حزب التحرير الإسلامي... الحزب الذي يسعى إلى إعادة الخلافة - مقالات
أحدث المقالات

حزب التحرير الإسلامي... الحزب الذي يسعى إلى إعادة الخلافة

حزب التحرير الإسلامي... الحزب الذي يسعى إلى إعادة الخلافة

أحمد الجدي

لم يكن داعش أول مَن دعا إلى إعادة الخلافة الإسلامية التي سقطت بسقوط الدولة العثمانية عام 1924، بل سبقته إلى ذلك جماعة الإخوان المسلمين التي تأسست عام 1928 مع مشروعها الذي أسمته "أستاذية العالم"، ثم لحق بها حزب التحرير الإسلامي الذي تأسس في فلسطين عام 1953.

تأسيس الحزب

يروي القيادي في حزب التحرير-ولاية مصر والباحث في شؤون الإسلام السياسي محمود طرشوبي لرصيف22 أن الحزب أسسه في فلسطين القاضي الفلسطيني تقي الدين النبهاني، عام 1953، وتم حله في العام نفسه واعتقال مؤسسيه.

تقي الدين النبهاني

دفع هذا الأمر أول رئيس للحزب إلى التنقل بين البلدان العربية، بين لبنان ودمشق وليبيا، لينشر أفكاره الداعية إلى إحياء الخلافة الإسلامية، وذلك حتى وفاته عام 1977.

وبعده، تولى صديقه وذراعه الأيمن عبد القديم زلوم رئاسة الحزب وحين توفي عام 2003 تولى المنصب عطاء أبو الرشتة، وهو فلسطيني الجنسية أيضاً ولا يزال رئيساً للحزب حتى الآن.

ويشير القيادي المصري في حزب التحرير إلى أن حزبه ينتشر في حولي 37 دولة مشكلاً 37 ولاية، وله ولايات في كل من أندونيسيا، ماليزيا، بنغلاديش، باكستان، الهند، سوريا، لبنان، الأردن، مصر، فلسطين، السودان، الهند، أفغانستان، كينيا، تنزانيا، تونس، الجزائر، المغرب، أستراليا، روسيا، الكويت، العراق، أوكرانيا، أمريكا، كندا، بريطانيا، بلجيكا، هولندا، السويد، ألمانيا، النمسا، تركيا، طاجيكستان، أوزبكستان، قرغيزستان.

ويقول طربوشي إنه لا يوجد إحصاء رسمي لأعضاء الحزب كون الانضمام إليه لا يتطلب توقيع استمارة عضوية وبالتالي من الاستحالة وضع رقم ولو مبدئي لعدد أعضائه.

ويذكر إحصائية ينسبها إلى "منظمة حقوقية روسية" تتحدث عن وجود ما يقارب 40 ألف عضو في حزب التحرير في سجون أوزبكستان، وهو "ما يعكس امتلاك الحزب قاعدة شعبية عريضة جداً في كل الدول التي أعلن ولايات فيها"، على حد تعبيره.

ويشدد طرشوبي على أن حزبه واجه تضييقات أمنية كبرى منذ تأسيسه، ومن أهم هذه التضييقات القبض على أربعة من قياداته في نفس عام تأسيسه بفلسطين.

وفي عام 1973، قُبض على نحو 70 قيادياً في الحزب في ليبيا، وفي عام 1974 قُبض على عدد من قياداته في مصر في القضية المعروفة إعلامياً بـ"الفنية العسكرية"، حين قامت مجموعة من الإرهابيين بمحاولة السيطرة على الحكم واحتلال كلية الفنية العسكرية، ما أسفر عن مقتل 24 شخصاً وإصابة 60 آخرين.

ومن نماذج التضييقات الحديثة ما جرى في مصر عام 2002 عندما قُبض على 26 من أعضاء الحزب بتهمة محاولة قلب نظام الحكم وصدرت بحقهم أحكام وصلت إلى السجن لمدة خمس سنوات.

وتستمر حملات اعتقال أعضاء الحزب حالياً، وخاصة في روسيا التي اعتقلت 15 من قياداته في مارس 2017.

قبة الصخرة

وعن طبيعة نشاطات الحزب، يقول طرشوبي لرصيف22 إنها تقتصر على المحاضرات التوعوية بأهمية إقامة دولة الخلافة، وكذلك المسيرات الداعية إلى "تطبيق شرع الله"، والتي ظهرت آخرها في إدلب بسوريا في أبريل الماضي.

أهداف الحزب ومبادئه

لحزب التحرير هدف وحيد وأساسي يبلغ به الراغبين في الانضمام إليه، وهو "إعادة المسلمين إلى العيش عيشاً إسلامياً في دار إسلام، وفي مجتمع إسلامي، بحيث تكون جميع شؤون الحياة فيه مسيّرة وفق الأحكام الشرعية، وتكون وجهة النظر فيه هي الحلال والحرام في ظل دولة إسلامية، هي دولة الخلافة".

العداء للديمقراطية

وللحزب مواقف فكرية وسياسية تعبّر عنه و أعلنها بشكل واضح عبر موقعه الرسمي. فهو يعتبر الديمقراطية كفراً ويقول فيها: "الديمقراطية هو مبدأ كفر يتناقض مع الإسلام لأن الله هو المشرع وهو وحده الذي وضع النظام للبشر". ولهذا اعتبر الأنظمة السياسية القائمة على الديمقراطية أنظمة كفر تتناقض مع الإسلام.

وللحزب الموقف ذاته مع كل من الشيوعية والرأسمالية وكذلك الحريات الأربع: حرية العقيدة، حرية الرأي، حرية الملكية، والحرية الشخصية، فهو لا يعترف بها ويعتبر أنها تناقض تعاليم الإسلام.

رفض الحضارة الغربية

يؤمن حزب التحرير بعدم جواز أخذ المسلمين أي شيء من الحضارة الغربية ويعتبر أنها تناقض الإسلام، إلا العلم والاكتشافات العلمية. ويضع نصاً ضمن مبادئه فيه: "لا يجوز للمسلمين أن يأخذوا شيئاً من الحضارة الغربية، أو شيئاً من الحضارة الشيوعية، لتناقض هاتين الحضارتين مع الإسلام".

الموقف من أنظمة الحكم

لا يرى الحزب أي نظام حكم في العالم صحيحاً إلا حكم الخلافة فقط الذي يتم من خلال نظام البيعة للخليفة، ولهذا كفّر كل أنظمة الحكم الأخرى كالنظام الملكي والنظام الجمهوري.

ويأتي ضمن مبادئه: "حدد الإسلام شكل نظام الحكم بأنه نظام الخلافة، وجعله وحده نظام الحكم للدولة الإسلامية".

ويؤيد الحزب فكرة إقامة الأحزاب السياسية المختلفة لمحاسبة الحكام بشرط أن تكون قائمة على العقيدة الإسلامية، كما أنه يحرّم الخروج على الحكام الذين يحكمون بالإسلام، دون أن يوضح مَن هم، ويبيح الخروج عليهم لو حكموا بالكفر.

وقال نصاً في هذا الصدد: "طاعة الحاكم المسلم الذي يحكم بما أنزل الله فرض على المسلمين، ما لم يأمر بمعصية، وما لم يظهر الكفر البواح في حكمه".

العلاقات الدولية

يتحدث الحزب في أدبياته عن نظرته إلى العلاقات والمعاهدات الدولية، فيحرّم أية معاهدات سياسية أو اقتصادية أو دبلوماسية مع الدول التي يصفها بالاستعمارية كإنكلترا وأمريكا وفرنسا وروسيا، لأنها "تُعتبر دولاً محاربة حكماً"، كما يدعو إلى الدخول مع إسرائيل في حالة حرب ومنع رعاياها من دخول بلاد المسلمين.

مكانة العقيدة الإسلامية

يسجّل الباحث في شؤون الإسلام السياسي محمد توفيق رضوان انتقاداته للحزب ومنها "عدم اهتمامه بالعقيدة الإسلامية بنفس قدر اهتمامه بأن يكون الحزب الحاكم في يوم من الأيام بعد إحيائه الخلافة الإسلامية".

ويستدلّ الباحث الذي تقرّب من حزب التحرير بعد ثورة 25 يناير 2011 بهدف دراسته، على كلامه بأن الحزب يمنع أعضاءه من ممارسة أي نشاط ديني ويدعوهم إلى الاكتفاء بالعمل السياسي فقط، حسبما جاء في كتاب "منهج حزب التحرير في التغيير".

ويضيف أن الحزب لا يمانع في التحالف مع الشيعة رغم أنه كيان سني في الأساس "مقابل تقديم بعض التنازلات العقدية مثل الهجوم على بعض الصحابة المكروهين من قبل الشيعة مثل معاوية بن أبي سفيان".

ويتابع: "وصل الأمر إلى عرض حزب التحرير الخلافة على (المرشد الأعلى السابق للثورة الإيرانية روح الله) الخميني في اجتماع بإيران عام 1989 وهو مَن رفض، وفقاً لما أكده عبد الرحمن الدمشقية في مجلة الوعي العدد 18".

تظاهر حزب ا...

ولكن عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير بفلسطين علاء أبو صالح يردّ على هذه النقطة بقوله إن الحزب سياسي وليس دعوي ولهذا يرفض الاهتمام بأي شيء ما عدا السياسة في سبيل تحقيق الهدف المنشود وهو إحياء الخلافة الإسلامية.

ويضيف لرصيف22 أن الحزب لا يمانع في التعاون مع أي مسلم لتحقيق هذا الهدف "حتى لو كان شيعياً"، مؤكداً رفض الحزب للطائفية التي تفرّق بين السنة والشيعة، ومشيراً إلى عدم وجود أي تعاون بين الحزب والأنظمة الحاكمة في العالم العربي ومنها النظام الإيراني.

تكفير المجتمعات

لا يفرّق محمد توفيق رضوان بين حزب التحرير وبين تنظيم داعش، ويرى أن "كليهما يكفّران المجتمعات وهذا يعني استحلال دماء مَن فيها وأموالهم".

ويقول إن "الفرق الوحيد هو أن داعش ينفّذ عمليات إرهابية وحزب التحرير لا، على الرغم من أن أدبياته تدعو إليها مثل إيمانهم بالجهاد المسلح للتغيير ورفضهم تطبيق هذا الجهاد في الوقت الراهن، هذا بجانب اعترافهم بكفر الأنظمة الحاكمة وضرورة الخروج عليها ومعارضة حكامها ومحاولة إسقاطهم من أجل تطبيق الخلافة الإسلامية التي يدعون إليها وقد ظهر هذا الأمر جلياً في موقفهم من ثورات الربيع العربي التي دعموها كلها بحلم السيطرة على تلك البلاد في ما بعد وتطبيق مشروعهم".

ويرد المسؤول الإعلامي في حزب التحرير على هذه المقارنة بتوضيحه أن "المقصود بدار الكفر هي الدار التي لا يحكم فيها الإسلام دون استحلال دماء أو أعراض" مؤكداً أن الحزب لا يمتلك جناحاً مسلحاً كما أنه يدين أي عمل إرهابي لأنه يرى أن التغيير يجب أن يتم بالكفاح السياسي، "مع العلم بإيمان الحزب بضرورة الجهاد ولكن تحت راية دولة الخلافة، أي بعد إقامة الخلافة الإسلامية واختيار خليفة يقود هذا الجهاد".

مشروع الخلافة

يشير محمد توفيق رضوان إلى أن الحزب لا يعترف بدعوات إقامة الخلافة التي سبقته كدعوات الإخوان ومشروعهم أستاذية العالم ولا التي لحقته كالتي يدعو إليها داعش.

الخلافة وعد فرض

ويقول: "رغم أن الهدف واحد إلا أن الحزب يرى أن تلك الكيانات الإسلامية مشبوهة وممولة من الخارج لتشويه الإسلام وتقسيم وشرذمة المسلمين".

ويعتبر الدكتور علاء أبو صالح أنه لا يمكن تشبيه مشروع حزب التحرير للخلافة "بمشروع الإخوان السطحي والذي نسيته الجماعة تماماً الآن، أو مشروع داعش الدموي والهمجي الساعي إلى نفس الهدف".

وقال: "نحن نؤمن بخلافة دون دماء أو قتل أو تفجير كما يفعل داعش الذي نرفضه ولا نعتبره يمثل الإسلام من الأساس حتى يتحدث عن الخلافة الإسلامية، كما لم نجعل الخلافة قضية هامشية ضمن أجنداتنا كما فعل الإخوان بل نراها قضية محورية واجب السعي إليها والتجهيز لها وهو ما قمنا به من خلال تجهيز دستور إسلامي شامل جاهز للتطبيق حال إعلان الخلافة، هذا بجانب مشروع كامل يوضح نظام الحكم، وكيفية اختيار الخليفة ومبايعته، وهو ما لم يسبقنا إليه أحد من الكيانات الإسلامية الأخرى".

ويتأسس مشروع الحزب المذكور على معارضة الأنظمة الحاكمة حالياً لإجبارها على إقامة الخلافة، وإن لم ينجح ذلك يقود الحزب الشعب نحو الثورة من أجل طلب الخلافة الإسلامية فإذا نجحت الثورة، يقوم أهل الحل والعقد، و"هم حالياً أهل العلم وقيادات الجيش" بحسب أبو صالح، بالاتفاق على خليفة ومن ثم تتم بيعته.

وبعد ذلك يُطلب من باقي أهل العلم وقادة الجيوش في العالم الإسلامي نصرة الخليفة ومبايعته ليصير خليفة المسلمين ويبدأ بتطبيق الخلافة الإسلامية الراشدة.

ويقول أبو صالح: "نحن لا نشترط خليفة بعينه فنحن نوافق على ما يجتمع عليه أهل الحل والعقد".

رصيف 22

Related

Share

Post a Comment

الفئة
علامات البحث

اتصل بنا

*
*
*