رصيف 22:
حالة من الجدل أيقظها الباحث المغربي رشيد أيلال، بقوله "لا توجد أيّ وثيقة تاريخية تثبت الوجود الحقيقي والفعلي للخليفتين عمر بن الخطاب وأبو بكر الصديق".
وللباحث سوابق في إثارة الجدل، أهمها التشكيك في حقيقة وجود العديد من الصحابة والتابعين، كان آخرها مؤلفه "صحيح البخاري.. نهاية الأسطورة"، الذي حظّرته السّلطات المغربية بسبب ما أسمتهُ "مساسه بالأمن الروحي للمواطنين". وكان الكتاب ضمن "أكثر الكتب مبيعاً في معرض الكتاب بالجزائر، خلال الفترة بين 29 أكتوبر إلى 10 نوفمبر 2018، بعد عرضه ضمن رواق اتحاد الناشرين التونسيين.
لا وثائق "أجنبية" عن الخليفتين
ووفق ما نشره موقع هيسبريس المغربي مساء الجمعة، فقد انطلق الباحث المغربي من الرّوايات الإسلامية المتداولة من العهد العبّاسي حول الصّحابي عمر بن الخطاب، للقول إن "هذه الرّوايات لم تستند إلى أيّ منهج من المناهج التاريخية ولم يُذكر وجود الصّحابة في الوثائق والحفريات والنقوش والأبحاث الأيكولوجية"، مشدداً على "عدم وجود أيّ وثيقة تثبت وجود هؤلاء الصّحابة".
ويرى الكاتب أن "الرّوايات الرائجة تقول إن عمر بن خطاب وأبا بكر الصّديق حكما وخاضا حروباً ضارية مع الفرس والرومان ودول مناوئة لهما، ومعروف أن مؤرخي هذه الدول كانوا كتّاباً رائعين يبدعون في الوصف ونقل الوقائع التاريخية". ويتساءل "كيف لم يتركوا أي وثيقة تتحدّث عن عمر بن الخطاب وأبي بكر الصديق خلال هذه الحروب"، معتبراً أن هذا التجاهل "غير منطقي وغريب".
أضاف الباحث، بعد عرض الوثائق التاريخية التي ذُكر فيها اسم عمر بن الخطاب، أن "هناك وثيقة وصفته بأنه كان من بين الفقراء الذين يستفيدون من العطايا التي يقدمها التّجار لفائدة المحتاجين، وقد ورد اسمه في هذه الوثيقة". وأردف "وثيقة أخرى لقائدٍ عربي كان يحكم منطقة تقع بين سوريا وتركيا خلال القرن السابع الميلادي، كان يدعو باسمه من أجل سقوط المطر".
كذلك شكك الباحث في صحة نسب العهدة العمرية إلى عمر بن الخطاب، قال "الوثائق الموجودة تبيّن أن دخول العرب إلى إيلياء (القدس) كان باتفاق بين المسيحيين والنبي محمد وليس عمر بن الخطاب".
والعهدة العمرية عبارة عن تعهدٍ تعهده عمر بن الخطاب لأهل القدس يؤمنهم فيه عقب فتحها ويعدّها البعض واحدة من أهمّ الوثائق في تاريخ القدس.
ولفت أيلال إلى أن "الكتابة في ذلك الوقت لم تكن بالتنقيط والشّكل، بينما الوثيقة المذكورة كانت بالخط الكوفي وفيها تنقيط".
وأضاف: "معروف أنّ عصر التّدوين بدأ في عهد عبد المالك بن مروان، الذي لم يتوصّل بأي وثيقة من القرن الأول الهجري عدا الأناجيل المسيحية والقرآن الكريم وبعض ما كتبه سيبويه".
ورداً على الانتقادات التي وجّهت إليه، قال إيلال "الأمر يتعلّق بشخصيات تاريخية لن تؤثّر على صحيح الدين الإسلامي، لأن الوحي هو الرّابط بين الله وعباده، والنبي محمد هو الوحيد الذي له علاقة بالوحي والرّسالة السماوية. بالتّالي انتقاد الصّحابة ليس انتقاداً للوحي".
كما كتب عبر حسابه على تويتر: "أعذر الشتامين (المسبين)، فعديم الحجة فاقد الحيلة لا ملجأ له من الحرج سوى القذف والسباب. هذا مبلغه من الحوار".
أضاف لهيسبريس: "هناك أجيال من المسلمين تربّوا على تقديس الأشخاص، لكن الباحث يجب ألا يلتفت إلى مثل هذه الانتقادات والتهديدات التي تطاله"، وختم تصريحاته للموقع المغربي "كيف لقائد أسقط الدولتين الفارسية والرومانية اللتين كانتا متقدمتين من حيث التدوين والكتابة أن لا يذكر اسمه في الوثائق التاريخية لهاتين الدولتين؟".
"نبش" في التراث الديني
وفي 15 يونيو الجاري، أعاد إيلال نشر مقالة كتبها قبل أربعة أعوام، على حد قوله، عبر حسابه على فيسبوك، بيّن فيها أن أبا هريرة "شخصية خيالية غامضة لم يذكرها الصحابة وكأن الأرض لفظتها دون سابق إنذار".
حالة من الجدل أيقظها الباحث المغربي رشيد أيلال، بقوله: "لا توجد وثيقة تاريخية تثبت وجود الخليفتين عمر بن الخطاب وأبو بكر الصديق". الباحث كان قد أثار الجدل كذلك بكتابه "صحيح البخاري.. نهاية الأسطورة".
وشدد الباحث في مقالته على أنه "ينبش في التراث الديني لأن ختم النبوة كان إيذاناً ببدء عصر الإنسان والعلم وإعمال العقل"، موضحاً أن التراث الديني يختلف تماماً عن الدين لأنه "نتاج عقول بشرية تأثرت بالزمان والمكان، والظروف والملابسات السياسية والاقتصادية والشخصية والجغرافية والثقافية وغيرها".
يذكر أن إيلال صدر بحقه حكمان قضائيان في المغرب بسبب مؤلفه "صحيح البخاري.. نهاية الأسطورة" الذي اعتبر مخالفاً للثوابت الدينية للمغاربة. كما تلقى تهديدات بـ"الجلد وقطع الدابر".