بقلم خالد منتصر
وصلتنى هذه الرسالة من الشيخ الأزهرى د. مصطفى راشد، الذى
يعيش فى أستراليا، يطالب فيها بإلغاء خانة الديانة من بطاقة الهوية الشخصية، وأنا أشاركه فى هذا المطلب الدستورى الذى يحترم قواعد ومبادئ الدولة المدنية الحديثة، يقول الشيخ مصطفى راشد:
لا يوجد حالياً على حد علمي بالعالم إلا فى مصر، وهو أمر تطلبه وزارة الداخلية فى استمارات استخراج البطاقة ثم بعد ذلك يصدر مدوناً بالبطاقة، فالأمر بيد وزارة الداخلية ويمكن تغييره بقرار من السيد وزير الداخلية، ولا صلة للشرع بالأمر من قريب أو بعيد، لأن الإيمان هو ما وقر فى القلب وصدقه العمل.. كما قال الإمام الحسن البصرى، والكتابة فى الأوراق لا تثبت حقيقة الإيمان فالكثير من الناس يؤمن بغير ما هو مدون ببطاقته، لأن هذه علاقة خاصة بين الإنسان وربه لا يعلمها سواهما، وكما قالت الآية 106 من سورة النحل مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ فالآية لم تقل وإيمانه مسجل بالبطاقة بل قالت وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ لأن الإيمان محله القلب ولا تثبته أوراق وبطاقات العالم كله، وأيضاً قوله تعالى فى الآية 52 من سورة الشورى مَا كُنْتَ تَدْرِى مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً فالإيمان نور وليس بطاقة أو أوراقاً، وأيضاً قوله تعالى فى سورة الحجرات آية 7 وَلَكِنَّ اللهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِى قُلُوبِكُمْ فالإيمان زينه الله فى القلوب وليس البطاقات، أيضاً كما قالت الآية 14 من سورة الحجرات قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِى قُلُوبِكُمْ) أى أن هناك الكثير من المسلمين بالاسم والبطاقة لكنهم غير مؤمنين، أيضاً الآية 22 من سورة المجادلة لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِى قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ فكتابة الإيمان فى القلوب وليس البطاقة أو الأوراق، أيضاً تعتبر كتابة نوع الديانة فى البطاقة فرزاً طائفياً يساعد على التمييز، وهى جريمة نصت عليها مواثيق الأمم المتحدة وخصوصاً نص البيان العالمى لحقوق الإنسان الصادر بباريس 10 ديسمبر 1948، وأيضاً جرمها الدستور المصرى فى أكثر من مادة، لذا يعد استمرار هذا الوضع من ناحية الدولة هو إجرام دولة ضد مواطنيها، وأنا لأنى أعيش فى دولة أستراليا فالقانون الأسترالى يجرم كتابة نوع الديانة أو حتى السؤال عن نوع الديانة بعقوبة قد تصل إلى 3 سنوات، لذا يعيش الجميع بمن فيهم المسلمون فى هدوء وسلام مع أكثر من 170 ديانة وعقيدة أخرى، كما أن من يتحجج بموضوع الزواج بحجة أن نوع الديانة يوضح لنا من يتقدم للزواج من بناتنا فهو حق يراد به باطل، فأنا أعرف شخصياً شخصاً تقدم للزواج من ابنة شيخ زميلنا ومكتوب فى بطاقته مسلم وبعد الزواج اكتشفت الزوجة أنه ملحد بعد فوات الأوان ووجود أطفال، وكذا حالات على الطرف المسيحى ثم تكتشف الزوجة أنه ملحد، وهو ما يعنى أن من يتمسك بكتابة نوع الديانة من أجل عدم الغش فى الزواج هو فى الحقيقة من يغشنا ويجعل الإيمان مجرد شكل، وهو ما يختلف تماماً مع ما حددته النصوص الدينية بكل صراحة لذا يكون الحاكم وكل مسئول ملزماً شرعاً بوقف هذا الغش الشكلى لنعود لجوهر وصحيح الإيمان حتى يرضى عنا الله ويأثم من لم يسارع فى التصحيح ووقف هذا الغش الشكلى.
هذا وعلى الله قصدُ السبيل وابتغاء رِضَاه.