الإِسلَام بين ثقافة السّيف وثقافة الدّهس بالسّيارات - مقالات
أحدث المقالات

الإِسلَام بين ثقافة السّيف وثقافة الدّهس بالسّيارات

الإِسلَام بين ثقافة السّيف وثقافة الدّهس بالسّيارات

يوسف تيلجي:

إنَّ الفكر الظلاميّ يتغلغل  إلى العقل البَاطِن للفرد من خلال الاتّصال أو التوجيه أو التعبئة. ويمكن أن يحدث هَذَا عن طريق وسائل مُختلفة كالنّص الدينيّ، أو الخطاب، أو العظة، أو المحاضرة، أو القراءات المتنوِّعة، أو الأحاديث الفرديّة .. الخ. ومن المُمكن أن تبقى هَذِه الأفكار الظلاميّة داخل دهاليز العقل الإنسانيّ كرواسبَ فكريّة مُستقرة، ومن المُمكن أن تندفع  إلى الخارج، مُترجَمة  إلى أفعال عدائيّة محدّدة ضِدَّ الآخرين المختلفين عقائديًا أو فكريًا. والأمر الأخير يحتاج  إلى طاقة فعّالة تدفع هَذِه الأفكار خارج مُحيطها .. وحوادث الدّهس الأخيرة التي أدمت برشلونة – كامبرليس في ١٨ أغسطس ٢٠١٧ خير مثال على عُبور هَذِه الأفكار حواجز النّطاق العقليّ، مُترجَمة  إلى أعمال أرهابيّة ضد أناس أبرياء لا لشيء إلا لكونهم يختلفون معهم دينيًا وعقائديًا!

فهل من شواهد للمُقدّمة أعلاه من النّص القرآنيّ .. فيمًا يلي، بعضًا من النّصوص القرآنيّة التي أختيرت على سبيل المثال وليس الحصر، كنُصوص قُرأنيّة عمليّة جاهزة للتطبيق للأعمال الإرهابيّة:

  1.  (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلًا تَتَّخِذُوًا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلًا نَصِيرًا /  سورة النّساء 89 )، ووفق موقع  quran.ksu.edu.sa تُفسَّر هَذِه الآية كمًا يلي: (قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه، فإن أدبر هؤلاء المنافقون عن الإقرار بالله ورَسُوله، وتولوًا عن الهجرة من دار الشّرك  إلى دار الإِسلَام ومن الكفر  إلى الإِسلَام، فخذوهم أيهًا المؤمنون واقتلوهم حيث وجدتموهم من بلادهم وغير بلادهم، أين أصبْتموهم من أرض الله .. ) (نقل بتصرُّف).
  2. (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلًا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِين /  البقرة 189). وكذلك (سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوًا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوًا  إلى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوًا فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوًا إِلَيْكُمُ السّلَمَ وَيَكُفُّوًا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا النّساء /  سورة النّساء 91).  وجاء في موقع / مركز الفتوى - نقل بتصرف، حول تفسير مقطع (حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ) المُشترك بين الآيتين، وهُوَ الذي نحن بصدده، جاء التالي: (أي أين أصبتموهم من الأرض، ولقيتموهم فيهًا فاقتلوهم، فإنَّ دماءهم لكم حينئذ حلال) .. فأمًا الآية الأُولى وهِيَ آية سورة البقرة، فقال فيهًا أبو جعفر الطبري: اقتلوًا أيّهًا المؤمنون الذي يقاتلونكم من المُشركين حيث أصبتم مقاتلتهم، وأمكنكم قتلهم، وقتالهم على هَذَا النّحو جائز. وأمًا آية سُورة النّساء، فنزلت في فريق من المُنافقين، وهَذَا الفريق -من المنافقين- الذين يريدون أن يأمنوكم، ويأمنوا قومهم إن لم يعتزلوكم ويستسلموا لكم ويصالحوكم، ويكفّوا أيديهم عن قتالكم، فاقتلوهم أين أصبتوهم.  فآية البقرة نزلت في المشركين، وآية النّساء نزلت في المنافقين.                                                                               

القراءة                                                                                                                                           

أولًا: لا بُدَّ لنًا -بادئ ذي بدء- أن نُسمّي الوقائع والأحداث بمُسمّياتها الفِعليّة، وأن نقول أنَّ الذي وقع من حوادث دهس  هو إرهاب إسلامي.، وذلك لكي نضع الأمور في نصابها، وهِيَ عمليّة دفع وتحريك للأفكار خارج نطاق وحيز الذهنيّة الفرديّة  إلى فضاء تطبيقي أي القتل الوحشي لبشر عُزّل، فقط لمُجرّد الاختلاف معهم دينيًا، دُون التّمييز بين الذين سيُقتلون، هل بينهم كهل أم طفل، ذكرًا  كان أو أنثى! وهَذِه هِيَ حالة من حالات الهَوَسِ المرضي العدائيّ تجاه الآخرين.                                                                                                                                 

ثانيًا: رُجوعًا  إلى النّصوص، نُلاحِظ الترصُّد والتوعُّد في قتل الآخرين. من المُؤكَّد أنَّ شُيوخَ الإِسلَام سيقولون إنَّ النّصوص أعلاه لها أسبابُ نُزول خاصّة، تتمثّل في ضرورة قتال المُشركين والمُنافقين. وهَذَا بالفعل ما يُطبِّقه المُغيّبون من الشّباب الذين امتلأت عقولُهم بأفكار الكُره والعداء البشري لكل مًا هُوَ مُخالِف لهم، وأن شَارِح النّص يغول عميقًا بقوله اقتلوهم (أي أين أصبتموهم من الأرض، ولقيتموهم فيها فاقتلوهم، فإنَّ دماءَهم لكم حينئذ حلال). إنّها إذن دعوة لمُمارسة القتل في أيّ وقت، وأيّ مكان، وبأيّ وضع، وأيّ حال، وبأيّ وسيلة! فالقتل حلالٌ لكم! وهَذَا مًا يُطبَّق ويحدث الآن.                                         

ثالثًا: وقد يثور التساؤل: "كيف تغزو الأفكارُ الظلاميّة عُقول الشّباب، وهُم يعيشون في الغرب؟ من المؤكَّد أنَّ هناك مُؤسسات عقائديّة تُسيطر على أذهان الشّباب، خاصّة أن الكثير من حوادث الدّهس يُنفّذها أشخاصٌ مولودون بالغرب، فهُم يتعلَّمون القتلَ خلال اللقاءات، وأثناء الصّلاة والمحاضرات، وهَذَا يتمُّ في أماكنَ مُعيَّنة مُحدَّدة، وهي الجوامع والدُور التَّابِعة لها. وهَذَا يتطلّب شُيوخًا وأئمة مُكرَّسين للتحريض والشّحن وذمِّ الآخرين. وأكبر مثال على ذلك دور الإمام المغربي عبد الباقي السّاتي المُحرِّض على الإرهاب في عمليّة برشلونة.                                                                       

رابعًا: الفقرة أعلاه تقودنا إلى تساؤل آخر، وهُو: لِمَ تسمح الدُّول الغربيّة بإنشاء مُؤسَّسات دِينيّة بكوادرها - جَوامِع وأئمة، دُون مراقبة من قِبل أجهزة الدّولة المعنيّة؟! ألا يعلم الغرب بأنَّ (لكُلِّ فعل رد فِعل) وأنَّ أيَّ فِعل إرهابيّ كهَذَا الدّهس هو فِعل قَائِم ومُؤسَّس على التحريض على قتل المسيحيّين خاصّة في بلاد الغرب؟! لم لا تُقنِّن الحُكومات الغربيّة إنشاء المُؤسَّسات الدّينيّة المشبوهة؟! ومن جانب آخر، من المؤكَّد أنَّ كُلَّ هَذَا نِتاج الفِكر الوهّابيّ، أمّا المُؤسّسات الدّينيّة بكوادرها، فهِيَ مُموّلة ماديًا من قبل السُّعوديّة وقطر، فلم لا تتّخذ الحُكومات الغربيّة إجراءاتها الاحترازيّة ضِدَّ الأنظمة التي تُموِّل الإرهاب والإرهابيّين؟!                                                                         

خامسًا: لِمَ يُكرِّس الإِسلَامُ أفعالَه الجهاديّة كُلَّها ضِدَّ الإنسانيّة؟! ولمَ هَذَا الكُره للآخرين من يَهُود ومسيحيّين؟! لم هَذَا العداء والحِقد على البشر المُسالِمين؟! أرى إجابات هذه الأسئلة كلّها في بِنية ونَهج النُّصوص القُرانيّة التي كرَّست قديمًا ثقافة السّيف المذكورة في النُّصوص أعلاه، واليوم يتطوّر الأمر الكارثيّ فيتجسّد مُجدَّدا في ثقافة دهس الأبرياء!

 

 

* BBC 17  أغسطس/ آب 2017 تفيد الأنباء الواردة من برشلونة أنَّ 13 شخصًا قُتلوا وجُرح العشرات بعد أن دهست شاحنة حشدًا من النّاس في منطقة "رامبلاس" السّياحيّة في برشلونة حسبمًا تقول صحيفة ال باييس. وقالت وكالةُ رُويترز للأنباء إنَّ قُوّات الطوارئ طلبت إغلاق خدمة قطار الأنفاق المحليّة ومحطة القطار في المدينة كمًا حثّت النّاس على البقاء بعيدًا عن محيط منطقة بلاسًا كاتالونيا وسط المدينة. وأكّدت صحيفة إل باييس الإسبانيّة أنَّ سائق الشّاحنة قد فرَّ جاريًا بعد أن دهس عشرات الأشخاص، فيمًا تفيد تقارير من موقع الحدث بأن النّاس يختبئون في المقاهي والمتاجر المُجاورة.     

* أسبانيًا – برشلونة / عمليّة دهس المارة: (.. ويُركِّز المُحقِّقون عملهم على بلدة ريبول الحُدوديّة الصّغيرة على سفح جبال البيرينيه. حيث نشأ العديدُ من المشتبه بهم في هَذِه البلدة ومن بينهم أبو يَعقُوب. كما تُركِّز السُّلطات على إمام مغربيّ يُدعى عبد الباقي السّاتي وهُو في الأربعين من العمر، ويُعتقد أنَّه دفع الشّباب في ريبول إلى التطرُّف (نقل بتصرَّف عن موقع www.afrigatenews.net).

Related

Share

الفئة
علامات البحث