" نكاح" الوداع والحيوانات.. أسبوعان من الفتاوى "الشاذة" في مصر هذه أهدافها - مقالات
أحدث المقالات

" نكاح" الوداع والحيوانات.. أسبوعان من الفتاوى "الشاذة" في مصر هذه أهدافها

إجازة نكاح الحيوانات، والزوجة المتوفاة؛ فتاوى مثيرة للجدل كانت محل جدل واسع في برامج بثّتها مؤخراً قنوات مصرية، فأثارت تعليقات ساخرة لدى المصريين عبر منصات مواقع التواصل الاجتماعي.

الفتاوى البارزة الثلاث، التي رصدها مراسل الأناضول، في الأسابيع القليلة الماضية تتمثل بإجازة "نكاح" الوداع (معاشرة الزوج زوجته المتوفاة)، ونكاح الحيوانات، وتحريم تحية العلم الوطني.

سياسيٌّ ومفكرٌ مصريان، اتفقا في حديثين منفصلين للأناضول، على أن تلك الفتاوى بمثابة تهميش وتغييب لقضايا أهم في المجتمع.

ورآها علماء دين، في تصريحات وبيانات صحفية، أنها محاولة لتشويه صورة الدين وإضعاف المؤسسات الدينية، متحدثين عن مشروع قانون سيطرح في البرلمان لضبط الفتوى.

وتزامنت الفتاوى مع ارتفاع أسعار بعض الخدمات مثل الهاتف المحمول، وتأتي كذلك وسط ترقب للانتخابات الرئاسية المقررة صيف العام المقبل.

أسبوعان من الفتاوى المثيرة

البداية كانت مع فتوى من أستاذ الفقه المقارن في جامعة الأزهر، صبري عبد الرؤوف، نُشرت في وسائل إعلام محلية، أجاز فيها "معاشرة الزوج زوجته المتوفاة" معاشرة "وداع"، قبل أن يتراجع ويتحدث عن تحريف فتواه.

وتلاها تعقيب من سعاد صالح، أستاذة الفقه المقارن بالجامعة ذاتها، بفتوى مثيرة تتعلق بإجازة الفقهاء "معاشرة الحيوانات" لتجنب الزنا، قبل أن تتراجع وتعتذر عن خوضها بهذه الأمور.

ووفق تقارير صحفية، أحالت جامعة الأزهر الأكاديميين الاثنين للتحقيق، فيما أدانت مؤسسة الأزهر، ووزارة الأوقاف، والمجلس القومي للمرأة التصريحات.

ولم ينتهِ جدل فتوى نكاحي الوداع والحيوانات، حتى أثيرت فتوى ثالثة للداعية السلفي سامح عبد الحميد، تزامنت مع بدء الفصل الدراسي الجديد بمصر.

الفتوى الثالثة حرّمت تحية العلم الوطني، وهو إجراء متعارف عليه بالمدارس الحكومية والخاصة، قبل بدء اليوم الدراسي.

إثر ذلك ردَّت دار الإفتاء (رسمية)، في تصريحات متلفزة على لسان خالد عمران، أمين لجنة الفتوى بها، بالتأكيد على أن أداء تحية العلم تعظيم لشعار ورمز مصر، "وليس فيه أي نوع من العبادة أو الشرك أو الحرمة، وهي شيء محمود".

ودار الإفتاء بمصر، قدَّمت للمصريين، بحسب بيان في ديسمبر/كانون الأول الماضي، أكثر من 720 ألف فتوى في 2016، شملت كل ما يهم المسلم من أمور في مناحي حياته المختلفة.

كما تنتشر على المحطات التلفزيونية المصرية، برامج عديدة متخصصة بإصدار الفتاوى، بخلاف حلقات الدروس المعتمدة بالمساجد الكبرى، وتخصيص أكشاك (مراكز صغيرة) للفتوى في محطات رئيسية بمترو الأنفاق، لكنها توقفت بعد جدل واسع.

تبريد وضعف

تلك الفتاوى وغيرها حجزت لها القنوات الإعلامية المحلية، ساعات من البث، لمناقشتها وعرض الرؤى حيالها، بخلاف اهتمام رواد شبكات التواصل الاجتماعي بها على نطاق واسع.

أحمد دراج، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، يرى أن "النظام المصري يتبع استراتيجية إلهاء الشعب، باعتبار أن أغلبه ينقصه الوعي".

ويتابع دراج: "هذا يؤدي إلى انشغال الناس بهذه الفتاوى، بعيداً عن المشكلات التي يتعرضون لها يومياً، وسط تجنيب القضايا الرئيسية على الساحة".

وفي حديث للأناضول، أضاف: "المعروف أنه عندما يجتمع الرأي العام على قضايا أساسية وحقيقية، يخلق ذلك تأثيراً كبيراً جداً في حركة الشعوب، ما يمثل خطورة على أي نظام سياسي حاكم".

وحول سبب اهتمام الإعلام المحلي بتخصيص مساحات واسعة لتلك الفتاوى، يرى دراج أنه "إعلام نظام تعبوي (...) ويتناول القضايا من زاوية واحدة".

واتهم أستاذ العلوم السياسية، النظام الحاكم في مصر بأنه "يريد التغطية على القضايا المرتبطة بالوضعين السياسي والاقتصادي المتأزمين".

أما المفكر المصري، ناجح إبراهيم، فيوافق الرأي الذي يذهب إلى أنها فتاوى "تغييب لأزمات وقضايا المجتمع المهمة".

ويوضح إبراهيم: "هذا كلام فيه جزء من الحقيقة، فحينما تسأل وتثير قضايا تافهة، وتترك الحديث عن القضايا الكبيرة والمهمة فما هذا إلا تغييب، ولن يطول ذلك فلن يحق في النهاية إلا الحق".

وتساءل، في حديث للأناضول، "ما الفائدة أن تثير قناة تلفزيونية فتاوى نكاح أو غيرها.. هذه قضايا لا تعود إلا بالسلب، وهناك فقه للأولويات"، واصفاً إياها بأنها تعبير عن ضعف يعتري المشهد العام في البلاد.

واعتبر أن تلك الفتاوى المثيرة للجدل، "حديث لا وجود له، وتشويه للدين (الإسلامي)".

 3 مسارات رسمية

الحجر على أصحاب الفتاوى "الشاذة"، وإعداد قانون للفتوى، والمحاكمة، كانت الأعلى صوتاً من مطالب علماء الدين وبرلمانيين.

شيخ الأزهر، أحمد الطيب، كتب قبل أيام مقالاً بمجلة "صوت الأزهر"، طالب فيه بـ"الحجر على أصحاب الفتاوى الشاذة"، مشيراً إلى أنها تضر بالمجتمعات.

كما استنكر كثرة تناولها عبر القنوات المتلفزة "وكأنها سلعة تعرض".

فيما أعلن رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب (البرلمان) أسامة العبد، وهو رئيس أسبق لجامعة الأزهر، الانتهاء من مشروع قانون "ضبط الفتوى"، وقرب تقديمه للبرلمان خلال دور الانعقاد الثالث، في شهر أكتوبر/تشرين الأول الجاري، للتصويت عليه.

وطالب جمال شيحة، رئيس لجنة التعليم بالبرلمان، في تصريحات صحفية، بمحاكمة من يحرم تحية العلم الوطني، قائلاً إنه "من المفترض أن يُعاقب بعقوبة رادعة في ضوء القانون، وسجنه بتهمة إهانة العلم".

وتتحدث مصر في منابر داخلية وخارجية رسمية عن أهمية تجديد الخطاب الديني، واتخذت عدة إجراءات مؤخراً في هذا السياق؛ منها تقديم خطبة موحدة ليست إلزامية لأئمة المساجد يوم الجمعة.

الأناضول

 

Related

Share

Post a Comment

الفئة
علامات البحث

اتصل بنا

*
*
*