هل سوف يرتاح المسلمون إذا هاجر كل الأقباط من مصر؟ - مقالات
أحدث المقالات

هل سوف يرتاح المسلمون إذا هاجر كل الأقباط من مصر؟

 هل سوف يرتاح المسلمون إذا هاجر كل الأقباط من مصر؟

ماذا حدث للدول التى تم تفريغها من كنوزها البشرية؟ ما الذى يجمع الشيخ السلفي مع الإعلامي وهل كل مختلف يُطلب منه أن يسيب البلد؟ لماذا تنتشر فى مصر مبادئ وأصول وقواعد قبور الآخر بدلا من قبول الآخر؟

روبير الفارس

ما بين شيخ تطول ذقنه لترعب الأطفال، وإعلامي يطول لسانه ليجذب الإعلانات، تنتهك مواطنة الأقباط ليل نهار على منصات المنابر والفضائيات وكأنهم يعيشون في وطن بالإيجار وإذا تجرؤوا ورفعوا صوتهم يطالبون بحق مجرد حق مدني عادي يخرجون لهم الكارت الأحمر بعيون زائغة وألسنة شوكية وقلوب سوداء وضغائن يعلم مداها الله بكل أريحية.

يطلبون منهم «سيبوا البلد» هكذا بكل بساطة ودون اعتبار أن هذه الكلمات الجارحة جريمة بكل المقاييس تستوجب المحاكمة. ولكن هل يُحاكم أحد عند الاعتداء على الأقباط ماديا حتى يحاكم عندما يتم إهانتهم والاعتداء على كرامتهم معنويا؟ أي دولة هذه التى نعيش فيها؟ وأي إعلام من المفترض فيه أن يعلم الناس فن الحوار بأدب والمعنى الراقي لقبول الآخر.

فإذا به ينشر النفور ويبث الكراهية والبغضاء ويساعد على التباعد وعلى المختلف معك أن يترك «البلد» ويمشى.

أليس هذا هو نفس جوهر فكر داعش الإرهابي. إن قوات داعش عندما دخلت الموصل بالعراق فى يونيو 2014 طلبت من الأقليات المختلفة إما الإسلام أو ترك الديار تحت تهديد السلاح! إن الذى ينقص هولاء هو السلاح ليضعوه فى ظهورنا، إما أن نكون نسخ بالكربون منهم ومن عقائدهم ومن مذاهبهم ومن أفكارهم إما أن نسيب البلد ونمشي ياللعار. وإذا تركها كل مختلف ومشى لن يبقى بها إلا المتشابهون فى الملابس وحجم الذقن والتجهم والفكر، هم السلفيون أو الداعشيون لا فرق!

اختلف المذيع تامر أمين مع الطالبة المسكينة مريم ولم يقتنع بقضيتها فطلب منها أن تسيب البلد وتمشى هكذا ببساطة.

تحول مثل أفلام الكارتون التى أشاهدها مع صغيري لصورة من الشيخ السلفي الحويني الذى عندما أدرك غزوة الصناديق بعد الاستفتاء الشهير الذي قدم الانتخابات على الدستور فى مارس 2011 طلب من الأقباط أن سيبوا البلد. إن قبول الآخر المختلف يتحول هنا وسريعا – أو يختفي ويظهر حقيقة فى مصطلح آخر كنت قد أسخر به منه فأطلق على قبول الآخر – قبور الآخر.

وهي قبور عديدة منتشرة في مصر – بل وأصبحت دليفري – بعد ظهور الفضائيات مع كل من تختلف معه أو لا تقتنع بقضيته فسريعا ما تحفر له قبرا تدفنه فيه أو تصرخ «المركب اللى تودي» حيث يعبر المثل القديم عن نبوءة للهجرات غير الشرعية.

ويبدأ قبور الآخر في مصر من التعليم حيث يتم محو الحقبة القبطية من التاريخ المصري ويغيب مصطلح الحضارة القبطية تماما عن الأذهان فلا يعرف المسلم شيئا عن المسيحي فلا يفرق كثيرا معه إذا غاب.

بل هناك وللأسف بعض المسلمين المتشددين يظنون أن مصر سوف تكون أحلى بلا أقباط ولا أي أقليات أخرى ولا يدركون أن ضياع الصومال بدأ بعد هجرة أقليتها عنها وأن العراق تدمر الآن بعد أن هجر منها الإيزيديين والآشوريين والكلدان والسريان، وسوريا أصبحت أطلالا ومسيحيوها يهرعون لدول أوروبا، ولا يأخذون في بالهم أن غياب المسيحيين كلهم عن الشرق الأوسط سوف يثبت النظرية التى تروجها إسرائيل ويعمل داعش على تنفيذها ليل ونهار، إن الإسلام دين لا يستطيع العيش مع الآخر المختلف ثم هل الدول العربية التى تخلو من المسيحيين تعيش فى سعادة، إن السعودية نفسها أصبحت فى دائرة تنظيم داعش وفجرت فيها مساجد وفكرة الإرهابي خميرتها الأصلية متغلغةا بعمقها ونواحيها ولن نتحدث عن فوائد الثراء الثقافي والحضاري للتعدد في مجتمع يبغض التعدد والتنوع أصلا. إن وجود مسيحيين يحصلون على جميع حقوقهم من مناصب تعبر عن مواطنة كاملة وبناء كنائس للصلاة أمر يخدم صورة الإسلام نفسه ويروج لسماحته فى صحف العالم أفضل من مليون خطبة جمعة تتحدث عن تسامح الإسلام مع أهل الذمة مع خبر عن تجمهر مسلمين يرفضون بناء كنيسة أو القبض على قسيس بنى خيمة إلى جوار كنيسة بدون ترخيص تجعل من الخطبة مجرد دهان تجميل لقبور مبيضة من الخارج كقول السيد المسيح.

ومن قبور الآخر الإعلام بكل صوره الذي نعاني كمجتمع من سوء إدارته وسوء ملكيته وشلليته ومنتجه بالتالي ويعاني الأقباط بالأكثر حيث تقدم قضاياهم بدون مهنية حيث لا يعرف المعدون أو المذيعون عنهم شيئا فقضية مريم لا تحتمل أي طائفية ولكن تعامل بطائفية لأنها مسيحية وبذلك تحتمل ذنبين، ذنب مشكلتها الضخمة وذنب عقيدتها! القبر العظيم إنه لا أحد برغم تعدد صور التمييز والاضطهاد التي حفظناها عن ظهر قلب يتحرك لتغيير هذه الصورة التى تزداد قتامة يوما بعد يوم.

المقال

Related

Share

Post a Comment

الفئة
علامات البحث