الذميّة الجديدة - مقالات
أحدث المقالات

الذميّة الجديدة

الذميّة الجديدة

مجدي خليل:

إنَّ الهجوم الشّرس الذي يقوم به الأزهر وأزلامه وإعلام الدّولة المصريّة الأمني ضِدّ تُونس، نتيجة اتجاهها نحو مساواة المرأة بالرَجُل في الميراث والحقّ في الزّواج بحُجّة أنَّ التفرقة ضِدَّ المرأة ثابتة بنَصٍ شَرعيّ قطعيّ الثّبوت وقطعيّ الدّلالة، وهَذَا الهيجان المصريّ يُوضِّح لنًا سببَ عدم المُساواة بين المُسلم والقبطيّ في مصر. وقد قالهًا الشّيخ أحمد الطيّب مع محطة ال بي بي سي عام ٢٠١١ عندمًا سأله المُحاور: "لماذًا لًا تُوافق على قانون مُوحَّد لدور العبادة في مصر؟" فرفض الطيب رفضًا باتًا المساواة بين وضع الكنائس ووضع المساجد. وقال إنَّ مصر كلهًا مسجدًا للمُسلمين. والسّؤال: لماذًا قال الطيّب هَذَا؟ الإجابة: لأنَّ اضطهاد غير المُسلم يتمُّ استنادًا إلى نُصوص شرعيّة أيضًا قطعيّة الثّبوت قطعيّة الدّلالة. ومن ثم لا يجب أن نستغرب من اضطهاد الأقباط في مصر لأنهًا سِياسة الدّولة المصريّة الإِسلَاميّة العُنصريّة. ولهَذَا ردَّ أحمد الطيّب في نفس البرنامج عندمًا سأله المُحاور: "هل تقبل أن يتولّى حُكم مصر رئيس قبطيّ؟" أجاب وقال: "لًا الشّرع ولًا الدّيموقراطيّة تقبل ذلك!" نحن نعرف يقينًا أن الدّيموقراطيّة تقبل أن يتولّى أيُّ إنسان أرفع المناصب طالما كان كُفؤًا لها وطالما اُختير ديمقراطيًا. لكن الأمر المُهمّ عند الطيّب أنَّ الشّرع لًا يقبل ذلك!

والسّؤال لماذًا نستغرب إذن؟!

نستغرب من تحالُف قادة الدّين الأقباط بطوائفهم كلهًا مع هَذِه الحُكومة العنصريّة وتأييدهًا في كُلّ مكان وفي كُلّ شيء على حساب حقوق شعبهم المُوكل لهم أمر رعايته!

نستغرب من إنكار قادة الطوائف المسيحيّة لمًا يقع على شعبهم من اضطهاد، بل إنَّ كلمة اضطهاد الأقباط لا ينطق بهًا أيٌّ من رُؤساء الطوائف المسيحيّة الثّلاث الكُبرى في مصر إذ يُنكرونهًا علنًا رغم أنَّها واقِع يوميّ مُعاش!

نستغرب عدم احتجاج الأقباط الوَاسِع ضِدّ هَذَا الاضطهاد وهَذِه المهانة!

نستغرب من خَونَة الأقباط الذين يتعاونون مع سُلطات الأمن ضِدَّ شعبهم المُضطهد!

نستغرب من سُكوت المُسلم العاديّ الذي يبتلع ضميرُه اضطهادَ شريكه في الوطن!

إنَّ مًا يحدث للأقباط هُوَ إعادة تدوير مفهوم "الذميّة" القديمة في شكل جديد، وقد كتبتُ عن مصطلح (الذّميّة الجديدة) في كتابي أقباط المهجر الصّادر عن دار الخيال في مصر عام ١٩٩٩.

ما هِيَ الذميّة الجديدة؟

  • الذميّة الجديدة هِيَ تطبيق فقه أوضاع غير المسلمين، سواء ما جاء في القرآن، أو السُّنة، أو كُتُب التُّراث الإسلاميّ على الأقباط ولكن تحت مُسمّيات جديدة وملتوية.
  • الذميّة الجديدة تقول إنَّ حُقوق المُواطن المسيحيّ وواجباته تنبع من القرآن وليس من الدّستور.
  • الذميّة الجديدة تُقيّد حُقوق الإنسان وحُقوق الأقليات غير المُسلمة بالشّريعة.
  • الذميّة الجديدة تؤصِّل لمُصطلح (المواطنة الإِسلَاميّة) لا المواطنة التي تعرفهًا الدُّول الحديثة.
  • الذميّة الجديدة تتفنّن في احتقار غير المُسلم واضطهاده ونشر خِطاب الكراهيّة ضِدّه بشتّى الطُرُق.
  • الذميّة الجديدة تُحرِّض على العُنف ضِد الأقباط وتُبرِّره.
  • الذميّة الجديدة تُقنّن الإفلات من العِقاب للجرائم التي تقع على الأقباط تحت مُسمّيات خدّاعة؛ كبيت العائلة أو الجلسات العُرفيّة أو الصّلح الجبريّ تحت التهديد أمام المحاكم.
  • الذميّة الجديدة تُقيّد مواد الدّستور كُلّه بالمادة الثّانية الخَاصّة بالشّريعة الإسلاميّة، ممًا يجعل مواد المُواطنة والحُقوق والحُريّات منزوعة الفاعليّة.
  • الذميّة الجديدة هدفُها إذلال القبطي وترويعه وتهديده لكي يقبل بوَاقِعه المُزري.
  •  الذميّة الجديدة تعني الخِداع الشّرعي للعالم الخَارجِي لتبرير مًا يقع على الأقباط بشتّى أنواع الأكاذيب.

نحن –مسيحيّي مصر- نرفض الذميّة القديمة والذميّة الجديدة لأنَّنا أصحاب بلد أحرارٌ، وأذكى من أن يتلاعب بنا أحد.

مصر دولة عُنصريّة،

واضطهاد الأقباط فيها هو سياسة ممنهجة تُمارسُها الدولة.

لتسقط الكراهيَة، وليسقط الغباء!

Related

Share

Post a Comment

الفئة
علامات البحث

اتصل بنا

*
*
*