هل باعت أمريكا محمد بن سلمان ؟ - مقالات
أحدث المقالات

هل باعت أمريكا محمد بن سلمان ؟

هل باعت أمريكا محمد بن سلمان ؟

مجدى خليل

بعد تسريبات وكالة المخابرات الأمريكية لمسئولية محمد بن سلمان عن قتل جمال خاشقجي، تردد في الإعلام العربي التركي المعارض للسعودية بأن أمريكا ضحت بابن سلمان، فهل هذا صحيح؟

خلقت الجريمة البشعة ضد جمال خاشقجى وضعا دوليا مربكا نظرا لأهمية السعودية في مجال الطاقة من ناحية ولتزايد جرائمها من ناحية أخرى، خاصة وأنها جاءت تتويجا لملف سعودي ملئ بالجرائم وإنتهاكات حقوق الإنسان، فكيف تتصرف الاطراف الفاعلة إزاء ما حدث؟.
المسألة معقدة داخليا في السعودية إذ أن الملك سلمان واولاده يدركون جيدا أنه إذا ضحى بأبنه محمد فسيكون القرار كارثيا على عائلة سلمان وسيطول الاتهام ابنه الاخر خالد، الذى يبدو فعليا أنه متورط بشكل أو بآخر في قتل خاشقجي، ومن ثم سينتهي الأمر باستبعاد اولاد سلمان نهائيا من حكم السعودية، والاخطر سيبدأ افراد العائلة المالكة فى محاكمتهم وربما قتلهم نظرا للعداوت التي صنعها بن سلمان مع باقي عائلة آل سعود.
من ناحية أخرى يملك بن سلمان كل القوة الصلبة في يديه حاليا، وهو على استعداد لإشعال حرب أهلية في السعودية إذا اقترب احد من سلطته.
الملك سلمان بخبث شديد يحاول اقناع عائلة آل سعود بأن التضحية بأبنه هي الخطوة الأولى نحو انهيار حكم العائلة باكملها، ويحاول نشر هذا التخويف مع نشر تطمينات بأنه سيكبح جماح ابنه ويحاسبه بعد انتهاء الأزمة، وهي طريقة خبيثة للضحك على آفراد العائلة وتأجيل المواجهات لصالح ابنه.
من ناحية ثالثة بدأ بعض الأمراء الأنتهازيين، مثل الوليد بن طلال،دعم بن سلمان لاسترداد ما اخذه منهم بالقوة، وهو ما رآيناه بوضوح في مؤتمر دافوس الصحراء.
أما المأزق في أمريكا فهو الاصعب على الاطلاق، فهم يدركون تماما جرائم بن سلمان، وهناك أنقسام شديد بين القيم والمصالح، وخاصة من يستخدمون مسألة القيم الأمريكية يوظفون ذلك لصالح الصراع السياسى مع ترامب تحديدا.
المسألة ليست بهذه السهولة من حيث اتخاذ موقف أمريكى ضد السعودية...الموضوع معقد جدا، والصين وروسيا على استعداد لبلع جرائم بن سلمان والحلول مكان امريكا في منطقة الخليج، واذا حدث ذلك ستكون خسارة مهولة لأمريكا وسيستمر الاستبداد فى الشرق الأوسط لقرن آخر تحت لافتة  وحماية صينية روسية. أما مسألة المجمع العسكري الصناعي الذى يحكم أمريكا والمرتبط بالسعودية كما هو متداول فى أدبيات الشرق الأوسط، فهذه كذبة كبيرة. أمريكا دولة مركبة جدا تنتج سياستها وفقا لأوزان متشابكة فى صناعة القرار. وأمريكا ليست دولة عميقة اطلاقا بل أن أنفاس الرئيس يتم تسريبها للصحافة، واخيرا الانقسام الحزبي لم يترك شيئا عميقا فى أمريكا بل وضع الوطنية فى المؤخرة.
المستفيد الأول من هذه الجريمة هي تركيا، التى تتلاعب بالجميع من آجل تعظيم مصالحها، وقد قبلت إدارة ترامب لأول مرة مناقشة موضوع فتح الله جولن بعد الضغط التركي من خلال موضوع خاشقجي، ولو سلمت أمريكا جولن لأردوغان ستكون أكبر فضيحة في تاريخ أمريكا كله.

ربما ستعود الجريمة بالفائدة أيضا على شعب اليمن الفقير المحاصر بعد أن طالبت أمريكا قادة السعودية رسميا بوقف هذه الحرب العبثية، وهو ما اتضح من التجاوب معه فى خطاب الملك سلمان أمام مجلس الشورى السعودي.
البعد الإنساني في قضية خاشقجي هو شئ صغير جدا جدا،أما المصالح والصراعات السياسية فهي المسيطر تماما على المشهد، ويتباكى الجميع إنسانيا على هذه الجريمة رغم أنهم ابعد ما يكون عن هذه الإنسانية.
أتمنى أن تخرج أمريكا منتصرة على أردوغان في هذه القضية، وإن كنت أشك فى ذلك.

 

Related

Share

Post a Comment

الفئة
علامات البحث

اتصل بنا

*
*
*