لماذا لم يتحرر المسلمون من استبدادهم؟ - مقالات
أحدث المقالات

لماذا لم يتحرر المسلمون من استبدادهم؟

لماذا لم يتحرر المسلمون من استبدادهم؟

الطيب طهوري

خضعت شعوب الشرق طوال تاريخها لحكم الاستبداد .. كل شعوب هذا الشرق تحررت من ذلك الاستبداد في حاضرها ودخلت عالم الحداثة من بابه الواسع ..

وحدهم المسلمون لم يتحرروا بعد..ولا يبدو أنهم سيتحررون في المنظور القريب..

لماذا؟

يبدو لي أن هناك مجموعة معيقات/أسباب منعت وما تزال تمنع المسلمين من إمكانية تحررهم:

1 - ارتباطهم العميق ذهنيا ونفسيا بعالم الآخرة جنة ونارا، حيث يعوضون بأملهم في الدخول إلى الجنة والتمتع بما يعتقدونه فيها من خيرات لا مثيل لها في دنياهم كلها ، ماهم فيه وعليه من حياة يعيشون فيها محرومين من الكثير من المتع التي يرونها لدى الشعوب الأخرى، حيث إن ذلك التعويض الذي يملأ مخيلاتهم يشل تفكيرهم في التنظيم والنضال من أجل تغيير أوضاعهم نحو الأفضل، ويدفعهم أكثر إلى التدين المفرط صلاة وصياما وحجا وعمرة لتأكيد أحقيتهم في الدخول في تلك الجنة..كما يعوضون عن النضال الذي يفتقدونه ولا يرون أنفسهم في حاجة ماسة إليه، ما يتصورونه من عذاب سيلحق ظالميهم من مستغليهم وحكامهم ومسؤوليهم عموما في جهنم..

عمق ويعمق ذلك التصور ما يكثرونه من أدعية يرفعون بها أيديهم وأصواتهم في كل صلواتهم تقريبا طالبين من إلههم االانتقام لهم من أولئك الظالمين في أوطانهم، ومن ظالميهم من خارج أوطانهم أيضا..

يمكن القول أيضا بأن هذا الارتباط العميق بعالم الآخرة ، وما نتج عنه من تخلّ عن التنظيم والنضال ،قد سمح لأنظمة ٍالاستبداد بالترسخ أكثر في هذا العالم الإسلامي ، حيث تشعر تلك الأنظمة بالأمان ، كما جعلها تتمادى أكثر في فسادها ، حيث لا وجود لقوة منظمة تراقب ممارساتها وتحاسبها على فسادها ذاك..

2- إيمانهم المطلق بالقضاء والقدر خيره وشره، واعتبارهم كل ما يصيبهم من خير أو شر ، سواء على مستواهم الفردي أو على مستواهم الجماعي هو من إرادة الله، ولا راد لإرادته ( كما يقولون دائم) ،حيث أدى ذلك (الإيمان) بهم إلى غلق عقولهم عن التفكير في أوضاعهم ،و إلى شلها عن طرح الأسئلة عن مسببات ما هم عليه وفيه، وعن كيفية الخروج من أزماتهم الكثيرة، ومواجهة التحديات الداخلية والخارجية التي تواجههم..

3- هناك عامل آخر أعتبره أساسيا جدا في ترسخ ظاهرة الاستبداد سياسيا واجتماعيا في واقع المسلمين، ومنعهم من ثمة من التحرر منها ( ظاهرة لاستبداد).. يتمثل هذا العامل أساسا في هيمنة العقلية الذكورية البدوية على الإنسان المسلم، حيث تغيب المرأة بشكل كبير عن الفعل الاجتماعي ككائن من خلال طمس حريتها وإرادتها ومنعها من إبراز قدراتها ومن ثمة نفي فاعليتها لاجتماعية.. وفي المقابل ينظر إليها على أنها كائن لا دور له سوى إمتاع الذكر والمحافظة على نسله..

صحيح أن ما يبدو ظاهريا يوحي بأن نظرة المجتمع الذكوري للمرأة قد تغيرت، حيث نجدها عاملة ومسؤولة..و..و..لكن العمق النفسي والفكري والسلوكي من ثمة ما يزال ذكوريا لدى أغلب الناس في هذا المجتمع المسلم، حيث يعم الجهل وتغيب المقروئية بشكل كبير، وحيث الفكر لأصولي ينتشر بين شبابنا بشكل أكبر، وحيث عقلية القطيع تسيطر على العموم مغيبة بذلك ذاتية الفرد الحر، ومحاربة فكر الاختلاف في الرأي والمعتقد..

غني عن القول أن تلك النظرة الدونية الذكورية للمرأة تعكس بشكل أو بآخر عجز هذا الذكر الاجتماعي عن النضال من أجل تحرير نفسه من احتقار المستبد المتنفذ له، وهو العجز الذي أشرنا إلى سببيه الأساسيين سابقا..

4- لا ننسى أيضا تلك العقلية الريعية التي تربى عليها الفرد العربي في معظم بلاد االمسلمين عبر التاريخ، وهي الاعتماد على الآخر غير المسلم في معيشه ،غزوا وسبيا ونهبا من خلال غزو القبائل العربية لبعضها في جاهليتها، ثم غزوا ونهبا وسلبا أيضا بعد إسلامهم ( بشكل مباشر أحيانا أثناء الحروب التي يتم الانتصار للعرب المسلمين فيها، أو بشكل غير مباشر فيما يسمى بالجزية..دون ن ننسى ظاهرة تجارة العبيد واستغلالهم في مختلف الأعمال لإشباع حاجات السادة لمسلمين ، أو تحقيق الأرباح لهم، كما كان الحال مع ما عرف تريخيا باسم الزنج في عهد الدولة العباسية ... وهي العقلية التي حكموا بها مختلف البلدان التي فتحوها باسم الإسلام).. ثم ريعا بتروليا في حاضر اليوم ..

بدت هذه العقلية وما تزال أيضا في تصدير مختلف الموارد الطبيعية الباطنية أساسا كالبترول والمعادن واستيراد مختلف السلع الضرورية والكمالية ، وعدم التفكير ( غالبا) فيما يعوضهم مستقبلا عما يصدرونه في حال نفاذه أو هبوط أسعاره، وهو ما تعيشه اللحظة مجمل الدول العربية النفطية، والدول غير النفطية التي كانت تتلقى المساعدات منها..

بدت وتبدو كذلك في ظاهرة استغلال مناصب المسؤوليات لخدمة المصالح الشخصية وفي الرشوة ونهب المال العام ، وفي سياسة اللاعقاب التي تسود هذه المجتمعات عموما..إلخ..

منظمة صوت العقل

Related

Share

Post a Comment

الفئة
علامات البحث

اتصل بنا

*
*
*