هناك الآن أكثر من أربعين تصنيفاً للجامعات حول العالم، يركز بعضها على تصنيف جامعات دولة واحدة، ويهتم بعضها الآخر بالجامعات وفق تخصصات معينة، بينما توجد تصنيفات أخرى تسعى إلى أن يكون لها بعد عالمي. وفي كتابه «التصنيف الأكاديمي الدولي للجامعات العربية.. الواقع والتحديات»، يُركز الباحث الأكاديمي والأستاذ بجامعتي «فاس» في المغرب و«العين للعلوم والتكنولوجيا» في دولة الإمارات، على أهم أربعة من هذه التصنيفات العالمية، وهي: تصنيف جامعة شنغهاي لأحسن 500 جامعة في العالم، وتصنيف ملحق مجلة «التايمز» للتعليم العالي لأفضل 400 جامعة في العالم، وأفضل 100 جامعة في دول مجموعة «بريكس» ودول الاقتصادات الصاعدة، ثم تصنيف المؤسسة البريطانية «كواكواريلي سيموندس» المعروف اختصاراً بـ«QS» لأحسن 800 جامعة في العالم، وأخيراً تصنيف «ويبومتريكس» لجامعات العالم وفقاً لمعايير الحضور العلمي الافتراضي.
ويعنى الكتاب بالمعايير التي يرتكز عليها كل تصنيف على حده؛ فتصنيف معهد التعليم العالي التابع لجامعة شنغهاي، وهو التصنيف الأكثر شهرة ودقة ومصداقية في العالم، يعتمد على أربعة معايير لقياس كفاءة الجامعة وجودتها: جودة التعليم، جودة هيئة التدريس، مخرجات البحث، نصيب الفرد من الأداء الأكاديمي.
أما تصنيف «التايمز» للتعليم العالي فيوازن بين التدريس والبحث والاقتباس، ويعطي أهمية أقل لكل من الابتكار الصناعي والبعد الدولي للجامعة، وهو يعتمد إجمالا على 13 مؤشراً في خمسة مجالات هي: التدريس وبيئة التعليم (30٪)، حجم البحث والدخل والسمعة (30٪)، الاقتباسات وتأثير البحث (30٪)، الإبداع والدخل الصناعي (2.5٪)، وأخيراً النظرة العالمية من خلال طاقم الجامعة وطلبتها واهتمامات البحث فيها (7.5٪).
هذا، بينما يقارن تصنيف «كيو إس» 800 جامعة عبر العالم بناءً على اهتمامات الطلبة، وهي: البحث، التعليم، فرص العمل، والنظرة العالمية.. اعتماداً على ستة معايير هي: السمعة الأكاديمية (40٪)، سمعة صاحب العمل (10٪)، عدد الطلبة نسبة إلى عدد هيئة التدريس (20٪)، عدد الاقتباسات نسبة إلى عدد هيئة التدريس (20٪)، نسبة الطلبة الدوليين (5٪)، نسبة أعضاء هيئة التدريس الدوليين (5٪).
وأخيراً يعتمد تصنيف «ويبومتريكس» الصادر عن المركز الأعلى للبحث العلمي في إسبانيا، على مؤشرات ذات الصلة بخصوصية الحضور الافتراضي للجامعات، وتنقسم إلى مجموعتين: ترمي أولاهما إلى تقييم مستوى الوضح الافتراضي للجامعة، أما المجموعة الثانية فتقيس الفاعلية الافتراضية للجامعات من خلال بعض المؤشرات الأخرى الفرعية.
ثم يتطرق الكتاب إلى موقع الجامعات العربية في التصنيفات الأكاديمية العالمية، ليلاحظ أنه لا يزال بعيداً عن كل الآمال، ولا يعكس الثراء العلمي للحضارة الإسلامية التي كانت سبّاقة إلى إنشاء جامعات ريادية في العالم عبر التاريخ.
وفيما يخص تصنيف شنغهاي، فقد كانت جامعة القاهرة أول جامعة عربية تدخله، وذلك في عام 2006 حين احتلت المرتبة 401، لتغادره ابتداءً من عام 2008، لكنها عادت إليه مجدداً عام 2011، محتلةً المرتبة ذاتها (401). كما استطاعت جامعة الملك سعود دخول هذا التصنيف لأول مرة في 2009، ثم لحقت بها جامعة الملك فهد للنفط والمعادن عام 2010، ثم جامعة الملك عبدالعزيز في عام 2012، وأخيراً جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في عام 2013.
ولم تضم اللائحة العالمية لأحسن 400 جامعة في تصنيف «التايمز» للعام الأكاديمي 2014 -2015 سوى جامعة عربية واحدة هي جامعة القاضي عياض في مراكش. لكن ظهرت أيضاً في تصنيف آخر تعده «التايمز» لأحسن 100 جامعة في دول «البريكس» ودول الاقتصادات الصاعدة، جامعة الإمارات والجامعة الأميركية في الشارقة. ثم احتلت «عياض» المغربية المرتبة الخمسين في لائحة جامعات دول «البريكس» والاقتصادات الصاعدة في عام 2015، كما احتلت جامعة الإمارات المرتبة الـ71 في التصنيف ذاته.
أما في تصنيف «كيو إس»، فاحتلت جامعة الملك فهد للبترول والمعادن للعام الأكاديمي 2014 -2015 المركز 225 عالمياً والأول عربياً، تلتها جامعات الملك سعود (249)، والملك عبد العزيز (334)، والإمام محمد بن سعود الإسلامية (501)، وأم القرى (551)، والملك فيصل (701).
وفي تصنيف «ويبومتريكس»، يتضح أنه باستثناء جامعة الملك عبدالعزيز في جدة، فإن معظم الجامعات العربية الأخرى الكبيرة التي حظيت بمراتب متقدمة في تصنيف عام 2014، تراجعت في تصنيف عام 2015.
وفي معالجته للانتقادات الموجهة لسياسات الجامعات العربية في مجال التصنيف الأكاديمي العالمي، يقسم الدكتور الصديقي هذه الانتقادات إلى فئتين: الأولى تضم الجامعات العربية التي تفتقد استراتيجيات حقيقية لتنمية مركزها العالمي، وهي أغلبية الجامعات العربية؛ إذ يمنعها ضعف ميزانياتها وسوء تدبيرها الإداري من امتلاك هذا الطموح. أما الفئة الثانية فتضم الجامعات العربية التي استطاعت أن تحتل مراتب متقدمة في هذه التصنيفات العالمية، وخاصة في تصنيف جامعة شنغهاي، ويتعلق الأمر خصوصاً بالجامعات التي تتمتع بميزات هائلة وبدعم حكومي مهم للغاية.
لقد أصبح لهذه التصنيفات الأكاديمية اليوم شأن كبير، رغم ما يشوبها من نقائص كبيرة، يذكرها الكتاب ويتوقف عندها باهتمام، لكنها (أي التصنيفات) ستدفع الجامعات العربية إلى تحسين مستوى إنجازها العلمي والتعليمي والتدريسي، ومعالجة نقاط ضعفها، لتحسين تنافسيتها على المستويين المحلي والعالمي. وفي المقابل، يقول المؤلف، فإن الجامعات المصنفة مدعوة إلى بذل جهد مضاعف للحفاظ على موقعها أو تحسينه، لاسميا مع وجود منافسة متنامية من قبل جامعات النخبة العالمية، كما يجدر بها أن تكرس جهدها لتوطين المعرفة ولتهيئة أجيال من الباحثين، وألا تفْرط في توقيع العقود الصورية مع العلماء الأجانب المرموقين، فمرتبة الجامعة التي يحق لها أن تفخر بها هي تلك التي تعكس حقاً مستواها الحقيقي.
الكتاب: التصنيف الأكاديمي الدولي للجامعات العربية.. الواقع والتحديات
المؤلف: سعيد الصديقي
الناشر: مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية
نقلا عن صحيفة الاتحاد