مؤتمر الإسلام في برلين يتأرجح بين “الإسلام الألماني” والرؤية النقدية للإسلام - مقالات
أحدث المقالات

مؤتمر الإسلام في برلين يتأرجح بين “الإسلام الألماني” والرؤية النقدية للإسلام

مؤتمر الإسلام في برلين يتأرجح بين “الإسلام الألماني” والرؤية النقدية للإسلام

مفهوم المُواطنة والاندماج في الثقافة الألمانية وفك الارتباط بين مسلمي ألمانيا وكبرى التيارات الإسلامية في الخارج، هذه أهم المواضيع التي يطرحها مؤتمر "الإسلام في ألمانيا" في دورته الرابعة التي انطلقت الأربعاء في العاصمة برلين، تحت إشراف وزارة الداخلية الألمانية، ومشاركة هيئات إسلامية عربية وتركية والجالية المسلمة في ألمانيا.

منذ نشوء فكرة المؤتمر قبل أربعة أعوام، يسعى القائمون عليه إلى إدماج المسلمين في الثقافة الألمانية، وسط حديث عن مفهوم جديد “الإسلام الألماني”. مفهوم نشأ في ظل تخوف من تأثير جهات خارجية على مسلمي ألمانيا ووسط صراع داخل القوى السياسية الألمانية نفسها التي لم تتفق بشأن بلورة مفهوم واحد يوضح مقاربتها للحضور الإسلامي في ألمانيا. الدورة الحالية تعمّدت استبعاد بعض الجمعيات الإسلامية المعروفة وتعويضها بمواطنين مسلمين لا ينتمون إلى جمعيات، وُجهت لهم الدعوة بهدف فسح المجال لوجودٍ علمانيٍ مسلمٍ، والسماح بطرح رؤية نقدية للإسلام، والتخلص من أصحاب المقاربات الدينية المتشددة التي يقول العديد من مسلمي ألمانيا إنها لا تمثلهم.

قبل يوم واحد من بدء المؤتمر، وجه وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر رسالة إلى المشاركين عبر الصحافة (صحيفة فرانكفورتر ألجماينه) طالب فيها مسلمي ألمانيا بـ”فك الارتباط بالنفوذ الخارجي وعدم الانسياق خلف التنظيمات الإسلامية الخارجية”. زيهوفر أثار حفيظة المسلمين حين صرح قبل أشهر أن الإسلام لا ينتمي إلى ألمانيا مناقضاً تصريح المستشارة أنيغلا ميركيل التي قالت في مارس الماضي “أربعة ملايين مسلم يعيشون في ألمانيا، هؤلاء جزء من ألمانيا وكذلك ديانتهم جزء من ألمانيا أيضاً”.

على امتداد أربع دورات، كانت مواضيع التعايش والتفاعل مع الثقافة الألمانية على طاولة النقاش، ولا تزال تُطرح بقوة في الدورة الحالية، بل بشكل أكثر صرامة.

نشأت فكرة المؤتمر ببادرة من ماركوس كيربر (يشغل حالياً وظيفة وكيل وزارة الداخلية) حين كان رئيس قسم السياسة في وزارة الداخلية تحت رئاسة ولفجانغ شويبل بين 2006-2009 "كمنتدى للحوار" بشأن العلاقة بين الإسلام والدولة..

وبحسب ما نشره موقع دويتش فيليه الألماني، فإن الدورة الحالية من المؤتمر تشهد شكلاً مختلفاً تماماً عن الدورات السابقة، إذ خالف وزير الداخلية الحالي هورست زيهوفر وهو رئيس الدورة الحالية النهج الذي سار عليه سلفه توماس دي ميزير، الذي كان يستغل هذا المنتدى لإقامة حوار بين مسؤولي الدولة والاتحادات الإسلامية المحافظة.

دعا زيهوفر رجالَ دين وعلماء على خلاف مع المنظمات الإسلامية المحافظة، من بينهم ممثلة الاتحاد الليبرالي الإسلامي ومؤسسة مسجد "ابن رشد-غوته" في برلين سيران أطيش لحضور المؤتمر.

وكانت أطيش قد أسست مسجد "ابن رشد –غوته"، تقول إنه "مسجد ليبرالي" لا يسمح للنساء بالقدوم بالنقاب أو البرقع، لأنها تعتقد أن تغطية الوجه لا علاقة لها بالدين بل هو تسجيل موقف سياسي. كما تسمح بأن تصلي النساء بلا غطاء رأس جنباً إلى جنب مع الرجال، وفي المسجد تؤم أطيش الصلاة وتخطب في المصلين والمصليات.

زيهوفر، زعيم الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري، قال عقب توليه مهمات وزير الداخلية إنه يعتبر عبارة "الإسلام جزء من ألمانيا" خطأ. وأثار تصريحه ردات فعل في ألمانيا وخارجها، لكنه يتبنى الآن موقفاً متصالحاً مع انعقاد "مؤتمر الإسلام” لكن للرجل رؤيته الخاصة المختلفة عن رؤية خلفه.

وسبق لزيهوفر أن كتب مقالاً بصحيفة "فرانكفورتر ألغماينه" الألمانية تحدث فيه عن رغبته في أن يكون الإسلام في بلاده "من ألمانيا ولأجل ألمانيا”.

وكتب زيهوفر في مقاله الثلاثاء 27 نوفمبر أنه يتعين على المسلمين في ألمانيا أن ينظموا أنفسهم على نحو يضمن تلبيتهم لمتطلبات القانون الدستوري الديني بشأن التعاون مع الدولة.

وتعهد زيهوفر أن يعمل من خلال خطتة على دعم المسلمين الألمان  "في تدعيم هويتهم الألمانية الإسلامية وتعزيز انتمائهم لوطنهم الألماني".

ويأمل أن ينجح مؤتمر الإسلام في التركيز على طرح قضايا عملية للتعايش المشترك، مثل كيفية التوفيق بين العقيدة الإسلامية والاقتناعات والطقوس المرتبطة بها بالثقافة في ألمانيا وقيم المجتمع الألماني في الحياة اليومية.

ويطرح العديد من النشطاء الألمان أسئلة حول الإسلام، منها ما يتعلق بالحجاب، وهل هو رمز ديني يعبر عن قمع النساء في الإسلام أم حرية شخصية، هل مرتدية الحجاب راديكالية  أم أنه لباس يخص ذواتهن ولا يمنعنهن من الذهاب إلى الجامعات والحصول على شهادات عليا.

وكانت بعض حوادث الاعتداء على نساء في ألمانيا من قبل شباب مسلمين قد زادت من رُهاب الإسلام في المجتمع الألماني وتم تعميم صور نمطية عن الشاب المسلم المنتهك لحرية المرأة.

الآئمة الألمان

قبل ساعات من المؤتمر وعد الوزير زيهوفر بتقديم الدعم المادي والمعنوي لمسلمي ألمانيا في قضايا الاندماج وإعداد الآئمة في مساجد ألمانيا.

فإشكالية الآئمة المسلمين، ومدى اعتدال خطابهم الديني الموجه لمسلمي ألمانيا في الدروس الدينية، تطرح منذ سنوات، لكنها زادت في الآونة الأخيرة إذ طالب المجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا بتدريب الآئمة داخل ألمانيا عوض توريد آئمة من الخارج، وقال رئيس المجلس أيمن مازيك في تصريحات لشبكة "دويتشلاند" الألمانية الإعلامية الثلاثاء 27 نوفمبر، "إذا كنا نريد إسلاماً بطابع ألماني، فيتعين علينا العمل على تدريب الآئمة في ألمانيا".

وأشار تقرير نشر في العام 2018 في صحيفة "زود دويتشه تسايتونج"، إلى أن جزءاً كبيراً من المسلمين في ألمانيا قدموا إليها في ستينات القرن الماضي، بسبب نقص العمالة بألمانيا عقب الحرب العالمية الثانية، كما أن جزءاً كبيراً من المسلمين قدم إلى ألمانيا بسبب الحروب الأهلية والصراعات الداخلية والتهديدات الإرهابية، كما هو الحال في سوريا وأفغانستان ودول الاتحاد اليوغوسلافي سابقاً.

وبحسب التقرير، يقيم عدد كبير من المسلمين في ولاية "شمال الراين ويستفاليا"، حيث يعيش ثلث مسلمي ألمانيا في هذه الولاية فقط، كما هنالك أعداد كبيرة في ولايات "هيسين" و"بافاريا" و"بادن فورتمبرج". أغلب المسلمين يعيشون في المدن والقليل منهم في الريف. أما الولايات الشرقية فيقل فيها عددهم.

والعدد الإجمالي للمسلمين في ألمانيا 4.550.000، ويقول 96% منهم إنهم يشعرون بالارتباط بألمانيا، ويصرح 37% بأنهم تعرضوا  لتمييز عنصري.

وتعرضت مساجد ألمانيا منذ العام 2001 حتى العام 2016، إلى 416 هجوماً، أغلبها في الولايات الغربية، في حين بلغ عدد الهجمات في الولايات الشرقية 28 هجوماً في الفترة ذاتها و14 هجوماً في العاصمة برلين.

رصيف 22

 

 

 

Related

Share

Post a Comment

الفئة
علامات البحث