّاع هذه الصحوة الإسلامية هم أبرز المروِّجين لمصطلح الإسلاموفوبيا وفي مقدمتهم السعودية العربيّة، وإيران الخومينيّة، وقطر، وتركيا الأوردُغانيّة، وحركات الإسلام السياسي وفي مقدّمتها تنظيم الإخوان وشبكة المنظمات الإسلاميّة المتحالفة معه، ولهذا يُعَدّ طارق رمضان، حفيد حسن البنّا، هو الوجه الأبرز المروِّج للمصطلح في أوروبا. وفي أمريكا تتصدّر منظمة "كير" الإخوانيّة الحمساويّة المنظمات المروجّة للمُصطلح في الولايات المتّحدة. علاوة على أنّ البترودولارات استطاعت تجنيد عدد لا بأس به من الكُتّاب الغربيين لتبنِّي المُصطلح ونشر عشرات الكتب في الغرب تروج له. وقد بلع الطُعم الكثير من المثقّفين المسلمين وساروا على نهج صناع الصحوة الإسلامية في الترويج لهذه الأوهام.

ملامح الإسلاموفوبيا كما يشكو منها المسلمون:

عندما تطالع عشرات الأوراق البحثيّة التي كتبَتْ في الموضوع أو تسأل نشطاء ومثقّفين مسلمين من المروِّجين للمصطلح وتقول لهم ما هي الشكاوَى الخطيرة التي تجعلكم تصرخون وتوَلوِلون من الإسلاموفوبيا؟ وما هي الأضرار التي تقع على المسلم في الغرب حتى يشعر بهذا الأمر؟ ولماذا يتقاتل المسلمون في الدول الإسلامية للهِجرة والمعيشة في دول الإسلاموفوبيا هربًا من الحرِّيَّة والنعيم والإيمان والتقوى في بلادهم؟ وهل هناك انتقاص لحُرِّيَّة المسلم الدينيّة وحريّته العامّة في الغرب؟... فما هي الشكاوى التي يعتبرونها من ملامح تصاعُد الإسلاموفوبيا في الغرب:

1- الهجوم الإعلامي الواسع على الإسلام.

2- الطّعن في رسالة الإسلام والتشكيك في نبوّة محمد (تصريحات بابا روما - الرسوم الدينماركية - فيلم "فِتنة" - فيلم "الخضوع" لفان جوخ - الفيلم المسيء).

3- اتّهام الإسلام بأنّه لا يتوافق مع الديموقراطيّة.

4- اتّهام المسلمين بمعاداة حرِّيَّة التعبير.

5- قضيّة الحِجاب في فرنسا والمآذِن السويسريّة.

6- تصوير المتطرّفين المسلمين بأنهم الأخطر على العالم.

7- التنصير الغربي في بلاد المسلمين.

8- اتّهام المسلمين بالخضوع لأجندة المتطرّفين.

9- التحذير من تغلغُل الشريعة في المجتمعات الغربيّة.

10- تزايُد استطلاعات الرأي في الغرب التي ترى الإسلام والمسلمين بصورة سلبيّة.

11- التضييق على المسلمين في الغرب عبر بعض الإجراءت مثل:

الاشتباه في المطارات - التنصُّت على التليفونات - بناء قاعدة معلومات عنهم - تبادُل معلومات مخابراتيّة عن المسلمين - تجنيد بعض المسلمين للتجسُّس على الجاليات المسلمة - مراقبة بعض المساجد في الغرب (لمزيد من التفاصيل انظر: دواعي الإسلاموفوبيا وتداعياتها: المصطفى حميمو).

لنترك القارئ يتأمّل في هذه الشكاوى، وسيجد أغلبها يتعلّق بحرِّيَّة إبداء الرأي في الإسلام نفسه وتراثه ونبيّه. أمّا فيما يتعلق بالإجراءات الأمنية فهي تطول الجميع، فبعد 11 سبتمبر تغيّر الغرب فيما يتعلّق بالاحتياطات الأمنيّة في المطارات ومراقبة الأفراد كنوعٍ من الوقاية من العمليات الإرهابيّة، وقد نجحوا بالفعل في حماية دولهم من مئات من هذه الحوادث الإرهابيّة التي كان يخطّط لها متطرفون مسلمون. إذن هي إجراءات ضروريّة يخضع لها الجميع ولأسباب  أمنيّة. ويبقى السؤال هل هناك مبرِّر لهذه الإجراءات الأمنية؟

تعالوا نستعرض بعض الأرقام لكي تتّضح الصورة أكثر.

- عدد العمليّات الإرهابية التي قام بها مسلمون منذ 11 سبتمبر 2001 حتى 24 نوفمبر 2014 هي 24455 عملية إرهابية (المصدر: the religionofpeace.com).

- عدد القتلى من جراء العمليات الإرهابيّة التي يقوم بها المسلمون سنويًّا تعادل أكثر من 350 سنة من العمليات التي قامت بها محاكم التفتيش في أسبانيا (المصدر: The Spanish Inquisition، ويكيبيديا الصفحة الانجليزية).

- الإرهابيون المسلمون يقتلون في يوم واحد أكثر ممّا قامت بها منظمةKU Klux Klan  الأمريكية المتطرّفة في آخر خمسين سنة (المصدر: answers.com).

- المدنيّون الذين قُتِلوا في ساعة واحدة في 11 سبتمبر بالإرهاب الإسلامي أكثر من ضحايا العنف المذهبي في إيرلندا الشمالية في 36 سنة (المصدر:ulst.ac.uk).

- عدد الذين قُتلوا في ساعة واحدة في 11 سبتمبر أكثر من الذين حُكِم عليهم بالإعدام في أمريكا كلّها في 65 سنة (المصدر: deathpenaltyinfo.org).

- 11 سبتمبر - مدريد - لندن - موسكو - سباق بوسطن - نضال حسن - محاولة تفجير تايم سكوير - البرلمان الكندي - محاولات تفجير الطائرات - القاعدة - طالبان - بوكوحرام - داعش - جبهة النصرة.............

- النصوص الإسلاميّة التي تدعو صراحةً للعنف والقتل والتكفير، والتي كانت سِمة التاريخ الإسلامي كلّه من دولة الرسول إلى دولة داعش.

- المحاولات المستمرّة لأسلمة الغرب، وفرض نموذج ثقافي وقيمي عليه، مثلاً: النقاب والحجاب - رفض معاجلة النساء عند طبيب - رفض سائقي منيسوتا توصيل ركاب يحملون خمورًا - الصلاة أثناء العمل - توقُّف سائق أوتوبيس في قلب لندن وترك الركاب والوقوف للصلاة - قَتل مسلم في فلوريدا لابنته التي ارتبطت بشخص بدون زواج - المطالبة بتطبيق الشريعة - الزواج بأكثر من امرأة واحدة مُسَجَّلة والآخريات غير مُسَجَّلات - ضرب النساء - المعاملة القاسية للأطفال.............

- فشل محاولات الغرب لإدماج المهاجرين وطنيًّا وثقافيًّا وقِيَمِيًّا.

- لا يوجد في العالم كلّه من يقتلون الناس بسبب رأي يُقال، أو مقال يُكتب، إلا المتطرّفين المسلمين.

- لا يوجد في العالم كلّه من يُفجِّرون أنفسهم في المدنيين الأبرياء، غير المتطرّفين المسلمين.

- لا يوجَد في العالم كلّه من يَذبحون المدنيّين كرهائن، ويمثّلون بجثثهم، ويصورون ذلك، ويفتخرون به باعتباره تَقَرُّبًا لربّهم إلاّ المتطرّفين المسلمين.

- لا يوجد في الدنيا من اعتَبَر العالم كلّه ساحة للتفجير والاستحلال والجهاد ضدّ الكَفَرة، بما في ذلك قتل الأطفال، إلاّ المتطرّفين المسلمين.

- لا يوجد في العالم كلّه مَن يهدف إلى بثّ أكبر قدر من الرعب بين المسالمين من عمليّاتهم سوى المتطرفين المسلمين (نصرت بالرعب).

- تعالوا نستعرض شهادة الكاتب الإسلامي حسين أحمد أمين عن التطرف الإسلامي في أمريكا قبل أحداث 11 سبتمبر بحوالى عقدين من الزمن في كتابه الشهير "دليل المسلم الحزين" يقول حسين أحمد أمين:

[المتطرّفون المسلمون يُشكِّلون الأغلبية بين المسلمين في تكساس وفي أماكن أخرى. أحد المساجد في إينديانابوليس بولاية إنديانا لا يسمحون للنساء بالصلاة في المسجد. في واشنطن العاصمة أغلَقَت السلطات الأمريكية أحد المساجد بعد معركة بالسكاكين دارت بين المسلمين المصلّين. في ولاية لويزيانا كان هناك عربى مسلم يسمّونه بأمير اللواء الإسلامي، يعمل في مكتب إعلامي تابع لإحدى السفارات العربية، هذا الأمير كان إذا أراد أن يسلّم مذكرة للسكرتيرة الأمريكية التي تعمل بالمكتب، أدار رأسه حتى لا يقع نظره على مفاتنها، أو سلّمها الأوراق من وراء الحجاب. أتَعلم أنه قُبض عليه في آخر عام 1981 لإعتدائه جنسيًّا على طفلة مُسلمة في الثانية عشرة من العمر هي ابنه صديق له؟؟!!! في أمريكا يُحرِّم بعض المسلمين على زوجاتهم النظر من النافذة، لأن الرجال الأمريكيّين قد يمرُّون تحتها يَجرون بالشورتات أثناء رياضتهم الصباحيّة. الأكثرية في تكساس تنتمي إلى التيار الديني المتطّرف: لقد اطلقوا اللحى وتجهمت الوجوه منهم، يرتدون الجلاليب أو الزّيّ القومي الباكستاني، ونساؤهم يرتدين النقاب الذي لا يُظهر غير العينين.. ويتآمرون على الأقباط المهاجرين مثلهم. لقد قفزَتْ إلى ذهني أثناء إنصاتي إليهم ومراقبتي لوجوههم الناضحة بالكراهية والحِقد شخصيّة جافير في رواية هيجو "البوساء" ] (حسين أحمد أمين: دليل المسلم الحزين: الطبعة الثالثة 1987: مكتبة مدبولي، صفحات 305 و306 و312 و313 و313 و317 و318 و319).

- إذا استعرضنا الإرهاب الحادث في عام 2006 وحده وِفقًا لتقرير "أنماط الإرهاب حول العالم" لاتّضح لنا الخطورة الشديدة للوضع الراهن، وإذا كان معظم هذه العمليات قامت بها تنظيمات إسلاميّة متطرّفة وإرهابيون مسلمون لاتّضح أكثر أنّ ترويج مصطلح الإسلاموفوبيا هو عامل مساعد في تنمية السّخط على الغرب ومن ثم الإرهاب، وفي نفس الوقت يمثّل نوعًا من الابتزاز للمجتمعات الغربيّة للتوقُّف عن مطاردة الإرهابيين والمتطرفين المسلمين وتدليل المنظمات الإسلامية في الغرب بدلا من محاكمة أغلبها. فوِفقًا للتقرير تمّت 14352 عملية إرهابية حول العالم عام 2006 وقد قتل من جراء ذلك 74545 من العسكريّين و 20570 من المدنيّين وجُرِح وقُتِل 1800 طفل، وقتل 430 طالبًا و215 معلّمًا و129 صحفيًّا، وجُرِحَ وقُتِل 8200 رجل شرطة و1300 زعيمًا حكوميًّا وحراسهم. ويُقَدَّر عدد الأشخاص المخطوفين خلال السنة بـ 15855 واستهدفت العمليات الإرهابية 19500 مبنى ومدرسة ومصالح حكومية وتبنّت 300 جماعة إرهابية هذه الحوادث، هذا بالاضافة إلى الإرهاب الفردي. الغريب أنّ التقرير يرصد أنّ 50% على الأقل من هذه العمليات قد استَهدَف مسلمين من قِبَل مسلمين وقد تمّ الاعتداء على 350 مسجدًا خلال نفس الفترة، فإذا كان كلّ هذا القتل والتخريب تمّ خلال عام واحد فقط، وإذا كان أكثر من 90% منه جاء من قِبَل إرهابيّين مسلمين فكيف يتصايحون بأنّ هذا إسلاموفوبيا؟ وإذا لم تكُن كلّ هذه العمليات والتخريب تشكِّل هاجسًا وخوفًا حقيقيًّا للعالم كلّه فمِن ماذا يخاف الناس إذن؟ إنّ الشخص الذي لا يخاف من كلّ هذا الإرهاب ويقاومه بكلّ الطرق هو إنسان متبلّد  عديم الإحساس. (المصدر: الإسلاموفوبيا وفزّاعة الإسلاميين: مجدي خليل: إيلاف 4 أكتوبر 2007).

الكريستيانوفوبيا في الدول الإسلامية:

عندما نطرح أسئلةً على من يصرخون من الإسلاموفوبيا ضدّهم في الغرب لا نحصل على إجابات، بل على مزيدٍ من المنطق الأعوج الملتوي الكاذب. ومِن هذه الأسئلة التي نطرحها عليهم ما يلي:

1- هل تُحرَق المساجد في أوروبّا وأمريكا؟

2- هل يَقتلون المسلمين في الغرب، وحدثت مئات المجازر والاعتداءات عليهم؟

3- هل يَمنَع الغرب تحوُّل المسيحيّين إلى الإسلام، بالقانون والإرهاب المجتمعي والديني؟

4- هل يَمنَع الغرب التبشير بالإسلام، بما في ذلك السّماح باستقدام شيوخ من الدول الإسلاميّة للدعوة الإسلامية؟

5- هل يَعتبر الغرب ازدراء المسيحيّة جريمة دون الإسلام؟

6- هل يَخطِفون بنات المسلمين في الغرب لتنصيرهم وتتواطأ الشرطة مع المجرمين الخاطفين وكذلك القضاء؟

7- هل يقتلون المسيحي الذي يتحوّل للإسلام في الغرب؟

8- هل يبرِّئ القضاء قَتَلة المسلمين في الغرب؟

9- هل يتمّ تهجير المسلمين من بيوتهم ومدنهم، في حالة الشجار بين مسلم وغربي؟

10- هل يفرِضون في الغرب الجلسات العُرفيّة المُذِلّة بدلا من القانون، وفي حالة الرّفض يُتَّهم المجني عليه بدلاً من الجاني؟

11- هل يمنع الغرب زواج المسيحيّة من المُسلم، وإذا حدث يُقتَل المُسلم الذي فعل ذلك أو يُجبر على التحوُّل للمسيحيّة؟

12- هل هناك تمييز قانوني وإداري ضدّ المسلمين في الغرب؟

13- هل يُمنَع المسلمون في الغرب من تخصُّص أمراض النساء والتوليد في الجامعات؟

14- هل هناك قانون همايوني وشروط عشرة في الغرب، تجعل بناء المساجد من المستحيلات؟

15- هل يُمنَع المُسلِم في الغرب من الشهادة في المحاكم ضد مسيحيّ غربي؟

16- هل تهاجِم الكنائس في الغرب عبر ميكرفوناتها المسلمين، وتدعو لتكفيرهم وشيطنتهم والدعاء عليهم ليل نهار؟

17- هل هناك هيئات حكوميّة وسياديّة ممنوعٌ دخول المسلم فيها في الغرب؟

18- هل حدث تطهير عرقي وإبادة للمسلِمين في الغرب، مِن الذين يصرخون من الإسلاموفوبيا؟

19- هل يَمنعون المسلمين في الغرب من تناول اللحوم الحلال والذبح على الشريعة؟

20- هل تتناغم كافّة مؤسّسات الدولة في الغرب وتنسِّق في العداء للمسلمين؟

الإجابة على كلّ الأسئلة السابقة بـ "لا" كبيرة. أي أنّ أيًّا من هذه الجرائم الكبيرة لم تحدث ضدّ المسلمين في الغرب رغم تطرُّف الكثير منهم وانخراط الآلاف منهم في العمليّات الإرهابية حول العالم، بما في ذلك المحاربة بجانب داعش، بل وتحريض الكثير من المسلِمين للمجرمين في الغرب بالتحوُّل إلى الإسلام وممارسة الجريمة تحت لافتة الجهاد بدلاً من الجرائم العادية.

ولكن كلّ هذه الجرائم القذرة تحدث ضدّ المسيحيّين في الدول الإسلامية، والأمثلة واضحة في مصر وباكستان ونيجيريا والعراق والسودان والسعوديّة واليمن وإثيوبيا وليبيا.. وفي كلّ الدول الإسلاميّة التي توجد فيها أقليّات مسيحية، وهناك رُعبٌ في الدول الإسلامية من التبشير بالمسيحيّة وصل لتجريم حَمْل الإنجيل في السعودية.

الخوف على الإسلام من المسلمين:

ولكن في الواقع أنّ الخوف الأكبر على الإسلام هو خوفُ السُّلطة السياسيّة والدينيّة على الإسلام من تمرُّد المسلمين أنفسهم على الإسلام، ولهذا فإنّ الرِّدَّة وازدراء الإسلام والإسلاموفوبيا هي موجّهة بالأساس إلى المسلم، بأنّ واجبه الأساسي في هذه الدنيا هو البقاء في الإسلام والدفاع عن الإسلام، ولن نَرحمه إذا خرج منه أو ازدراه، ولهذا يحاصرون المسلم داخل أقفاصه الحديديّة، ويحاصرون عقله وسلوكه، ويعدّون عليه أنفاسه:

1- فهناك الخوف على المسلم من قراءة التراث الإسلامي، وأزعم أنّ الأغلبيّة الكاسحة من المسلمين لم تقرأ أمّهات الكتب الإسلامية، لكي تستجلي الحقيقة. ولكن يُقدِّمون لهم كتبً مُفبرَكة تقدِّم العصور الإسلامية ورجالها بمثاليّة تناقض تمامًا ما كان يحدث في تلك العصور.

2- الخوف على المسلم من استخدام عقله بحرِّيَّة ولهذا يعملون دائمًا على محاصرة العقل المسلم وإرباكه.

3- الخوف على المسلم من ممارسة الحرِّيَّة الدينيّة.

4- الخوف والرعب مِن ما يسمّونه التنصير، ومقاومته بكافّة الطُرُق.

5- الخوف من الإلحاد.

6- الخوف من نقد الإسلام.

7- الخوف والرعب من الاقتراب من شخصيّة الرسول بالنّقد، أو حتى بالتقييم الموضوعي، بلّ أنّ من واجب المسلم الموت هو وأهل بيته فداءً لرسول الله "فداك أبي وأمي يا رسول الله".

8- الخوف من انفتاح المسلم على الثقافة العالميّة.

9- الخوف من معصية المسلم وخروجه على فروض دينه.

10- تصوير العالم كلّه للمسلم على أنّه لا همّ له سوى التآمُر على الإسلام ورسوله.

11- الخوف من شرب الخمر - من الاختلاط - من المرأة وحقوقها ونشاطها وشخصيّتها - من حرِّيَّة الفكر - من السفور - من المنطق والفلسفة - من العقل ذاته.

كلّ هذا الخوف العصابي الإرهابي على الإسلام، وحتّى من المسلم ذاته، رغم ما جاء لديهم: إنّ الدين عند الله الإسلام، وإنّا نحن أنزلنا الذّكر وإنّا له لحافظون، وكُنتم خيرَ أمّةٍ أُخرِجَت للناس، قد أكملتُ لكم دينكم...

قبل أن نترك موضوع الإسلاموفوبيا نتناول نقطتين متعلّقتين بالموضوع:

النقطة الأولى: لماذا لا تُجَرَّم الإسلاموفوبيا كما يُجَرَّم العداء للساميّة؟

وللردّ على هذه النقطة نقول أنّ تجريم العداء للسامية هو تجريم للتحريض المُنّظَّم على اليهود وليس على الديانة اليهوديّة ذاتها، فقد أدّى التحريض ضدّ اليهود إلى ارتكاب هتلر لأكبر مذبحة لهم حدثت في التاريخ الإنساني كلّه. ومن ثَمّ فهو تجريم الكراهية لليهود، وليس تجريمًا للنقد الديني للتوراة، بل أنّ النقد الديني للتوراة يحدث كلّ يوم في الغرب بدون أيّ مشاكلّ أو عقوبات، فالتجريم هنا لاستهداف الإنسان وليس لاستهداف الدين. أيضًا العقوبة والتجريم يقعان على إنكار جريمة الهولوكوست، وليس على عقيدة اليهود الدينيّة، لأنّ الإنكار يشجِّع على مزيدٍ من الجرائم والكراهية ضد اليهود، ولأنّ الإنكار هو من شخصيات تعادي اليهود أنفسهم، بدليل إنكارهم لحقيقة مؤكّدة تاريخيّة مازال الكثير من شهودِها أحياءَ. فالهولوكست حقيقة مؤكَّدة. الأديان والعقائد مجرد أفكار والبشر هم الحقيقة، والحماية تكون للحقيقة وليس لمجرد أفكار، فقط يتمّ حماية الحقّ في اعتناق أيّ أفكارٍ طالما أنّها لا تدعو للجريمة والكراهية ومخالفة القانون.

النقطة الثانية: القول بأنّ مُرَوِّجو التخويف من الإسلام، أو شبكة التخويف من الإسلام، أو خبراء التخويف من الإسلام، يأتي نتيجة الجهل بالإسلام. ولكن عندما نستعرض هذه الأسماء التي يقولون أنّها تروِّج للتخويف من الإسلام نجد أنّهم خبراء على أعلى مستوى في الإسلام، ولا يجهلونه كما يقولون، بل هم درسوه في أهمّ المعاهد العِلمية في العالم، وأفنوا حياتهم في دراسته من مصادره الأصليّة، ومن أمثال هؤلاء الذين يُتّهَمون بالجهل بالإسلام وترويج الإسلاموفوبيا: البابا بِنِدِكت - بات روبتسون - فراكلين جراهام - صامويل هَنتنجتون - دانيال بايسبس - ستيف إمرسون - روبرت سبنسر - فرانك جافني - نينا شيا - جلين بيك - بيار هنري تزياف - برجريت جابريل - باميلا جيلر - ديفيد بروشالمي - كريستين بريم - تومي روبنسون - اندرس جرافرس - جيرت فليدز - ريموند إبراهيم - ديفيد هوريتز - أدريانا فلاتشي - ميشال أولبيك - كارولين فوست - رتشارد مييه - كريستان تاسان - آن مارشيني.

والحقيقة لقراءتي ومعرفتي الشخصيّة بأغلب هؤلاء أستطيع القول بأنهم خبراء على أعلى مستوى بالإسلام، وليسوا جُهّالاً به كما يزعم مُرَوِّجو مصطلح الإسلاموفوبيا.

فصل من كتاب (إزدراء الأديان فى مصر) الصادر عن منتدى الشرق الأوسط للحريات فى يناير 2015

Related

Share

Post a Comment

الفئة
علامات البحث