كشفت صحيفة Haaretz الإسرائيلية أن لقاء ولي العهد السعودي محمد بن سلمان مع مجموعة من المسيحيين الإنجيليين الأميركيين لمدة ساعتين الأسبوع الماضي، ليس كما أعلن في وسائل الإعلام، لبحث التفاهم بين الأديان والتسامح ومكافحة التطرف.
لكن الوفد، الذي كان يرأسه جويل روزنبرغ، وهو كاتب إنجيلي أميركي يقيم في القدس، وضم شخصياتٍ مؤيدة لإسرائيل ذهب إلى المملكة العربية السعودية لأداء مهمةٍ إضافية، وهي محاولة مساعدة ولي العهد في تبرئته من قتل الصحافي جمال خاشقجي، وتهدئة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي بدأت تظهر عليه أمارات خفوت حدة تحمسه للأمير الشاب، محمد بن سلمان حسبما قالت صحيفة Haaretz الإسرائيلية
ولي العهد السعودي يخطب ود جماعات الضغط وإسرائيل
صحيفة Haaretz قالت إن محمد بن سلمان يدرك جيداً قوة جماعات الضغط اليهودية والإنجيلية، لكنَّ اجتماعاته السابقة مع الجماعات اليهودية والموالية لإسرائيل جرت في واشنطن.
ففي شهر مارس/آذار، عقد بن سلمان اجتماعاً لمدة ست ساعات مع ست منظمات يهودية بارزة، تشمل منظمة آيباك AIPAC ورابطة مكافحة التشهير Anti-Defamation League. ولم يجتمع بجماعاتٍ يسارية مثل منظمة J Street أو منظمة American for Peace Now.
وكشفت صحيفة Haaretz أن الأمر الجديد في اجتماع الأسبوع الماضي هو أنَّه عُقد في العاصمة السعودية. ولم يكن توقيته من قبيل الصدفة. ويدين ولي العهد أيضاً بعظيم الفضل لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي مارس ضغوطاً على ترمب لصالح ولي العهد السعودي، وتبنى موقفاً مفاده أنَّه على الرغم من أن قتل خاشقجي كان أمراً مروعاً، فإنَّ الحفاظ على العلاقات مع السعودية أهم.
ومن المؤكد أنَّ خاشقجي لم يتصور أبداً أنَّ موته سيؤدي في الواقع إلى توثيق العلاقات بين السعودية وإسرائيل. ومسألة ما إذا كان هذا الدفء في العلاقات سيؤدي إلى علاقاتٍ دبلوماسية كاملة لا تعتمد فقط على التودد إلى الجماعات الإنجيلية واليهودية، لكن بشكلٍ أساسي على طبيعة الخطوات التي ستكون إسرائيل مستعدةً لاتخاذها بشأن الفلسطينيين، ويجب أن تكون هذه الخطوات مؤثرةً بما يكفي لتبرير إقامة علاقاتٍ دبلوماسية كاملة.
خاصة بعد زيارة نتنياهو لعُمان
وقالت Haaretz، لقد عُهد بالملف الإسرائيلي-الفلسطيني في شبكة العلاقات هذه إلى سلطان عمان قابوس بن سعيد. استقبل بن سعيد رئيس الوزراء الإسرائيلي وزوجته بحفاوة بالغة أثناء زيارتهما إلى عمان الأسبوع الماضي، بالإضافة إلى يوسي كوهين مدير الموساد، الذي خطط لهذا الاجتماع على مدار شهور.
ووفقاً لعديدٍ من وسائل الإعلام العربية، فقد تقدم قابوس بمقترحاتٍ للرئيس الفلسطيني محمود عباس تتعلق بمشروع الاقتراح الأميركي حول السلام الإسرائيلي-الفلسطيني. على سبيل المثال، اقترح السلطان العماني تأجيل مناقشة وضع القدس واللاجئين الفلسطينيين، وإنشاء صندوق استثماري لتنمية الضفة الغربية. وذكرت التقارير أنَّ الرئيس الفلسطيني لم يرفض الاقتراحات مباشرةً، لكنَّه طلب مهلةً للتفكير فيها.
وفي الوقت نفسه، كانت هناك اتصالات متكررة تهدف إلى تمهيد الطريق لوجهة جديدة في رحلة نتنياهو، وهذه الوجهة ستكون على ما يبدو مملكة البحرين. إذ نشر وزير الخارجية البحريني خالد بن خليفة يوم الجمعة الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني تغريدةً كتب فيها: «رغم الخلاف القائم، إلا أنَّ لدى السيد بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل موقفاً واضحاً لأهمية استقرار المنطقة ودور المملكة العربية السعودية في تثبيت ذلك الاستقرار.«
وقد أثارت التغريدة عدداً كبيراً من ردود الأفعال على الشبكات الاجتماعية. وكان من بين التعليقات الإشارة الجديدة إلى «السيد نتنياهو«، وهي إشارة يُعتقد أنَّ لها أهمية دبلوماسية. فالبحرين دولة تدور في فلك السعودية، التي أنقذت النظام الملكي البحريني من الانهيار أثناء الربيع العربي الذي بدأ عام 2011، عندما أرسلت السعودية قواتٍ عسكرية لتفريق وقتل المتظاهرين. ومنذ حوالي ستة أشهر، في إشارةٍ إلى الهجمات الإسرائيلية على سوريا، أعلنت البحرين أنَّ إسرائيل لديها الحق في الدفاع عن نفسها، وهو تصريحٌ استثنائي من بلدٍ عربي.
وقد أشار ملك البحرين حمد بن خليفة في عدة مناسبات إلى أنَّه يعارض المقاطعة المعادية لإسرائيل. وسمح لوزرائه وممثليه الآخرين بالاجتماع مع مسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى. لذا، على سبيل المثال، التقى وزير الخارجية البحريني بتسيبي ليفني عندما كانت وزيرة خارجية إسرائيل عام 2007، على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وتحركات إسرائيل للتطبيع مع العرب
قالت Haaretz إن التقارير في إسرائيل ذكرت أنَّه في عام 2009، التقت ليفني والرئيس الإسرائيلي آنذاك شمعون بيريز بملك البحرين. ووفقاً لموقع Wikileaks، في عام 2005، تفاخر الملك بعلاقاته الوثيقة مع الموساد. ويبدو أنَّ هذه التقارير تنطبق على عمان والإمارات العربية المتحدة كذلك.
بالإضافة إلى ذلك، العلاقات القطرية الإسرائيلية، ودور قطر في إيجاد حل للقضية الفلسطينية حيث عرضت قطر إمداد غزة بالوقود، ودفع رواتب الموظفين الفلسطينيين هناك، وهما اثنتان من القضايا التي أفضت إلى اندلاع احتجاجاتٍ أسبوعية في غزة على طول السياج الحدودي الإسرائيلي، بدأت في نهاية مارس/آذار.
وحسب Haaretz فإن ذلك لا ينفصل عن تصريح ولي العهد السعودي الذي يثني على خطة قطر الاقتصادية، والتي قال إنَّها نجحت وستؤتي ثمارها خلال خمس سنواتٍ أخرى. وهذا هو أول تصريح من ولي العهد السعودي يثني فيه على قطر منذ أن فرضت السعودية والبحرين والإمارات حصاراً اقتصادياً على البلاد في يوليو/تموز عام 2017. ومن جانبها، أجابت قطر بأنَّها مستعدة للعودة إلى مائدة المفاوضات بشرط أن تعتذر السعودية للشعب القطري وترفع الحصار.
كانت إدارة ترمب تعمل على موضوع المصالحة السعودية القطرية منذ فرض المقاطعة الاقتصادية، وقد انضمت إليها في جهودها تركيا، حليف قطر والدولة التي يمكنها إثارة أو تهدئة الأمور في ما يتعلق بقضية خاشقجي. وموقف ولي العهد السعودي المتعثر واعتماده على «حكم» أميركا على جدارته بمنصبه قد يؤدي به ليس فقط إلى تعزيز عملية المصالحة بين دول الخليج وإسرائيل، بل قد يؤدي أيضاً إلى تغييرٍ في السياسة السعودية تجاه قطر وتركيا، حسب قول الصحيفة.